أَحْسِنُوا خِتَامَ الشَّهْرِ 28/9/1446هـ
خالد محمد القرعاوي
1446/09/24 - 2025/03/24 05:35AM
أَحْسِنُوا خِتَامَ الشَّهْرِ 28/9/1446هـ
الحمدُ لله على جَزيلِ عَطَائِهِ, أَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحده لا شريك له شهادةً نَرجو بها النَّجاةَ يومَ لقائِهِ, وأَشهدُ أنَّ محمدا عبدُ الله ورسولُهُ الدَّاعي إلى جَنَّتِهِ ومَرضَاتِهِ, صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه وأَتبَاعِهِ, ودُعاتِهِ وهُداتِهِ, أمَّا بعد. فاتَّقوا الله عبادَ الله: فإنَّ تقوى اللهِ أَفضَلُ مُكتسَبٍ، وطاعتُه أعلى نسبٍ. صَدَقَ اللهُ: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ بِالأَمسِ أَقبَلَ مُشرقَ الْمِيلادِ شَهْرُ التُّقاةِ ومَوسِمُ العُبَّادِ. واليومَ شدَّ إلى الرَّحيلِ مَتَاعَهُ قد زوَّد الدُّنيا بخيرِ الزَّادِ.
عِبَادَ اللهِ: نَسْتَودِعُ اللهَ رَمضَانَنَا فَقَدْ دَنَا رحيلُهُ؛ فَهنيئًا لِمَن زَكت فيه نَفْسُهُ، وَعَظُمَت لِلخيرِ رَغبتُهُ، هنيئًا لِمَنْ عَفَا عنه الكَرِيمُ، وأعتَقَ رَقَبَتَهُ مِنَ النَّارِ.
أيُّها الصَّائِمُونَ: في تَودِيعِ رَمَضَانَ فُرصَةٌ للتَّأمُّلِ! فلقد عِشْنَا مَعَ القُرْآنِ تلاوةً وتَدَبُّراً, فآمنَّا أنَّهُ النُّورُ والنَّجاةُ, وهو الصِّراطُ الْمُستقيمُ: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
أمَّة الصِّيامِ والقُرآنِ: وأنتم تودِّعونَ موسمَ القُرآنِ والنَّصرِ والتَّمكينِ! أَيقِنُوا أَنَّهُ لا صلاحَ للأحوالِ إلاَّ بالتَّمسُّكِ بالعقيدةِ الإسلامِيَّةِ واتخاذِ القرآنِ الكريمِ مَنهَجا, وجعلِ العَدْلِ مَسلَكاً: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ. هذا هو الأَمَلُ، وعلينا الصِّدقُ والعملُ, وَقَى اللهُ الْمُسلِمِينَ الفِتَنَ مَا ظَهَرَ منها وما بَطَنَ!
أيُّها الصَّائِمون: لقد باتت مَساجدُنا بحمدِ الله في رَمَضَانَ مَلئَ بِصَلاةٍ ودُعَاءٍ, وقِرَاءةٍ وذِكرٍ, فَرِحْنَا بإخوانٍ لنا كانوا يَتَخلَّفونَ عن جَمَاعَتِنا بِتْنَا نَرَاهم معنا رُكَّعاً سُجَّدا! فيا أيُّها الصَّائِمُ: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا.
أيُّها الصَّائِمُونَ: تَودِيعُ رَمَضَانَ: دَرْسٌ لِشَبَابِنَا وَفَتَيَاتِنَا بِأَنْ يَنتَهُوا عَنْ كُلِّ أنواعِ الفِسقِ والْمُجُونِ والسُّفُورِ والتَّهَاوُنِ في شَرْعِ اللهِ تَعالى وأنْ يَأخُذُوا أَمْرَ رَبِّهِم بِجِدٍّ وَتَقْوى ألم يَقُلِ الرَّبُّ الكَرِيمُ: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ.
