أضرار السهر وفضل يوم عرفة وعيد الأضحى

عايد القزلان التميمي
1434/12/06 - 2013/10/11 04:25AM
خطبة عن أضرار السهر في هذه الأيام الفاضلة وفضل يوم عرفة ويوم عيد الأضحى

الحمد لله الذي بيده الأمر، فضل أيام العشر، وخصها بمزيد الأجر، وجبر لأهلها الكسر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، {يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ} ، ويعلم السر والجهار، ويقلب الليل والنهار، {وَكُلُّ شَىْء عِندَهُ بِمِقْدَارٍ} ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم القيامة.

أما بعدُ : فيا عباد الله ، اتقوا الله تعالى حقّ التقوى ، فهي وصيّة الله لكم في محكم كتابه ، حيث قال جل من قائل عليم : ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) .
عباد الله ، حديثنا في هذا اليوم عن ظاهرة خطيرة بُلي بها كثير من الناس، وخاصة في مثل هذه الأيام الفاضلة أيام عشر ذي الحجة والتي توافق إجازة عيد الأضحى، وهي ظاهرة السهر، هذه الظاهرة السيئة الدخيلة على مجتمعات المسلمين لم يسلم منها إلا من رحم الله، صارت عند بعضهم علامة على الرقي والتقدم وعلى الحضارة والمدنية، حتى إنهم ينتقدون من لا يسهر، ويصفونه بالتأخر والرجعية، يستغربون لو قلت لأحدهم: نم بعد صلاة العشاء، ويعتبرون ذلك شذوذًا، فهم لا يبدأ ليلهم إلا بعد وقت العشاء بساعات، يستغلون الليل بهدوئه وسكونه ليسهروا، أتظنون أنهم يسهرون على طاعة أو على طلب قربة لله - تعالى -كالذين قال الله عنهم: ( كَانُواْ قَلِيلاً مّن الليل مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَـارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) ؟! أوَ تظنون أنهم يسهرون كالذين وصف الله حالهم في سورة السجدة بقوله: ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ يُنفِقُونَ ) ؟! لا والله، إن أكثرهم يسهر على معصية الله، يحارب الله جل جلاله في وقت نزوله، حينما ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل فيقول: هل من سائل فيعطى، هل من داع فيستجاب له، هل من مستغفر فيغفر له، حتى يدخل وقت الصبح.
أيها المؤمنون، إن لظاهرة السهر نتائج ضارة، لا سيما إذا كانت على معصية، وهي كذلك عند كثير منهم، ومن نتائجها تضييع صلاة الفجر، فالذي يسهر إلى قبيل الفجر ثم ينام فإنه لن يستطيع الاستيقاظ من النوم لتأدية صلاة الفجر, لذا تجده دائمًا تفوته الصلاة، وإضاعة الصلاة جريمة عظمى وكبيرة من كبائر الذنوب وصفة من صفات المنافقين، يقول - تعالى -: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصَّلَـوةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا ) ، وغَيٌّ هو واد في جهنم بعيد القَعْر خبيث الطَّعم من قيح ودم، للذين أضاعوا وقت الصلاة بسبب اتباع الشهوات.
ويقول - تعالى -: (فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـاتِهِمْ سَاهُونَ ) وويل أيضًا هو واد في جهنم، وقيل: شدة العذاب، جعله الله للذين يؤخرون الصلاة عن وقتها.
عباد الله / وكذلك تأخير الصلاة من صفات المنافقين، فهم كما قال - تعالى -: ( إِنَّ الْمُنَـافِقِينَ يُخَـادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلَوةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاءونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً )
فالسهر سبب من أسباب تأخير الصلاة عن وقتها الذي جعله الله لها، بل هو سبب من أسباب ترك الصلاة مع الجماعة، فالذي يسهر تجده يصلي في بيته، ويتخلف عن الصلاة مع جماعة المسلمين، وقد همّ النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحرق بيوت الذين يتخلفون عن الصلاة، فالذين لا تراهم في صفوف المصلين في صلاة الفجر غالبًا هم الذين يسهرون. فالسهر يفوّت الصلاة، ولو فرضنا جدلاً أن هذا السهران حضر للصلاة فإنه سوف يصلي متكاسلاً مرهقًا ، يصارع النوم من شدة النعاس، ومن ثم لا يدري ما يقول، وهذه أيضًا بحدّ ذاتها مشكلة، وسببها السهر.
أيها المسلمون، ومن نتائج السهر فعل ما كرهه الرسول صلى الله عليه وسلم ، والسهر من الأمور التي كرهها النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الحديث المتفق عليه عن أبي برزة - رضي الله عنه - أن رسول الله كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.
عباد الله/ ومن أضرار السهر بالليل تفويت المصالح في النهار، فالذي يسهر الليل دائمًا ينام خلال النهار، وفي هذا تفويت لعدة مصالح تكون في النهار، منها حرمان بركة أول النهار، فإن لأول النهار بركة أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((بورك لأمتي في بكورها))، ومنها التكاسل في العمل إن كان عاملاً، وفي الدراسة إن كان طالبًا، بل حتى فيما يحتاجه الأهل في البيت، فالذي يقضي ليله في السهر لن يكون فعالاً في عمله ولا في دراسته ولا في أسرته، بل يكون فاشلاً عالة على غيره.
عباد الله إن السهر بالليل من غير حاجة مخالفة للفطرة التي جعلها الله - عز وجل - للإنسان في هذه الحياة، فقد قال - سبحانه -: ( وَجَعَلْنَا الَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ) ، وصاحب السهر معكوس الفطرة، حيث جعل الليل للسهر والنهار للنوم.
فلنحذر هذه الظاهرة الخطيرة ظاهرة السهر، وإن كان لا بد فلنجعله في موازين أعمالنا الصالحة كقيام الليل وطلب العلم وتلاوة القرآن الكريم.
أسأل الله لي ولكم علمًا نافعًا وعملاً خالصًا وسلامة دائمة.
وأسأل الله أن يهدي ضال المسلمين، ويرزقنا الفقه في الدين، إنه سميع مجيب.
بارك الله لي ولكم ......
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا عدد ما هلل مهلّل وكبر، وعدد ما طاف بالبيت حاج ومعتمر، وعدد ما وقف الحجيج بعرفة والمشعر،


