أحكام ومسائل المسح على الخفين والكنادر والجبيرة (20/2/1436هـ )
أحمد بن ناصر الطيار
1436/02/19 - 2014/12/11 11:08AM
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد .. فاتقوا الله عباد الله, واعلموا أنّ مِن نعم الله على العبد: الفقهَ في الدين, قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». متفق عليه
قال العلامة ابن باز رحمه الله -معلقا على هذا الحديث-: فعلاماتُ السعادة والخير أن يُفَقَّهَ العبدُ في دين الله، وأن يَتَبَصَّرَ في أمر الله؛ هذه علامةٌ بأن الله أراد به خيراً، أما الإعراض والجهل والغفلة، وعدمُ العناية بأمر الدين؛ فهذه علامةٌ ظاهرة على أن الله ما أراد بالعبد خيراً، فينبغي للمؤمن أن يحذر هذا الْخُلُقَ، وهو خلقُ الإعراض والرضا بالجهل، وعليه أن يتعلم ويتفقه ويحضرَ حلقاتِ العلم، ويسألَ عما أشكل عليه. ا.ه
ومن أهمّ أبواب العلم والفقه: ما يتعلق بالمسح على الخفين؛ حيث إنه يترتب عليه صحّةُ الصلاةِ أو بُطلانُها. وهو من الأبواب التي يكثر الجهل بها، ويعظم السؤال عنها.
وإن هذا الدين العظيم: مبنيٌّ على الرحمة واليُسر والتخفيف, وقد نصّ تعالى على ذلك حينما خفّف على عباده, وأمرهم بالتيمم إذا كان في الوُضُوءِ أو الغسل مَشقّةٌ عليهم, فقال في آخر الآية مُبينًا الْحِكْمَةَ من ذلك: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
فربنا تبارك وتعالى لا يُريد مِن فرض الواجبات علينا المشقةَ والعَنَتَ, بل سهل ويسَّر علينا ولم يعسِّر، فأباح التيمم عند المرض وعند فَقْدِ الماء، توسعةً علينا ورحمة بنا, لعلنا نشكرُه سبحانه على نعمِه علينا, فيما شرعه لنا من التوسعة والرأفة والرحمة, والتسهيل والسماحة.
ومن التخفيف علينا: المسحُ على الخفين ونحوِهما.
واعلموا - معاشر المسلمين-: أنّ المقيمَ يمسح يومًا وليلة, والمسافرَ يمسح ثلاثة أيام بلياليها. لما روى مسلمٌ عن عليٍّ رضي الله عنه قال: «جعل النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم للمقيم يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن».
وينبغي أن يُعلم, أنّ ابتداءَ مدة المسح يكون من المسح بعد الحدث, فلو أن رجلا توضَّأ لصلاة الفجر ولبس الخُفَّين، وبقي على طهارته إلى السَّاعة العاشرة ضُحى، ثم أحدث ولم يتوضَّأ، وتوضأ في السَّاعة الثانية عشرة، فَتَبْتَدِئُ الْمُدَّةُ من السَّاعة الثَّانية عشرة, إلى أن يأتي دورها من اليوم الثَّاني إِن كان مقيماً، ومن اليوم الرَّابع إن كان مسافراً.
فَمُدّةُ مسحِ المقيمِ أربعٌ وعشرون ساعةً، والمسافرِ اثنتان وسبعون ساعةً.
ولا يشترط للخف أو الجورب أن يكون ساترًا للقدم, سواءٌ كان ذلك من أجل صفائه أو خفَّته، فلو لبس خفًّا تَبِيْنُ القدمُ كلُّها مِن ورائه فلا بأس؛ لأنَّ محلَّ الفرض مستورٌ لا يمكن أنْ يصلَ إِليه الماء، وكونُه تُرى مِن ورائه البَشَرةُ لا يضرُّ، فليست هذه عورةٌ يجب سترها حتى نقول: إن ما يصف البَشَرةَ لا يصحُّ المسح عليه.
ويجوز المسح على الخف المخرَّق، مادام اسمه باقيا، والمشي فيه ممكنا. إلا أن يتخرق أكثرُه فلا يُمسحُ عليه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ومعلوم أنّ الخفافَ في العادةِ لا يخلو كثيرٌ منها عن فَتْقٍ أو خَرْقٍ, لاسيما مع تقادم عَهْدِها, وكان كثيرٌ من الصحابة فقراءَ لم يَكُنْ يُمْكِنْهُم تجديدُ ذلك, والعادةُ في الفتق اليسير في الثوب والخف أنه لا يُرَقَّعْ، وإنما يُرَقَّعُ الكثير، فلما أطْلَقَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم الأمر بالمسح على الخفاف, مع عِلْمِه بما هي عليه في العادة، ولم يَشْتَرِطْ أن تكون سليمةً من العيوب؛ وَجَبَ حمل أمره على الإطلاق، ولم يَجُزْ أن يُقَيَّدَ كلامُه إلا بدليل شرعي. ا.ه
واعلموا أنه يجوز المسح على العمامة ونحوِها, فقد روى البخاري عن عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ.
