أَحْكَامُ الشِّتَاءِ, وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ 11 رَبِيعٍ الثَّانِي 1439 ه

محمد بن مبارك الشرافي
1439/04/09 - 2017/12/27 12:15PM

أَحْكَامُ الشِّتَاءِ, وَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ 11 رَبِيعٍ الثَّانِي 1439 هـ

الْحَمْدُ للهِ الذِي جَمَّلَ ضَمَائِرَنَا بِشَرَائِعِ الإِيمَانِ، وَزَيَّنَ ظَوَاهَرَنَا بِشَعَائِرِ الإِسْلامِ, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، شَرَعَ لَنَا طَهَارَةَ الْقُلُوبِ وَالأَبْدَان، فَبَيَّنَ الأَسْبَابَ وَالْوَسَائِلَ وَالطُّرُقَ أَتَمَّ بَيَان، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ إِلَى الإِنْسِ وَالْجَانّ، لِيُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ نَجَاسَةِ الأَوْثَانِ إِلَى قَدَاسَةِ الدَّيَّان, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَان.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللهَ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَيُوَالِي الدُّهُورَ وَالأَعْوَامَ مِنْ رَخَاءٍ إِلَى شِدَّةٍ, وَمِنْ سَرَّاءَ إِلَى ضَرَّاءَ, وَمِنْ حَرٍّ إِلَى بَرْدٍ وَمِنْ مِنَّةٍ إِلَى مِحْنَةٍ, فَالْخَلْقُ دَائِرُونَ بَيْنَ حِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ, وَهُمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ مُتَعَبَّدُونَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمْ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِ اللهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ, قَالَ اللهُ تَعَالَى (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)

وَإِنَّنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ, الذِي عَادَةً يَشْتَدُّ فِيهِ الْبَرْدُ وَيَكْثُرُ الْمَطَرُ, نَسْأَلُ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ ! وَهَذِهِ الْخُطْبَةُ تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامٍ تَخْتَصُّ بِهَذَا الْفَصْلِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْنَا  أَنْ يَسَّرَ لَنَا هَذَا الدِّينَ وَسَهَّلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ فِيهِ حَرَجَاً مِنْ أَصْلِهِ, ثُمَّ إِذَا عَرَضَ أَمْرٌ يَلْحَقُ النَّاسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْحَرَجِ تَيَسَّرَ يُسْرَاً زَائِدَاً عَلَى الأَصْلِ!

فَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ , وَكَذَلِكَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا عِنْدَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ مِنَ الْمَطَرِ أَوِ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ وَالرِّيحِ وَالْوَحْلِ, الذِي يَصْعُبُ عَلَى النَّاسِ فِيهِ ارْتِيَادُ الْمَسْجِدِ لِلصَّلاةِ كُلَّ وَقْتٍ.

وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الصَّلاةَ تُجْمَعُ تَامَّةٌ بِدُونِ قَصْرٍ لِعَدَمِ وُجُودِ سَبَبِه, وَسَبَبُ الْقَصْرِ هُوَ السَّفَرُ, وَأَمَّا الْجَمْعُ فَلَهُ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ, وَمِنْهَا الْمَشَقَّةُ بِالْمَطَرِ, لَكِنْ إِذَا تَرَدَّدَ الإِمَامُ فِي الْحَالِ: هَلْ هِيَ تُبِيحُ الْجَمْعَ أَمْ لا؟ فَالأَصْلُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَتُصَلَّى كُلُّ صَلاةٍ فِي وَقْتِهَا, لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) أَيْ : مَفْرُوضَاً فِي الأَوْقَاتِ.

