أثر الكلمة الطيبة-17-7-1445هـ-مستفادة من مقال الشيخ خالد عبد الحميد

محمد محمد
1445/07/13 - 2024/01/25 19:10PM

أثر الكلمة الطيبة-17-7-1445هـ-مستفادة من مقال الشيخ خالد عبد الحميد

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

 وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:

الكلمةُ جزءٌ من عملِ الإنسانِ الذي يملأُ به ميزانَه، ويُحاسبَ عليه إنْ خيرًا فخيرٌ، وإنْ شرًا فشرٌ، قال-تعالى-: (مَّا يَلفِظُ مِن قَولٍ إِلَّا لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).

وقالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-لمعاذٍ-رضي اللهُ عنهُ-وهو آخِذٌ بلسانِهِ: "كُفَّ عليك هذا، فقال: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثَكِلَتْكَ أمُّك يا معاذ، وهل يَكُبُّ الناسَ في النارِ على وجوهِهم-أو على مَناخِرهم-إلا حصائدُ ألسنتِهم".

ولأهميةِ الكلمةِ الطيبةِ فقدْ حرصَ الإسلامُ أنْ ينظرَ المؤمنُ ويفكّرَ في كلِّ كلمةٍ ينطقُ بها، وخيرُ الكلامِ ما كان طيبًا نافعًا يُرضي اللهَ-تعالى-.

الكلمةُ الطيبةُ، خفيفةُ العبارةِ، مهذبةُ المعنى، تَسُرُّ السامعينَ، وتُؤَثِّرُ فيهم، وتشتاقُ إليها النفوسُ، وتُؤّلِفُ القلوبُ، وتفتحُ أبوابَ الخيرِ، وتُغْلِقُ أبوابَ الشرِ، وتتركُ أثرًا صالحًا في كلِّ وقتٍ، قال-تعالى-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ*تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).

الكلمةُ الطيبةُ كمالُ الخُلُقِ، وانتصارٌ على النفسِ والهوى والشيطانِ، قال-تعالى-: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

الكلمةُ الطيبةُ ينالُ بها صاحبُها الأجرَ والرضوانَ من اللهَ-تعالى-، قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "إنَّ العبدَ ليتكلمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ لا يُلقي لها بالًا، يرفعُهُ اللهُ بها درجاتٍ".

الكلمةُ الطيبةُ سببٌ لقبولِ الأعمالِ، قال-تعالى-: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).

الكلمةُ الطيبةُ من أعمالِ البِّرِ والصدقةِ، قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "والكَلمةُ الطَّيبةُ صدقةٌ".

الكلمةُ الطيبةُ تقي منَ النارِ، قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "اتَّقِ النارَ ولو بِشِقِّ تمرةٍ، فإنْ لمْ تجدْ فبكلمةٍ طيبةٍ".

الكلمةُ حروفٌ، لكنَّها تصنعُ العجائبَ، فكلمةٌ تدُخل الإنسان في دينِ اللهِ وتُسْعِدُهُ، وكلمةٌ تُخْرِجُهُ مِن الدِّين وتُشقِيهِ، وكلمةٌ تبني أسرةً، قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "فإنَّكم أخذتُموهنَّ-يعني الزوجاتِ-بأمانِ الله، واستَحلَلتُم فُروجهنَّ بِكلمة الله"، وكلمةٌ (طالقٌ) من أربعةِ أحرفٍ تهدمُ أسرةً.

قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".

كلمةٌ تُصْلِحُ ما فسدَ، وأخرى تُفسدُ ما صَلَحَ، وقد تُوصل إلى سفكِ دماءٍ وقتلٍ وتشريدٍ.

كلمةٌ حانيةٌ، تزرعُ الطُّمأنينةُ والسَّكينةَ والهدوءَ، وكلمةٌ تُحبط أعمالًا صالحةً كالجبالِ.

فما أعظم خيرَ الكلمةِ! وما أعظمَ خطرَها! وأنتَ في خيرٍ ما دمتَ ساكتًا، فإن تكلَّمتَ فَلَكَ أو عليْكَ.

ما أجملَ الكلمةَ الطيبةَ في بِرِ الوالدين! قال-تعالى-: (وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا).

ما أجملَ الكلمةَ الطيبةَ معَ الأهلِ، قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي"، وحينَ سألَه أحدُ أصحابِه: ما حقُّ زوجِ أحدِنا عليه؟ قال: "تُطعمها إذا أَكَلْتَ، وتَكسوها إذا اكْتَسَيْتَ، ولا تَضربِ الوجهَ ولا تُقبِّحْ-لا تسبَ ولا تشتمْ-، ولا تهجرْ إلا في البيتِ".

ما أجملَ الكلمةَ الطيبةَ معَ الأرحامِ، قالَ-عز وجلَّ-: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى).

ما أجملَ الكلمةَ الطيبةَ في معاملاتِنا وأسواقِنا، قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "رَحم الله رجلاً، سَمحًا إذا باعَ، وإذا اشترى، وإذا قضى، وإذا اقتَضَى".

