أفضل أيام الدنيا مع تنبيهات للحجاج.

 
أفضل أيام الدنيا مع تنبيهات للحجاج.
 
اَلْخُطْبَةُ اَلْأُولَى: 
الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي يَصطَفِي مِنَ الأَيَّامِ وَالشُّهُورِ مَا يَشَاءُ وَيَختَارُ، وَيَختَصُّ مِنَ الأَزمَنَةِ بِالفَضَائِلِ ما يُرِيدُ؛ رَحمَةً مِنهُ وَتَذكِرَةً لِأَولِي الأَبصَارِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ العَزِيزُ الغَفَّارُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ المُصطَفَى المَختَارُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وعلي آلِهِ وَصَحبِهِ مَا تَعَاقَبَ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ.
 أمّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ -عِبَادَ اللَّهِ- حَقَّ التَّقوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرّ وَالنَّجوَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ.
أيها المسلمون!
ماذا لو كان الواحد منا لديه تجارة!
وهذه التجارة خلال عشرة أيام
من السنة فقط تتضاعف قيمتها 
إذا كان ربحه مئات في غيرها 
يصبح فيها ربحه آلاف
وإذا كان ربحه آلاف 
يصبح ربحه ملايين
فقط في عشرة أيام من السنة
اسألكم بالله!
هل يتصور أن يتكاسل في هذه الأيام العشر
أو أن يزهد فيها..
وهو يعلم أنها موسم عظيم يتضاعف فيه الخير والربح وتزيد الفائدة.
هل يعقل أن ينشغل فيها 
أو أن يكثر النوم والكسل فيها 
لا والله ستجد الواحد منا 
يزيد أكثر وأكثر 
ويبذل أكثر وأكثر 
طمعا في مضاعفة الأجور والخيرات
كذلك الحال في عشر ذي الحجة
فإنها موسم عظيم جدا
بل هي أفضل أيام الدنيا على الإطلاق
السنة ثلاث مائة وخمسة وستون يوما
عشر أيام منها هي الأفضل على الإطلاق
قال صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إلى اللهِ مِن هَذهِ الأيَّامِ العَشرِ. قَالوا: يا رَسُولَ اللهِ! ولا الجِهادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ: ولا الجِهَادُ فِي سَبيلِ اللهِ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرجِع مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ». رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ
أيها المسلمون! 
أَيَّامُ عَشرِ ذِي الحِجَّةِ، هِيَ أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ مُبَارَكَةٌ، لَيسَ فِي الأَيَّامِ مَا يُمَاثِلُهَا، وَلَا فِي أُجُورِ الأَعمَالِ مَا يَعدِلُهَا.
أَقسَمَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا بِهَا فَقَالَ: وَالفَجرِ وَلَيَالٍ عَشرٍ. جَاءَ عَن جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أَنّهَا عَشرُ ذِي الحِجَّةِ.
 
