أحكام مهمة في حضور المساجد

عبدالله بن رجا الروقي
1437/05/23 - 2016/03/03 16:49PM
الحمدلله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد فإن خير البيوت على الإطلاق هي بيوت الله عز وجل قال تعالى ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾

هذه البيوت من كان حريصاَ على صلاة الفريضة فيها فإنه يرجى له أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله قال ﷺ : سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. وذكر منهم رجلًا قلبه معلق في المساجد.

عباد الله
إن بيوت الله لها ما ليس لغيرها من الإجلال والتعظيم والبركة ، فيجب على كل مسلم أن يعرف حُرمتها ويعظمها قال تعالى : ﴿ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ۗ ﴾
ولهذا فإن لها أحكامًا ينبغي العلم بها والعمل بها.
فمنها أن من خرج إلى بيت من بيوت الله فإنه يسن له أن يتوضأ في بيته ولايؤخر الوضوء حتى يأتي المسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صلاةُ الرجلِ في جماعةٍ تزيدُ على صلاتِه في بيتِه ، وصلاتِه في سوقِه ، بضعًا وعشرين درجةً . وذلك أنَّ أحدَهم إذا توضأَ فأحسنَ الوضوءَ ثم أتى المسجدَ . لا يَنْهَزُهُ إلا الصلاةَ . لا يريدُ إلا الصلاةَ . فلم يَخْطُ خطوةً إلا رُفِعَ لهُ بها درجةً . وحُطَّ عنهُ بها خطيئةٌ . حتى يدخلَ المسجدَ . فإذا دخل المسجدَ كان في الصلاةِ ما كانت الصلاةُ هي تحبسُه . والملائكةُ يصلون على أحدكم ما دام في مجلسِه الذي صلى فيهِ . يقولون : اللهم ! ارحمْهُ . اللهم ! اغفِرْ لهُ . اللهم ! تُبْ عليهِ . ما لم يُؤْذِ فيهِ . ما لم يُحْدِثْ فيهِ. متفق عليه.

فالحديث مقيد في أوله بالوضوء في البيت و من أخر الوضوء الى المسجد فإنه يجوز له ذلك لكنه* يخشى له أن لا يحصل له الأجر الوارد في الحديث لأن الأجر الوارد في الحديث رتبه على أشياء منها الوضوء في البيت وخاصة أن الذاهب الى المسجد هو في صلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم إذا كان يعمد الى الصلاة فهو في صلاة . رواه مسلم.
وما دام كذلك فإنه يشرع له أن يكون على وضوء .

ومن الأحكام :
أن على المسلم أن يجتنب الروائح الكريهة وخاصةً اذا قصد بيتاً من بيوت الله فإنها محل للملائكة ومحل للمصلين وهم يتأذون من الروائح الكريهة قال النبي صلى الله عليه وسلم : من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. رواه مسلم.

ولهذا لا يجوز لمن أكل الثوم أو البصل أن يصلي مع جماعة المسلمين إلا إذا زالت تلك الرائحة و مثل هذا رائحة الدخان و الجوارب ( الشرابات ) لأن ذلك مما يتأذى منه الملائكة ويتأذى منه الناس .

و من الأحكام :
أن الإنسان يشرع له أن يذكر الله عند دخول المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أحدكم المسجد ، فليقل : اللهم ! افتح لي أبواب رحمتك . وإذا خرج ، فليقل : اللهم ! إني أسألك من فضلك ).

و هذا الذكر مشهور لكن هناك ذكراً آخر يغفل عنه كثير من الناس و هو قول :(أعوذ بالله العظيم و بوجهه الكريم و سلطانه القديم من الشيطان الرجيم ) .
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال: (أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم )، قال فإذا قال ذلك قال الشيطان : حُفِظ مني سائر اليوم.

فهذا الحديث يدل على أن من قال هذا الذكر حفظه الله من الشيطان يومَه ذلك.
فعلى المسلم أن يحافظ على هذا الذكر عند دخوله للمسجد فإن الشيطان يحرص أشد الحرص على إفساد صلاة المسلم لأن الصلاة أشرف وأعظم موقف للمسلم بين يدي ربه سبحانه وتعالى* ولهذا قال ﷺ " إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان ‏وله ضراط فإذا قضي التأذين أقبل، فإذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل ‏حتى يخطر بين المرء ونفسه، ويقول: اذكر كذا واذكر كذا لما لم يذكره من قبل، حتى ‏يظل الرجل ما يدري كم صلى"
والمراد بالتثويب: الإقامة.
وقد ذكر النبي صلى الله عليه ‏وسلم علاج تلك الوسوسة لما اشتكى إليه عثمان بن أبي العاص أن الشيطان قد ‏حال بينه وبين صلاته يلبسها عليه، فقال له: "ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته ‏فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثاً، قال عثمان: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني" رواه مسلم.

ومراتب الناس في تحصيل الأجور في الصلاة تختلف لأسباب من أعظمها خشوعهم و إقبالهم على الله.
و الذي يعين على الخشوع في الصلاة الاستعاذةُ من الشيطان عند دخول المسجد وقبل القراءة في الصلاة.