وَيُنَبَّهُ إِلَى أَنَّ الْجَمْعَ هُنَا رَاجِعٌ إِمَامِ الْمَسْجِدِ, فَإِنْ رَأَى الْجَمْعَ جَمَعَ, وَإِنْ رَأَى عَدَمَ ذَلِكَ فَلا يَجُوزُ لِجَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَجْعَلُوا هَذَهِ الْمَسْأَلَةَ مَحَلَّاً لِلْهَرَجِ وَالْكَلامِ وَالتَّشْوِيشِ عَلَى الإِمَامِ ! وَهَكَذَا فَمَنْ لَمْ يَرْغَبْ مِنْ جَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ فِي الْجَمْعِ فَلَهُ أَنْ لا يَجْمَعَ , وَيَخْرُجْ , فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلاةِ التَّالِيَةِ بَحَثَ لَهُ عَنْ مَسْجِدٍ آخَرَ وَصَلَّى فِيْه, مَعَ أَنَّ الأَفْضَلَ أَنْ يُصَلِّي مَعَ الإِمَامِ جَمْعَاً لِلْكَلِمَةِ وَتَوْحِيدَاً لِلصَّفِّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنَ أَحْكَامِ الشِّتَاءِ : أَنَّهُ إِذَا كَانَ الإِنْسَانُ فِي البَرِّيَةِ – مَثَلاً - وَاشْتَدَّ الْبَرْدُ وَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَسْتَطِعْ تَسْخِينَ الْمَاءِ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ تَوَضَّأَ بِهَذَا الْمَاءِ الْبَارِدِ الضَرَرَ : تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَصَلاتُهُ صَحِيحَةٌ , لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : احْتَلَمْتُ في لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ في غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ , فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ , فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ (يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ ؟) فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاِغْتِسَالِ وَقُلْتُ : إِنِّي سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنَ الأَحْكَامِ التِي يَحْتَاجُهَا النَّاسُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ : الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَهَا مِنَ الشُّرَّابِ أَوِ الْكَنَادِرِ الطَّوِيلَةِ السَّاتِرَةِ لِلْكَعْبَيْنِ , فَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةِ : أَنْ يَكُونَ الْخُفَّانِ طَاهِرَيْنِ غَيْرَ مُتَنَجِّسَيْنِ بِبَوْلٍ أَوْ شِبَهَهُ , وَأَنْ يَلْبَسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ , وَأَنْ يَكُونَ فِي الْحَدَثِ الأَصْغَرِ دُونَ الأَكْبَرِ , وَأَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ : يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ , وَثَلاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا لِلْمُسَافِرِ, لِأَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ, وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَبْدَأُ حِسَابُ الْمُدَّةِ مِنْ أَوِّلِ مَسْحٍ بَعْدَ الْحَدَثِ, وَلَيْسَ مِنْ لُبْسِ الْخُفِّ أَوِ الشُّرَّابِ, فَإِذَا مَسَحْتَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَمَضَى عَلَيْكَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً وَأَرَدْتَ أَنْ تَتَوَضَّأَ وَجَبَ عَلَيْكَ خَلْعُ الشَّرَّابِ وَالْوُضُوءُ كَامِلاً, فَإِنْ نَسِيتَ وَمَسَحْتَ وَصَلَّيْتَ وَجَبَ عَلَيْكَ إِعِادَةُ هَذِهِ الصَّلاةِ لِأَنَّكَ صَلَّيْتَهَا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ , لِكِنَّكَ لا تَأْثَمْ لِأَنَّكَ مَعْذُورٌ بِالنِّسْيَانِ !

وَاعْلَمْ أَنَّ كَيْفِيَّةَ الْمَسْحِ عَلَى الشُّرَّابِ : أَنْ تَبُلَّ يَدَيْكَ ثُمَّ تُمِرَّهَا عَلَى الْقَدَمَيْنِ مِنْ أَطْرَافِ الأَصَابِعِ إِلَى أَنْ تُشْرِعَ فِي السَّاقِ , مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ , وَلا يُشْرَعُ أَنْ تَمْسَحَ أَسْفَلَ الشُّرَّابِ وَلا جَوَانِبَهُ , لِقَوْلِ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : لَوْ كَانَ اَلدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ اَلْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ, وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَن .

وَيَجُوزُ أَنْ تَمْسَحَ الْقَدَمَيْنِ مَعَاً بِدُونِ تَرْتِيبٍ, وَالأَفْضَلُ أَنْ تَمْسَحَ الْقَدَمَ الْيُمْنَى أَوَّلاً ثُمَّ الْيُسْرَى, لِحَدِيثِ اَلْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :  كُنْتُ مَعَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ , فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ, فَقَالَ (دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ) فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا , مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

وَإِنِ ابْتَدَأَتَ مَسْحَكَ فِي الْبَلَدِ ثُمَّ سَافَرَتْ فَلَكَ أَنْ تُتِمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ , وَيَجُوزُ كَذَلِكَ الْمَسْحُ عَلَى الشُّرَّابِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَقٌّ أَوْ كَانَ شَفَّافَاً , عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِيِ الْعُلَمَاءِ !

وَإِنْ خَلَعْتَ شُرَّابَكَ وَأَنْتَ عَلَى طَهَارَةٍ لَمْ تَنْتَقِضْ طَهَارَتُكَ بِذَلِكَ الْخَلْعِ, لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَقِيَاسَاً عَلَى مَا لَوْ تَوَضَّأْتَ وَمَسَحْتَ شَعْرَ رَأْسَكَ ثُمَّ حَلَقْتَهَ لَمْ يَنْتَقِضْ وَضُوؤُكَ بِذَلِكَ!