وَهِيَ الأَيَّامُ المَعلُومَاتُ الَّتِي أَخبَرَ اللَّهُ عَنهَا بِقَولِهِ: لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: أَيَّامُ العَشرِ.
ونستثمر هذه الأيام
بأن نكثر فيها من الطاعات ومن الأعمال الصالحة 
ومما اختصت به العشر؛ شعيرة الحج لمن استطاع إليه سبيلا،
وهنا تنبيه للحجاج بأن يتقوا الله في حجهم وأن يحج الحج المبرور؛ يقول ﷺ: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه). هذا الحج المبرور، الذي معه التوبة الصادقة، ليس معه فسق ولا رفث، هذا الحج المبرور، الذي قد سلم من الإصرار على المعاصي، ولم يأت الرفث -وهو الجماع- وهنا وصية للحجاج منكم بأن يغتنموا فرصة العمر وأن يكثر الدعاء لأنفسهم ووالديهم وأحباهم فهم في موضع يرجى له الإجابة.
كذلك نوصيهم بالتقيد بسبل الوقاية التي حددتها وزارة الصحة حفاظاً على صحتهم وحياتهم مثل شرب المياه، وحمل المظلة ، وارتداء الكمامة في الزحام الشديد.
وكذلك النظافة الشخصية ( نظافة البدن ، والثياب ، والمكان ) فإن الطهور شطر الإيمان والله جميل يحب الجمال. 
وكذلك نوصيهم باتباع إرشادات السلامة من تجنب الزحام وعدم التدافع وتسلق المرتفعات .
عملا بأسباب السلامة؛ قال تعالى : "فاتبع سببا" وقال : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " وقال صلى الله عليه وسلم :" لا ضرر ولا ضرار" 
عباد الله! 
إن من الشعائر التي اختصت بها العشر شعيرة الأضحية يَومِ النَّحرِ ، فهي من أجل الأعمال في العشر، قال تعالى:
"إنا أعطيناك الكوثر 
فصل لربك وانحر 
إن شانئك هو الأبتر" 
  وَيُسَنُّ لِمَن أَرَادَ أَن يُضَحّيَ أَن لا يَأخُذَ مِن شَعرِهِ وَلَا أَظفَارِهِ شَيئًا مِن دُخُولِ شَهرِ ذِي الحِجَّة إِلَى أَن يُضَحّيَ، فَعَن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِذَا رَأَيتُمْ هِلَالَ ذِي الحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُم أَن يُضَحّيَ فَليُمسِكْ عَن شَعرِهِ وَأَظفَارِهِ حَتَّى يُضَحّيَ» رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ عِندَهُ أَيضًا: «فَلَا يَمَسَّ مِن شَعرِهِ وَبَشَرِهِ شَيئًا».
عباد الله 
نوصيكم في أيام العشر العظيمة 
بلزوم الفرائض جماعة في المسجد. فأجر العشاء والفجر في جماعة كقيام ليلة كاملة من ليالي العشر، وغيرها.
ثانيا: المحافظة على السنن الرواتب. ركعتان قبل الفجر، وركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء فيبني لك الله بذلك بيتا في الجنة.
ثالثا : المحافظة على الوتر وأدنى الكمال ثلاث ركعات لاسيما وأن الله عز وجل قد أقسم بليالي العشر الفضيلة والعظيم جل جلاله لا يقسم إلا بعظيم.
فأحيوا ليلكم واطلبوا رحمة ربكم 
عسى أن يرحمنا جميعا. 
أقول ما تسمعون 
وأستغفر الله لي ولكم من ذنوب تمنعنا تحرمنا التوفيق والخير فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. 
 
 
 
 
 
الخطبة الثانية. 
الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أما بعد عباد الله : اتقوا الله تعالى وراقبوه في السر والعلانية والغيب والشهادة مراقبة من يعلم أن ربه يسمعه ويراه.
عباد الله! 
إِنّ مِنْ أَعظَمِ الأَعمَالِ الَّتِي يَنبَغِي لِلعَبدِ أَنْ يَحرِصَ عَلَيهَا فِي هَذِهِ العَشرِ: تَجدِيدَ النِّيَّةِ وَإِخلَاصَ العَمَلِ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَيَحرِصُ العَبدُ كُلَّ الحِرصِ أَن تَكُونَ سَكَنَاتُهُ وَحَرَكَاتُهُ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وَتَكُونَ أَعمَالُهُ مُرَادًا بِهَا وَجهُهُ سُبحَانَهُ، مُتَّبِعًا فِيهَا سُنَّةَ نَبِيِّهِ ﷺ، قَالَ تَعَالَى في الحَديثِ القُدسِيّ: «أَنَا أَغنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّركِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أَشرَكَ فِيهِ مَعِيَ غَيرِي تَرَكتُهُ وَشِركَهُ» رَوَاهُ مُسلِم.
وَمِمَّا يُشرَعُ مِن الأَعمَالِ فِي هَذِهِ العَشرِ: الصيام! 
قال النووي: "وصومها مستحب استحبابا شديدا وفي الحديث القدسي" الصوم لي وأنا أجزي به "
 وكذلك من الأعمال العظيمة بالعشر وغيرها كثرة تلاوة القرآن فإن تلاوته أفضل الذكر على الإطلاق فيحرص العبد على ختم القرآن كله في العشر.
وَمِمَّا يُشرَعُ كَذَلِكَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الفَاضِلَةِ: كَثرَةُ الذِّكرِ وَالتَّهلِيلِ وَالتَّسبِيحِ وَالتَّكبِيرِ وَالتَّحمِيدِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِن أَيَّامٍ أَعظَمُ عِندَ اللَّهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيهِ العَمَلُ فِيهِنَّ، مِن هَذِهِ الأَيَّامِ العَشرِ، فَأَكثِرُوا فِيهِنَّ مِن التَّهلِيلِ وَالتَّكبِيرِ وَالتَّحمِيدِ». رَوَاهُ أَحمَدُ.
 
