أغِيثُوا غَزّةَ

سعود المغيص
1445/04/18 - 2023/11/02 20:55PM

اَلْخُطْبَة اَلْأُولَى :

إِنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ صلىَ اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلَى آلِهِ وصحبِه أجمعين.

أَمَّا بَعْدَ عِبَادِ اَللَّهِ :

اِتَّقَوْا اَللَّهُ تَعَالَى وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ اَلْقِيَمِ اَلْعَظِيمَةِ ، وَالْمَبَادِي اَلنَّبِيلَةِ ، وَالْآثَارِ اَلْجَمِيلَةِ فِي دِينِنَا اَلْحَنِيفِ: اَلْأُخُوَّةُ فِي اَلدِّينِ ؛ اَلَّتِي هِيَ تَشْرِيعٌ رَبَّانِيٌّ ، وَمَبْدَأٌ إِسْلَامِيٌّ ، اِنْطِلَاقًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾

وَالْأُخُوَّةُ فِي اَلدِّينِ مِنَّةٌ يُنْعِمُ بِهَا اَللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ اَلصَّالِحِينَ ؛ فَتَتَآلَفُ قُلُوبُهُمْ ، وَتَتَوَثَّقُ رَوَابِطُهُمْ؛ كَحَالِ اَلْجِيل اَلْأَوَّلِ اَلْمُبَارَكِ مِنْ اَلصَّحَابَةِ -رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ- قَالَ تَعَالَى : ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ  لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ  إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾    

وَقَدْ شَبَّهَ اَلرَّسُولُ  صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُخُوَّةَ اَلْإِيمَانِيَّةَ بِالْجَسَدِ اَلْوَاحِدِ فَقَالَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» .

وَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ  )

وَمِنْ لَوَازِمِ الْأُخُوَّةِ فِي اَللَّهِ : تَحْقِيقُ مَا أَرْشَدَ إِلَيْهِ رَسُولُنَا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : « الـمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بيْنَ أَصَابِعِهِ »  

وَمِنْ هَذَا اَلْمَعْنَى اَلنَّبِيلِ ، وَجَّهَ خَادِمُ الحَرَمَينِ وَوَلِيُّ عَهْدِهِ - وَفَّقَهُمَا اللهُ بِإِطْلَاقِ حَمْلَةٍ شَعْبِيَّةٍ عَبْرَ مِنَصَّةِ ( سَاهِمْ ) اَلتَّابِعَةِ لِمَرْكَزِ اَلْمَلِكِ سَلْمَانَ لِلْإِغَاثَةِ وَالْأَعْمَالِ اَلْإِنْسَانِيَّةِ ؛ لِإِغَاثَةِ الشَّعْبِ الفِلِسْطِيْنِيِّ الشَّقِيقِ فِي قِطَاعِ غَزَّةَ ، لمَا يَتَعَرَّضُونَ لَهُ مِنْ حِصَارٍ ظَالِمٍ ، وَقَصْف غَاشِمٍ بِأَطْنَانٍ مِنْ اَلصَّوَارِيخِ اَلْمُتَفَجِّرَةِ اَلَّتِي دَمَّرَتْ اَلْمَسَاكِنَ فَوْقَ  رُؤُوسِ اَلسَّاكِنِينَ ، بِلَا رَحْمَةٍ وَلَا شَفَقَةً وَلَا هَوَادَةً مِنْ اَلْيَهُودِ اَلْمُعْتَدِينَ اَلْمُغْتَصِبِينَ بِالإِضَافَةِ إِلَى قَطْعٍ لِلْمِيَاهِ وَالِاتِّصَالِ وَالْكَهْرَبَاءِ .

فَمِنْ حَقِّ إِخْوَانِنَا عَلَيْنَا : اَلْوُقُوفُ مَعَهُمْ فِيِ مِحْنَتِهِمْ بِسَخَاءٍ وَعَطَاءٍ وَكَرَمٍ كَمَا تَعَوّدْنَاهُ مِنْ هَذَا الشَّعْبِ الْأَبِيِّ الْكَرِيِمِ .

