أحوال أهل الكبائر في المقابر 1443/1/11هـ

يوسف العوض
1443/01/10 - 2021/08/18 03:26AM

الخطبة الأولى

 
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ  وَنَسْتَعِينُه ، وَنَسْتَغْفِرُه  وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا  وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا  مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ  وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ  وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ  وَأَشْهَدُ أَنَّ محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  وصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ .

أيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : كانَ النَّبِيُّ ﷺ يَكْثُرُ السُّؤَالَ عَنْ الرُّؤْيَا وَيَهْتَمُّ بِهَا لِأَنَّ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ ، وَالرُّؤْيَا قَدْ يَكُونُ فِيهَا إخْبَارٌ عَنْ غَيبٍ مُسْتَقْبِلِي ، أَوْ تَحْذِيرٍ مِنْ شَيْءٍ ، وَإِذَا كَانَتْ مِنْ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ صَادِقٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ أَصْدَقِ مَا يَكُونُ ، كَمَا أَنَّهُ ﷺ بَيَّنَ أَنَّ أصدقَهم رُؤْيَا أصدقُهم حديثًا ، وَرُبَّمَا تَقَعُ بِالضَّبْط كَمَا رَأَى، وَكَان ﷺ يُؤَوَّل لَهُم الرُّؤْيَا ويُفَسِّرْهَا لَهُم وَمِنْهَا هَذِهِ الرُّؤْيَا الخَطيرةُ المخيفةُ وَاَلَّتِي تَتَحَدّثُ عَنْ أَحْوَالِ الْمُعَذَّبِينَ فِي عَالَمِ الْبَرْزَخ -المقابر- بِسَبَبِ الْكَبَائِر وَاَلَّتِي فِيهَا وَعِيدٌ أو عقابٌ فِي الدُّنْيَا أَوْ الْآخِرَةِ وَاَلَّتِي تَجِبُ فِيهَا تَوْبَةٌ خَاصَّةٌ لِكُلٍّ مِنْهَا بِخِلَافِ الصَّغَائِر، فَدَعَوْنَا نَغوصُ فِي عُمْقِ الرُّؤْيَا ونَتعرَّفُ عَلَى تَفْسِيرِهَا عبادَ اللهِ . 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : جاءَ من حديثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْفَزَارِيُّ قَالَ :(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ : هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا ؟ قَالَ : فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ ، قَالَ : وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ : إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ  وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي : انْطَلِقْ ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي عَلَيْهِ بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ ، فَيَثْلَغُ بِهَا رَأْسَهُ ، فَيَتَدَهْدَا الْحَجَرُ هَاهُنَا ، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ يَأْخُذُهُ ، فَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى ، قَالَ : قُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ ؟ قَالَا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرَيْهِ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنَيْهِ إِلَى قَفَاهُ ، قَالَ : ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الْأَوَّلِ ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ الْأَوَّلُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِهِ الْمَرَّةَ الْأُولَى ، قَالَ : قُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ ؟ قَالَا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا ، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، قَالَ عَوْفٌ : وَأَحْسَبُ أَنَّهُ قَالَ : وَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، قَالَ : فَاطَّلَعْتُ ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهِيبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا ، قَالَ : قُلْتُ : مَا هَؤُلَاءِ ؟ قَالَا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْتُ فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ ، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ : أَحْمَرَ ، مِثْلِ الدَّمِ ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ يَسْبَحُ ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ جَمَعَ الْحِجَارَةَ ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ ، فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا حَجَرًا قَالَ : فَيَنْطَلِقُ فَيَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ وَأَلْقَمَهُ حَجَرًا ، قَالَ : قُلْتُ : مَا هَذَا ؟ ، قَالَ : قَالَا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ ، كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً ، فَإِذَا هُوَ عِنْدَ نَارٍ لَهُ يَحُشُّهَا ، وَيَسْعَى حَوْلَهَا ، قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَذَا ؟ قَالَا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ فَانْطَلَقْتُ فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْشِبَةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ ، قَالَ : وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ قَائِمٌ طَوِيلٌ ، لَا أَكَادُ أَنْ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ وَأَحْسَنِهِ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَذَا وَمَا هَؤُلَاءِ ؟ قَالَا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْتُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى دَوْحَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ دَوْحَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا ، وَلَا أَحْسَنَ ، قَالَ : فَقَالَا لِي : ارْقَ فِيهَا ، فَارْتَقَيْنَا فِيهَا ، فَانْتَهَينَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنٍ ذَهَبٍ ، وَلَبِنٍ فِضَّةٍ ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ ، فَاسْتَفْتَحْنَا ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَدَخَلْنَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ ، قَالَ : فَقَالَا لَهُمْ : اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ ، فَإِذَا نَهَرٌ صَغِيرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّمَا هُوَ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ ، قَالَ : فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا ، وَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ ، وَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ، قَالَ : فَقَالَا لِي : هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ ، وَهَاذَاكَ مَنْزِلُكَ ، قَالَ : فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا ، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ ، قَالَا لِي : هَاذَاكَ مَنْزِلُكَ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ، ذَرَانِي فَلَأَدْخُلُهُ ، قَالَ : قَالَا لِي : أَمَّا الْآنَ فَلَا ، وَأَنْتَ دَاخِلُهُ ، قَالَ : فَإِنِّي رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ ؟ قَالَ : قَالَا لِي : أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ : أَمَّا الرَّجُلُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنَاهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرَاهُ إِلَى قَفَاهُ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ ، فَيَكْذِبُ الْكَذِبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي بِنَاءٍ مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ ، وَيُلْقَمُ الْحِجَارَةَ ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا ، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي رَأَيْتَ فِي الرَّوْضَةِ ، فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ ، فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ ، قَالَ : فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ ، وَأَمَّا الْقَوْمُ   الَّذِينَ كَانَ شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا ، وَشَطْرٌ قَبِيحًا ، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا ، وَآخَرَ سَيِّئًا ، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ)). 
 