أيُّها الصَّائِمُونَ: مَنْ اجْتَهَدَ بِالطَّاعَةِ فَلْيَحْمَدِ اللهِ عَلَيها وَلْيَزْدَدْ مِنْهَا وَلْيَسْأَلْ رَبَّهُ القَبُولَ فَإنِّما :(يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).ولَمَّا نَزَلَ قَولُ اللهِ تَعَالى:(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ). قَالَتْ أُمُّنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَهُمُ الذينَ يَشرَبُونَ الخمرَ وَيَسرِقُونَ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:" لا يَا ابْنَةَ الصِّدِّيقِ، ولَكنَّهم الذين يَصُومُون ويُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقونَ وَيَخَافُونَ ألاَّ يُقبَلَ منهم أُولَئِكَ الذين يُسارِعُونَ في الخَيراتِ". فَارْجُوا رَبَّكُمْ وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِهِ, فَاللهُ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ. فَإنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ فَزِدْ, وإنْ كُنْتَ أَبْعَدتَّ فَعُدْ, فَأَقْبِل عَلى رَبِّكَ وَتَضَرَّعْ إليهِ وَتَقَرَّبْ مِنْهُ فَفِي الْوَقْتِ مُتَّسَعٌ, وَرَبُّنَا قَرِيبٌ كَرِيمٌ مُجيبٌ, وَأَبْشِرْ:(فَإنَّما الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ). قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثٍ، يَقُولُ: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ». رَواهُ مُسْلِمٌ. فَالَّلهُمَّ تَقَبَّلْ منَّا إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ, وَتُبْ عَلَينَا إنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ، أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله الذي بنعمتِهِ تَتِمُّ الصَّالحاتِ, أَشهدُ ألاَّ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ واسِعُ العَطَايا وجَزِيلُ الهِبَاتِ, وأَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ الله وَرَسُولُهُ نَبِيُّ الْمَكْرُمَاتِ, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بإحْسَانٍ إلى يومِ الْمَمَاتِ, أمَّا بعد: فاتَّقوا اللهَ وأَطِيعُوهُ ورَاقِبُوا ربَّكم ولا تَعصوهُ. أيُّها الصَّائِمُ: مِن أَعْظَمِ مَا تُودِّعُ به شَهْرَكَ وتَختِمُ بِهِ صِيَامَكَ, الإكْثَارُ مِنْ كَلِمَةِ التَّوحِيدِ وَالاسْتِغْفَارِ، فَقَد جَمَعَ اللهُ بَينَهُمَا بِقَولِهِ:(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ). فالاستغفارُ دَوماً خِتَامٌ لأعْمَالٍ صَالحةٍ مِنْ صَلاةٍ وَحَجٍّ وَقِيَامِ لَيلٍ.
عِبَادَ اللهِ: وَبَعْدَ إتْمَامِ الصِّيَامِ يَقُولُ رَبُّنَا:(وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).فَشَرعَ لَنَا رَبُّنَا زَكَاةَ الفِطْرِ عَلى الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالحُرِّ وَالعَبْدِ صَاعًا مِن تَمْرٍ أَو صَاعًّا مِن شَعِيرٍ وَأَفْضَلُ وَقْتٍ لإخْرَاجِهَا صَبَاحُ العِيدِ، وَتَجوزُ قَبْلَهُ بِيَومٍ أَو يَومَينِ وَجَزَى اللهُ القَائِمِينَ عَلَى جَمْعِيَّةِ البِرِّ الخيريَّةِ, وجَمْعِيَّةِ فَائض فَهُمْ يَسْتَقْبِلُونَ زَكَاةَ الفِطْرِ وَيَقُومُونَ بِإيصَالِهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا, وَقَدْ سَهَّلُوا عَليكُمْ مَهَمَّةَ الشِّرَاءِ بِتَوكِيلِهِمْ عَبْرَ الْمَتَاجِرِ الإلكْتُرُونِيَّةِ. فَطِيبُوا بهَا نَفْسًا فَهِيَ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِن الَّلغْوِ وَالرَّفَثِ, وَإخْرَاجُهَا شُكْرٌ للهِ عَلى مَا أَنْعَمَ وَأَتَمَّ مِنَ الصِّيامِ, وَهِيَ إحْسَانٌ لِلفُقَراءِ وَالْمَسَاكِينِ وَإغْنَاءٌ لَهُمْ عَنْ السُّؤالِ.
