أحداث خان شيخون وواجب النصرة بالدعاء
أبو ناصر فرج الدوسري
1438/07/09 - 2017/04/06 18:38PM
أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ ﴿فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولي الأَلبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَد أَنزَلَ اللهُ إِلَيكُم ذِكرًا * رَسُولاً يَتلُو عَلَيكُم آيَاتِ اللهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ وَمَن يُؤمِنْ بِاللهِ وَيَعمَلْ صَالِحًا يُدخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَد أَحسَنَ اللهُ لَهُ رِزقًا﴾ الطلاق:10-11.
عباد الله : إن الشريعة مستفيضة بوجوب نصرة المظلوم، قال تعالى: ﴿ وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴾ النساء: 75،
وقال تعالى: ﴿ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ﴾ الأنفال: 72،
وقال ﷺ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» رواه البخاري.
عباد الله: إنَّ مايحدث اليوم في العالم العربيّ كلّه تدعُو كلَّ مسلمٍ إلى محاسبةِ نفسه والإقلاعِ من ذنوبه، فوالله ما وقع كربٌ ولا حربٌ إلا بذنبٍ، ولا ارتفع إلا بتوبة.
يا مسلمون: إنَّ عقابَ الله لا يُدفع بقوةٍ ماديةٍ ولا بجهود بشرية، وإنَّ الفتنَ لا تدرأ بالحيل ولا بالتمادي إنما بالالتجاء إلى الله، بالعودة لدين الله، بالدعوة لشريعة الله.
ماذا نقول لربي حين يسألنا *** عن الشريعة لم نحيي معانيها
ومن يجيب إذا قال الحبيب لنا *** أذهبتموا سنتي والله محييها
يا قومي إنَّ أحداث سوريا والعراق وغيرها دعوةٌ لكل مسلمٍ، يعصي اللهَ وأمَّتُه تُذل، ويسبح في الشهوات ومسلمةٌ تغتصب، ويغرق في سكرة الهوى ودماءٌ المسلمين تُراق.
فإن كانت مساجدُ الشام خلتْ من المصلين؛ خوفًا من بطش زبانية النظام، وقد حالوا بينهم وبينها، فإن مساجدنا ومساجد البلاد حولهم تشكو الهاجرين المتخلفين في جميع الصلوات وفي صلاة الفجر بالذات، رغم ما ينعمون به من أمن وصحة ورخاء.
وإذا كان أهل الشام تزعج مسامعَهم أصواتُ القاذفات والراجمات، فإننا ننزعج من أصوات الشيلات والأغاني في السيارات والمهرجانات.
وإذا كان أهل الشام أدركوا خطرَ الرافضةِ والباطنيةِ والملاحدة، فإن شبابنا يتسابقون على مسلسلاتهم وبرامجهم التلفزيونية ومتمسكين بقنواتهم الهابطة ومعجبين بشخصياتهم.
وإن كان إخواننا في الشام والعراق والصومال يموتون جوعاً ويبحثون عن قطعة الخبز اليابسة! , فإن أصحاب مزاينات الإبل والحفلات يبحثون عن مكان يرمون فيه الطعام الذي لم يأكلوه في وقته!
وإن كانت نفوسكم تشمئز من رؤية الأطفال وهم يلفظون أنفاسهم بعد إصابتهم بالكيماوي , فإن نفسونا تشمئز من رؤية أطفالنا يتراقصون على الأغاني كالنساء !!
اتقوا الله! أيها الراقصون على الجراح اتقوا الله ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ الزمر:55
أتقوا الله ياعباد الله واعلموا أن كل معصية نعصي الله بها وكل طاعة نفرط فيها هي دليلُ إدانةٍ ضدِّنا في محكمة دماء المسلمين الأبرياء.
