أحكام زكاة الفطر وصلاة العيد

أبو ناصر فرج الدوسري
1438/09/25 - 2017/06/20 15:11PM
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد: أما بعد : فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وامتثلوا المأمورات، واحذروا المعاصي والمخالفات.
عباد الله، هذا شهر رمضان، أفضل أشهر العام، قد ذهبت معظم لياليه والأيام، وقد أشرف على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن هو الذي كسب الأجر، والقبول في لياليه والأيام؟ يا ليت شعري من هو المقبول؛ فنهنئه؟ ومن هو المحروم؛ فنعزيه؟
أيها المقبول، هنيئاً لك, أيها المردود، جبر الله مصيبتك.
فيا معشر المسلمين انتبهوا لأنفسكم، لآخر شهركم، لا يفوتكم الخير فيه، وأنتم نيام, واجتهدوا في كثرة الذكر، والاستغفار، وكثرة قراءة القرآن.
ولا تتأخروا عن دفع زكاة الفطر؛ فإنها واجبة على أهل الإسلام على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد؛ صاع من بر، أو صاع من تمر، أو صاع من زبيب، أو صاع من أقط، أو صاع من شعير، أو من قوت أهل البلد كالأرز، تخرج قبل صلاة العيد؛ لتكفي الفقراء ذلك اليوم.
ويجوز دفعها قبل العيد بيوم أو يومين؛ توسعة لعباده.
فإن أُخِرت إلى بعد صلاة العيد فلا تكون زكاة بل صدقةٌ من الصدقات.
وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث، وهي زكاة العمر في كل سنة في آخر رمضان كما أن زكاة المال عند الحلول إذا اكتمل النصاب.
فالمشروع إخراج زكاة الفطر من كل طعام يأكله الناس والأفضل من الطعام ما كان أنفع للفقراء.
وَعَلَى هَذَا فَتُخْرَجُ مِنْ طَعَامِ النَّاسِ الذِي يَأْكُلُونَهُ عَادَةً، وَالْغَالِبُ عِنْدَنَا أَنَّ النَّاسَ يَأْكُلُونَ الأرُزَّ أَوِ الْبُرَّ، فَيُخْرَجُ صَاعٌ مِنَ الأرزِّ أَوِ الْبُرِّ عَنْ كُلِّ شَخْصٍ، وَمِقْدَارُهُ بِالْوَزْنِ حوالي ثلاثة كيلوات تَقْرِيبَاً.
وَلا يُجْزِئُ إِخْراجُهَا فُلُوسَاً وَلا ثِيَابَاً وَلا سِوىَ ذَلِكَ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- السَّابِق.
وَالأَصْلُ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ فِي الْبَلَدِ الذِي أَدْرَكَهُ الْعِيدُ فِيهِ، سَوَاءً أَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الأَصْلِيِّيْنَ أَوْ مِنَ الْمُقِيمِينَ؛ لَكِنْ، لَوْ أَخْرَجَهَا فِي بَلَدِهِ الأَصْلِيِّ جَازَ ذلك، لَكِنْ هَذَا خَلافُ الأَفْضَلِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى الْفَقِيرُ أَكْثَرَ مِنْ فِطْرَةٍ، وَيَجُوزُ تَقْسِيمُ الْفِطْرَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ فَقِيرٍ.
وزكاة الفطر يُخرِجها المرءُ عن نفسه، وعمَّن ينفِقُ عليهم من الوالدين والزوجات والأولاد والأقارب.
ويُستحَبُّ إخراجُها عن الحمل الذي في البطن ولا يجب، إلا إذا ولدت قبل العيد فيجب إخراج زكاة الفطر عن المولود.
والعامل أو الخادم أو الراعي فزكاته على نفسه إلا إذا أراد كفيله أن يتبرع عنه.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَدُّوا زَكَاتَكُمْ طَيِّبَةً بِهَا نُفُوسُكُمْ، تَتَعَبَّدُونَ بِهَا لِرَبِّكُمْ، وَتَتَّبِعُونَ نَبِيَّكُمْ مُحَمَّدَاً ﷺ ، وَتُطَهِّرُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ مِمَّا قَدْ لَحِقَ صِيَامَكُمْ مِنَ الْخَلَلِ.
وعلى المسلم أن يتجنب إخراج الرديء من الطعام لقول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾
حسِّنوها وكملوها، ولتكن من أطيب أموالكم الذي تجدون، فـ(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)
(وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
ولأنه يعامل الله بهذه الصدقة، فيجب على المسلم أن يتحرى المستحق للزكاة من المسلمين , ولا يكون أداؤه لها مجرد تخلص منها .
ومن يأخذ الزكاة يُخرج زكاة فِطره مما يأتيه من الناس، إلا أن يكون لا يوجد عنده مايكفي.
وعليك أيها المسلم أن تؤديها قياما بالواجب وطمعا في وعد الله للمنفقين (وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.
أما بعد فاتقوا الله ياعباد الله وتزودا بالعمل الصالح فيما بقي من هذا الشهر المبارك ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ﴾
أيها الأحبة: إن مما يشرع لكم بعد إكمال شهر رمضان، التكبير، ووقته من غروب الشمس ليلة عيد الفطر إلى صلاة العيد.