أما بعد فيا عباد الله :

إِنَّكُم تَعِيشُونَ أَيَّامًا فَاضِلَةً أَيّامًا مِن أَفضَلِ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ، ومن هذه الأيام يَومُ عَرَفَةَ، اليَومُ التَّاسِعُ مِن ذِي الحِجَّةِ وسيكون إن شاء الله يوم الاثنين القادم، وفي خِتَامِ هذه العشر يَكُونُ يَومُ عِيدِ الأَضحَى، وسيكون إن شاء الله يوم الثلاثاء القادم.
عباد الله أَمَّا يَومُ عَرَفَةَ وَمَا أَدرَاكَ مَا يَومُ عَرَفَةَ فَيَكفِيهِ شَرَفًا أَن اللهَ أَقسَمَ بِهِ في كِتَابِهِ فَقَالَ: وَالفَجرِ وَلَيالٍ عَشرٍ وَالشَّفعِ وَالوَترِ، ولا يُقْسِم ربنا إلا بعظيم، قال تعالى: وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: ((الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، وَالْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ)) رواه الترمذي وحسنه الألباني. و قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ أَحتَسِبُ على اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبلَهُ وَالسَّنَةَ التي بَعدَهُ))، و قال عليه الصلاةُ والسلامُ: ((خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)).وبعد هذا الفضل علينا أن نبادر لاستغلال هذا اليوم العظيم بالعبادة والدعاء وعلى غير الحاج أن يعقد النية لصيامه.
عباد الله وَمِن أَفضَلِ الأَعمَالِ في يَومِ العِيدِ صَلاةُ العِيدِ، ، فَاحرِصُوا عَلَيهَا وَاشهَدُوهَا، وَإِيَّاكُم أَن تَكُونُوا مِنَ الذين يُثَبِّطُهُم الشَّيطَانُ، فَيُفَضِّلُونَ النَّومَ على هَذِهِ الشَّعِيرَةِ العَظِيمَةِ. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاستَعِدُّوا وَصَلُّوا العِيدَ مَعَ إِخوَانِكُم.
عباد الله، تذكروا ـ رحمكم الله ـ وأنتم تستقبلون عيد الأضحى المبارك في أمن وأمان أن هناك إخوانًا لكم في العقيدة في بلاد كثيرة من العالم مشردين عن أوطانهم ومنازلهم، مضطهدين في عقر دارهم، مستضعفين لا حول لهم ولا قوة، قد بدل الأعداء أمنهم خوفًا وفرحهم حزنًا ، لا يعرفون للعيد طعما ولا للفرحة سبيلا.
فاشكروا الله على نعمة الأمن والأمان والسلامة والإسلام، واعلموا رعاكم الله أن النعم إنما تدوم بالطاعة والشكر والابتعاد عن المعاصي والذنوب.
ثم صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين كما أمركم الله بذلك في كتابه الكريم...
المرفقات

خطبة عن أضرار السَّهر وفضل يوم عرفة والنحر.doc

خطبة عن أضرار السَّهر وفضل يوم عرفة والنحر.doc

المشاهدات 1837 | التعليقات 0