أّذَى الطُّــــــرُقَـــــــاتِ

راشد بن عبد الرحمن البداح
1442/10/29 - 2021/06/10 16:32PM

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:

فإن الناسَ كلَهم خَلْقُ اللهِ، وهو –سبحانَه- يُحسِنُ إلى خلقهِ، ويحبُ من يُحسِنُ إليهم، ويَكرهُ مَن يؤذيهم، وإذا كانَ النبيُ  eقالَ: أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ([1]). فإنه يُفهَمُ منه بمفهومِ المخالَفةِ: أن أبغَضَ النَّاسِ إلى اللهِ مَن يُؤذِيهم ويَتقصَّدُ ضَرَرَهمْ.

وإيذاءُ الناسِ مرتعٌ وخيمٌ، وبابٌ فاسدٌ واسعٌ، يدخلُ فيه كلُ ما يضرُهم قولاً أو فعلاً. (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اِكْتَسَبُوا فَقَدِّ اِحْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).

ولنتناوَل نوعًا واحدًا فقطْ، من أنواعِ إيذاءِ المسلمِ لإخوانِهِ، ألا وهو إيذاؤُهم في طرقاتهِم، سواءٌ الْمَارَّةُ، أَوْ مَنْ عَلَى السَّيَّارَةِ.

وفي صحيحِ مسلمٍ قال نبيُنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اتَّقُوا اللاعِنَيْنِ" قَالُوا: وَمَا اللاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ([2]).

وإليكمُ الآن صورًا سيئةً لإيذاءِ الناسِ في طرقاتِ السياراتِ أو طرقاتِ المشاةِ:

1.       تَرْوِيعُ النَّاسِ، وَإِزْعَاجُهُمْ بالتفحيطِ تَارَةً، أَوِ السُّرْعَةِ والتهوُّرِ تَارَةً أُخْرَى.

2.      إِزْعَاجُ السَّائِرِينَ بِأَصْوَاتِ مُنَبِّهِ السَّيَّارَةِ بِدُونِ مسوِّغٍ أَوْ حَقٍ؛ وإنما لِيُفْسِحُوا لَهُ الطَّرِيقَ.

3.    اِنْشِغَالُ السائقِ بجوالهِ، وَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ كَادَ أَنْ يُهْلِكَ! وَيُتْلِفَ مَرْكُوبَهُ! فَضَرَّ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ: وَ( مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ).

4.      قَطْعُ الْإشَارَةِ، حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ.

5.      إغلاقُ يَمِينِ مَسَارَاتِ الِسَّيَّارَاتِ النافذِ لطريقٍ آخرَ، بِحُجَّةٍ أَنَّ المدةَ دَقيقَةٌ أوَ ثَوَانٍ، لكنْ مَا شُعُورُكَ إِذَا أَغْلَقَ أحدٌ يَمِينَ طَرِيقِكَ؟! ثم أرأيتَ لو كانَ مريضًا تُنقِذُ حياتَهُ الثواني؟!

6.    طَلَبُ الدُّخُولِ من الْمَسَارِ الأيسرِ للأيمنِ عِنْدَ منافذِ الْإشَارَاتِ، ليُرْبِكَ ويُؤَخِّرَ السَّيْرَ.

7.     مِنْ صُورِ الإيذاء فِي مواقفِ السياراتِ: أخذُ موقفينِ لسيارتكَ عَرْضًا أَوْ طُولًا، فَتَجِدُ مَنْ يَقِفُ ولَا يُبَالِي كَيْفَ يَقِفُ.

8.     تَضْيِيقُ الشَّوَارِعِ بتطويلِ درَجِ أبوابِ الشوارعِ، وَامتدادِ أغصانِ الْأَشْجَارِ.

9.      وَمِنْ صُورِ الإيذاءِ عدمُ إمهالِ المرأة والعاجز عندَ عُبورِهما الطريقَ.

10.    رُمِّيُّ الْمُخَلَّفَاتِ من نافذةِ السيارةِ إلى أرضِ الشَّوَارِعِ. النَّظَافَةُ عُبَّادَةٌ قبلَ أن تكونَ حَضَاَرةً؟

11.   طرحُ النفاياتِ  بجانبِ الحاوياتِ لا بداخِلِها.

12.   إهمالُ الدَّوَابِّ لاسِيَّمَا الْإِبِلَ تَعْتَرِضُ فِي الطُّرْقَاتِ، وَكَمْ حَصَلَ مِنْ كَوَارِثَ مُرَوِّعَةٍ!

فَالْخُلَّاصَةُ- أَيُّهَا الْإِخْوَةُ-: اُنْظُرْوا لِإِخْوَانِكم، كمَا تَنَظُرُون لأنفُسِكم. أَعْطَوْا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، وَاحْذَرُوا إيذاءَ الْغَيْرِ فِي الطُّرقَاتِ وَالْمَسَارَاتِ وَالْمَمَرَّاتِ، فَالطَّرِيقُ لِلْجَمِيعِ، وَلَيْسَ مِلْكًا لِأحَدٍ. ولَنَكُنْ بينَ جيرانِنا مُتَرَاحِمِيْنِ، رَفيقِينَ، نتَحَمَّلُ الْخَطَأَ، ونصْبِرُ عَلَى الْأَذَى.