و مما ينبغي أيضاً التنبيه عليه :
أن الإنسان إذا دخل المسجد فإنه يُسن له أن يصلي ركعتين تحية المسجد فإن كانت هناك راتبه قبلية فإنه يصلي الراتبة وينوي بها الراتبه وتحية المسجد ويشرع أن ينوي بها أيضًا سنة الوضوء ويكتب له أجر الثلاث جميعاً .

ويشرع له أن تكون بين يديه سترة حال صلاته فإن السترة سنة مؤكدة ، قال ﷺ : (إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ ، فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ وَلْيَدْنُ مِنْهَا ) *رواه أبو داود

*و السترة هي شيئ مرتفع يجعله المصلي بين يديه فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلى الى سترة و كان اذا سافر أخذ معه حربة قصيرة يركزها و يصلي اليها.
.
والمصلي إذا لم يكن بين يديه سترة فإنه إذا مر بين يديه أحد نقصت صلاته إلا إذا مر بين يديه امرأة أو حمار أو كلب أسود فإن صلاته تبطل لقوله ﷺ: (يقطع صلاة أحدكم اذا لم يكن بين يديه مثل مؤُخرة الرحل المرأة و الحمار و الكلب الأسود).

وإن صلى مع الإمام فإن لا حاجة للسترة لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه .

وهذا يفرط فيه بعض أئمة المساجد فيصلي وليس بين يدية سترة أو جدار قريب ، وهذا تقصير منه.

واعلموا رحمكم الله أنه لايجوز لأحد أن يمر بين يدي المصلي قريباً منه : فهذا عمل محرم بل هو من كبائر الذنوب.
فإذا مر أحد بين يدي المصلي في مكان سجوده فإنه يخشى عليه من الوعيد الوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه " . قال أبو النضر – وهو أحد الرواة - : لا أدري أقال : أربعين يوما أو شهرا أو سنة . متفق عليه.
وهذا وعيد ، و الوعيد لا يكون الا على كبيرة من كبائر الذنوب .
أما إذا اتخذ المصلي سترة ومر أحد وراء السترة فلاشيء عليه ولو كان قريبًا.

أيها الأخوة في الله
إن بيوت الله لها حرمتها و لهذا فإن من المنكرات ما نسمعه في المساجد من الموسيقى الصادرة من الجوالات
وإذا كانت الموسيقى محرمة في كل وقت وزمان فإنها في بيوت الله أشد حرمة فكيف تتعرض لغضب الله وسخطه في بيت من بيوت الله.
ولا يجوز إن تكون الموسيقى نغمة للجوال مطلقاً في المسجد أو غيره فيجب تغييرها إلى نغمة غير موسيقية.
فيا عبد الله احذر معصية الله في بيت من بيوت الله في فريضة من فرائض الله و لا تُعِن الشيطان على نفسك ، فإنه ما أعان أحدٌ على نفسه بمثل معصية الله.
أيها الإخوة في الله
يشتكي كثير من الناس من تصاعد أصوات الجوالات أثناء الصلاة فما يكاد ينقطع صوتُ جوال حتى تسمع جوالاً آخر ألا فلنتق الله عباد الله وليُغلق أحدنا جواله عند دخوله في الصلاة حتى لايُشوّش على المصلين ويُذهب خشوعهم.
ولنحذر من قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴾

أيها الكرام
هناك أحكام متعلقة بالركوع يجب تعلمها لكثرة الخلل فيها
فإن الإنسان إذا دخل المسجد وأتى الصف والإمام راكع فيجب عليه أن يكبر تكبيرة الإحرام قائماً لأن تكبيرة الإحرام ركن حال القيام في الفريضة .
وبعض الناس يأتي مسرعاً وينحني و يكبر و هذا صلاته غير صحيحة لأن تكبيرة الإحرام هنا لم تصح إذ يجب أن تكون حال القيام في الفريضة و قد قال صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء في صلاته: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر). فجعل التكبير حال القيام.
فعلى المسلم إذا دخل الصف والإمام راكع أن يكبر للإحرام قائمًا ثم إذا انحنى يكبر للركوع.
وإن اكتفى بتكبيرة الإحرام ولم يكبر للركوع أجزأه ذلك.
ومما يجب التنبه له أنه يجب على من دخل الصلاة والإمام راكع أن يتيقن أو يغلب على ظنه أنه أدرك الركوع مع الإمام حتى يعتد بالركعة
أما إذا شك هل أدرك الركوع أو لم يدرك الركوع فإنه لا يعتد بهذه الركعة،
والضابط في إدراك الركوع أن يستقر المأموم راكعاً والإمام لم يرفع رأسه ، أما إذا رفع الإمام رأسه والمأموم لم يركع أو انحنى لكنه لم يركع فقد فاتته الركعة

أيها الإخوان:
هذه الصلاة فيها مواضع تُرجى إجابة الدعاء فيها، وكثير من الناس لايحرص على ذلك فتجد له حاجة يريد أن يدعو الله بقضائها لكنه لا يدعو في صلاته وينسى أو يجهل أن الصلاة من آكد مواضع إجابة الدعاء والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء. رواه مسلم.
وفي الصلاة موضعان شريفان لإجابة الدعاء الأول حال السجود و الثاني قبل السلام .
و إذا كانت الصلاة فريضة فالدعاء فيها أرجى إجابة من الدعاء في صلاة النافلة.

اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها...
المشاهدات 1460 | التعليقات 0