أتذْكرُ إذْ رداؤُك جلدَ شاةٍ؟ // علي التمني
احمد ابوبكر
1435/08/13 - 2014/06/11 02:27AM
أتذكرُ إذ رداؤُك جلدَ شاة
وإذْ نعلاك من جلدِ البعير
فسبحانَ الذي أعطاكَ مالًا
وعلّمك الجلوسَ على السرير
ثيابنا إلى مرحلة قريبة -نحن جيل الثمانينات الهجرية وأوائل التسعينات- كانت مهلهلة مرقعة، لا نعرف الكسوة إلا في العيدين، أذكرُ أن نوعًا من الثياب يدعى الصيني ملونا، جاء به التجار فاستحسنه آباؤنا لرخص سعره، ولكن وراء هذا الرخص أمرا خطيرا لم يحسب حسابه وهو أن الثوب بمجرد غسله الغسلة الأولى ينكمش فما كان يصل إلى الكعبين منه يرتفع ليكون قريبا من الركبتين، وهكذا كانت معظم الأقمشة، لذا تذكروا إخواني بمن في جيلنا أن ثيابنا كانت لها كفلة في اليد من فوق الكوع ظاهرة.
كنا نجلس على الأرض وننام عليها، على فرش قطنية بالية ونلتحف بما يسمى الملحف المصنوع من جلد الضأن مباشرة، فنصحوا من نومنا وأعيننا وأفواهنا ملأى بالشعر، وأما الحذاء فالأرض هي حذاؤنا وإذا تحسن الحال قليلا فأي شيء كـ"الزنوبة" ولذا كانت أقدامنا دائما دامية من الجروح، وأما الطعام فالخبز والشاي، ونادرا ما نأكل معه الفول أو الجبن، حتى أنني في المرحلة المتوسطة كنت أغبط أبناء الأغنياء لأنهم يتفسحون صامولي بالجبنة أما أنا فخبزة البر أو الذرة الباردة على فنجان شاي ولله الحمد، كانت الأسرة تتنقل بكاملها على الأقدام لزيارة قريب أو صديق أو ذهاب لمستشفى حيث لا سيارة خاصة حينئذ، فإذا كانت الزيارة ليلا فالفانوس رفيقنا لرؤية الطريق -كل هذا في مدينتي الحالمة : أبها- ومع ذلك كنا سعداء، وأما أحوال آبائنا فلا شك كنا نعتبر مرفّهين بالنسبة إليهم، واليوم، وما أدراك ما اليوم؟ رَزَق الله الناس وفَتَح عليهم أبواب كل شيء فجحدوا النعمة وبذروا وأسرفوا والله تعالى لا يحب المسرفين.
نعم كل شيء اليوم موجود والنعم كثيرة والأرزاق وفيرة، لكنك ترى الناس غير سعداء، ودليل عدم سعادتهم -وأقولها مقتنعا- أنهم في حال دائم ومستمر وجنوني من التسوق، حتى صار التسوق وهدر المال مرضا جديرا بالنقاش والبحث عن الأسباب وإيجاد العلاج.
الناس اليوم غير سعداء لأن من علامات السعادة الرضا والقناعة فأين القناعة اليوم وحمى التسوق لا تتوقف وسعار الاقتناء لا يهدأ بينما لايوجد في البيوت مكان لزيادة!.
تغيير السيارة عند الكثيرين كل سنة ، والأقل من يقنع بسيارة يمتد بقاؤها معه عشر سنوات ، الأثاث يغير كل سنة تقريبا ، أما الملابس فكل يوم جديد ، وكثير من القديم جديد لم يلبس حتى يرمى به في القمامة وهو جديد.
والناس والولائم وإهدار النعم من المأكل والمشرب ، أمر يفوق الخيال ويُؤذِن والله بالخراب واليباب.
وهنا أتوقف خشية الإطالة مذكرا نفسي وإخواني بقول الله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )31 الأعراف . وقوله تعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) 7 سورة إبراهيم.
