أصول العقيدة الصحيحة (مختصرة)

عايد القزلان التميمي
1444/03/04 - 2022/09/30 06:13AM
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي منَّ عَلَى عِبَادِهِ بِنِعْمَة الْإِيمَان وَالْإِسْلَام ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، بيَّن لِلْأُمَّة أصولَ وفروعَ هَذَا الدِّينَ وأركانَه الْعِظَام ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تَقْوَاه ، وَتَقْوَى اللَّهُ أَنْ تُجْعَلَ بَيْنَك وَبَيْنَ عَذَابِ اللَّهِ وِقَايَة بِفِعْل أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ .
وأوامر اللَّهُ سُبْحَانَهُ كَثِيرَةٌ ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَأَرْكَانِه ، وَقَدْ دَلَّ كِتَابَ اللَّهِ الْمُبَيَّن وسنَّة رَسُولِه الْأَمِين عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ أَفْضَل الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى أَنَّ أُصُولَ الدِّينِ تتلخص فِي : الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ ، وَمَلَائِكَتِه ، وَكُتُبِه ، وَرُسُلِه ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ،
فَهَذِهِ الْأُمُور السِّتَّة هِيَ أُصُولُ الْعَقِيدَة الصَّحِيحَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا كِتَابَ اللَّهِ الْعَزِيزِ ، وَبَعَثَ اللّهُ بِهَا رَسُولِه محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَأَدِلَّة هَذِهِ الْأُصُولِ السِّتَّةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرَةٌ جدّاً ، فمن ذلك قول الله سبحانه : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ )
وقوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ).
أما الأحاديث الصحيحة الدالة على هذه الأصول فكثيرة جدّاً ، منها : الحديث الصحيح المشهور الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله وعليه وسلم عن الإيمان ، فقال له : الإيمان (( أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ،)).
وَهَذِه الْأُصُولَ السِّتَّة يَتَفَرَّعُ عَنْهَا جَمِيعُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ اعْتِقَادُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَفِي أَمْرِ الْآخِرَةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الْغَيْب .
وَالْإِيمَانُ بِاَللَّهِ : هُوَ إقْرَارٌ بِاللِّسَان وَتَصْدِيق بِالْجَنَان ـ أَي : الْقَلْب ـ وَالْعَمَلُ بِالْأَرْكَانِ ، يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ ، وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ .
عِبَاد اللَّهِ وَمَنْ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ ، الْإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى عِبَادِهِ ، وَفَرْضَه عَلَيْهِم ، مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسَةِ الظَّاهِرَة وَهِي : شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَأَن محمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ، وَإقَامِ الصَّلَاة ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ، وَحَجّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ لِمَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سبيلاً ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْفَرَائِضِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الشَّرْع الْمُطَهَّرُ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : وَمَن الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ : الْإِيمَان بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى ، وَصِفَاتِه الْعُلْيَا الْوَارِدَةِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ ، والثابتة عَنْ رَسُولِهِ الْأَمِين ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ ، وَلَا تَعْطِيلٍ ، وَلَا تَكْيِيفٍ ، وَلَا تَمْثِيلٍ ، كما قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ).
عِبَادِ اللَّهِ وَمَنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ تَكْفِير أَحَداً مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي دُونَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ ، كَالزِّنَا ، وَالسَّرِقَة ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَشُرْب الْمُسْكِرَات ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِرِ ، مَا لَمْ يَسْتَحِلْ ذَلِكَ ؛ لقول الله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ )
وَمَن الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ : الْحُبُّ فِي اللَّهِ ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ ، وَالْمُوَالَاةُ فِي اللَّهِ ، وَالْمُعَادَاة فِي اللَّهِ ، فَيُحَبّ المؤمنُ المؤمنينَ ويواليهم ، وَعَلَى رَأْسِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ : أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يُحِبُّونَهُم ، ويوالونهم ، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاء لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) متفق على صحته .
عباد الله :  إن من أُصول العقيدة الصحيحة السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين في غير معصية الله، استجابة لأمر الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد , وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم في غير معصية الله.
واعلموا أيها المؤمنون أن أعظم ما يُخِل بالعقيدة الشرك قال تعالى : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))
وأعظم ما يُخِل بالعبادة ويبطلها أيضا البدعة في الدين ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: « مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ »متفق عليه . أي مردودٌ عليه لا يقبله الله سبحانه وتعالى ،فالله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجهه من الشرك ، وصواباً على سُنّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم خالياً من البدعِ والمُحْدَثَات، قال الله تعالى ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ .
بارك الله لي ولكم ....
الخطبة الثانية
الحمد لله مُعِزِّ التوحيد وأهلِه، ومُذِلِّ الشرك وحِزبِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في رُبوبيَّته وأُلوهيَّته وأسمائِه وصفاتِه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفوتُه من خلقِه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِهِ.
أما بعد
فيا أيها المؤمنون اعلموا أن هناك أعمالاً أو أقوالاً تُناقِضُ العقيدةَ وتخالف أمر الله في كتابه ومن ذلك الترحُّم على غير المسلم عند موته ، ولا يخفى على الجميع أن ذلك لا يجوز .
وأنقل لكم فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله في ذلك حيث قال (( أما من مات من اليهود أو النصارى أو عُبَّاد الأوثان وهكذا من مات تاركًا للصلاة أو جاحدًا لوجوبها هؤلاء كلهم لا يُدْعَى لهم ولا يُتَرَحَّم عليهم ولا يُستغفر لهم؛ لقول الله (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ((،
وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام:أنه قال(( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي)) انتهى كلام ابن باز رحمه الله .
عباد الله : إنّ الدعاءَ بالرَّحمة لغَيرِ المُسْلِم بعد موته يُصادِم كثيرًا من آيات القرآن الكريم التي تَجْعَل مَصِير الكافرين بالإسلام هو النّار، ومنها قول الله سبحانه {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا}
وقال الله تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}
وقد قرّرَ ربنا في كتابه أن الرَّحمةَ لا تشمل إلا مَنِ اتَّبَع الرسولَ النبيَّ الأُمِّيَّ، وآمن به، والنبيُّ الأمِّيُّ هو محمدٌ صلى الله عليه وسلم ،
قال الله تعالى {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ }
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ...  
المرفقات

1664507562_أصول العقيدة الصحيحة 4-3-1444.docx

المشاهدات 809 | التعليقات 0