أحكام الزكاة ( مشكولة )

صالح عبد الرحمن
1446/09/12 - 2025/03/12 11:00AM

خطبة عن الزكاة

الخطبة الأولى:

اَلحَمْدُ للهِ الغَنِيِّ الحَمِيْدِ ، ذِيْ العَرْشِ اَلْمَجِيْدِ ، الفَعَّاْلِ لِمَا يُرِيْد ، القَائِلِ فِيْ كِتَابِهِ : ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ ، أَحْمَدُهُ حَمْدَاً يَلِيْقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ ، وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ ، ﴿يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾ و ﴿يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيْلُهُ ، وَخِيْرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً إِلَى يَومِ الدِّيْنِ .

أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ : اتقوا اللهَ ، فتَقْوَى اللهِ هي وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ ، فَهُوَ القَائِلُ فِي كِتَابِهِ : ﴿وَلَقَدْ وَصَّينَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُـــوْا اللّـــَهَ﴾ ، جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الـمتـقيـن .

أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون : الزَّكَاةُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ ، وَسَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ رَحْمَةِ الرَّحْمَنِ ، يَقُولُ سبحانه : ﴿وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ وَفِي الحدِيْثِ الصَّحِيْحِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم : ((بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ ؛ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , وَإِقَامِ الصَّلَاةِ , وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ , وَالحَجِّ , وَصَوْمِ رَمَضَانَ)) .

فَالزَّكَاْةُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَاْمِ ، وَمَعْنَى الركْنِ ، أَيْ لَاْ يَقُوْمُ الإِسْلَاْمُ إِلَّا بِقِيَامِهِ ، وَلَا يَكْمُلُ إِلَّا بِوُجُوْدِهِ ،

وَهِيَ قَرِيْنَةُ الصَّلَاْةِ ، فَقَلَّمَا تَجِدُ آيَةً فِي كِتَابِ اللهِ سبحانه تَتَحَدَّثُ عَنْ الصَّلَاْةِ ؛ إِلَّا وَتَجِدُ الأَمْرَ بِالزَّكَاةِ مَقْرُوْنَاً بِهَا ، ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ ، 

 فالَّذِي أَمَرَنا بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَأَدَائِهَا بِحُدُوْدِهَا وَفُرُوْضِهَا ؛ هُوَ اَلَّذِي أَمَرَنا بِتَأدِيَةِ الزَّكَاةِ وَإِعْطَائِهَا بِطِيْبِ نَفْسٍ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا .

فَشَأنُ اَلْزَّكَاةِ شَأنٌ عَظِيْمٌ ، مَنْ جَحَدَ وُجُوْبَهَا - أَيْ قَاْلَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَة - ؛ فَهُوَ وَالعِيَاذُ بِاَللهِ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ ، يُسْتَتَابُ فِإِنْ تَابَ وَأَقَرَّ بِوُجُوْبِهَا ، وَإِلَّا قُتِلَ.

 وَأَمَّا مَنْ مَنَعَهَا بُخْلَاً مَعَ إِقْرَارِه بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ ، وَلَكِنَّهُ أُصِيْبَ بِالبُخْلِ ، فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ تُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرَاً وَيُؤَدَّبُ تَأدِيبَاً رَادِعَاً ،

وَإِذَا رَفَضَ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنهُ حَتَّى لَو وَصَلَ الأَمْرُ إِلى قِتَالِهِ ، وَهَذَا مَا اتَّفَقَ عَلِيهِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم ،

فَفِي الحَدِيثِ الصَّحِيْحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : لَمّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ ، فَقَالَ عُمَرُ لأبي بكر رضي الله عنه -وهو يومئذ خليفة: كَيْفَ تُقاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُوْلُوْا لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، فَمَنْ قَالَهَاْ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ ، وَحِسِابُهُ عَلَى اللهِ)) ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه : (وَاللهِ لأُقاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ، فَإِنَّ الزَّكاةَ حَقُّ المالِ ، وَاللهِ لَو مَنَعُوني عَناقًا كَانوا يُؤَدُّونَها إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقاتَلْتُهُمْ عَلى مَنْعِها) ، قالَ عُمَر رضي الله عنه : (فَواللهِ ما هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ  فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ) .

أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُوْن : وَمِمَّاْ يَدُلُ عَلَى أَهَمِيَةِ الزَّكَاةِ ، مَاْ تَوَعَّدَ اللهُ سبحانه بِهِ مَنْ بَخِلَ بِهَا يَومَ القِيَامَةِ ، يَقُوْلُ تَبَاْرَكَ وَتَعَالَىْ : ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.

