أعْظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِهِ
مبارك العشوان
1438/03/15 - 2016/12/14 08:10AM
إنَّ الحَمْدَ لِلهِ... أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ ... مُسْلِمُون.
عِبَادَ اللهِ: رَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلمَ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلاَّ آخِرَةُ الرَّحْلِ، فَقَالَ: يَا مُعَاذُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوهُ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ ) وَفِي رِوَايَةٍ: ( فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ: لاَ تُبَشِّرْهُمْ، فَيَتَّكِلُوا ).
عِبَادَ اللهِ: حَقُّ اللهِ جَلَّ وَعَلَا؛ أَعْظَمُ الحُقُوقِ وَأَجَلُّهَا، تَوحِيدُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أوْجَبُ الوَاجِبَاتِ عَلَى العِبَادِ؛ وَلِأَجْلِهِ خَلَقَهُمُ سُبْحَانَهُ؛ وَبَيَّنَ لَهُمْ ذَلِكَ غَايَةَ البَيَانِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } أوْجَدَ الخَلْقَ بَعْدَ العَدَمِ، وَأَمَدَّهُمْ بِمَا لَا يُحْصَى مِنَ النِّعَمِ، وَسَخَّرَ لَهُمْ كُلَّ شَيءٍ؛ لِيُحَقِّقُوا تَوحِيدَهُ جَلَّ وَعَلَا؛ لِيَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً؛: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } البقرة 12- 21 قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: أَشْبَهُ آيَةٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا، وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } غَافِر 64 وَمَضْمُونُهُ: أَنَّهُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ، مَالِكُ الدَّارِ، وَسَاكِنِيهَا، وَرَازِقُهُمْ، فَبِهَذَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ، وَلَا يُشْرَكُ بِهِ غَيرُهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: { فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } وَيَقُولُ جَلَّ وَعَلَا: { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } البقرة 28- 29 يقول يَقُولُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَلِمَةٌ قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَبِهَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ، وَلِأَجْلِهَا نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ، وَوُضِعَتِ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِهَا انْقَسَمَتِ الْخَلِيقَةُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ وَالْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، فَهِيَ مَنْشَأُ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَهِيَ الْحَقُّ الَّذِي خُلِقَتْ لَهُ الْخَلِيقَةُ، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقِهَا السُّؤَالُ وَالْحِسَابُ، وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، وَعَلَيْهَا نُصِبَتِ الْقِبْلَةُ، وَعَلَيْهَا أُسِّسَتِ الْمِلَّةُ، وَلِأَجْلِهَا جُرِّدَتْ سُيُوفُ الْجِهَادِ، وَهِيَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّلَامِ، وَعَنْهَا يُسْأَلُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ... الخ، وَيَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: التَّوْحِيدُ مَفْزَعُ أعْدَائِهِ وَأوْلِيَائِهِ؛ فَأَمَّا أعدَاؤُهُ فَيُنْجِيْهِمْ مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا وَشَدَائِدِهَا: { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هم يشركُونَ } وَأمَّا أوْلِيَاؤُهُ فَيُنْجِيْهِمْ بِهِ مِنْ كُرُبَاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَشَدَائِدِهَا؛ وَلِذَلِكَ فَزِعَ إِلَيْهِ يُونُسُ فَنَجَّاهُ اللهُ مِنْ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ، وَفَزِعَ إِلَيْهِ أَتبَاعُ الرُّسُلِ فَنَجَوا بِهِ مِمَّا عُذِّبَ بِهِ الْمُشْركُونَ فِي الدُّنْيَا وَمَا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَة، ... إِلَى أنْ قَالَ: فَمَا دُفِعَتْ شَدَائِدُ الدُّنْيَا بِمِثْلِ التَّوْحِيدِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ دُعَاءُ الكَرْبِ بِالتَّوْحِيدِ، وَدَعْوةُ ذِي النُّونَ الَّتِي مَا دَعَا بهَا مَكْرُوبٌ إِلَّا فَرَّجَ اللهُ كَرْبَهُ بِالتَّوْحِيدِ؛ فَلَا يُلْقِي فِي الكُرَبِ الْعِظَامِ إِلَّا الشِّــرْكُ، وَلَا يُنْجِي مِنْهَا إِلَّا التَّوْحِيدُ؛ فَهُوَ مَفْزَعُ الخَلِيْقَةِ وَمَلْجَؤُهَا وَحِصْنُهَا وَغِيَاثُهَا.أ هـ
عِبَادَ اللهِ: وَإلَى التَّوحِيْدِ كَانَتْ دَعْوةُ الرُّسُلِ كُلُّهُمْ، عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ؛ فَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا أمَرَ قَوْمَهُ بِالتَّوْحِيْدِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنَ الشِّرْكِ: { يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } الأعراف 59 قَالَهَا نُوحٌ، وَقَالَهَا هُودٌ، وَقَالَهَا صَالِحٌ، وَقَالَهَا شُعَيْبٌ، عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ. يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } الأنبياء 25
وَلِعِظَمِ مَنْزِلَةِ التَّوحِيدِ؛ كَانَ أوَّلَ مَا يُدْعَى إلَيهِ؛ فَعِنْدَمَا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُعَاذاً إلَى اليَمَنِ قَالَ لَهُ: ( فَلْيَكُنْ أوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أنْ يُوَحِّدُوا اللهَ، فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ... ) الحَدِيْثُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
بَارَكَ اللهُ .... وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ...