يا مسلمون أين دعاؤكم! أين دعوتكم! أين عودتكم؟! توبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
﴿ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ* مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ* وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ* يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ غافر: 30 -33
أنا أقسمت بالله الذي *** برأ الكون من عدم
إن رضينا بسخفنا *** وركنا إلى النعم
فخطى الخصم ماضيات *** من دمشق للحرم
حينها يندم الجميعُ *** ولا ينفع الندم
وأخيراً -عباد الله- لنعلم أن المآسي كلما زاد ألمها وعظم جرحها فدافعتها الأمة بالصبر والتقوى، فإن التغيير بعدها كبير بكبر حجم هذه المأساة؛ لقد تسلط فرعون على أهل مصر فسامهم سوء العذاب، وأنَّ الناس من جبروته وعلوه وزهوِّه، وهم لا يدرون أن في غيب الله المستور ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾ [القصص:5].
ثم بعدين أربعين سنة من سياسة البطش والتنكيل، كان المكافأة عظيمة، والتغيير كبيراً، رأى الناس القوم الذين يستضعفون يرثون الأرض، ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف:137].
اللهم إليك تبنا وبك اعتصمنا، وعليك توكلنا، فاغفر لنا ما أسررنا وما أعلنا، وما قدمنا وما أخرنا، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، سبحانك إنا كنا من الظالمين..
الخطبة الثانية
أمَّا بعدُ: فاتَّقوا الله ياعباد الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ .
أيُّها المُسلمونَ: مَهمَا بَلَغت قُوَّةُ الظَّالم وَضَعُفَ المَظلُومُ!
فإنَّ الظَالِمَ مَخذُولٌ، والمظلوم منتصر ولو بعد حين, وأقوى السلاح دَعوةُ المَظلُومِ، يَرفَعُها للحيُّ القَيُّومُ,
ويقولُ:"وعِزَّتي وَجَلالِي! لَأَ نْصُرَنَّكِ وَلَو بَعْدَ حِينٍ"﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
عبادَ اللهِ: تَعيشُ سُورِيَا على نَوَازلَ وَبَلايا! وَفَواجِعَ وَرَزَايَا! فَالقَتْلَى بالالآفِ! والبِلادُ للإتلافٍ! الصَّلواتُ عُطِّلَتْ,
والجُمَعُ أُغلِقَتْ! وإلى اللهِ الْمُشتَكَى, وَهُو حسبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيلُ!
وما يحدث اليوم في خان شيخون من إبادة أهلها بالكيماوي ليس جديد على أعداء الأمة
فَيا مُؤمِنُونَ: نُذكِّركمُ بِاللهِ, وَنَسأَلُكُم بِاللهِ العَظِيمِ الذي لَهُ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ, أَنْ تتَّقوا اللهَ فِي إخْوَانِكم ألحوا بالدعاء.
وَاللهِ يَامُؤمِنُونَ: لَيسَ مَعَنا إلاَّ الدُّعَاءُ! وَصِدْقُ الالتجاء إلى اللهِ تَعَالَى القَائِلِ: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ ﴾ .
فَأَلِحُّوا على اللهِ بالدُّعاءِ: (وأَعجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عن الدُّعاءِ).
رَبَّنَا أَعِنْ إخوَانَنَا في سوريا وفي كلِّ مكان ولا تُعِنْ عَلَيهم وانصُرهم ولا تَنْصُرْ عَلَيهم، وامكُرْ لهم ولا تَمْكُرْ عَلَيهم، واهدهم ويَسِّر الهُدَى لهم، وانصرهم على من بَغَى عَلَيهم.
اللَّهُمَّ اهْزِمِ طواغيتَ العصرِ وجُنْدَهم، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ، وَانْصُر إخوانَنَا عَلَيْهِمْ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ في نُحورِهِم، وَنَعوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهمْ.
اللَّهُمَّ اِكْفِنَاهمْ بِمَا شِئْتَ. اللَّهُمَّ سَلِّطْ عليهم جُنداً من جُندِكَ.
