أذن واعية

سليمان السلامة
1441/07/18 - 2020/03/13 19:18PM

 

بسم الله الرحمن الرحيم
18/7/1441هـ
((خطبة أذن واعية))

                                                           سليمان بن علي السلامة

                                                        الجامع القديم بمحافظة البدائع

          الحمد لله ذي الملكوت والجبروت والعظمة ، وأشهد أن لا إله إلا الله إلا هو الواحد القهار ، وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله أزكى البشرية ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وعلى من سار على نهجهم                  أما بعد

         فاتقوا الله وعظموه وتأهبوا للعرض الأكبر فكل آتي الرحمن فردا ، ومجزي بما سعى (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ  يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ).

أيها الناس: المؤمن وهو يرى ويسمع أثر قضاء الله وقدره على العالم أجمع ، بما أنزل من مرض كورونا ، ليعلم علم يقين أن الأمر بيد الله وحده ، قال الله تعالى : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) فسبحان من خَضَعَتْ لَهُ الرِّقَابُ، وَذَلَّتْ لَهُ الْجَبَابِرَةُ، وَعَنَتْ لَهُ الْوُجُوهُ، وَقَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ وَدَانَتْ لَهُ الْخَلَائِقُ، وَتَوَاضَعَتْ لِعَظَمَةِ جَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ وَعُلُوِّهِ وَقُدْرَتِهِ الْأَشْيَاءُ، وَاسْتَكَانَتْ وَتَضَاءَلَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَحْتَ حُكْمِهِ وَقَهْرِهِ). (تفسير ابن كثير 2/44)

يا عبدالله  رعاك الله : كم مرة طرق أذنك خبر فيروس كورونا ومايتعلق به؟؟

مرات عديدة ، أليس كذلك؟  تُرى  هل أذنك هي التي قال الله عنها : ( وتعيها أذن واعية) ؟؟

الأذن الواعية التي تفهم وتعي وتدرك ماتسمع، الأذن الواعية التي ألقت السمع للأحداث والأخبار ، فزادها ذلك عبرة وعظة ، وتذكرا واستكانة وتضرعا ، وزادها تعظيما لله وقربا منه وحبا له ورجاء له وخوفا منه ، أذن واعية تنتفع بما تسمع  وفق قوله تعالى : ( إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون).

عباد الله : المصيبة حينما تكون الأذن غير واعية ، تتكرر عليها أخبار المصائب والابتلاءات ، ولا يزيدها ذلك إلا إعراضا وإصرارا على المعصية ، قال الله جل ثناؤه :( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ).

قال النعمان بن بشير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :( إِنَّ الْهَلَكَةَ كُلَّ الهلكة أن تُعمل السيئات فِي زَمَانِ الْبَلَاءِ).

إن من يستمع ولايعتبر فقد شبهه الله بالبهيمة قال الله جل وعز : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا).

ومن لم يتعظ ويعتبر شُبه بالبعير ، فقد أخرج أبوداود عن عامر مرفوعا : (إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَصَابَهُ السَّقَمُ، ثُمَّ أَعْفَاهُ اللَّهُ مِنْهُ، كَانَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ، وَمَوْعِظَةً لَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ إِذَا مَرِضَ ثُمَّ أُعْفِيَ كَانَ كَالْبَعِيرِ، عَقَلَهُ أَهْلُهُ، ثُمَّ أَرْسَلُوهُ فَلَمْ يَدْرِ لِمَ عَقَلُوهُ، وَلَمْ يَدْرِ لِمَ أَرْسَلُوهُ).

اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من شرِّ الأوبئة والأمراض.

عباد الله قلت ماسمعتموه ، وأستغفر الله فاستغفروه.

2- الحمد لله حق حمده ، والصلاة والسلام على محمد نبيه وعبده                            أما بعد

            فإن المحافظة ياعباد الله على النفوس ، من أعظم مقاصد شريعة الإسلام ، ومما يحقق ذلك ما نراه من إجراءات احترازية تقوم بها الجهات والوزارات المختصة ، كل ذلك من أجل المحافظة على الأرواح بمنع أسباب الإصابة أو انتشار فيروس كورونا.

وما فعل تلك الإحترازات إلا من عمل الأسباب التي هي من كمال التوكل على الله تعالى؛ ولذا فالمؤمن لايجزع ولايخاف بل يوقن أنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله .

 ماقضى الله كائن لامحالة **   والشقي الجهول من لام حاله

عباد الله : لتكن مثل هذه الأحداث بابا لنا للإقبال على الله ، وإصلاح أحوالنا، وتدارك ما بقي من أعمارنا ، يقول الله جل وعلا : (  أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) . يقيننا أن هذا المر ض كورونا ابتلاء واختبار ألم يقل ربنا جل ثناؤه : (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).               اللهم ياحي ياقيوم ادفع عنا الغلاء والوباء ...

اللهم رب الناس أذهب البأس عن مرضانا واشفهم شفاء لايغادر سقما...

المرفقات

خطبة-أذن-واعية

خطبة-أذن-واعية

المشاهدات 1018 | التعليقات 0