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً , وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه . أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِيْ ولَكُمْ فاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ .

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ , وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ القَوِيُّ الْمَتِينُ , وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .

أَمَّا بَعْدُ : فَمِنَ الأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَسْحِ : أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْكَنَادِرِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ سَاتِرَةً لِلْكَعْبَيْنِ, كَالتِي يَلْبَسُهَا الْعَسْكَرُ وَيُسَمُّونَهَا الْبُصْطَارَ, لَكْنْ إَذَا مَسَحَ عَلَيْهَا ثُمَّ خَلَعَهَا لِسَبَبٍ فَلا يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهَا مَرَّةً ثَانِيَةً , بَلْ لابُدَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ جَدِيدٍ وَيَغْسِلَ قَدَمَيْهِ, وَلِذَلِكَ فَمِنَ الْمُسْتَحْسَنِ أَنْ تَمْسَحَ عَلَى الشُّرَّابِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ إِذَا احْتَجْتَ لِخَلْعِ الْكَنَادِرِ لا يُشَكِلْ عَلَيْكَ.

وَمِنَ الأَحْكَامِ الْمُهِمَّةِ : أَنْ لَوْ كَانَ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ جَبِيرَةٌ أَوْ لَصْقَةٌ بِسَبَبِ كَسْرٍ أَوْ جُرْحٍ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا جَمِيعَاً, وَمَا كَانَ مِنَ الْعُضْوِ ظَاهِرَاً لَمْ تُغَطِّهِ الْجَبِيرَةُ وَجَبَ غَسْلَهُ بِالْمَاءِ وَلا يَكْتَفِي بِمَسْحِهِ, فَمَثَلا لَوْ كَانَ عَلَى بَعْضِ قَدَمِهِ جِبْسٌ لَكِنَّ أَصَابِعَهُ ظَاهِرَةٌ, وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ مِنْ كُلِّ نَوَاحِيهَا, وَلَيْسَ عَلَى أَعْلاهَا كَالشُّرَابِ خِلافَاً لِمَا يَعْتَقِدُهُ بَعْضُ النَّاسِ, حَيْثُ يَمْسَحُونَ عَلَى أَعْلاهَا فَقَطْ ! وَأَمَّا الأَصَابِعُ فَإِنَّهُ يَغْسِلُهَا بِالْمَاءِ وَلا يَكْتَفِي بِمَسْحِهَا.

وَلَيْسَ لِلْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ مُدَّةٌ مُعَيَّنَةٌ وَلا يَشْتَرِطُ أَنْ يَلْبَسَهَا عَلَى طَهَارَةٍ لِأَنَّهَا تُلْبَسُ فِي حَالِ ضَرُورَةٍ !

 أَيُّهَا الإِخْوَةُ : إِنَّ هَذِهِ الأَحْكَامَ الْمَذْكُورَةَ كَمَا أَنَّها للرِّجَالِ فَإِنَّهَا أَيْضَاً تَشْمَلُ النِّسَاءَ , لِأَنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ, وَالأَصْلُ تَسَاوِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الأَحْكَامِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يُخَصِّصُ أَحَدَهُمَا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكُ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً وَرِزْقَاً حَلالاَ, اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ, اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُورِنَا, وَأَصْلِحْ لِوُلاةِ أُمُورِنَا بِطَانَتَهُمْ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ, اللَّهُمَّ كُنْ لإِخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ مَكَان , اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ تُغْنِيهِمْ بِهَا عَمَّنْ سِوَاكَ, اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِمَنْ آذَاهُمْ وَعَذَّبَهُمْ, اللَّهُمَّ رُدَّ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ يَا قَوِيُّ يَا مَتِينُ, اللَّهُمَّ أَشْغِلْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَاجْعَلْ بَأَسَهَمْ بَيْنَهُمْ, اللَّهُمَّ أَهْلِكِ الظَّالِمِينَ بِالظَّالِمِينَ وَأَخْرَجِ الْمُسْلِمِيَن مِنْ بَيْنِهِمْ سَالِمِينَ! اللَّهُمَّ أَنْقِذْ إِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يُرِيدُ بِهِمْ سُوءاً, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأْنَهُمْ فِي بُلْدَانِهِمْ, وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شِرَارَهُمْ يَا قَدِيرُ يَا حَكِيمُ ! اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ, والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المرفقات

الشِّتَاءِ-وَالْمَسْحُ-عَلَى-الْخُف

الشِّتَاءِ-وَالْمَسْحُ-عَلَى-الْخُف

المشاهدات 1194 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا