أذكار الصباح والمساء مع شكر بمناسبة نجاح الحج.

أذكار الصباح والمساء
مع شكر بمناسبة نجاح الحج
خطبة جمعة.
الحمد لله الذي بذكره تنشرح الصدور وبفضله تتم الصالحات وبجوده تزيد الخيرات وبلطفه تستدفع البليات.
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَه، أَمَرَ عِبادَه بذِكرِهِ بُكرَةً وأَصيلاً؛ وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ أَرسلَهُ ربُّهُ إلى العالمينَ بَشِيراً ونَذِيراً؛ ودَاعِياً إلى اللهِ بإذنِهِ وسِراجاً مُنيراً؛ صلى اللهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وصَحبِهِ وسَلَّمَ تَسليماً كثيراً، أمَّا بعدُ:
عباد الله ألا ترون إلى كثرة الشرور ألا ترون إلى كثرة الفتن ألا ترون على عظيم النعم التي نعيشها
ألا يود الواحد منكم أن يحفظ الله عليه هذه النعم وأن يدفع عنه النقم وأن يعافيه في دينه وأهله وماله؟
كلنا والله يود ذلك..
ومن رحمة الله أن يسر لنا ذلك وسهله. فقط دقائق يسيرة في بداية اليوم ودقائق أخرى في منتصف اليوم
تذكر فيه الله بأذكار مخصوصة معروفة مباركة تسمى أذكار الصباح والمساء والله لو حافظت عليها لوجدت العافية في دينك والقوة في بدنك والإنجاز في عملك والبركة في وقتك لاسيما إذا أضفت معها وردٌ قرآني يومي تنجزه معها.
عباد الله
أَذكَارُ الصَّباحِ والمساءِ: هِي مجموعةُ أَذكارٍ وأَحرَازٍ، يُكرِّرهَا المُسلِمُ كلَّ صباحٍ ومساءٍ، تُحَصِّنُهُ وتَحفَظُهُ - بإذنِ اللهِ - في يَومِهِ ولَيلَتِهِ مِن كلِّ أَذىً، وتَعصِمُهُ مِن كُلِّ مَا يَكرَهُ.
كمَا تُعطِي المسلمَ القوَّةَ ليقُومَ بأعمالِ يومهِ، بكُلِّ رَاحةٍ وأَمانٍ، لأنَّه توكَّلَ علَى الحيِّ القَيومِ، وآوَى إلى رُكنٍ شَدِيدٍ، وبَدأَ يَومَهُ وأَنهَاهُ بذِكرِ اللهِ سبحانهُ وتعَالى.
فعَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللهَ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ. كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ الله» رواهُ التِّرمذيُّ وصحَّحهُ الألبانيُّ.
وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ، يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وتَنَحَّى عنهُ الشَّيَطان فَيَقُولُ لشَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ» رواه أبو داودَ وصحَّحه الألبانيُّ.
وسُئِلَ الإِمامُ ابنُ الصَّلاحِ - رحمهُ اللهُ - عن القَدْرِ الذي يَصِيرُ بهِ مِنَ الذَّاكرينَ اللهَ كثيرًا والذَّاكراتِ، فقَالَ: إذا وَاظبَ على الأَذكارِ المأثورةِ الْمُثْبَتَةِ صباحًا ومساءً في الأَوقاتِ والأَحوَالِ المختلفةِ ليلاً ونهارًا كانَ مِنَ الذَّاكرينَ اللهَ كَثيرًا والذَّاكراتِ. اهـ.
ويقولُ العلامةُ ابنُ عُثيمينَ رحمهُ اللهُ: أَذكَارُ الصَّباحِ والمسَاءِ أَشَدُّ مِن سُورِ يَأجوجَ ومَأجُوجَ في التَّحصُّنِ لِمَنْ قالَهَا بحضُورِ قَلبٍ. اهـ
عبادَ اللهِ: ويَبدَأُ وَقتُ أَذكارِ الصَّباحِ والمساءِ مِن طُلُوعِ الفَجرِ إلى شُروقِ الشَّمسِ، وأَذكارِ المسَاءِ مِن صلاةِ العَصرِ إلى غُروبِ الشَّمسِ، وهذَا قولُ الأكثرينَ، وهو اختيارُ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّة وتلميذِه ابنِ القيِّمِ، وابنِ بازٍ وابنِ عُثيمين رحمهم الله.
ومَن نَسِيَ أنْ يقولَ الأذكارَ في وَقتِهَا أَو نَامَ عَنهَا فلْيَقُلْهَا متَى تَذَكَّرَ.
قال العلامةُ محمدُ بنُ عُثيمين رحمه الله: (وأمَّا قَضاؤُهَا إذا نُسِيَتْ فأَرجُو أَن يَكُونَ مَأجُورًا عَليهِ).