ما أجملَ الكلمةَ الطيبةَ في دعوةِ الناسِ إلى الخيرِ، قال-تعالى-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

الكلمةُ الطيبةُ والبسمةُ الصَّادقةُ مفتاحُ القلوبِ.

الكلمةُ الطيبةُ من نعيمِ الجنةِ، قالَ تعالى-: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا)، (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا).

من حُرِمَ الكلمةَ الطيبةَ، والابتسامةَ المشرقةَ فلا حظَ له في حبِّ الناسِ أو التأثيرِ فيهم، قالَ اللهُ لسيدِ الخلقِ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).

ما أجملَ الكلمةَ الطيبةَ معَ إخوانِنا العصاةِ والمذنِبينَ والمخطِئينَ-وكلُنا مثلُهم-، فقدْ أَرسلَ اللهُ-تعالى-نَبِيَيْهِ موسى وهارونَ-عليهما السلامُ-إلى فرعونَ، وأمرَهما بالقولِ الجميلِ اللينِ له، فقالَ: (فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى).

وقالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "إنَّ الرِّفق لا يكون في شيءٍ إلا زَانَه، ولا يُنزَع من شيءٍ إلا شَانَه"، ولُعِنَ عندَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-صحابيٌ يُكْثِرُ شُرْبَ الخمرِ، ويُقامُ عليهِ الحدُ، فقال: "لا تَلعنُوه؛ فواللهِ ما عَلمتُ إلا أنه يُحبُّ اللهَ ورسولَه".

أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فهذهِ كلماتٌ طيبةٌ فتحتْ قلوبًا، وأصلحتْ نفوسًا، وأَثَّرَتْ أثَرًا عظيمًا:

قالَ النبيُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-لعبدِ اللهِ بنِ عمرَ-رضي اللهُ عنهُما-: "نِعْمَ الرجلُ عبدُ الله لو كان يُصلي من الليلِ"، فكانَ عبدُ اللهِ بعدَ ذلك لا ينامُ من الليلِ إلا قليلًا.

قدِم الطفيلُ بنُ عَمْرٍو الدوسيُ وأصحابُه-رضي اللهُ عنهم-على النبيِ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-فقالوا: يا رسول الله، إن دَوسًا عصتْ وأبتْ، فادعُ اللهَ عليها، فقالَ الرؤوفُ الرحيمُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "اللهم اهْدِ دَوسًا وأْتِ بهم"، فهداهم اللهُ وجاؤوا مسلمينَ.

كانَ الإمامُ محمدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُ عند شيخهِ الإمامِ إسحاقَ بنِ راهَوَيْهِ-رحمهما اللهُ تعالى-، فقالَ: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لسننِ النبيِ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-فوقعَ ذلك في قلبِه، فجَمعَ كتابَه الجامعَ المشهورَ بصحيحِ البخاريِ.

وقال الإمام الذَّهبي عن شيخه علَم الدين البرزالي-رحمهما اللهُ تعالى-: "وكانَ هو الذي حبَّبَ إليَّ طلَبَ الحديثِ؛ فإنَّه رأى خطِّي، فقال: خطك يشبه خطَّ المحدِّثين، فأثَّرَ قولُه فِـيَّ، وسمعتُ-يعني الحديثَ-".

قالَ أحدُ السلفَ-رحمهم اللهُ تعالى-: كنا قعودًا ببغدادَ معَ معروفٍ الكرخيِّ-وهو من العابدينَ الصالحينَ-على نهرِ دِجلةَ، إذ مرَّ بنا شبابٌ في زورقٍ، يُغَنُّونَ ويشربونَ الخمرَ ويلعبونَ، فقلنا لمعروفٍ: أما تراهم كيف يعصونَ اللهَ-تعالى-مجاهرينَ، ادعُ اللهَ-تعالى-عليهم، فرفع يديهِ وقال: اللهم كما فرَّحْتَهم في الدنيا ففرِّحْهم في الآخرة، فقالوا: إنما طلبناكَ أنْ تدعوَ عليهم، فقال: إذا فرَّحهم في الآخرةِ تابَ عليهم".

اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدُ، وأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، المنَّانُ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ، ياذا الجلالِ والإِكرامِ، يا حيُّ يا قيُّومُ.

اللَّهُمَّ ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.

اللَّهُمَّ آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النارِ.

اللَّهُمَّ الطفْ بنا وبإخوانِنِا المستضعفينَ في غزةَ وبلادِ الشامِ، وغيرِها من بلادِ المسلمينَ، الطفْ بنا وبهم على كلِ حالٍ، وبلغنا وإياهم من الخيرِ والفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.

اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لرضاكَ، ونَصرِ دِينِكَ، وإعلاءِ كَلمتِكَ.

اللَّهُمَّ أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.

اللَّهُمَّ اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ.

اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1706199599_أثر الكلمة الطيبة-17-7-1445ه-مستفادة من مقال الشيخ خالد عبد الحميد.docx

1706199600_أثر الكلمة الطيبة-17-7-1445ه-مستفادة من مقال الشيخ خالد عبد الحميد.pdf

المشاهدات 1488 | التعليقات 0