أظلم الظلم الإشراك مع الله تعالى بالعبادة

حسين بن حمزة حسين
1446/02/20 - 2024/08/24 15:10PM
إخوة الإيمان: اعلموا رحمكم الله أنّ أوْجبُ الواجبات، وآكدُ الحقوق على العباد، عبادةُ الله عزّ وجل، ولا تصْلحُ العبادة حتى يَصحّ التوحيد، ولا يستقيمُ التوحيد إلا بمعرفة الشركِ والبراءة منه.قال الله تعالى (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ، حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ)، والشركُ هو صرف العبادة أو صرف شيء منها لغير الله، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله تبارك وتعالى : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) رواه مسلم ، سواءٌ كان ذلك في الأفعال أو في الأقوال أو في النيّات، قال تعالى ( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )، والشرك أظلمُ الظلم، وأعظمُ الذنوب، لأنه صرفُ خالصِ حقّ الله تعالى لغير الله، ولأنه تسويةٌ للمخلوقِ الضعيفِ العاجز، بالخالقِ العظيم القادر ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )، فكما أن اللهَ تعالى هو وحده الخالقُ الرازق المتصرف المدبّر لشؤون خلْقه وحْده ، فحقّه تعالى على خلْقه أن يعبَدوه وحْده لا يشركون معه شيئاً، قال تعالى (ألا لله الدين الخالص)، والشرْك بالله تعالى أعظم الكبائِر على الإطلاق، (قيل يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تجعل لله نداً وهو خلقك) متفق عليه، وهو أكبر جُرمٍ وأعظم افتراء، وهو الذَّنْب الذي لا يَغفِره الله إلاَّ لمَن تاب منه قبلَ أن يموت، قال  تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)، وقال تعالى ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ، وما للظالمين من أنصار)، والشرك رجْسٌ قال تعالى (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) والمشركون نَجَس قال تعالى (إنما المشركون نجس)، وهم من أبْعَدِ الضٌلاّل، قال تعالى (ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيدا)، وسيقول المشركون لآلهتهم نادمين متحسّرين يوم القيامة كما أخبر الله تعالى عنهم (تالله إن كنّا لفي ضلال مبين ، إذ نسوّيكم بربّ العالمين).واعلموا عباد الله: أنّ الشِّرْك بالله تعالى نوعان: شرْكٌ أكْبر، وشركٌ أصغر، أما الشرك الأكبر، صاحبه خالدٌ مخلّدٌ في النار، وهو عِبادة غير الله، أو صَرْفُ شيءٍ مِن العبادة لغير الله، كما يفعلُ عبّاد القبور والأضرحة عند قبورهم وأضرحتهم، ومن يعبد البشر والملائكة والجن والأصنام والحجارة والأشجار والأوثان، يستغيثون بهم، ويذبحون لهم، كما يفعل الرافضة -أعزكم الله- يستغيثون بأوليائهم وملاليهم يقولون يا فاطمة، أو يا حسين اشف مريضي، أو كما يستغيث الصوفية بقولهم يا سيدي فلان، أو يا رسول الله مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم، ولو قالوا يا ألله مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم لاستقام الكلام ، - ولكن الشرك والكفر غلب على نفوسهم نسأل الله السلامة-، وترى عبّاد القبور يطوفون بأضرحتهم، ويسجدون عندها، ويطلبونهم المدد والعون لقضاء الحاجات ودفع الملمّات من جلب خير ودفع ضرّ، ويتمسحون ويقبّلون عتابها، ويعفّرون وجوههم بترابها، فكل هذا شرك أكبر مخرجٌ من دين الله، موجب للخلود في النار، مُحْبطٌ للطاعات كلّها، حُكْم صاحِبه حُكم الكفار المرتدّين لا تنفعُ معه صلاته وصيامه وزكاته، وجميع طاعاته، ففي صحيح مسلم جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الموجِبتان؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشركُ بالله شيئاً دخل النار) ونحمد الله تعالى أن دولتنا خالية من هذا الشرك والكفر أدام الله علينا أمننا وايماننا ونشر ذلك في بلاد المسلمين- أبارك الله لي ولكم بما سمعنا، وجعلنا ممن يستمع القول فيتّبع أحسنه.الخطبة الثانيةالحمد لله....

ما النوع الثاني وهو الشرْكٌ الأصغَر وهو أن يعمل الإنسان العبادة ليراه الناس أو ليسمع مدْح الناس، وهو يسيرُ الرِّياء والسّمعة؛ ففي سنن ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال (خرجَ علَينا رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- ونحنُ نتذاكرُ المسيحَ الدَّجَّالَ فقالَ: "ألا أخبرُكُم بما هوَ أخوفُ علَيكم عندي منَ المسيحِ الدَّجَّالِ"؟ فقُلنا: بلَى يا رسولَ اللَّهِ، فقالَ: "الشِّركُ الخفيُّ: أن يقومَ الرَّجلُ فيصلِّي صلاتَهُ لما يرَى من نظرِ رجلٍ" صححه الألباني، وحكمه مُنقصٌ للتوحيد محْبط لذلك العمل غير مخرج من الدين مع خطورته وقُبحه، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لأن أحلِفَ باللهِ كاذبًا أحبُّ إليَّ من أن أحلِفَ بغيرِه وأنا صادقٌ) فجعل رضي الله عنه الحلف بغير الله ( وهو شرك أصغر ) أقبح من الحلف بالله كاذباً ، ومعلومٌ أن الحلف بالله كاذباً من الكبائر، ومن أمثلة الشرك الأصغر، الحلف بغير الله كمن يحلف بالكعبة أو بالوالدين أو بالأمانة أو بالنبي أو بولي ، يقول النبي ﷺ: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت، وقال: لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون، وقال ﷺ: من حلف بشيء دون الله فقد أشرك أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه، ومن أمثلة الشرك الأصغر قول الرجل ما شاء الله وشئت، جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال (ما شاء الله وشئت ) فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال (أجعلتني لله ندًا؟! قل ما شاء الله وحده)، ومن ذلك قول الرجل " لولا الله وفلان"، والصواب أن يقول " لولا الله ثم فلان" لأن ثمّ تفيد الترتيب مع التراخي فتجعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله عز وجل فهو وحده جلّ جلاله الذي بيده جلب الخير وأسبابه، ودفع الضر ومسبباته. فاحذروا الشرك عباد الله كبيره وصغيره ووسائله وذرائعه.
فاتقوا الله عباد الله وابتعدوا عن كل ما يسيء لتوحيدكم وإيمانكم من شركٍ أكبر أو شرك أصغر، أسأل الله أن يثبتنا على الإيمان والتوحيد حتى نلقاه، وأن يميتنا مسلمين غير مغيرين ولا مبدلين.

المشاهدات 210 | التعليقات 0