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ لِلهِ... أمَّا بَعْدُ: فَبِالتَّوْحِيدِ عِبَادَ اللهِ تَحْيَا القُلُوبُ، وَبِهِ يُخْرَجُ النَّاسُ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ: { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }الأنعام122 .{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }. بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّةٍ أُمِيَّةٍ، يَعِيْشُونَ الجَهْلَ، وَالضَّلَالَ؛ { هُوَ الّذِي بَعَثَ فِي الاُمّيّينَ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ} الجمعة 2
يَعْبُدُونَ الأَشْجَارَ وَالأحْجَارَ، قَتَلُوا أوْلَادَهُمْ خَشْيَةَ الفَقْرِ وَالعَارِ، شَرْبٌ لِلْخُمُورِ،غِشٌ فِي المُعَامَلَاتِ، كَذِبٌ وَخِيَانَةٌ وَتَطْفِيفٌ لِلْكَيلِ، ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ؛ بُعِثَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي هَذَا المُجْتَمَعِ المُظْلِمِ فَدَعَاهُم إِلَى تَوْحِيْدِ اللهِ: ( قُولُوا لَا إلَهَ إلا اللهُ تُفْلِحُوا ) فَأَخْرَجَهُمْ بِالتَّوحِيدِ مِنَ العَمَى إِلَى الهُدَى، وَمِنْ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ، وَمِنْ ضِيْقِ الدُّنْيَا إِلَى سَعَةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمِنْ جَوْرِ الأدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الإِسْلَامِ، وَمِنْ عِبَادَةِ العِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّ العِبَادِ.
بِالتَّوحِيْدِ الخَالِصِ ـ عِبَادَ اللهِ ـ يَغْفِرُ اللهُ الذُّنُوبَ وَإِنْ عَظُمَتْ، وَيَسْتُرُ العُيُوبَ وَإِنْ كَثُرَتْ، فَفِي الحَدِيثِ أنَّ اللهَ تَعَـــالَى يَقُـــولُ: ( ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
يَقُولُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ وَهُوَ يَتَحَدَّثُ عَنْ أسْبَابِ المَغْفِرَةِ:
التَّوْحِيْدُ: وَهُوَ السَّبَبُ الأَعْظَمُ؛ فَمَنْ فَقَدَهُ فَقَدَ المَغْفِرَةَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ فَقَدْ أَتَي بِأَعْظَمِ أسْبَابَ المَغْفِرِةِ.
وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ مَنْ قَالَ:
لَا إِلَهَ إلا اللهُ خالِصًا مِنْ قِبَل نفسِه ) كَمَا فِي البُخَارِيِّ.
عِبَادَ اللهِ: مَا لَقِيَ اللهَ عَبْدٌ بِأَفْضَلَ مِنَ التَّوحِيدِ، وَلَا لَقِيَهُ عَبْدٌ بِأقْبَحَ وَلَا أشْنَعَ مِنَ الشِّرْكِ، فَلْتَحْرِصُوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى تَحْقِيْقِ تَوْحِيْدِكُمُ وَتَخْلِيْصِهِ وَتَنْقِيَتِهِ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ صَغِيْرِهِ وَكَبِيْرِهِ، تَدَارَسُوا التَّوْحِيْدَ وَمَسَائِلَهُ، وَاقْرَءُوا فِي كُتُبِهِ فِي بُيُوتِكُم وَمَجَالِسِكُمْ، وَمَسَاجِدِكُمْ، وَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ عَمَّا يُشْكِلُ عَلَيْكُمْ.
ثُمَّ صَلُّوا رَحِمَكُمُ اللهُ وَسَلِّمُوا ... اللَّهُمَّ أعِزَّ الإسْلَامَ... اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا... عِبَادَ اللهِ: اذْكُرُوا اللهَ....