اللهمَّ يَا قَوِيُّ انصُرْ إخوانَنا بِقُوتِكَ، على أعدائهم ومن عاونهمِ!
اللهم يا كاشِفَ الضَّرَّاءِ، فَرِّج عن إخوانِنَا في سُوريا والعراق واليمن وفلسطين وبورما والصومال وفي كل مكان.
اللهم لَا تَكِلْهُمْ إلينا فَنضْعُفَ عَنْهُمْ، ولا تَكِلْهُمْ إلى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عنها، اللهم كِلْهُم إلى رحمَتِكَ التي وَسِعَت كُلَّ
شَيءٍ.
اللَّهُمَّ وحِّد صفوفَهم, واجمع كلمتَهم على الحقِّ والهدى, اللَّهُمَّ احقن دِمائَهم, واحفظ أعراضَهم وأموالَهم.
اللَّهُمَّ تَقَبَّل موتَاهم في الصَّالِحينَ, واشفِ مرضَاهُم, وهيئ لهم قادةً صالحينَ مُصلِحينَ.
اللهم إنا نستودعك سوريا وأهلها، أمنها وأمانها، ليلها ونهارها، أرضها وسماءها، رجالها ونساءها
اللهم احفظها بحفظك، وجميع بلاد المسلمين!
اللهم انصر عبادك المسلمين على أعدائهم اللهم افتح لهم فتحا يسيرا وانصرهم نصرا عزيزا واجعل لهم من لدنك سلطانا نصيرا.
اللَّهُمَّ وَانصُرْ إِخوَانَنَا مِن أَهلِ السُّنَّةِ في كُلِّ مَكَانٍ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكرَامِ يَا رَبَّ العَالمِينَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوطَانِنَا، وَوَلِّ عَلَينَا خِيَارَنَا، وَاكفِنَا شَرَّ شِرَارِنَا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَينَا بِذُنُوبِنَا مَن لا يَخَافُكَ فِينَا وَلا يَرحَمُنَا.
اللهم أصلح لنا شأننا كله ونياتنا و قضاءنا وتبعاتنا واجعلنا لأنعمك من الشاكرين و اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ثبتنا الله وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إنه بالمؤمنين رؤوف رحيم.
عباد الله : إن الشريعة مستفيضة بوجوب نصرة المظلوم، قال تعالى: ﴿ وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴾ النساء: 75،
وقال تعالى: ﴿ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ﴾ الأنفال: 72،
وقال ﷺ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» رواه البخاري.
عباد الله: إنَّ مايحدث اليوم في العالم العربيّ كلّه تدعُو كلَّ مسلمٍ إلى محاسبةِ نفسه والإقلاعِ من ذنوبه، فوالله ما وقع كربٌ ولا حربٌ إلا بذنبٍ، ولا ارتفع إلا بتوبة.
يا مسلمون: إنَّ عقابَ الله لا يُدفع بقوةٍ ماديةٍ ولا بجهود بشرية، وإنَّ الفتنَ لا تدرأ بالحيل ولا بالتمادي إنما بالالتجاء إلى الله، بالعودة لدين الله، بالدعوة لشريعة الله.
ماذا نقول لربي حين يسألنا *** عن الشريعة لم نحيي معانيها
ومن يجيب إذا قال الحبيب لنا *** أذهبتموا سنتي والله محييها
يا قومي إنَّ أحداث سوريا والعراق وغيرها دعوةٌ لكل مسلمٍ، يعصي اللهَ وأمَّتُه تُذل، ويسبح في الشهوات ومسلمةٌ تغتصب، ويغرق في سكرة الهوى ودماءٌ المسلمين تُراق.
فإن كانت مساجدُ الشام خلتْ من المصلين؛ خوفًا من بطش زبانية النظام، وقد حالوا بينهم وبينها، فإن مساجدنا ومساجد البلاد حولهم تشكو الهاجرين المتخلفين في جميع الصلوات وفي صلاة الفجر بالذات، رغم ما ينعمون به من أمن وصحة ورخاء.
