أحاديث عن شر الخبيث ( 1 )

14 / 7 / 1442

الحمد لله المتُعالي عن الأنداد، المتُنزِّهِ عن الصاحِبةِ والأوْلاد،  قَدَّرَ ما كان وما يكونُ من الضَّلال والرَشاد،  وأشهد أنْ لا إِله إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ الملكُ الرَّحيمُ بالعباد، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسولهُ المبعوث إلى جميعِ الخلْق في كلِّ البلاد، صلَّى الله وسلم عليه وعلى جميع الآلِ والأصْحابِ والتابعينَ لهم بإحَسانٍ إلى يوم التَّنَاد،   أما بعد : فأوصيكم ونفسي بتقوى الله ، فمن اتقاه اطمأنت نفسه وطاب عيشه {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }النحل97

عباد الرحمن : الجنة ورضا الله أعظم مطلوب ، و لكن الشيطان يسعى لحرماننا ، والنار وسخط الرب أعظم مَرْهُوب ، و ولكن الشيطان يسعى لإيقاعنا في هذا الخسران ، ولذا شُرعت الاستعاذة بالله من الشيطان في مواضع كثيرة ، وقد جاءت نصوص نبوية تدور حول عداوة الشيطان أعاذنا الله منه ، فتعالوا نتذاكر بعض الأحاديث عن شر الخبيث !

 لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه العداوة المبكرة ؛ ففي الحديث : " ما مِن مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِن نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ، إِلَّا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ. ثُمَّ قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {وَإنِّي أُعِيذُهَا بكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[آل عمران: 36]. أخرجه الشيخان .                               عباد الله : الشياطين تريد مشاركة الإنسان مبيته وطعامه ففي الحديث: " إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قالَ الشَّيْطَانُ: لا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وإذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ، وإذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالْعَشَاءَ" . رواه مسلم .

  وفي هذا إرشاد إلى التسمية عند الأكل وعند دخول البيت ، وقد جاء في حديث آخر الإرشاد إلى أكل ما سقط وعدم تركه للشيطان ؛ ففي الحديث : "  إنَّ الشَّيْطانَ يَحْضُرُ أحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شيءٍ مِن شَأْنِهِ، حتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعامِهِ، فإذا سَقَطَتْ مِن أحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ، فَلْيُمِطْ ما كانَ بها مِن أذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْها، ولا يَدَعْها لِلشَّيْطانِ " رواه مسلم .

 عباد الرحمن : الصلاة أعظمُ عبادةٍ بعد التوحيد ولذا يسعى الشيطان للتشويش على المصلي ؛ جاء في صحيح مسلم : أنَّ عُثْمَانَ بنَ أَبِي العَاصِ، أَتَى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ الشَّيْطَانَ قدْ حَالَ بَيْنِي وبيْنَ صَلَاتي وَقِرَاءَتي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ذَاكَ شيطَانٌ يُقَالُ له خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ باللَّهِ منه، وَاتْفِلْ علَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا قالَ: فَفَعَلْتُ ذلكَ فأذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي ".

و في حديث آخر : إِذَا نُودِيَ بالصَّلَاةِ أدْبَرَ الشَّيْطَانُ وله ضُرَاطٌ، فَإِذَا قُضِيَ أقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بهَا أدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ أقْبَلَ، حتَّى يَخْطِرَ بيْنَ الإنْسَانِ وقَلْبِهِ، فيَقولُ: اذْكُرْ كَذَا وكَذَا، حتَّى لا يَدْرِيَ أثَلَاثًا صَلَّى أمْ أرْبَعًا، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أوْ أرْبَعًا، سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ " أخرجه الشيخان .

والشياطين -إخوة الإيمان- تسعى للعداوة بين الناس  وبالذات تفكيك الأسرة ؛ ففي الحديث : " إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فيَقولُ: ما صَنَعْتَ شيئًا، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ، قالَ: فيُدْنِيهِ منه ويقولُ: نِعْمَ أنْتَ." رواه مسلم  ، وفي حديث آخر  : "  إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أيِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ " رواه مسلم .

فلنحذر هذا العدو الملازم ففي الحديث الصحيح" ما منْكُم مِن أحدٍ ، إلَّا و قد وُكِّلَ بهِ قرينُه من الجِنِّ ، و قرينُه من الملائكَةِ . قالُوا : و إيَّاكَ ؟ قالَ : و إيَّايَ ، إلَّا إنَّ اللهَ أعانَنِي عليهِ فأسلَمَ ، فلا يأمرُني إلَّا بخَيرٍ" . (مسلم)

اللهم إنا نعوذ بك من شر الشيطان وشركه ، اللهم أعذنا من اتباع خطواته ، واستغفروا الله إنه كان غفارا

الحمد لله القائل {  إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً }النساء76  و صلى الله وسلم على نبيه الذي أرشدنا وعلمنا ما يحفظنا من الشياطين  وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :

عباد الله  : فالغضب من الشيطان ؛ " اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ أَحَدُهُما يَغْضَبُ وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ، فَنَظَرَ إلَيْهِ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لو قالَهَا لَذَهَبَ ذَا عنْه: أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " رواه مسلم . وكم من مصائبٍ جر إليها الغضب !                                     إخوة الإيمان : والشيطان لا يدع حتى النائم ! فإنه إن استطاع ، آذاه في منامه بالأحلام المزعجة ؛ ففي الحديث : " الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، والحُلْمُ مِنَ الشَّيْطانِ، فإذا حَلَمَ فَلْيَتَعَوَّذْ منه، ولْيَبْصُقْ عن شِمالِهِ، فإنَّها لا تَضُرُّهُ " أخرجه الشيخان  . والشيطان يسعى لصرف النائم عن الصلاة قال عليه الصلاة والسلام : " يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ ". أخرجه الشيخان .

أيها المؤمنون : الشيطان كيده خطير ولكنه ضعيف يدفعه قوة الإيمان والتوكل على الله {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }النحل99  والاستعاذة بالله وذكر الله عموما يطرده ، وصح في السنة أحاديث كثيرة يحفظ الله عبده بها من الشيطان ؛ كحديث " مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ. في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ...  وفيه: "  وكانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ، يَومَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسِيَ " أخرجه الشيخان . وكحديث : " إذا خرجَ الرَّجلُ من بيتِهِ فقالَ : ( بِسمِ اللهِ ، توكَّلتُ على اللهِ ، لا حَولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ ) ؛ يُقالُ لهُ : حَسبُك ، هُدِيتَ وكُفِيتَ ووُقِيتَ ، وتَنحَّى عَنهُ الشَّيطانُ " . صححه الألباني ، وكحديث : "  لا تَجعَلوا بُيوتَكم مَقابرَ؛ فإنَّ الشَّيطانَ يَفِرُّ مِن البَيتِ الَّذي تُقرَأُ فيه البَقَرةُ " أخرجه مسلم  ، وكذا آية الكرسي عند النوم والتسمية عند الأكل والشراب وعند دخول البيت وعند دخول الخلاء وعند الجماع .فكل ذلك مما يحفظ به اللهُ عبدَه من الشيطان كما صح في الأحاديث ..

ختاما : الشيطان يترصد ويتحيّن الفرصة في يقظتنا ومنامنا ، عند طعامنا وشرابنا ، وفي صلاتنا وعباداتنا ، وفي علاقاتنا و تعاملاتنا ؛ فلنستعن بالقادر عليه سبحانه بذكر الله وتقوية الإيمان والاستعاذة من الشيطان ..

وحذار أن يكون هو منشغل بنا ونحن مشغولون عنه !

ثم صلوا وسلموا ....

المرفقات

1614797192_أحاديث عن شر الخبيث1.docx

المشاهدات 903 | التعليقات 0