أجمل بدو عرفهم التاريخ

أجمل بدو عرفهم التاريخ



محمدالصوياني



وصف معتوه في قناةالجزيرة القبائل العربية ومن معها من المسلمين، بأنها قبائل بدوية همجية خرجت منالجزيرة مرتين لنشر الظلام، على أراض لم تغب عنها شمس الحضارة يوماً كما يقول: ويقصد بالمرة الأولى خروجهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقصد بالمرةالثانية خروجهم لنشر الدعوة السلفية التصحيحية، ويقصد بتلك الأراضي التي لم تغبعنها شمس الحضارة: العراق والشام ومصر وبلاد المغرب.

الصحابة أمثال أبي بكر وبلال وصهيب وسلمان، هم البدوالذين يقصدهم ضيف الجزيرة، ومحمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود ومن معهما هم بدوالفترة الثانية.. هؤلاء هم من نشروا الظلام على بلاد الحضارات..
فلنأخذ أعرق تلك الحضارات التيدمرها أولئك البدو كمثال، لنعي كيف أطفأوا بتخلفهم شمسها.. وبجهلهم حضارتها.. لنأخذالحضارة "الفرعونية" مثلاً.
منرأى منكم الهرم الأكبر؟ شيء لا يصدقه إلا من رآه.. انه بارتفاع ناطحة سحاب، ولهمساحة ملعب كرة قدم، وأحجاره مهولة.. هذا الجبل الصناعي المدهش لم يشيد ليكونمتحفاً أو ملعباً، أو بناء يمتلئ بالشقق السكنية، أو مسرحاً أو مدينة للملاهي، أوحتى حصناً ضد الأعداء، بل ولا قصراً منيفاً يتمتع به الفرعون وحاشيته، ولا مقراًلبرلمان أو دائرة حكومية، بل ولم يسمح باستخدامه لإنسان حي.. هذه المعجزة المذهلةالتي أنهكت ميزانية الدولة، واستنزفت طاقات أبنائها، وأكلت أعمارهم، وأنهكت عقولمهندسيها هي باختصار "قبر" لأحد الفراعنة.. أجل قبر.
أين الإنسان هنا.. لا وجود له.. انه معاناة سيزيفيهحقيقية لا أسطورية.. الإنسان في ظل تلك الفرعونية كان مجرد آلة تدحرج حجراً.. الإنسان كان مجرد رافعة تحمل الصخور من أجل الأموات!!.

أين الشعب هنا؟.. انهم قطيع مسخر من أجل ميت لم يمتبعد.. كان الشاب الفرعوني يلتحق بفريق العمل لبناء القبر، فلا ينتهي بناء الهرم إلاوقد هرم هو، ثم يلتحق ابنه في بناء هرم آخر، فلا ينتهي الهرم إلا وقد شاخ هذاالابن.. وهكذا تجسد الحضارة الفرعونية أسطورة سيزيف على أرض الواقع.

ثم أعقبتهم ثقافة تحرقالعلماء والفلاسفة.. استمرت جاثمة على صدورهم حتى خلت أرض النيل العظيمة من الأدباءوالشعراء والفلاسفة والمؤرخين بل وأحرقت فيها المكتبات.

ثم جاء البدو من جزيرة العرب.. جاء البدو الذين لم يبنوا لمحمد عليه السلام ضريحاً، ولا مزاراً بعد موته، بل ولميكتبوا اسمه على قبره، بل نهضوا بعد أن وضعوه في لحده نحو القارات الثلاث ينشرونرسالته، ولم يمر على نهوضهم خمسون عاماً إلاوهم على بعد خمسين ميلاً عن باريس، وفيطريقهم حرروا عبيد السخرة وحاملي الحجارة، فتحول أولئلك العبيد فجأة، وبالقرآنوالسنة إلى قادة وعلماء وفقهاء ومفكرين وشعراء، وبأعداد لم تعرفها تلك الأرضالسخية، ولا الدنيا من قبل، وملأت ثقافة البدو أرضهم بالمكتبات، وتمادى عشقهمللقادمين وقرآنهم فتخلوا عن لغتهم وتحولوا إلى عرب، وساحوا في أطراف الدنيا ينشرونالوعي جنباً إلى جنب مع أجمل بدو عرفهم التاريخ.
المشاهدات 2282 | التعليقات 1



لا شك أن وصف البداوة ليس وصف كمال ، لأنه يلزم منه في الغالب الجفاء كما في الحديث " من بدا جفا "

وعامة الصحابة كانوا من أهل القرى ولم يكونوا من البدو في الواقع ، وإن كان من البادية من آمنوا ورأوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا أنهم قليل نسبة إلى الأعم الأغلب .

وهذا الذي وصفهم بالبدو جاهل بالتاريخ جهلاً بالغًا ، ولا معرفة لديه بطبائع البشر الاجتماعية ، فما عرف في تاريخ البدو ـ مع شجاعتهم وتهورهم ـ إلا أنهم أهل قتل ومجازر ونهب وسلب ، وما تاريخ المغول ـ وكانوا بدوًا ـ بخافٍ على من يقرأ التاريخ ، فقد أفسدوا وعاثوا في الديار التي وطئتها أقدامهم ، وقتلوا وسلبوا ونهبوا وخربوا ، وكادوا يقضون على الحضارة العلمية الإسلامية بما أحرقوه من الكتب وما رموه منها في دجلة وغيره .

أما الحضارات فأنشاها أهل القرى والمدن ، ومنهم الصحابة الذين رباهم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصقلهم كتاب ربهم ، فغدوا شامة في التاريخ بما نشروه من عدل ورحمة ، وبما أقاموه من حضارة روحية ومادية .
فرضي الله عنهم أجمعين .