عِبَادَ اللهِ: رَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلمَ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلاَّ آخِرَةُ الرَّحْلِ، فَقَالَ: يَا مُعَاذُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوهُ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ ) وَفِي رِوَايَةٍ: ( فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ: لاَ تُبَشِّرْهُمْ، فَيَتَّكِلُوا ).
عِبَادَ اللهِ: حَقُّ اللهِ جَلَّ وَعَلَا؛ أَعْظَمُ الحُقُوقِ وَأَجَلُّهَا، تَوحِيدُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أوْجَبُ الوَاجِبَاتِ عَلَى العِبَادِ؛ وَلِأَجْلِهِ خَلَقَهُمُ سُبْحَانَهُ؛ وَبَيَّنَ لَهُمْ ذَلِكَ غَايَةَ البَيَانِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } أوْجَدَ الخَلْقَ بَعْدَ العَدَمِ، وَأَمَدَّهُمْ بِمَا لَا يُحْصَى مِنَ النِّعَمِ، وَسَخَّرَ لَهُمْ كُلَّ شَيءٍ؛ لِيُحَقِّقُوا تَوحِيدَهُ جَلَّ وَعَلَا؛ لِيَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً؛: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } البقرة 12- 21 قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: أَشْبَهُ آيَةٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا، وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } غَافِر 64 وَمَضْمُونُهُ: أَنَّهُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ، مَالِكُ الدَّارِ، وَسَاكِنِيهَا، وَرَازِقُهُمْ، فَبِهَذَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ، وَلَا يُشْرَكُ بِهِ غَيرُهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: { فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } وَيَقُولُ جَلَّ وَعَلَا: { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } البقرة 28- 29 يقول يَقُولُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَلِمَةٌ قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَبِهَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ، وَلِأَجْلِهَا نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ، وَوُضِعَتِ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِهَا انْقَسَمَتِ الْخَلِيقَةُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ وَالْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، فَهِيَ مَنْشَأُ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَهِيَ الْحَقُّ الَّذِي خُلِقَتْ لَهُ الْخَلِيقَةُ، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقِهَا السُّؤَالُ وَالْحِسَابُ، وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، وَعَلَيْهَا نُصِبَتِ الْقِبْلَةُ، وَعَلَيْهَا أُسِّسَتِ الْمِلَّةُ، وَلِأَجْلِهَا جُرِّدَتْ سُيُوفُ الْجِهَادِ، وَهِيَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّلَامِ، وَعَنْهَا يُسْأَلُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ... الخ، وَيَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: التَّوْحِيدُ مَفْزَعُ أعْدَائِهِ وَأوْلِيَائِهِ؛ فَأَمَّا أعدَاؤُهُ فَيُنْجِيْهِمْ مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا وَشَدَائِدِهَا: { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هم يشركُونَ } وَأمَّا أوْلِيَاؤُهُ فَيُنْجِيْهِمْ بِهِ مِنْ كُرُبَاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَشَدَائِدِهَا؛ وَلِذَلِكَ فَزِعَ إِلَيْهِ يُونُسُ فَنَجَّاهُ اللهُ مِنْ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ، وَفَزِعَ إِلَيْهِ أَتبَاعُ الرُّسُلِ فَنَجَوا بِهِ مِمَّا عُذِّبَ بِهِ الْمُشْركُونَ فِي الدُّنْيَا وَمَا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَة، ... إِلَى أنْ قَالَ: فَمَا دُفِعَتْ شَدَائِدُ الدُّنْيَا بِمِثْلِ التَّوْحِيدِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ دُعَاءُ الكَرْبِ بِالتَّوْحِيدِ، وَدَعْوةُ ذِي النُّونَ الَّتِي مَا دَعَا بهَا مَكْرُوبٌ إِلَّا فَرَّجَ اللهُ كَرْبَهُ بِالتَّوْحِيدِ؛ فَلَا يُلْقِي فِي الكُرَبِ الْعِظَامِ إِلَّا الشِّــرْكُ، وَلَا يُنْجِي مِنْهَا إِلَّا التَّوْحِيدُ؛ فَهُوَ مَفْزَعُ الخَلِيْقَةِ وَمَلْجَؤُهَا وَحِصْنُهَا وَغِيَاثُهَا.أ هـ
عِبَادَ اللهِ: وَإلَى التَّوحِيْدِ كَانَتْ دَعْوةُ الرُّسُلِ كُلُّهُمْ، عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ؛ فَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا أمَرَ قَوْمَهُ بِالتَّوْحِيْدِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنَ الشِّرْكِ: { يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } الأعراف 59 قَالَهَا نُوحٌ، وَقَالَهَا هُودٌ، وَقَالَهَا صَالِحٌ، وَقَالَهَا شُعَيْبٌ، عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ. يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } الأنبياء 25
وَلِعِظَمِ مَنْزِلَةِ التَّوحِيدِ؛ كَانَ أوَّلَ مَا يُدْعَى إلَيهِ؛ فَعِنْدَمَا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُعَاذاً إلَى اليَمَنِ قَالَ لَهُ: ( فَلْيَكُنْ أوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أنْ يُوَحِّدُوا اللهَ، فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ... ) الحَدِيْثُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
بَارَكَ اللهُ .... وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ...