وصيغة التكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
قال تعالى في آيات الصيام من سورة البقرة ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾
وقوله تعالى: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُم ﴾
أي: ولتذكروا الله بالتكبير عند انقضاء عبادة الصيام.
ويسن الجهر به للرجال في المساجد والأسواق والبيوت، إعلانًا لتعظيم الله، وإظهارًا لعبادته وشكره.
ويكون هذا بغروب شمس آخر يوم من رمضان، في المساجد والبيوت والأسواق ، ويتأكد هذا التكبير والجهر به عند الخروج إلى صلاة العيد فيكبر الناس ليلة العيد إلى دخول الإمام لصلاة العيد ويكبرون أيضاً بتكبير الإمام أثناء خطبة العيد.
اخرجوا إلى صلاة العيد أيها الإخوة: امتثالاً وطاعة لأمر رسول الله ﷺ وابتغاء الخير، ودعوة المسلمين، فكم في ذلك المصلى من خيرات تنزل، وجوائز من الرب الكريم تحصل، ودعوات طيبات تقبل.
وَحُكْمُ صَلاةِ الْعِيدِ: وَاجِبَةٌ وُجُوبَاً عَيْنِيَّاً عَلَى الرِّجَالِ، وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ، فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ، وَالْحُيّضَ فِي الْعِيدَيْنِ، يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيّضُ اَلْمُصَلَّى" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ ابْنُ بَازٍ وَابْنُ عُثَيْمِينَ -رَحِمَهُمَا اللهُ- بِوُجُوبِهَا عَلَى الرِّجَالِ، وَعَلَى هَذَا فَلْيَحْذَرْ مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ صَلاةِ الْعِيدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.
لِأَنَّهُ إِذَا كَانَتِ النِّسَاءُ، بَلْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ، بَلْ وَالْحُيّضُ، مَأْمُورَاتٍ بِالْخُرُوجِ! فَكَيْفَ بِالرِّجَالِ الأَشِدِّاءِ؟! فَلا يَحِلُّ لَهُمُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا إِلَّا لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ.
والسنة أن يأكل قبل الخروج إلى المصلى تمراتٍ وتْرًا، ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر إن أحب ويقطعهن على وتر؛ لفعل النبي ﷺ.
واخرجوا إلى هذه الصلاة مشيًا إلا من عذرٍ كعجز أو بُعد؛ لقول علي رضي الله عنه: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيًا.
اخرجوا إلى صلاة العيد متنظفين متطيبين، والبسوا أحسن الثياب، وأخرجوا لها نساءكم وأطفالكم ومَن تحت أيديكم.
وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَخْرُجَ غَيْرَ مُتَطَيِّبَةٍ وَلَا مُتَزَيِّنَةٍ، وَعَلَى وَلِيِّ أَمْرِهَا مَسْؤُولِيّةٌ فِي ذَلِكَ.
وستقام الصلاة إن شاء الله تعالى في جامع الأمير متعب في تمام الساعة الخامسة والثلث صباحاً، وأدوها بخشوع وحضور قلب، وتذكروا بجمعكم اجتماع الناس في يوم الجمع الأكبر: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
بلَّغَنا الله يوم العيد من عمر مديد بطاعة الله، ومنَّ علينا بالقبول، إنه جواد كريم.
ونسأل الله أن يختم لنا ولكم بعمل صالح وأن يتقبل صيامنا وقيامنا ويتجاوز عن تقصيرنا وزللنا ،
اللهم بلغنا ختام الشهر وأعده علينا بخير في ديننا ودنيانا يارب العالمين.
اللهم وفقنا لإغتنام الأوقات، وعمارتها بالأعمال الصالحات، وارزقنا اجتناب الخطايا والسيئات،
اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا, واجعلنا ممن صام رمضان وقامه إيماناً واحتسابا.
اللهم أنصر إخواننا المستضعفين في الشام والعراق واليمن وأركان.
اللهم أنصر إخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين ،
اللهم اجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا وجميع بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في أوطاننا واستعمل علينا خيارنا واجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين .
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ، ونعوذ بك من سخطك والنار.
عباد الله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزدكم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾





الخطبة ملونة
https://docs.google.com/document/d/14kj-w20ZkjIZqZX162VHncw1ezjTw7BF8vUX-ZLGP3Q/edit?usp=sharing







المشاهدات 935 | التعليقات 0