وَيَقُوْلُ تَعَاْلَىْ عَنْ مَاْنِعِيْ الزَّكَاْةِ : ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أَيْ يَجْمَعُوْنَ الأَمْوَاْلَ ، وَتَجِبُ فِيْهَاْ الزَّكَاْةُ ، وَلَكِنَّهُمْ يَبْخَلُوْنَ بها ، ولَا يُؤَدّون زَكَاتَهَا ، قال الله : ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾ .

وقد صَحَّ عَن النَّبِيِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَاْئِحُ مِنْ نَارٍ ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِيْنَ أَلْفَ سَنَةٍ ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ ، فَيَرَى سَبِيْلَهُ إِمَّا إِلَى الجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ)) .

فَلْنَتَّقِ اللهَ معاشر الكرام وَلنَحْرِصْ عَلَى كَمَالِ أَرْكَانِ إِسْلَامِنَا ، وَمَا يُبَرْهِنُ صِدْقَ إيمانِنا ، وَمَا يَكُوْنُ سَبَبَاً فِي سَعَادَتِنَا العَاجِلَةِ وَاَلآجِلَةِ ، أَقُولُ قَولِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم ، فَإِنَّهُ هُوَ الغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ .

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُون : وَأَمَّا اَلْأَشْيَاءُ اَلَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ ، فَهِي أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ هِيَ : الأَثْمَانُ ، وَعُرُوْضُ التِّجَارَةِ ، وَبَهِيْمَةُ الأَنْعَامِ ، وَالخَارِجُ مِن الأَرضِ ،

فَتَجِبُ الزكاةُ فِيْ النَّقْدِيْنِ : الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَمَا يَقُوْمُ مَقَامَهَمَا مِن الأَورَاقِ النَّقْدِيَّةِ المستعْمَلَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ إذا حالَ عليها الحولُ أي مرت عليها سنة ، فيُخْرَجُ منها رُبْعُ العُشْرِ ، أي اثنان ونصفٌ من مئةٍ ،

وَتَجِبُ فِي عُرُوضِ التِّجَاْرَةِ ، وَهِيَ السِّلَعُ المَعْرُوْضَةُ لِلبَيعِ التي يُتَّجَرُ بها ، كَاَلسَّيَارَاتِ والأَقْمِشَةِ والأَطْعِمَةِ وَاَلأَسْهُمِ وَقِطَعِ الغَيَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فيُخرجُ منها إذا حالَ عليها الحولُ رُبْعُ العُشْرِ أيضا ، أي اثنان ونصفٌ من مئةٍ .

المساهمات التجارية فيها زكاة حسب ما يتفق صاحب المساهمة مع المساهمين إما أن يزكيها هو، أو يزكونها هم .

ومما يخطئ البعض فيه ، من يظن أن الراتب لا زكاة فيه ، أو أن المال المجموع للزواج أو بناء مسكن لا زكاة فيه ، وهذا خطأ ، فكل مالٍ لشخص بلغ النصاب ونصاب الزكاة هذه الأيام حوالي 2232 ريال فمن ملك هذا المبلغ وحال عليه الحول أي دارت عليه سنة وهو عندك فتجب فيه الزكاة.

وزكاة 2232    55 ريالا.

وطريقة حساب الزكاة أن يقسم المال الذي عنده على أربعين فما خرج فهو زكاته.

وَكَذَلِكَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الخَارِجِ مِن الأَرضِ من الزروع والثمار ..

 وَفِي بَهِيْمَةِ الأَنعَامِ ، وَهِيَ الإِبِلُ وَالبَقَرُ وَالغَنَمُ ، إذا بلغت نصابا وكانت سائمة أي راعية أغلب الحول أي السنة.

وكل ذلك بِشُرُوْطٍ وَاعْتِبَارَاتٍ مَعْرُوفَةٍ يَجِبُ عَلَى المسلمِ اَلَّذِي عنده مال وتَجِبُ عَلِيْهِ الزَّكَاةُ أَنْ يَكُوْنَ عَلَىْ عِلمٍ بِهَا .

وأهلُ الزكاةِ هم المذكورون في قولِ اللهِ تعالى : ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ، ففي هذه الآيةِ الكريمةِ بيانُ مَصارفِ الزكاةِ ، وحَصَرها سبحانه في هؤلاءِ الأصنافِ الثمانيةِ :

فالصنفُ الأولُ والثاني : الفقراءُ والمساكينُ ، وهم الذين لا يجدون كِفَايتَهم وكفايةَ عائلتِهم حتى ولو كانوا مُوظَّفِين أو لهم أعمالٌ يقتاتون منها , لأنَّ العبرةَ بالوصفِ ، وذلك بأنْ يكونَ فقيراً أو مسكيناً ،

أمَّا إذا لم يكن كذلك فلا تبرأُ الذمَّةُ بإعطائِه حتى ولو سَأَلَها ، بل يجبُ أنْ يُنصحَ ويُذكَّرَ بأنَّ مَنْ سَأَلَ أموالَ الناسِ تَكَثُّراً فإنَّما يَسْألُ جَمْرَاً .