أَيُّهَا الصَّائِمُونَ: اسْعَدُوا بِالعِيدِ فَعِيدُنَا شُكْرٌ للهِ وَفَرَحٌ بِفَضْلِهِ وَتَيْسِيرِهِ, فَيُسَنُّ لَكَ أَنْ تَفْرَحَ بِهِ وَأَنْ تُوسِّعَ عَلَى أَهْلِكَ وَأَولادِكَ، وَأَنْ تَتَجَمَّلَ بِلِبْسَ أَحْسَنَ لِبَاسَكَ، وَيُسَنَّ لَهُ الاغْتِسَالُ وَالتَّطيُّبُ وَأَكْلُ تَمَرَاتٍ وِتْرًا قَبْلَ خُرُوجِكَ لِلصَّلاةِ شُكْرًا للهِ وَامْتِثَالاً لأَمْرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
عِبَادَ اللهِ: احْضُرُوا صَلاةَ العِيدِ رِجَالًا وَنِسَاءً وُجُوبًا, حَتَّى النِّسَاءَ الحُيَّضُ أَمَرَهُنَّ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالخُرُوجِ لِصَلاةِ الْعِيدِ لِيَشْهَدْنَ الخَيرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ وَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى! فِي الصَّحِيحَينِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ. قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا.(وَالْعَوَاتِقَ) هِيَ مَنْ بَلَغَتْ الْحُلُمَ أَوْ قَارَبَتْ, أَوْ اِسْتَحَقَّتْ التَّزْوِيج (وَذَوَاتِ الْخُدُورِ) هُنَّ الأَبْكَارُ والاسْتِدْلالَ بهذا الْحَدِيثِ عَلى وُجوبِ صَلاةِ العِيدِ مِن أَقْوَى الأدِلَّةِ. وَيَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهَا مِنْ غَيرِ عُذْرٍ. قَالَ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ صَلاةُ الْعِيدَينِ كَصَلاةِ الْجُمُعَةِ, وَيَلْزَمُ مَنْ فَاتَتْهُ أَنْ يَقْضِيَهَا رَكْعَتَينِ. وَقَالَ ابنُ الْعُثَيمِينَ رَحِمَهُ اللهُ: أَرَى أَنَّ صَلاةَ العِيدِ فَرْضُ عَينٍ، وَأَنَّهُ لا يجوزُ لِلرِّجَالِ أَنْ يَدَعُوهَا.
عِبَادَ اللهِ: قَالَ اللهُ تَعَالى:{وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}فَقَدْ شَرَعَ لَنَا رَبُّنَا التَّكْبِيرَ مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ لَيلَةَ العِيدِ إلى صَلاةِ العِيدِ. فَأَكْثِرُوا مِنَ التَّكْبِيرِ لَيلَةَ العِيدِ وَصَبَاحَهُ تَعْظِيمًا لِلهِ وَشُكْرًا لَهُ على هِدَايَتِهِ وَتَوفِيقِهِ، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: "حَقٌّ عَلى الْمُسْلِمِينَ إذَا رَأَوا هِلالَ شَوالٍ أَنْ يُكبِّروا". وَاْجْهَرُوا بِهِ في مَسَاجِدِكُمْ وَأَسْوَاقِكُمْ وَمَنَازلِكُمْ وَطُرُقَاتِكُمْ، وَلْتُكَبِّرَ النَّسَاءُ سِرًّا، وَلْيَقْصُرْ أَهْلُ الغَفْلَةِ عَن آلاتِ الطَّرَبِ وَالأَغَاني الْمَاجِنَةِ، وَلا يُكَدِّرُوا أَوقَاتَنَا الشَّريفَةَ بِمَزامِيرِ الشَّيَاطِينِ وَكَلامِ الفَاسِقِينَ. وَقَد تَقَرَّرَ إقَامَةُ صَلاةِ العِيدِ هُنَا بِإذْنِ اللهِ معَ عَدَدٍ مِنَ الْمُصَلَّيَاتِ وَالْجَوامِعِ. في تمام الساعة ....