وإذا كان أهل الشام تزعج مسامعَهم أصواتُ القاذفات والراجمات، فإننا ننزعج من أصوات الشيلات والأغاني في السيارات والمهرجانات.
وإذا كان أهل الشام أدركوا خطرَ الرافضةِ والباطنيةِ والملاحدة، فإن شبابنا يتسابقون على مسلسلاتهم وبرامجهم التلفزيونية ومتمسكين بقنواتهم الهابطة ومعجبين بشخصياتهم.
وإن كان إخواننا في الشام والعراق والصومال يموتون جوعاً ويبحثون عن قطعة الخبز اليابسة! , فإن أصحاب مزاينات الإبل والحفلات يبحثون عن مكان يرمون فيه الطعام الذي لم يأكلوه في وقته!
وإن كانت نفوسكم تشمئز من رؤية الأطفال وهم يلفظون أنفاسهم بعد إصابتهم بالكيماوي , فإن نفسونا تشمئز من رؤية أطفالنا يتراقصون على الأغاني كالنساء !!
اتقوا الله! أيها الراقصون على الجراح اتقوا الله ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ الزمر:55
أتقوا الله ياعباد الله واعلموا أن كل معصية نعصي الله بها وكل طاعة نفرط فيها هي دليلُ إدانةٍ ضدِّنا في محكمة دماء المسلمين الأبرياء.
يا مسلمون أين دعاؤكم! أين دعوتكم! أين عودتكم؟! توبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
﴿ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ* مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ* وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ* يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ غافر: 30 -33
أنا أقسمت بالله الذي *** برأ الكون من عدم
إن رضينا بسخفنا *** وركنا إلى النعم
فخطى الخصم ماضيات *** من دمشق للحرم
حينها يندم الجميعُ *** ولا ينفع الندم
وأخيراً -عباد الله- لنعلم أن المآسي كلما زاد ألمها وعظم جرحها فدافعتها الأمة بالصبر والتقوى، فإن التغيير بعدها كبير بكبر حجم هذه المأساة؛ لقد تسلط فرعون على أهل مصر فسامهم سوء العذاب، وأنَّ الناس من جبروته وعلوه وزهوِّه، وهم لا يدرون أن في غيب الله المستور ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾ [القصص:5].
ثم بعدين أربعين سنة من سياسة البطش والتنكيل، كان المكافأة عظيمة، والتغيير كبيراً، رأى الناس القوم الذين يستضعفون يرثون الأرض، ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف:137].
اللهم إليك تبنا وبك اعتصمنا، وعليك توكلنا، فاغفر لنا ما أسررنا وما أعلنا، وما قدمنا وما أخرنا، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، سبحانك إنا كنا من الظالمين..
الخطبة الثانية
أمَّا بعدُ: فاتَّقوا الله ياعباد الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ .
أيُّها المُسلمونَ: مَهمَا بَلَغت قُوَّةُ الظَّالم وَضَعُفَ المَظلُومُ!
فإنَّ الظَالِمَ مَخذُولٌ، والمظلوم منتصر ولو بعد حين, وأقوى السلاح دَعوةُ المَظلُومِ، يَرفَعُها للحيُّ القَيُّومُ,
ويقولُ:"وعِزَّتي وَجَلالِي! لَأَ نْصُرَنَّكِ وَلَو بَعْدَ حِينٍ"﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
عبادَ اللهِ: تَعيشُ سُورِيَا على نَوَازلَ وَبَلايا! وَفَواجِعَ وَرَزَايَا! فَالقَتْلَى بالالآفِ! والبِلادُ للإتلافٍ! الصَّلواتُ عُطِّلَتْ,
والجُمَعُ أُغلِقَتْ! وإلى اللهِ الْمُشتَكَى, وَهُو حسبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيلُ!
وما يحدث اليوم في خان شيخون من إبادة أهلها بالكيماوي ليس جديد على أعداء الأمة
فَيا مُؤمِنُونَ: نُذكِّركمُ بِاللهِ, وَنَسأَلُكُم بِاللهِ العَظِيمِ الذي لَهُ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ, أَنْ تتَّقوا اللهَ فِي إخْوَانِكم ألحوا بالدعاء.
وَاللهِ يَامُؤمِنُونَ: لَيسَ مَعَنا إلاَّ الدُّعَاءُ! وَصِدْقُ الالتجاء إلى اللهِ تَعَالَى القَائِلِ: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ ﴾ .
فَأَلِحُّوا على اللهِ بالدُّعاءِ: (وأَعجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عن الدُّعاءِ).
رَبَّنَا أَعِنْ إخوَانَنَا في سوريا وفي كلِّ مكان ولا تُعِنْ عَلَيهم وانصُرهم ولا تَنْصُرْ عَلَيهم، وامكُرْ لهم ولا تَمْكُرْ عَلَيهم، واهدهم ويَسِّر الهُدَى لهم، وانصرهم على من بَغَى عَلَيهم.
اللَّهُمَّ اهْزِمِ طواغيتَ العصرِ وجُنْدَهم، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ، وَانْصُر إخوانَنَا عَلَيْهِمْ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ في نُحورِهِم، وَنَعوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهمْ.
اللَّهُمَّ اِكْفِنَاهمْ بِمَا شِئْتَ. اللَّهُمَّ سَلِّطْ عليهم جُنداً من جُندِكَ.
اللهمَّ يَا قَوِيُّ انصُرْ إخوانَنا بِقُوتِكَ، على أعدائهم ومن عاونهمِ!
اللهم يا كاشِفَ الضَّرَّاءِ، فَرِّج عن إخوانِنَا في سُوريا والعراق واليمن وفلسطين وبورما والصومال وفي كل مكان.
اللهم لَا تَكِلْهُمْ إلينا فَنضْعُفَ عَنْهُمْ، ولا تَكِلْهُمْ إلى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عنها، اللهم كِلْهُم إلى رحمَتِكَ التي وَسِعَت كُلَّ
شَيءٍ.
اللَّهُمَّ وحِّد صفوفَهم, واجمع كلمتَهم على الحقِّ والهدى, اللَّهُمَّ احقن دِمائَهم, واحفظ أعراضَهم وأموالَهم.
اللَّهُمَّ تَقَبَّل موتَاهم في الصَّالِحينَ, واشفِ مرضَاهُم, وهيئ لهم قادةً صالحينَ مُصلِحينَ.
اللهم إنا نستودعك سوريا وأهلها، أمنها وأمانها، ليلها ونهارها، أرضها وسماءها، رجالها ونساءها
اللهم احفظها بحفظك، وجميع بلاد المسلمين!
اللهم انصر عبادك المسلمين على أعدائهم اللهم افتح لهم فتحا يسيرا وانصرهم نصرا عزيزا واجعل لهم من لدنك سلطانا نصيرا.
اللَّهُمَّ وَانصُرْ إِخوَانَنَا مِن أَهلِ السُّنَّةِ في كُلِّ مَكَانٍ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكرَامِ يَا رَبَّ العَالمِينَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوطَانِنَا، وَوَلِّ عَلَينَا خِيَارَنَا، وَاكفِنَا شَرَّ شِرَارِنَا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَينَا بِذُنُوبِنَا مَن لا يَخَافُكَ فِينَا وَلا يَرحَمُنَا.
اللهم أصلح لنا شأننا كله ونياتنا و قضاءنا وتبعاتنا واجعلنا لأنعمك من الشاكرين و اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ثبتنا الله وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إنه بالمؤمنين رؤوف رحيم.
المرفقات
أحداث خان شيخون وواجب النصرة بالدعاء.docx
أحداث خان شيخون وواجب النصرة بالدعاء.docx