والسُّنةُ - يا عبادَ الله ِ- أنْ يَأتِيَ بهَا مُنفَرِدًا، خافضاً بهَا صَوتَهُ فلا يُشرَعُ ذِكرُهَا معَ الإمامِ أوْ جَماعةِ المسجدِ أو غَيرِ ذَلك؛ فلو كانَ ذلكَ خيرًا لَدَلَّنَا عليهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
عباد الله إن أهم أذكار الصباح والمساء قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين فوالله إن ذلك حرز عظيم بالإضافة إلى الأذكار الصحيحة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد تيسر بفضل الله الوصول لأذكار الصباح والمساء فها هي الجوالات التي بأيدينا بضغطة واحدة يصل الواحد منا إلى الأذكار والأدعية وجميل كذلك لو وضعنا منبه لتذكيرنا بها لاسيما مع أهميتها وعظيم أثرها إي والله.
عباد الله! جاء في فَتاوَى اللجنةِ الدائمةِ للإفتاءِ: ما نصه (أمَّا الأدعيةُ والأذكارُ المأثورةُ: فالأصلُ فيها التَّوقِيفُ مِن جِهةِ الصِّيغةِ والعددِ؛ فينبغِي للمسلمِ أنْ يُراعِي ذلكَ، ويُحافظَ عليهِ، فلا يَزيدُ في العددِ المحدَّدِ، ولا في الصيغةِ، ولا يَنقُصُ مِن ذلكَ، ولا يُحَرِّفُ فيهِ). انتهى.
وفي خُصوصِ الأذكارِ فلا حَرجَ في عَدمِ تَرتيبِ قِراءَتِهَا، أو قَطعِهَا ببعضِ الأعمالِ؛ لعدمِ وُرودِ نَصٍّ عنِ النَّبي صلى اللهُ عليه وسلم.
ومِن المهمِّ عباد الله أنْ نُعوِّدَ أولادَنا وأهلَنا هذه الأذكارَ، والمواظبةَ عليها في وقتِها، فإنْ كانوا صِغارًا نُعوِّذُهم نحنُ، وإنْ كانوا كبارًا شجَّعناهم على ذلك، وعلَّمناهم أهميةَ التَّحصُّن بها، ورغَّبناهم بحفظِها، والعملِ بها، وبيَّنا لهم معانيها وأثرها، ونُخصِّصُ لهم المكافآت على ذلك، ولو وضعنا لهم مسابقاتٍ فيما بينهم في حفظِها، والاستمرارِ عليها، ونحوِ ذلك لأجلِ أنْ تكونَ لديهم عادةً يوميَّةً.
اللهمَّ اجعلْنا لكَ ذَاكِرينَ، لكَ شَاكِرينَ، لكَ مُنِيبينَ، لكَ مُخبِتينَ، لكَ رَاغِبينَ، لكَ رَاهبينَ. يا ربَّ العالمينَ.
باركَ اللهُ لي ولكُم في الكتابِ والسُّنةِ ونَفعَنَا بما فيهما مِنَ الآياتِ والحكمةِ واستغفِروا ربَّكُم إنَّه كانَ غَفورًا رَحيمًا.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ وسبحانَ اللهِ ولا إله إلا اللهُ واللهُ أكبرُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، أشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ الحليمُ الكريمُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عَبدُ اللهِ ورسولُهُ صلى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِهِ وأزواجِهِ وخُلفائِهِ وأَتباعِهِ إلى يَومِ الدِّينِ، أما بعدُ:
عباد الله
من النعم العظيمة التي ينبغي علينا أن نشكرها ما يسر الله من نجاح حج هذا العام وعودة الحجاج إلى أهليهم سالمين غانمين؛ ونحن إذا نشكر الله أولا وآخرا على ذلك الفضل العظيم، لنشكر كذلك من جعلهم الله سببا في نجاح هذا الحج بداية من خادم الحرمين وولي عهده إلى جميع العاملين بالقطاعات كلها جزاهم الله خيرا وأعظم أجرهم وتقبل سعيهم.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
أدام الله على بلادنا وعلى ولاة أمرنا شرف خدمة الحرمين الشريفين وزاد الله هذه البلاد قوة وأمانا واستقرارا ورخاءً
اللهم آمين يا رب العالمين.
عباد الله!
وإن من النعم التي يحفظنا الله بها ويحفظ بلادنا ويكفينا الشرور بإذنه عز وجل؛ نعمة أذكار الصباح والمساء.