وَخُذُوا قَاعِدَةً نَبَوِيَّةً، لَوْ طَبَّقْنَاهُا لَصَلُحَ طَرِيقُنَا. قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ.. فلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ([3]).
الحمدُ للهِ وكفى، وصلاةً وسلامًا على عبدِه ورسولهِ المصطفى، وآلهِ وصحبِهِ ومن اقتفَى، أما بعدُ:

فقد بقيَتْ صورةٌ للإيذاءِ صارتْ ظاهرةً، ألا وهيَ هَذَا الْحَمَامُ  السَّائِبُ الْمُنْتَشِرُ 

دَاخِلَ الْأَحْيَاءِ، فقدْ عَشِّشُ وَفرَّخَ على سطوحِ البيوتِ ونوافذَها، وَلَوّثَ البُيُوتَ،  

وجُدْرَانَها وأحواشَها. بل وخزاناتِ المياهِ.

وَمِنْ أَسْبَابِ كَثْرَتِهَا مَا يَقُومُ بِهِ بَعْضُ محبي الخيرِ –زعَمُوا- من إطعامِها فضلاتِ الطعامِ، ووضعِ علبٍ كبيرةٍ لتنقيطِ الماءِ، مما يجعلُها تتكاثرُ، ويزاددُ ضررُها، ولهذا تراها تتنامَى في الأحياءِ التي يَكثُرُ فيها رميُ بقايا الطعامِ ووسائلِ السقيِ، وتقِلُّ في الأحياءِ السالمةِ من ذلك.

والسؤالُ: هل هؤلاءِ المطعِمونَ للحمامِ بين البيوتِ والأحياءِ مأجورونَ أم آثِمونَ؟

والجواب: أن حُسْنَ النيةِ لإطعامِ الطيورِ لا يكفي، ومراعاةُ حالِ الإنسانِ أولَى من الحيوانِ، ولو أنهم فعلُوه خارجَ الأحياءِ أو بالمزارعِ لكانَ طيّبًا، أما بينَ المساكنِ فقد  ثَبَثَ الضررُ، والضررُ يُزالُ. ومن الأضرارِ:

أَوَّلاً:أَنَّ فِيهِ تَوْطِينًا لِهَذِهِ الطُّيُورِ وتَكثيرًا لها.

ثَانِيًا: أَنَّ فِيهِ تَسَبُّبًا لِتَعَبِ أهْلِ الْبَيْتِ فِي التَّنْظِيفِ، ثُمَّ إهْدَارِ الماءِ لِغسْلِ الأحواشِ.

ثَالِثَا: أَنَّ فِيهِ تَسَبُّبًا بقَتْلِ الحَمامِ للِتَخْلُصِ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَنْدفِعْ إِلَّا بِالْقَتْلِ جَازَ قَتْلُهُ.

رَابِعًا: أَنَّ نشرَ الطَّعَامِ عَلَى الْأرْضِ يؤذيْ المارَّة بالروائح ِالكريهةِ، خاصةً عند نزولِ الأمطارِ، كما يتسببُ في تناِمي الكلابِ، والكلابُ أدهَى وأمرُّ، وأيضًا يتسببُ في اِمْتِهَانِ الناسِ للأطعمةِ،  فَتَرَاهُمْ يَطَؤُونَها بِسَيَّارَاتِهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ، وَالطَّرِيقُ حَقٌّ لِلْمَارّةِ وَالسَّيَّارَاتِ. لا سيَّما وأنَ البلديةَ مشكورةً – وضعَتْ حاوياتٍ خاصةً، وخصصتْ سياراتٍ لجمعِ تلك الأطعمةِ.

·       فاللَّهُمَّ إِنّا عَائِذون بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَنا.

·       اللهمَ أعنَّا على أنْ نشكُرَكَ على لُطفِكَ في بلائِكَ، وأن علمتَنا سبيلَ دفعهِ، ورفعهِ. اللَّهُمُّ وَاِرْفَعْ عَنَا الْوَبَاءَ والداءَ.

·       اللهم باركْ في إجازتِنا، واجعلها عَونًا على طاعتِكَ. وأصلِح وِلدانَنا، وارحم والدِينا.

·       اللهم آمِن أوطانَنا، وأيِّدْ بالحقِ إمامَنا، ووليَ عهدِه، وأعزَّ بهمْ دينَك، وارزقهُم بطانةً صالحةً ناصحةً، دالّةً مُذكِّرةً.

·       اللهم احفظْ مجاهدِينا ومرابطِينا، وجنودَنا على حدودِنا، واكفِنا وإياهم وبلادَنا شرَّ الحاسدِينَ، وكيدَ الخائنين.

·      اللَّهُمَّ صَلِّ وسلمْ عَلَى مُحَمَّدٍ.

 



([1])الطبراني في المعجم الصغير ( 861) وصححه الألباني في الصَّحِيحَة: 906
([2])صحيح مسلم (269)
([3])صحيح مسلم (1844)

المرفقات

1623342752_أذى الطرقات.docx

1623342760_أذى الطرقات.pdf

المشاهدات 1145 | التعليقات 0