أيُّها الصَّائِمونَ: في خِتَامِ شِهْرِنَا الْمُبَارَكْ نُوَجِّهُ بُشْرَى لِمَنْ كَانَ مُرَابِطًا على كَسْبِ عَيشِهِ, أو مُرابِطًا بِخِدْمَةِ إخْوانِهِ مِن رِجَالِ الأَمْنِ, أَو بالْمُستَشفَيَاتِ لِخِدْمَةِ إخوانِهِ, بِأَنَّكُمْ عَلى خَيرٍ وَعِبَادَةٍ وَبِرٍّ فَمَا حَبَسَكُمْ إلَّا الْعُذْرُ, فَأَنْتُمْ مُرَابِطُونَ في سَبِيلِ خِدْمَةِ إخوانِكُمْ وَبِلادِكُمْ, أَنْتُمْ شُرَكَاءٌ لِلْمُتَعَبِّدِينَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الَّليَالِي الْفَاضِلَةِ! فَحِينَ سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِغَزْوَةِ تَبُوكَ تَخَلَّفَ أُنَاسٌ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عُذْرٍ فَقَالَ عَنْهُمْ مُعْتَذِرًا لَهُمْ وَمُبَشِّرًا لَهُمْ: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالاً مَا سِرْتُمْ مَسِيراً، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً, إِلاَّ وَهُمْ مَعَنَا، إِلاَّ شَركُوكُمْ في الأَجْرِ, حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ).
أَيُّهَا الصَّائِمُونَ: يَا مَنْ صُمْتُمْ وَعَمِلْتُمْ وَقُمْتُمْ، بُشْرَاكُمْ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ, وَعِتْقٌ وَغُفْرَانٌ؛ فَرَبُّنَا لا يُضَيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً، فَاحْمَدوا اللهَ عَلى بُلُوغِ الْخِتَامِ، وَسَلُوهُ قَبُولَ القَولِ وَالعمَلِ, ولا تَمُنُّوا على اللهِ بالعمَلِ، بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ للإيمانِ, وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَولا أَنْ هَدَانَا اللهُ.
أيُّهَا الصَّائِمُ: بَادِرْ بِالتَّوبَةِ قَبْلَ الخِتَامِ وردِّد:(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).فَاللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ اشْرَحْ صُدُورَنَا لِطَاعَتِكَ وَأَعِنَّا عَلَى أَنْفُسِنَا الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْنَا مِنْ عُتَقَاءِكَ من النَّار فِي هَذَا الشَّهْرِ الكَريمِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ صِيَامَنَا وَقِيَامَنَا وَدُعَاءَنَا وَصَالِحَ أَعْمَالِنَا. اللهم اختم لنا شَهْرَ رَمَضَانَ بغفرانِكَ والعتقِ من نيرانِكَ. اللهم أعز الإسلامَ والْمُسلمينَ، واحمِ حوزةَ الدينِ، واجعل بلادنا وبلادَ الْمُسلمينَ آمِنَةً مُطمئِنَّةً يا ربَّ العالمين. اللهم وفَّق ولاةَ أمورنا لما تُحبُ وترضى، وفقهم لأداء الأمانة. وَاجزِهِمْ خيرا على خدمة الإسلامِ والمسلمين. اللَّهُمَّ احفظ حُدُودَنا وانْصُرْ جُنُودَنا, (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهاب)، (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الل خيرا
تعديل التعليق