أخي . . يا أيها الخطيب الرباني ( 2/4 )

رشيد بن ابراهيم بوعافية
1435/01/21 - 2013/11/24 07:55AM
[font="] أخي الحبيب .. يا أيها الخطيب الرباني ( 2/4 )[/font]
[font="] التأليف ركيزةُ النجاحِ في التعريف والتكليف . . ! [/font]:)

أقربُ اللغاتِ إلى نفسِ الإنسانِ لغةُ المشاعرِ و الأحاسيس ، هي التي تحتوي الإنسانَ وتؤثّرُ فيه ، و ترسُمُ شخصيّته وتوجّهاتِهِ و مواقِفَه في الحياة ، بل و تؤثّرُ على طريقةِ تلقّيهِ وتفاعله و عطائِهِ بعد ذلك ، فإن كانت إيجابيّةً محفّزَةً قائمةً على الحُبّ والحنان و الدّفء و العطف ؛ أثّرت في تلقّيهِ وعطائِه على السّواء ، وجعلتهُ يَقْبَلُ التعليمَ و التعريف ، ويُقبِلُ على التكاليف بكلّ سلاسةٍ و انقياد ، وإن كانت سلبيّةً منفّرَةً قائمةً على العنفِ و البُغض و الشدّةِ والجفاء ؛ أثّرت في تلقّيهِ وعطائِه على السّواء أيضًا ، فجعلتهُ يرفُضُ التعليمَ و التعريف ، ولو ظهرت براهينُه ، و يتمرّدُ على الشرائعِ والتكاليف ، كلُّ ذلك بسبب لغة المشاعر والأحاسيس ! .

في يوم من الأيام أخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيد معاذ بن جبل رضي الله عنه وأوصاه وقال :"يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك "، فقال : " أوصيك يا معاذ لا تَدَعَنَّ في دبر كل صلاة تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" فما تركهن معاذُ رضي الله عنه ! (صحيح : سنن أبي داود 1522 ) .

فانظر إلى كلمات المودّة والحنان منه صلى الله عليه وسلم كيف تبِعَها التعريف فجاءت ثمرَةُ الثباتِ على التكاليف ! .

اجعل أخي الحبيب هذا قاعدةَ ارتكازٍ بالنّسبة إليك في الخطب والدُّروس و التواصل و التعامل تؤثّر في القلوب و العقول وتحتويها ! .

أخي الحبيب . . يا أيها الخطيب الربّاني :

تأكّد : ليست المعلومات وحدها ولا الأفكارُ هي ما يحتاجُهُ الناس منك ، يوجدُ منها اليومَ ما لا حصرَ له ولا نظير ؛ إنّ النّاسَ أخي الحبيب يحتاجون صدرًا دافئًا يؤلّفُهم قبل أن يعرّفَهم و قبل أن يكلّفَهُم ، يحتاجونَ قلبًا كبيرًا يهرعُون إليهِ في زمنِ فقرِ المشاعِر وجدبِ الأحاسيس ؛ فماذا عليكَ لو جعلتَ خطابَكَ رحمةً مهداةً تأوي إليها القلوبُ المتعَبَة ، والنفوسُ المرهقَة ، والأفكارُ المشوّشة . . في هذا الزّمن الصّعب !

أخي الحبيب . . يا أيها الخطيب الربّاني :

رسالتك السّامية : تحتاج إلى تفعيلِ لغة الحُبّ والحنان . . إلى البسمة الحانية الدّائمة. . والنظرةِ الصادقة النقيّة . . تحتاج إلى إظهار الاهتمام والرعاية . . جرّب و سوف تُدركُ أنَّها أرسخُ من تلقينِ شهر . . ومن صُراخِ دَهر . . ! ، افعل و سوف ترى كيف تنفتحُ لكَ مغاليق القلوب . .كيف تلينُ القلوبُ القاسية . . و تستقيم الجوارح العاصية . . !

جرّب المدخلَ العاطفيّ الإيجابيّ الصادق حتّى مع الخَصم ، وانظُر كيفَ يصيرُ كتابًا مفتوحًا بين يديك ، يستسلمُ بطوع ، و ينقادُ بقناعة ، جرّب و انظر كيف يتركُ هذا الأسلوبُ في نفسِهِ أحسنَ الآثار ، و أجملَ الذكريات . . !

إنّ بضاعةَ الحقٍّ والخير التي عندَك قد تُقنِع الطرفَ الآخرَ ولكنّها لا تغريهِ بقَبُولِها أبدًا ، ولا يكونُ مجرّد ذلكَ كافياً لالتزامِهِ بالحقّ و الخير ؛ بل يحتاج لبعض المعِينَات التي تسهِّل عليه قبول الحق وتيسِّر له العمل به ، إنّها باختصار : ما تغرسُهُ أنت في نفسِهِ من مشاعرِ التواصُلِ و المعاملة ، فإن كانت إيجابيّةً محفّزَةً ؛ أثّرت في تلقّيهِ وعطائِه على السّواء ، وجعلتهُ يَقْبَلُ التعريف ، ويُقبِلُ على التكاليف ، وإن كانت سلبيّةً منفّرَةً ؛ أثّرت في تلقّيهِ وعطائِه على السّواء أيضًا ، فجعلتهُ يرفُضُ التعريف ، و يتمرّدُ على الحقائقِ والتكاليف ، والسببُ في الجهتين منهجكَ في التواصُل والتعامل . . !
فيا ربّ يسّر و أعِن يا معين !
المشاهدات 2136 | التعليقات 1

ما أجملها من كلمات وما أروعها من دعوات فيا ليت دعاتنا يدركون وياليت خطباءنا يحسنون ليختصروا طريق الدعوة والتربية فيسلكوا أقرب الطرق وأسهلها ليروا أحسن النتائج وأصفاها.


جزيت الجنة شيخ رشيد