أعمالٌ صالحةٌ في ختام شهر رمضان 28-9-1446

أحمد بن ناصر الطيار
1446/09/27 - 2025/03/27 11:00AM

الحمد لله رب العالمين, الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين, فشرح به الصدور, وأنار به العقول، وفتح به أعينا عميا, وآذانا صما, وقلوبا غلفا, صلى الله عليه, وعلى آله وأصحابه, والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنّه لم يبق من شهر رمضان إلا القليل, وهو شاهدٌ علينا بما أودعناه من خير أو شر، فمن أحسن فليزدد من الحسنات، ومن أساء فليتدارك ما بقي من عمره بالأعمال الصالحات، وإنَّ مِن علامة قبول الحسنة الحسنةَ بعدها.

وقد شرع الله لنا في ختام الشهر أعمالاً صالحة, نَجبر بها نقص صيامنا، ونزداد بها قرباً إلى ربنا.

فأول ما شَرع لنا: التكبيرَ المطلقَ من غروب الشمس ليلةَ العيد، إلى أن يكبّر الإمام لصلاة العيد, يجهر به الرجال في المساجد والبيوت والأسواق.

وثانيها: زكاة الفطر.

فيجب على كل مسلم أن يُخرج يوم العيد وليلتَه صاعاً من طعام, بشرط أن يكون هذا الصاع زائداً عن حاجته وحاجة عياله وحوائجه الأصلية.

ويكون من طعام البلد المعتاد, ولا يجوز إخراج المال بدلاً عن الطعام.

ويستحب إخراج زكاة الفطر عن الجنين, الذي نُفخ فيه الروح.

ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين فقط, لما ثبت في صحيح البخاري أن الصحابة رضي الله عنهم, كَانُوا يُعْطُونَها قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ.

ويحرم ولا يُجزئ إخراجها عمدًا بعد صلاة العيد.

وإذا أخرها لعذر، كما لو وكَّل أحداً في إخراجها عنه ولم يفعل, أو نسي إخراجها بنفسه، فهذا يقضيها غيرَ آثم، ولو بعد فوات أيام العيد.

ويجوز أن يُعطى الجماعةُ ما يلزم الواحد، وكذلك العكس.

فإذا كان عندك فطرة واحدة, فيجوز لك أن تُعطيها عشرة فقراء, وإذا كان عندك عشرُ فطر، فإنه يجوز لك أن تُعطيها لفقير واحد.

وينبغي على الآباء الذين يُخرجون زكاة الفطر عن أولادهم, أن يُخبروهم أنه سيخرجونها عنهم, ليَعرف الأولادُ هذه الشعيرة العظيمةِ, وينْووا إخراجها بأنفسهم.

 

ومما شُرع لنا في ختام الشهر صلاةُ العيد، فقد أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَّتَه رجالاً ونساءً، وأمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد حتى الحُيَّض، ويعتزلن المصلى, مع أن البيوت للنساء خيرٌ فيما عدا هذه الصلاة، مما يدل على تأكّد هذه الصلاة.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول هذا القول, وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه, إنه هو الغفور الرحيم.

 

الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشانه, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه, وسلم تسليما كثيرا. أما بعد:

أيها المسلمون: ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إنما الأعمال بالخواتيم))، فها هو شهرُ الرحمةِ والمغفرةِ والعتقِ من النيران, قد حان رحيله, فلنختمه بتوبةٍ صادقة وأعمال صالحة، فإن الرب تبارك وتعالى يُعطي على القليل كثيراً, وأبشر بجائزةٍ عظيمة, ومنحةٍ كريمة إن صدقت مع الله، قال تعالى ((إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا))، فما أرحمه سبحانه وتعالى وما أكرمه, فلم يمْح ذنوب التائبين فقط, بل أبدل مكان كلِّ سيئة عملها حسنة, فهل بعد هذا كله نتأخّر عن التوبة والإنابة؟!

 ولك يا من هجرت أحداً من المسلمين جائزةٌ خاصةٌ من الله تبارك وتعالى, وهي قوله { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ }, ووالله لو أنّ ملِكاً من الملوك تحبّه محبة عظيمة، وتعْرف صدقه وأمانته وكرمه، قال لك: أحبّ أن تعفو عن فلان، وإن سلَّمت عليه وعفوت عنه فلك مكافَأةٌ عظيمة عندي, أكنت تتردّد في العفو عنه والسلام عليه؟ لا.

 فربُّك الكريم الغنيّ العظيم, يحبّ أنْ تحب تعفوَ عن أخيك، {فاعفوا واصفحوا، ألا تحبّون أن يغفر الله لكم؟}، ويَعِدُك بأنّ أجرك عليه إن عفوت عنه, وهو لا يخلف الميعاد.

فلْنعفُ عن الناس ونصفحُ عنهم ابتغاءَ وجه الله؛ لتتمّ فرحتُنا بالعيد بتآلف القلوب, واجتماعِ الأسرة بكاملها بقلوب صافية, وأفئدة من الغل والشحناء خالية.

 اللهم اختم لنا هذا الشهر الكريم بمغفرةٍ من عندك, تمحو بها ذنوبَنا, وترفعُ بها درجاتِنا، إنك ربنا رؤوف رحيم.

 

 

عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى, وإمام الورى, فقد أمركم بذلك جل وعلا فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات, اللهم فرِّج همومهم, واقض ديونهم, وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.

 عباد الله: إنَّ اللَّه يأْمُرُ بالْعدْل والْإحْسانِ وإيتاءِ ذي الْقُرْبى ويَنْهى عن الْفحْشاءِ والمنْكرِ والبغْيِ يعِظُكُم لَعلَّكُم تذكَّرُون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

المرفقات

1743062405_أعمالٌ صالحةٌ في ختام شهر رمضان.pdf

المشاهدات 888 | التعليقات 0