الخطبة الثانية 


الْحَمْدُ لِلَّهِ حمداً طيباً كثيراً مباركاً فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ  وبعد وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ اهْتَدَى بهداهم إلَى يَوْمِ الدِّينِ  .

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : من فوائدِ الحديثِ مايلي :

أولاً : الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ رَبِيعُ الْمُؤْمِن ، وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى المنزَّلُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِقَارِئِه فَضْلٌ عَظِيمٌ ، ولحافظه أَجْرٌ جَزِيلٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، ثِمارُه عَاجلةٌ وَآجلةٌ ، وَيَكْفِي أَنَّ لِقَارِئِه بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ ، وَأَنَّه يَشْفَعُ لِصَاحِبِه يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يَجْتَمِعُ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ مَعَ لَهْوٍ وَعَبَثٍ ، وطاردٌ لشَّيَاطِين الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ، فَاَلَّذِي يُضَيِّعُه أَوْ لَا يُبَالِي فِيه ، أَو يَهْجُرُه وَلَا يَعْمَلُ بِهِ ، يُعَاقَبُ بِتِلْك الْعُقُوبَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْحَدِيثِ ، وَكَذَا ذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي يَنَامُ عَنْ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ مُتَعَمِّدًا ، فَيُؤَثرُ نَوْمَه وَرَاحَتَه وَمَتَّعَةَ جَسَدِه ، وَيَتَّصِفُ بِصِفَاتِ الْمُنَافِقِين ، يَسْتَحِقُّ تِلْكَ الْعُقُوبَةَ أَيْضًا .

ثانياً : مِنْ خِصَالِ الْمُؤْمِن الصِّدْقُ ، وَالصِّدْقُ يَكُونُ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ ، وَالصِّدْقُ يَكُونُ أَيْضًا مَعَ اللَّهِ وَمَعَ النَّاس ، وَنَتِيجَتُه أَنْ يَهْدِي إلَى الْبَرِّ ، وَالْبِرُّ يَهْدِي إلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ، وَخِلَافُ ذَلِكَ الْكَذِبُ ، وَصَاحِبُه يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ الْعَاجِلَةَ وَالْآجِلَةَ .

ثالثاً : مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ التَّنْفِيرَ الشَّدِيدَ مَنْ تِلْكَ الجَرِيمَةِ البشعةِ : جَرِيمَةِ الزِّنَا ، الَّتِي حَرَمَهَا الشَّرْعُ الْمُطَهَّرُ تَحْرِيمًا قَطْعِيًّا ، وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا ، وَهِيَ الْحَدُّ ، وَالْعُقُوبَةَ فِي الْآخِرَةِ ، وَهِي الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ، لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ آثَارٍ خَطِيرَةٍ عَلَى الْفَرْدِ نَفْسِه ، وَالْمُجْتَمَعِ بِأَسْرِه ، مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ ، وانهيارِ الْأَخْلَاقِ ، وَهَتْكِ الْأَعْراضِ ، وَغَيْرِهَا .

رابعاً : الْمَالُ فِي الْإِسْلَامِ لَهُ حُرْمَةٌ عَظِيمَةٌ ، يَسِيرٍ فِيهِ الْمُسْلِمُ عَلَى مَنْهَجٍ ثَابِتٍ مَعْلُومِ ، حَدَّدَه الْإِسْلَامُ ، وَبيَّن ضوابطَه ، فِي مَوَارِدِه وَمَصَارِفِه ، فالحلالُ بَيَّن ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ ، وَجَعَلَ أصْلَ التَّعَامُلِ حَلَالًا إلَّا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى حُرْمَتِهِ ، وَمَن أَبْشَعِ مَا حَرَّمَ مَا أَعْلَنَ اللهُ تَعَالَى الحربَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ وَهُو التَّعَامُلُ بِالرِّبَا ، فَالْمُتعاملُ فِيه مُحَارِبٌ لِلَّهِ تَعَالَى ورسولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأكْلٌ لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ ، فَالرِّبَا نَفْعٌ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ ، وَكَسْبٌ بِدُون جُهدٍ ، وَضَيَاعٌ لِلْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ ، فَصَاحِبُه يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

المشاهدات 1197 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا