أحكام المستأمنين 21-1-1444 هـ
صالح عبد الرحمن
خُطْبَةُ بيان أحكام المستأمنين
الْحَمْدُ للهِ رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمْنَ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين.
أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) معاشر المسلمين : لقد جاء الإسلام بحفظ الضروريات الخمس، وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال، ورتَّب حدودًا صارمة في حق من يعتدي على هذه الضرورات، سواء كانت هذه الضرورات لمسلمين أو معاهدين، "فالكافر المعاهد له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة"، وقال –تعالى-: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)، وإذا خاف المسلمون من المعاهدين خيانة للعهد لم يجز لهم أن يقاتلوهم حتى يعلموهم بإنهاء العهد الذي بينهم ولا يفاجئوهم بالقتال بدون إعلام، قال -تعالى-: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ).
والذين يدخلون تحت عهد المسلمين من الكفار ثلاثة أنواع: المستأمن وهو الذي يدخل بلاد المسلمين بأمان منهم لأداء مهمة ثم يرجع إلى بلده بعد إنهائها.
والمعاهد الذي يدخل تحت صلح بين المسلمين والكفار، وهذا يؤمن حتى ينتهي العهد الذي بين الفئتين، ولا يجوز لأحد أن يعتدي عليه، كما لا يجوز له أن يعتدي على أحد من المسلمين، والذي يدفع الجزية للمسلمين ويدخل تحت حكمهم.
والإسلام يكفل لهؤلاء الأنواع من الكفار الأمن على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ومن اعتدى عليهم فقد خان الإسلام واستحقّ العقوبة الرادعة.
والعدل واجب مع المسلمين ومع الكفار حتى لو لم يكونوا معاهَدين أو مستأمَنين أو أهل ذمة، قال -تعالى-: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا)، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).
معاشر المسلمين: جاء في صحيح البخاري قول عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفكَ الدم الحرام بغير حلّه". قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- معلّقًا على هذا الحديث: "ولقد صدق ابن عمر -رضي الله عنهما-، إنّ من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها أن يسفكَ الإنسان الدم الحرام بغير حلّه، وإن دم المعاهد حرام، وسفكه من كبائر الذنوب؛ لأن النبي أخبر أن من قتله لم يرح رائحة الجنة، وكل ذنب توعَّد الله عليه في كتابه أو رسوله في سنته فإنه من كبائر الذنوب" انتهى المراد من كلامه -رحمه الله-.
ثم من الغدر أيضًا ترويع هؤلاء المستأمنين بخطفهم أو رهنهم أو تهديدهم بالسلاح والقتل، وهو مناف أيضًا لتكريم الله للإنسان كما قرّر ذلك أهل العلم.
إخوة الإسلام: يتبين مما سلف مجموعة من الأحكام التي تؤكِّد أحكام المستأمن وأنه مستأمن على دمه وماله وعرضه، وأن التعدي عليه من الغدر والخيانة، وأن العدل كلّ العدل استئمانهم على ما استأمنهم عليه وليّ الأمر
وقد أوصى الإسلام بالاحسان اليهم وحرم أي محاولات للمساس بأنفسهم أو أموالهم أو انتقاص شيء من حقوقهم والتعامل مع غير المسلمين بالحسنى هو سمة المجتمع المسلم منذ صدر الإسلام ومن ذلك عيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوديا في مرضه وفتاوى هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية تعد من يقدم الى المملكة من غير المسلمين في حكم المستأمنين ويحرم ايذائهم او الاعتداء عليهم بأي نوع من الاعتداء
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى.
أَمَّا بَعْدُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
ثم صلوا وسلموا على نبيكم نبي الرحمة نبي الهدى كما امركم ربكم (يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد اللهم ارزقنا شفاعته اللهم اوردنا حوضه اللهم اجمعنا به في جنات النعيم
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه, اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحاً اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ, اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ, اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا, اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا, اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ, وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ, وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ, وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ, اللهم وفق ولي امرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى .. اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا وكن معهم يارب العالمين .. ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا انك غفور رحيم .. الا اله الا انت سبحانك انا كنا من الظالمين ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