 فَاحْتَسِبُوا اَلْأَجْرَ فِي ذَلِكَ ؛ فَأَحَبُّ اَلنَّاسِ إِلَى اَللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ اَلْأَعْمَالِ إِلَى اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سُرُورٌ تُدْخِلُهِ عَلَى مُسْلِمٍ؛ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ؛ هَكَذَا أَرْشَدَنَا رَسُولُنَا صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا الْقِيَامَ بِحَقِّ إِخْوَانِنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ يَنْصُرُونَ إِخْوَانِهِمْ فِي الدِّينِ وَالْعَقِيدَةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً

أَمَّا بَعْدَ عِبَادِ اَللَّهِ :

اِتَّقَوْا اَللَّهُ تَعَالَى , وَاعْلَمُوا أَنَّ إِخْوَانِكُمْ قَدْ وَقَعُوُا بَيْنَ عَدُوٍّ لَا يَرْحَمْ ، وَبَيْنَ مُنَظَّمَاتٍ جِهَادِيَّةٍ مَشْبُوهَةٍ هُمْ أَبْعَدُ مَا يَكُونُونَ عَنِ الْجِهَادِ لَا تُرَاعِيِ الْمَصَالِحَ مِنَ الْمَفَاسِدَ .

فَلْنَكُنْ وَفَّقَكُمُ اللهُ عَونًا لِإِخْوَانِنَا؛ فِي مُصَابِهِمْ وَلْنُنْفِقْ مِمَّا رَزَقَنَا رَبُّنَا؛ وَلْيُبْشِرْ مَنْ أَنْفَقَ بِالخَيرِ؛ وَالوَعْدِ الكَرِيمِ مِنَ الكَرِيمِ جَلَّ وَعَلَا: { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ  }

أَسْأَلُ اَللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَلْطُفَ بِهُمْ ، وَأَنْ يُفَرِّجَ مَا بِهُمْ مِنَ اَلْكُرُوبِ وَالْبَلَايَا وَالْمَصَائِبِ ؛

اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَ الدِّينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.

اَللَّهُمَّ اِحْفَظْ إِخْوَانَنَا فِي فِلَسْطِينَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ، وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَمِنْ فَوْقِهِمْ ، وَنُعِيذُهُمْ بِعَظَمَتِكَ أَنْ يُغْتَالُوا مِنْ تَحْتِهِمْ .

اَللَّهُمَّ أَنْزَلَ بَأْسَكَ وَغَضَبَكَ عَلَى اَلصَّهَايِنَةِ اَلْأَنْجَاسِ ، وَعَلَى مَنْ أَيَّدَهُمْ وَسَاعَدَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِيِنَ ، اَللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ اَلْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ، اَللَّهُمَّ اِحْقِنْ دِمَاءَ اَلْمُسْلِمِينَ ، وَاسْتُرْ عَوْرَاتِهِمْ ، وَسُدَّ جُوعِهِمْ ، وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الدِّيِنِ يَا رَبَّ الْعَالَمِيِنَ .

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاَةَ أُمُورِنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى ،اللَّهُمَّ وَفِّقْ جَمِيعَ وُلاَةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلْعَمَلِ بِكِتَابِكَ، وَتَحْكِيمِ شَرْعِكَ، وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-

اللَّهُمَّ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيِنَ .

اَللَّهُمَّ وَارْفَعْ اَلْبَلَاءَ عَنْ إِخْوَانِنَا فِي فِلَسْطِينَ ، وَاحْقِنْ دِمَاءَ إِخْوَانِنَا فِي اَلسُّودَانِ يَا رَبَّ اَلْعَالَمَيْنِ .

اللَّهُمَّ أَنْتَ اللهُ لَا اِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، أَنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ القَانِطِينَ ، اَللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ القَانِطِينَ ،  اللّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللّهُمَّ أغِثْنَا ، اللّهُمَّ أغِثْنَا ؛ اَللَّهُمَّ اِسْقِنَا وَأَغِثْنَا ، اَللَّهُمَّ أَغِثْ قُلُوبَنَا بِالإِيمَانِ وَاليَقِينِ ، وَبِلَادَنَا بِالخَيْرَاتِ وَالأَمْطَارِ والْغَيْثِ الْعَمِيمِ ، 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

 

المشاهدات 1746 | التعليقات 0