ولا يشترط للعمامة أن تُلبس على طهارة؛ لأن ظاهر السنة عدمُ اشتراط ذلك. ولا يُشترطُ لها توقيتٌ كتوقيت الخُفِّ؛ لأنه لم يثبت عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه وقَّتها.
وقد ثبت في الصحيحين , أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان في إحرامه ملبِّداً رأسَه.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: وهذا يدلُّ على أن طهارة الرَّأس فيها شيءٌ من التَّسهيل.
وعلى هذا؛ فلو لبَّدتِ المرأةُ رأسَها بالحِنَّاء جاز لها المسحُ عليه، ولا حاجة إلى أن تنقض رأسَها، وتَحُتُّ هذا الحِنَّاء.
وكذا لو شدَّت على رأسها حُليًّا ، جاز لها المسحُ عليه؛ لأننا إِذا جوَّزنا المسح على الخمار فهذا من باب أَوْلَى. ا.ه
عباد الله: وفيما يتعلق بالجُرحِ ونحوِه فلا يخلو من حالين: إِما أن يكون مكشوفاً أو مستوراً.
فإِن كان مكشوفاً فالواجبُ غسلُه بالماء، فإِن تعذَّر الغسل: فالمسحُ، فإِن تعذَّر المسحُ: فالتيمُّمُ، وهذا على الترتيب.
وإن كان مستوراً: فليس فيه إلا المسحُ فقط، فإِن أضره المسحُ مع كونه مستوراً، فيعدل إلى التيمُّم، كما لو كان مكشوفاً.
واعملوا أنه من مَسَحَ في السَفَرٍ ثم أقام، فإِنَّه يُتمُّ مسحَ مقيم إِن بقيَ من المدَّة شيءٌ، وإِن انتهت المدَّةُ خَلَعَ الجورب.
وعَكَسُ هذه المسألة: من مسح وهو مقيم في بلده ثم سافر، فإنه يتمُّ مسح مسافر.
ومثل هذه المسألة: إذا دخل عليه الوقت في بلده, ثم سافر فإنه يُصلِّي صلاة مسافر.
أما إذا دخل عليه الوقتُ وهو مسافر، ثم وصل بلده فإنه يُتمُّ. لأنه انقطع في حقه السفر.
أيها المسلمون: ومن المسائل التي يكثر السؤال عنها: لُبس الخُفّ على خفٍ آخر: وهي لا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يلبس الأعلى على الأسفل قبل الحدث, أو بعد الحدث لكنه توضأ ومسح الأسفل, فالحكم للأعلى ؛ لأنه يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين، وقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «فإني أدخلتهما طاهرتين».
وعلى هذا فلو توضأ ومسح على الجوارب، ثم لبس عليها جوارب أخرى أو «كنادر», ومسح العليا فلا بأس به ، ما دامت المدَّةُ باقيةً, لكنْ تُحسبُ المدةُ من المسح على الأول, لا من المسح على الثاني.
الحالة الثانية: أن يكون لُبْسُ الأعلى على الأسفل بعد الحدث, فالحكم للأسفل ، فلا يجوزُ أن يمسح على الأعلى؛ لأنه لبسه على غير طهارة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وبهدي سيدي المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ ومعصية، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه (صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه) وسلم تسليما كثيرا. أما بعد:
عباد الله: ولم يثبت الدليل الصحيح الصريح, على أنَّ خلع الخفين ونحوَهما تنتقض به الطهارة, قال شيخ الإسلام رحمه الله: ولا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ الماسح على الخف والعمامة بنزعهما, ولا يجب عليه مسح رأسه ولا غسل قدميه. ا.ه
ولأن نواقض الطهارة معروفة مُحَدَّدة, ليس منها خلع الخفين.
وإِذا تَمَّتْ مدَّةُ المسح, أي مَرَّ أربَعٌ وعشرون ساعةً من أول مسحٍ بعد حدث: فالراجح عند الْمُحققين, أنَّه إِذا تَمَّت المدَّةُ والإِنسان على طهارة، فلا يبطل وضوؤه. لعدم الدليل على ذلك.