والتكبير بالعشر يبدأ من أول أيام العشر جهرا إلى آخر أيام العشر وهذا ما يسمى بالتكبير المطلق. 
وَكَانَ ابنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا يَخرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشرِ يُكَبّرَانِ، وَيُكَبّرُ النَّاسُ بِتَكبِيرِهِمَا.  
وَالتَّكبِيرُ النَّافِعُ، هُوَ مَا وَاطَأَ فِيهِ القَلبُ اللِّسَانَ، بِأَلّا يَكُونَ فِي القَلبِ أَكبَرُ مِن اللَّهِ فِي خَلقِهِ وَتَدبِيرِهِ، وَلَا أَحَدَ أَكبَرُ مِنهُ فِي حُكمِهِ وَتَشرِيعِهِ، وَلَا أَحَدَ أَكبَرُ مِنهُ فِي تَعظِيمِهِ وَتَمجِيدِهِ، وَلَا أَحَدَ أَكبَرُ مِنهُ فِي مَحَبّتِهِ وَخَشيَتِهِ، فَهَذَا تَكبِيرُ المُؤمِنِينَ الَّذِي يَملَأُ قُلُوبَهُم إِسلَامًا وَإِيمَانًا، وَيَزدَادُونَ بِهِ عَلَى الحَقّ ثَبَاتًا وَإِيقَانًا، وَيَنَالُونَ بِهِ مِن رَبّهِم فَضلًا وَرِضوَانً. 
ومما يستحب بالعشر كثرة الدعاء وتحري مواطن الإجابة اليومية بين الأذان والإقامة، وقبل السلام 
في الصلاة، وفي السجود، وجوف الليل.
ومما يستحب -كثرة الاستغفار، خاصة في استقبال العشر عند ختام الأعمال فإن الذنوب تحرم العبد التوفيق.
ومن الأعمال الطيبة (الصلة)، خاصة صلة الوالدين والأهل والأقارب بالزيارة والعطاء بالمال والكلمة الطيبة
ومما يستحب بالعشر بذل الإحسان والنفقة في جميع وجوه الخير.
وقالت أمنا خديجة رضي الله عنها للنبي : " والله، لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم،
وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب
الحق". متفق عليه.
فلنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا.
فَاستَعِينُوا بِاللَّهِ عَلَى اغتِنَامِ عَشرِكُم، وَجِدُّوا وَاجتَهِدُوا، فَمَا هِيَ إِلَّا أَيَّامٌ قَلِيلَةٌ، يَنقَضِي تَعَبُهَا، وَيَبقَى عَظِيمُ أَجرِهَا.
ثُمّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.
اللَّهُمَّ ارزُقْنَا اغتِنَامَ المَوَاسِمِ الفَاضِلَةِ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ المُقَرِّبِ إِلَيكَ، وَزَوِّدْنَا بِالتَّقوَى لِلقِيَامِ بَينَ يَدَيكَ، وَاغفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ المُسلِمِينَ، إِنَّكَ أَنتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعدَ إِذْ هَدَيتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً، إِنَّكَ أَنتَ الوَهّابُ، يَا مُقَلّبَ القُلُوبِ ثَبّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ.
اللَّهُمَّ ثَـبِّـتْنَا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفِي الآخِرَةِ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن الفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَن.
اللهم وفق خادم الحرمين وولي عهده لكل خير.
اللهم قوهم على كل خير.
ووفق القائمين على حج العباد
اللهم أعنهم وسددهم واحفظهم.
اللهم واحفظ الحجاج ومن يخدمهم ويسر لهم حجا مبرورا وسعيا مشكورا واجعلهم يعودون سالمين غانمين.
 
اللَّهُمَّ اغفِرْ لِلمُسلِمِينَ وَالمُسلِمَاتِ، وَالمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ، الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ. 
 رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
 
عِبَادَ اللَّهِ: اُذكُرُوا اللَّهَ ذِكرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلًا، وَآخِرُ دَعوَانا أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
المرفقات

1717610006_أفضل_ايام_الدنيا_مع_تنبيهات_للحجاج.doc

المشاهدات 906 | التعليقات 0