فأين الشكر بالفِعل الذي هو الشكر الحقيقي، فلا معنى ولا أثر لشكر اللسان مع الإصرار على التبذير والإسراف؟
وإذْ نعلاك من جلدِ البعير
فسبحانَ الذي أعطاكَ مالًا
وعلّمك الجلوسَ على السرير
ثيابنا إلى مرحلة قريبة -نحن جيل الثمانينات الهجرية وأوائل التسعينات- كانت مهلهلة مرقعة، لا نعرف الكسوة إلا في العيدين، أذكرُ أن نوعًا من الثياب يدعى الصيني ملونا، جاء به التجار فاستحسنه آباؤنا لرخص سعره، ولكن وراء هذا الرخص أمرا خطيرا لم يحسب حسابه وهو أن الثوب بمجرد غسله الغسلة الأولى ينكمش فما كان يصل إلى الكعبين منه يرتفع ليكون قريبا من الركبتين، وهكذا كانت معظم الأقمشة، لذا تذكروا إخواني بمن في جيلنا أن ثيابنا كانت لها كفلة في اليد من فوق الكوع ظاهرة.
كنا نجلس على الأرض وننام عليها، على فرش قطنية بالية ونلتحف بما يسمى الملحف المصنوع من جلد الضأن مباشرة، فنصحوا من نومنا وأعيننا وأفواهنا ملأى بالشعر، وأما الحذاء فالأرض هي حذاؤنا وإذا تحسن الحال قليلا فأي شيء كـ"الزنوبة" ولذا كانت أقدامنا دائما دامية من الجروح، وأما الطعام فالخبز والشاي، ونادرا ما نأكل معه الفول أو الجبن، حتى أنني في المرحلة المتوسطة كنت أغبط أبناء الأغنياء لأنهم يتفسحون صامولي بالجبنة أما أنا فخبزة البر أو الذرة الباردة على فنجان شاي ولله الحمد، كانت الأسرة تتنقل بكاملها على الأقدام لزيارة قريب أو صديق أو ذهاب لمستشفى حيث لا سيارة خاصة حينئذ، فإذا كانت الزيارة ليلا فالفانوس رفيقنا لرؤية الطريق -كل هذا في مدينتي الحالمة : أبها- ومع ذلك كنا سعداء، وأما أحوال آبائنا فلا شك كنا نعتبر مرفّهين بالنسبة إليهم، واليوم، وما أدراك ما اليوم؟ رَزَق الله الناس وفَتَح عليهم أبواب كل شيء فجحدوا النعمة وبذروا وأسرفوا والله تعالى لا يحب المسرفين.
نعم كل شيء اليوم موجود والنعم كثيرة والأرزاق وفيرة، لكنك ترى الناس غير سعداء، ودليل عدم سعادتهم -وأقولها مقتنعا- أنهم في حال دائم ومستمر وجنوني من التسوق، حتى صار التسوق وهدر المال مرضا جديرا بالنقاش والبحث عن الأسباب وإيجاد العلاج.
الناس اليوم غير سعداء لأن من علامات السعادة الرضا والقناعة فأين القناعة اليوم وحمى التسوق لا تتوقف وسعار الاقتناء لا يهدأ بينما لايوجد في البيوت مكان لزيادة!.
تغيير السيارة عند الكثيرين كل سنة ، والأقل من يقنع بسيارة يمتد بقاؤها معه عشر سنوات ، الأثاث يغير كل سنة تقريبا ، أما الملابس فكل يوم جديد ، وكثير من القديم جديد لم يلبس حتى يرمى به في القمامة وهو جديد.
والناس والولائم وإهدار النعم من المأكل والمشرب ، أمر يفوق الخيال ويُؤذِن والله بالخراب واليباب.
وهنا أتوقف خشية الإطالة مذكرا نفسي وإخواني بقول الله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )31 الأعراف . وقوله تعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) 7 سورة إبراهيم.
فأين الشكر بالفِعل الذي هو الشكر الحقيقي، فلا معنى ولا أثر لشكر اللسان مع الإصرار على التبذير والإسراف؟
رشيد بن ابراهيم بوعافية
من أجمل ما هو موجودٌ في هذا المقال : اعتماد صاحبه في تصميمه على استراتيجية الإلقاء المحرّك (Speeches to Actuate ) ومن أنواعه " سلسلة مونرو المحرّضة " .
و الإلقاء المحرك هو خطابٌ يتم تصميمه بهدف التأثير في سلوك أو تصرف معين في الجمهور ، لكن بطريقة علمية مؤثّرة يتأثّر فيها المستمع و يتحرّك بشكل تعاقبي حتى تصل به إلى الطلب الذي تريده أن يفعله .
و الطلب هنا في هذا المقال هو " ترك الإسراف و التبذير " .
ولا شكّ أنك و أنت تقرأُ المقال أحسست بأنك متأثّرٌ به لا محالة ! .
سوف نرى هذا النوع بإذن الله في أيقونة استراتيجيات الإقناع تنظيرًا وتطبيقًا .
تعديل التعليق