نسأل الله تعالى أنْ يُفقهنا في دينه, ويَعُمَّنا برحمته, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.
أما بعد .. فاتقوا الله عباد الله, واعلموا أنّ مِن نعم الله على العبد: الفقهَ في الدين, قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». متفق عليه
قال العلامة ابن باز رحمه الله -معلقا على هذا الحديث-: فعلاماتُ السعادة والخير أن يُفَقَّهَ العبدُ في دين الله، وأن يَتَبَصَّرَ في أمر الله؛ هذه علامةٌ بأن الله أراد به خيراً، أما الإعراض والجهل والغفلة، وعدمُ العناية بأمر الدين؛ فهذه علامةٌ ظاهرة على أن الله ما أراد بالعبد خيراً، فينبغي للمؤمن أن يحذر هذا الْخُلُقَ، وهو خلقُ الإعراض والرضا بالجهل، وعليه أن يتعلم ويتفقه ويحضرَ حلقاتِ العلم، ويسألَ عما أشكل عليه. ا.ه
ومن أهمّ أبواب العلم والفقه: ما يتعلق بالمسح على الخفين؛ حيث إنه يترتب عليه صحّةُ الصلاةِ أو بُطلانُها. وهو من الأبواب التي يكثر الجهل بها، ويعظم السؤال عنها.
وإن هذا الدين العظيم: مبنيٌّ على الرحمة واليُسر والتخفيف, وقد نصّ تعالى على ذلك حينما خفّف على عباده, وأمرهم بالتيمم إذا كان في الوُضُوءِ أو الغسل مَشقّةٌ عليهم, فقال في آخر الآية مُبينًا الْحِكْمَةَ من ذلك: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
فربنا تبارك وتعالى لا يُريد مِن فرض الواجبات علينا المشقةَ والعَنَتَ, بل سهل ويسَّر علينا ولم يعسِّر، فأباح التيمم عند المرض وعند فَقْدِ الماء، توسعةً علينا ورحمة بنا, لعلنا نشكرُه سبحانه على نعمِه علينا, فيما شرعه لنا من التوسعة والرأفة والرحمة, والتسهيل والسماحة.
ومن التخفيف علينا: المسحُ على الخفين ونحوِهما.
واعلموا - معاشر المسلمين-: أنّ المقيمَ يمسح يومًا وليلة, والمسافرَ يمسح ثلاثة أيام بلياليها. لما روى مسلمٌ عن عليٍّ رضي الله عنه قال: «جعل النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم للمقيم يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن».
وينبغي أن يُعلم, أنّ ابتداءَ مدة المسح يكون من المسح بعد الحدث, فلو أن رجلا توضَّأ لصلاة الفجر ولبس الخُفَّين، وبقي على طهارته إلى السَّاعة العاشرة ضُحى، ثم أحدث ولم يتوضَّأ، وتوضأ في السَّاعة الثانية عشرة، فَتَبْتَدِئُ الْمُدَّةُ من السَّاعة الثَّانية عشرة, إلى أن يأتي دورها من اليوم الثَّاني إِن كان مقيماً، ومن اليوم الرَّابع إن كان مسافراً.
فَمُدّةُ مسحِ المقيمِ أربعٌ وعشرون ساعةً، والمسافرِ اثنتان وسبعون ساعةً.
ولا يشترط للخف أو الجورب أن يكون ساترًا للقدم, سواءٌ كان ذلك من أجل صفائه أو خفَّته، فلو لبس خفًّا تَبِيْنُ القدمُ كلُّها مِن ورائه فلا بأس؛ لأنَّ محلَّ الفرض مستورٌ لا يمكن أنْ يصلَ إِليه الماء، وكونُه تُرى مِن ورائه البَشَرةُ لا يضرُّ، فليست هذه عورةٌ يجب سترها حتى نقول: إن ما يصف البَشَرةَ لا يصحُّ المسح عليه.
ويجوز المسح على الخف المخرَّق، مادام اسمه باقيا، والمشي فيه ممكنا. إلا أن يتخرق أكثرُه فلا يُمسحُ عليه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ومعلوم أنّ الخفافَ في العادةِ لا يخلو كثيرٌ منها عن فَتْقٍ أو خَرْقٍ, لاسيما مع تقادم عَهْدِها, وكان كثيرٌ من الصحابة فقراءَ لم يَكُنْ يُمْكِنْهُم تجديدُ ذلك, والعادةُ في الفتق اليسير في الثوب والخف أنه لا يُرَقَّعْ، وإنما يُرَقَّعُ الكثير، فلما أطْلَقَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم الأمر بالمسح على الخفاف, مع عِلْمِه بما هي عليه في العادة، ولم يَشْتَرِطْ أن تكون سليمةً من العيوب؛ وَجَبَ حمل أمره على الإطلاق، ولم يَجُزْ أن يُقَيَّدَ كلامُه إلا بدليل شرعي. ا.ه
واعلموا أنه يجوز المسح على العمامة ونحوِها, فقد روى البخاري عن عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ.