الصنفُ الثالثُ مِنْ أهلِ الزكاةِ : العامِلُون عليها وهم الذينَ يُنَصِّبُهم وُلاَةُ الأمورِ لِجبايةِ الزكاةِ من أهلها فيُعْطَون منها .

الصنفُ الرابعُ : المؤلَّفَةِ قلوبُهم ، وهم ضعفاءُ الإِيْمانِ أو مَنْ يُخْشَى شَرُّهُمْ ، فيُعْطَونَ مِن الزكاةِ ما يكونُ به تقويةُ إيمانُهم أوْ دفعُ شَرِّهِم إذا لم يندفعْ إلاَّ بإعطائِهِمْ .

الصنفُ الخامسُ : الرِّقَابُ ، وهم الأَرِقَّاءُ المكاتَبُون الَّذِين اشْتَروا أنْفُسَهُم لِيُحَرِّروا بذلك أنْفُسَهم ، ويجوزُ أنْ يُشْترى من الزكاةِ عَبْدٌ فيُعْتَق وأنْ يُفَكَّ بها مُسْلِمٌ من الأسْرِ ، لأنَّ هذا داخلٌ في عموم الرِّقَاب .

الصنفُ السادسُ : الغارِمُون الَّذِين يَتَحَمَّلُون غَرَامةً كمَنْ تَحمَّلَ ديناً أو بَذَلَ مالَه لإِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ وإطْفَاءِ فتنةٍ ، فيُعْطَى من الزكاةِ بقَدْرِ حَمَالتِه تشجيعاً له على هذا العملِ النَّبيْلِ الَّذِي به تأليفُ المسلمين وإصلاحُ ذاتِ بَيْنِهم وإطفاءُ الفتنةِ وإزالةُ الأحْقَادِ والتنافرِ.

السابعُ من أهلِ الزكاةِ : في سبيلِ الله وهو الجهادُ في سبيلِ الله الَّذِي يُقْصَدُ به أنْ تكونَ كلمةُ اللهِ هي العُلْيا لا لحميَّةٍ ولا لعصبيَّةٍ ، فيُعْطَى المجاهدُ بهذه النِّيَّةِ ما يكْفِيهِ لِجِهادِهِ من الزكاةِ .

الثامنُ من أهلِ الزكاة : ابنُ السَّبِيْل وهو المسُافِرِ الَّذِي انقطعَ به السَّفرُ ونَفَد مَا في يَدِه فيُعْطَى مِن الزكاةِ ما يُوصِلُه إلى بلدهِ وإنْ كان غنياً فيها.

(واعلموا أيها الصائمون أنه لا يجوزُ صرفُ الزكاةِ إلا إلى أهلِها الواردِ ذكرُهم في الآيةِ ، فلا يجوزُ صرفُها إلى جهةٍ مجهولةٍ ، خارجيَّةً كانت أو داخليةً ، بل يجبُ أن يتحرَّى الـمُزَكِّي عند إخراجِ الزكاة ، فيعطيها لمستحقِّها ، أو يدفعُها عبرُ المنصاتِ الرسميةِ المصرَّحِ بها.

وبعضُ الناس يخطئ فتراه يسقط الدين عمن استدان منه ويخصمه من زكاته ، وهذا خطأ ، أو يدفع الزكاة لمن جاء يقترض منه مالا ، أو يعطيها لقريب فزعة أو مداهنة أو حياء ،

فالزكاة لا يحابى بها أحد ، كمن يدفعها لولده ، وهذا لا يجوز لأن الزكاة لا تدفع للأصول ولا للفروع ، أو يدفعها لقريبه وليس بمحتاج.

فَلْنَتَّقِ اللهَ أيها المؤمنون وَليَحْرِصْ مَنْ تَجِبُ عَلِيْهِ الزَّكَاْةُ مِنَّاْ عَلَى تَأْدِيَةِ مَا أَوْجَبَ اللهُ سبحانه ، وَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ عَن طِيْبِ نَفْسٍ ، وَكَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ .

أَسْأَلُ اللهَ لِي وَلَكُمْ عِلْمَاً نَافِعَاً ، وَعَمَلَاً خَالِصَاً ، وَسَلَامَةً دَائِمَةً ، إِنَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْبٌ ، اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا ، وَخَيْرَ أَعْمَارِنَا أواخِرَها ، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ.

المشاهدات 221 | التعليقات 0