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ لِلهِ... أمَّا بَعْدُ: فَبِالتَّوْحِيدِ عِبَادَ اللهِ تَحْيَا القُلُوبُ، وَبِهِ يُخْرَجُ النَّاسُ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ: { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }الأنعام122 .{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }. بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّةٍ أُمِيَّةٍ، يَعِيْشُونَ الجَهْلَ، وَالضَّلَالَ؛ { هُوَ الّذِي بَعَثَ فِي الاُمّيّينَ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ} الجمعة 2
يَعْبُدُونَ الأَشْجَارَ وَالأحْجَارَ، قَتَلُوا أوْلَادَهُمْ خَشْيَةَ الفَقْرِ وَالعَارِ، شَرْبٌ لِلْخُمُورِ،غِشٌ فِي المُعَامَلَاتِ، كَذِبٌ وَخِيَانَةٌ وَتَطْفِيفٌ لِلْكَيلِ، ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ؛ بُعِثَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي هَذَا المُجْتَمَعِ المُظْلِمِ فَدَعَاهُم إِلَى تَوْحِيْدِ اللهِ: ( قُولُوا لَا إلَهَ إلا اللهُ تُفْلِحُوا ) فَأَخْرَجَهُمْ بِالتَّوحِيدِ مِنَ العَمَى إِلَى الهُدَى، وَمِنْ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ، وَمِنْ ضِيْقِ الدُّنْيَا إِلَى سَعَةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمِنْ جَوْرِ الأدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الإِسْلَامِ، وَمِنْ عِبَادَةِ العِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّ العِبَادِ.
بِالتَّوحِيْدِ الخَالِصِ ـ عِبَادَ اللهِ ـ يَغْفِرُ اللهُ الذُّنُوبَ وَإِنْ عَظُمَتْ، وَيَسْتُرُ العُيُوبَ وَإِنْ كَثُرَتْ، فَفِي الحَدِيثِ أنَّ اللهَ تَعَـــالَى يَقُـــولُ: ( ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
يَقُولُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ وَهُوَ يَتَحَدَّثُ عَنْ أسْبَابِ المَغْفِرَةِ:
التَّوْحِيْدُ: وَهُوَ السَّبَبُ الأَعْظَمُ؛ فَمَنْ فَقَدَهُ فَقَدَ المَغْفِرَةَ وَمَنْ جَاءَ بِهِ فَقَدْ أَتَي بِأَعْظَمِ أسْبَابَ المَغْفِرِةِ.
وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ مَنْ قَالَ:
لَا إِلَهَ إلا اللهُ خالِصًا مِنْ قِبَل نفسِه ) كَمَا فِي البُخَارِيِّ.
عِبَادَ اللهِ: مَا لَقِيَ اللهَ عَبْدٌ بِأَفْضَلَ مِنَ التَّوحِيدِ، وَلَا لَقِيَهُ عَبْدٌ بِأقْبَحَ وَلَا أشْنَعَ مِنَ الشِّرْكِ، فَلْتَحْرِصُوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى تَحْقِيْقِ تَوْحِيْدِكُمُ وَتَخْلِيْصِهِ وَتَنْقِيَتِهِ مِنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ صَغِيْرِهِ وَكَبِيْرِهِ، تَدَارَسُوا التَّوْحِيْدَ وَمَسَائِلَهُ، وَاقْرَءُوا فِي كُتُبِهِ فِي بُيُوتِكُم وَمَجَالِسِكُمْ، وَمَسَاجِدِكُمْ، وَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ عَمَّا يُشْكِلُ عَلَيْكُمْ.
ثُمَّ صَلُّوا رَحِمَكُمُ اللهُ وَسَلِّمُوا ... اللَّهُمَّ أعِزَّ الإسْلَامَ... اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا... عِبَادَ اللهِ: اذْكُرُوا اللهَ....