ولا يشترط للعمامة أن تُلبس على طهارة؛ لأن ظاهر السنة عدمُ اشتراط ذلك. ولا يُشترطُ لها توقيتٌ كتوقيت الخُفِّ؛ لأنه لم يثبت عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه وقَّتها.
وقد ثبت في الصحيحين , أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان في إحرامه ملبِّداً رأسَه.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: وهذا يدلُّ على أن طهارة الرَّأس فيها شيءٌ من التَّسهيل.
وعلى هذا؛ فلو لبَّدتِ المرأةُ رأسَها بالحِنَّاء جاز لها المسحُ عليه، ولا حاجة إلى أن تنقض رأسَها، وتَحُتُّ هذا الحِنَّاء.
وكذا لو شدَّت على رأسها حُليًّا ، جاز لها المسحُ عليه؛ لأننا إِذا جوَّزنا المسح على الخمار فهذا من باب أَوْلَى. ا.ه
عباد الله: وفيما يتعلق بالجُرحِ ونحوِه فلا يخلو من حالين: إِما أن يكون مكشوفاً أو مستوراً.
فإِن كان مكشوفاً فالواجبُ غسلُه بالماء، فإِن تعذَّر الغسل: فالمسحُ، فإِن تعذَّر المسحُ: فالتيمُّمُ، وهذا على الترتيب.
وإن كان مستوراً: فليس فيه إلا المسحُ فقط، فإِن أضره المسحُ مع كونه مستوراً، فيعدل إلى التيمُّم، كما لو كان مكشوفاً.
واعملوا أنه من مَسَحَ في السَفَرٍ ثم أقام، فإِنَّه يُتمُّ مسحَ مقيم إِن بقيَ من المدَّة شيءٌ، وإِن انتهت المدَّةُ خَلَعَ الجورب.
وعَكَسُ هذه المسألة: من مسح وهو مقيم في بلده ثم سافر، فإنه يتمُّ مسح مسافر.
ومثل هذه المسألة: إذا دخل عليه الوقت في بلده, ثم سافر فإنه يُصلِّي صلاة مسافر.
أما إذا دخل عليه الوقتُ وهو مسافر، ثم وصل بلده فإنه يُتمُّ. لأنه انقطع في حقه السفر.
أيها المسلمون: ومن المسائل التي يكثر السؤال عنها: لُبس الخُفّ على خفٍ آخر: وهي لا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يلبس الأعلى على الأسفل قبل الحدث, أو بعد الحدث لكنه توضأ ومسح الأسفل, فالحكم للأعلى ؛ لأنه يصدق عليه أنه أدخل رجليه طاهرتين، وقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «فإني أدخلتهما طاهرتين».
وعلى هذا فلو توضأ ومسح على الجوارب، ثم لبس عليها جوارب أخرى أو «كنادر», ومسح العليا فلا بأس به ، ما دامت المدَّةُ باقيةً, لكنْ تُحسبُ المدةُ من المسح على الأول, لا من المسح على الثاني.
الحالة الثانية: أن يكون لُبْسُ الأعلى على الأسفل بعد الحدث, فالحكم للأسفل ، فلا يجوزُ أن يمسح على الأعلى؛ لأنه لبسه على غير طهارة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وبهدي سيدي المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ ومعصية، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه (صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه) وسلم تسليما كثيرا. أما بعد:
عباد الله: ولم يثبت الدليل الصحيح الصريح, على أنَّ خلع الخفين ونحوَهما تنتقض به الطهارة, قال شيخ الإسلام رحمه الله: ولا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ الماسح على الخف والعمامة بنزعهما, ولا يجب عليه مسح رأسه ولا غسل قدميه. ا.ه
ولأن نواقض الطهارة معروفة مُحَدَّدة, ليس منها خلع الخفين.
وإِذا تَمَّتْ مدَّةُ المسح, أي مَرَّ أربَعٌ وعشرون ساعةً من أول مسحٍ بعد حدث: فالراجح عند الْمُحققين, أنَّه إِذا تَمَّت المدَّةُ والإِنسان على طهارة، فلا يبطل وضوؤه. لعدم الدليل على ذلك.
نسأل الله تعالى أنْ يُفقهنا في دينه, ويَعُمَّنا برحمته, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق