أحداثُ العراق وحديثُ الشاب النقي //عبد الله القرشي

احمد ابوبكر
1435/08/20 - 2014/06/18 02:14AM
ما حدث في العراق هذه الأيام شيء غريب! ومن الصعب أن يتحول هذا الحدث إلى فرحة.. في ظل الغموض والغرابة التي تلف الأحداث، والأسئلة المشكلة التي تحيط بها، والسيناريوهات المقلقة على أهل السنة هناك. أما المآل والعاقبة فالخيرُ والفرج بإذن الله.. ولكن دون ذلك أهوالُ!
إن الواقع السيئ الذي أناخ بكلكله على صدور أهل السنة منذ أن تسلطت عليهم المليشيات الطائفية، والنظام الطائفي البغيض، جعل كل تغيير محل ترحيب؛ كرها في الواقع وليس وعيًا واختيارًا للقادم. ونسأل الله أن يهيئ لهم من أمرهم رشدًا.

من الأمور الواضحة في أحداث العراق المشاركة الفاعلة لداعش، إن لم تكن هي الأكثر فاعلية فهي شريك قوي فيما حدث ويحدث هناك. وهذا سيعطيها زخما جديدا في أوساط الشباب، كما أنه سيؤثر على معادلة القوى وموازينها في الأرض السورية. والذي يهمنا هنا هو المحافظة على الشباب من فتنة الغلو والتكفير والجرأة على الدماء والأموال. فإن الجماعات الغالية ما زالت تستقطب المزيد من شبابنا، في الوقت الذي نكتفي فيه بالتحذير والحلول الأمنية فحسب، وهذه وحدها لا تكفي في الحل والمعالجة. إن مشروع الحماية والتحصين يعاني ضعفا كبيرا على مستوى فهم المشكلة وتحليلها، وعلى مستوى الإقناع والتأثير. كيف يتحول هذا الشاب إلى أداة طيّعة في جماعات الغلو، يكفّر، ويفجر، ويسفك الدماء، وينهب الأموال؟! كيف تستقطب هذه الجماعات الغالية عناصرها الجديدة؟! ما الشريحة الأكثر تأثّرا بالخطاب الغالي، وما السمات المشتركة في ظروفها وخصائصها؟!

وأسئلة كثيرة تنتظر البحث والتحليل الجاد لفهم الظاهرة وتحليلها؛ حتى تأتي مشاريع التحصين والتصحيح على قاعدة صلبة من العلم والدراية.
هذا على مستوى (الفهم والتحليل)، أما مستوى (الإقناع والتأثير) فهو كذلك يعاني ضعفا وتقصيرًا؛ فإن ما يجده الشاب من التأثير والإقناع والتبرير عند هذه الجماعات أكثر مما يجده عند المحذرين منها! إن من عرف الإسلام واعتنى بالعلم الشرعي يدرك تماما أن ما تصنعه هذه الجماعات الغالية ضلال في الدين، يفسد دين الناس ودنياهم، ولكن كيف تصل هذه القناعة إلى شاب صغير يتعرّض لخطابهم، ويسمع عاطفتهم وغيرتهم على الدين، وشوقهم إلى الجنة، ومراغمتهم لأعداء الله؟

كيف تتحول هذه القناعات الراسخة عند أهل العلم إلى خطاب سهل ومؤثر يفهمه هذا الشباب ويتأثر به ويكتشف به الحق والحقيقة؟ هذا الجهد في الإقناع والتأثير أنفع بكثير من الجهود التي تنفق في أعمالٍ هي أقرب للسب والكراهية من قربها للعلم والإقناع.
إن هذا الشاب النقي المضحي من أجل دينه وأمته جدير باهتمامنا ورحمتنا وعنايتنا، ومن التفريط العظيم أن نترك هذا النقاء والعطاء ضحية للجماعات الغالية. هو بحاجة لقربنا حتى نفهم أحاسيسه ولغته وأفكاره وإشكالاته، وبحاجة لعلمنا وعملنا ومهاراتنا حتى نُقرّب له الحقيقة ونقنعه بها. إن إخفاقنا مع هذا الشاب النقي المضحي يجعل من هذا الشاب حَطَبا جديدا توقَد به نار الفتنة والفوضى والعياذ بالله، أما إذا نجحنا في (فهمه) وَ (إقناعه) فإنه سيكون طاقة جديدة من الحب والعطاء، والنماء والانتماء، وسيكون زينة الحاضر، وذخر المستقبل. وفي الحديث: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم».
المشاهدات 852 | التعليقات 0