فأيهَا الكِرامُ: هذه الأذكارُ التي لا تَستغرِقُ وقتًا طويلًا، أَداؤهَا لا يحتاجُ لأكثرَ مِن دَقائِقَ مَعدودةٍ، لكنَّ فَوائدَهَا وآثارَهَا عَظيمةٌ، فهي تُعلِّقُ العَبدَ المسلمَ وتُقرِّبُه لمولاهُ وتُقوِّي إيمانَه وتَغفِرُ ذنُوبَهُ وتَزيدُ مِن حَسناتِهِ وتُنَوِّرُ بَصيرَتَه وتَجعلُهُ حَافظًا لعَهدِ رَبِّهِ مُخبِتًا لَه مُنِيباً إليهِ.
بالإضافةِ إلى أنَّهَا تَحفَظُ المسلمَ مِن شَرِّ مَا خُلِقَ مِن الجِنِّ والنَّاسِ وتَحميهِ ممَّا يَضُرُّهُ.
تَأمَّلوا -أيها الإخوةُ- في كَثيٍر مِن نُصُوصِ هذه الأذكارِ تَجدُونَ أنَّها تَنُصُّ على أنَّ قَائلهَا يُحفَظُ ويُعانُ، كقولِهِ صلى الله عليه وسلم: "حُفِظَ يَومَهُ ذلكَ كُلَّهُ". أو كقولِهِ: "لَمْ يَضُرَّه شيءٌ". أو كقولِهِ: "تَكفِيكَ مِن كلِّ شَيءٍ". أو كقولِهِ: "مَن قرَأ بالآيتينِ الأخيرتينِ مِن سُورةِ البَقرةِ في ليلةٍ، كَفَتَاهُ".
كُلُّها أَحاديثٌ صَحَّ بها الخبرُ عَن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إنَّه وَعدٌ مِنَ اللهِ جَلَّ وعَلا، بلسانِ أَصدَقِ الخَلْقِ محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.
إذَا تَأمَّلْنَا - أيها الإخوةُ - في قَولِه صلى الله عليه وسلم: "تَكفِيكَ مِن كُلِّ شَيءٍ، أو لَم يَضُرَّهُ شَيءٌ"، فهذه ألفاظٌ عَامَّةٌ، يَعنِي بها: أنَّها تَحفَظُ المُسلِمَ مِن شَرِّ وأذى كلُ مَا خَلقَ مِن الجِنِّ والإنسِ، فيكفِيكَ سبحانَه مِن كلِّ شَيء يَخطُرُ على بالِكَ مِن هُمومٍ نَفسِيَّةٍ، أو أَخطارٍ بَدنيَّةٍ، أو حَوادِثَ كَونيَّةٍ، أَو غيرَ ذلكَ مما يَهتمُّ له الإنسانُ، ويَخشاهُ ويَخافُهُ، فأنتَ لجأتَ إلى القُوةِ العُظمَى، لجأتَ إلى الله جَلَّ وعَلا، فإذا كانَ اللهُ لا يُعجِزُهُ حِفظُ السماواتِ والأرضِ، فهل يُعجِزُهُ حِفظُ عِبادِهِ الصّالحينَ المتقينَ؟ وهل يُعجِزُهُ مَنِ التَجَأَ إليهِ؟!
عبدَ اللهِ:
 إذا وجدتَ مِن نفسِكَ محافظةً على الأذكارِ، خُصوصاً أذكارَ طَرَفِي النهارِ فاعْلَمْ أنَّ هذا فَتْحٌ مِنَ اللهِ عَليكَ، خيرٌ لك واللهِ مِن كُنوزِ الدنيا؛ فحَافِظْ عليهِ والْزَمْهُ، وإنْ كُنتَ مُقصِّراً أو مُفرِّطاً، فاعْلَمْ أنَّ ذلك نوع مِنَ الحِرمانِ، ينبغِي أنْ تُراجِعَ فيهِ نَفسَكَ، وأَنْ تَتلمَّسَ الأَسبابَ التي أدَّتْ بِكَ إلى ذلكَ، وصَحِّحِ المسَارِ، إلى أَنْ تَجعلَ هذِهِ العِبادةَ جُزءًا مُهِمًّا مِن يَومِكَ ولَيلَتِكَ.
اللهمَّ أَعِنَّا علَى ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسنِ عِبادَتِكَ.
صَلُّوا وسَلِّمُوا علَى مَن أُمِرْتُمْ بالصلاةِ والسلامِ عليهِ..
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين.
اللهم احفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين
اللهم وفق ولي أمرنا لكل خير
اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا
اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وطوراق الليل والنهار
اللهم احفظ طلابنا وطالباتنا في إجازتهم واجعلهم يستثمرونها بكل خير يعود عليهم في الدنيا والآخرة وأعذنا وإياهم من ضياع أوقاتنا فيما لا ينفعنا.
اللهم وفقنا للمداومة على أذكار الصباح والمساء واجعلنا ممن رزقتهم الصحة والعافية وطول العمر على الطاعة وأهلينا وأحبابنا والمسلمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وأقم الصلاة.
 
 
 
 
المرفقات

1718901860_أذكار_الصباح_والمساء_مع_شكر_بمناسبة_نجاح_الحج.docx

المشاهدات 505 | التعليقات 0