أتاكم شهر النفحات

ابو نايف الشامي
1432/08/27 - 2011/07/28 22:48PM
الحمد لله الذي منَّ على عباده بمواسم الخيرات ليغفر لهم بذلك الذنوب ويكفر عنهم السيئات ويرفع لهم الدرجات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واسع العطايا والهبات. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل المخلوقات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً. أَمَّا بَعدُ
عباد الله: اتقوا اللهَ تعالى وَأَطيِعُوهُ، وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَنهيَهُ وَلا تَعصُوهُ و تَزَوَّدُوا بِالتَّقوَى مِن شَهرِ التَّقوَى، وَتَأَمَّلُوا إِنَّ سَعيَكُم لَشَتَّى فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاستَغنَى وَكَذَّبَ بِالحُسنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلعُسرَى وَمَا يُغنِي عَنهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى.
وأعلموا يرعاكم الله أنَّ مِن رَحمةِ اللهِ لنا وَبِرِّهِ بِنَا وَهُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ أَنْ أَمَرَنَا بِالتَّزَوُّدِ وَبَيَّنَ لنا خَيرَ الزَّادِ لِيَومِ المَعَادِ، فقال { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولي الأَلبَابِ } وَإِنَّنَا ـ أيها المسلمون لَدَاخِلُونَ بعد أيام قلائل مَوسِمًا عَظِيمًا وسُوقًا رَابِحَةً، مَوسِمٌ تُعرَضُ فِيهِ التقوى على طُلاَّبِ الآخِرَةِ لَيلاً وَنَهَارًا، تِلكُم هِيَ سُوقُ شَهرِ رَمَضَانَ وَمَوسِمُ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ وَالدُّعَاءِ وَالقُرآنِ،{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ} فيا لها من سوق للتجارة الرابحة مع الله يتزود منها المتزودون،ويا له من مضمار يتسابق فيه ذوو الهمم العالية ويتنافس فيه المتنافسون،ويا لسعادة من كان في تجارته مع ربه صادقًا ويا لفلاح من كان لهدي نبيه عليه الصلاة والسلام موافقًا، قال صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه"وقال عليه الصلاة والسلام: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه"،فَأَينَ المُتَزَوِّدُونَ مِنَ التقوى فَلْيَستَعِدُّوا؟ أَينَ المُشَمِّرُونَ للآخِرَةِ فَلْيَتَأَهَّبُوا؟ أَينَ الرَّاغِبُونَ فِيمَا عِندَ اللهِ فَلْيُقبِلُوا؟ فَإِنما هِيَ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ وَلَيالٍ قَلائِلُ تَمُرُّ سَرِيعًا كَمَرِّ السَّحَابِ ثم تَنقَضِي وَقَد تَزَوَّدَ مُشَمِّرٌ وَنَدِمَ مُسَوِّفٌ.
إِذَا أَنـتَ لم تَرحَلْ بِزَادٍ مِنَ التُّقَـى وَلاقَيتَ بَعدَ المَوتِ مَن قَد تَزَوَّدَا
نَدِمـتَ عَلـى أَن لا تَكُونَ كَمِثلِهِ وَأَنَّكَ لم تُرصِدْ كَمَا كَانَ أَرصَدَا
أيها المسلمون: وكلما ازداد شهر رمضان اقترابًا زاد قلب المؤمن وَجَلاً واضطرابًا، فهو لا يدري أنفسه تدرك هذا الشهر وتبلغه فيهنّيها أم تخرج روحه قبل دخوله فيعزّيها، فكم والله من قريب لنا فقدناه، وكم عزيز علينا دفنّاه، وكم حبيب لنا في اللحد أضجعناه
كم كنت تعرف ممن صام في سلفٍ من بين أهلٍ وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهمُ حياً فما أقرب القاصي من الداني
نعم والله كم من أخٍ نعرفه صام معنا وقام في رمضان الماضي وما قَبله ، ثمّ صار إلى عالَمِ الدود واللحود ، بعد أن استلّه هاذم اللذّات من بينِنَا ، وسيأتي الموت على الجميع ، إن عاجلاً أو آجلاً .
تمر بنا الأيام تترى وإنما نُساق إلى الآجالِ والعينُ تنظرُ
فليسَ عن لُقيا المنيّةِ صارفٌ وليس من يدري الأوانَ فيُنذِرُ
يا نفسُ فالتمسي النجاةَ بتوبةٍ فبتوبتي نحو النجاةِ سأُبحِرُ أيها المسلمون، لَو نَظَرَ كُلٌّ مِنَّا فِيمَا مَضَى مِن عُمُرِهِ وَمَا خَلا مِن أَيَّامِ دَهرِهِ ثم سَأَلَ نَفسَهُ: كَم رَمَضَان مَرَّ عَلَيَّ؟ وَمَاذَا فَعَلتُ فِيمَا مَضَى مِن مَوَاسِمَ؟ هَل كُنتُ فِيهَا مَعَ المُشَمِّرِينَ المُسَابِقِينَ المُسَارِعِينَ، أَم كُنتُ مُسَوِّفًا مُقَصِّرًا عَاجِزًا؟ أَقُولُ: لَو طَرَحَ كُلٌّ مِنَّا على نَفسِهِ مِثلَ هَذِهِ الأَسئِلَةِ لَوَجَدَ إِجَابَاتٍ لا تُبَيِّضُ الوَجهَ وَلا تَسُرُّ الخَاطِرَ؛ سَهَرٌ في اللَّيلِ طَوِيلٌ، وَنَومٌ في النَّهَارِ وَبِيلٌ، وَتَفوِيتٌ لِصَلاةِ الجَمَاعَةِ، وَعَدَمُ إِدرَاكٍ لِتَكبِيرَةِ الإِحرَامِ، بَل رُبَّمَا تَركٌ لِلصَّلَوَاتِ المَفرُوضَةِ وَتَضيِيعٌ لها، فَكَيفَ بِصَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَقِيَامِ اللَّيلِ؟! أَمَّا القُرآنُ فَمَا أَطوَلَ شَكوَاهُ مِنَ الهَجرِ وَعَدَمِ العِنَايَةِ بِهِ! وَأَمَّا الإِنفَاقُ فَمَا أَقَلَّ نَصِيبَنَا مِنهُ! وَأَمَّا المُشَارَكَةُ في البِرِّ وَنَفعِ الآخَرِينَ فَمُقِلُّونَ مِنهَا. هَذِهِ هِيَ أَحوَالُ أَكثَرِنَا فِيمَا مَضَى وَخَلا إِلاَّ مَن رَحِمَ اللهُ، وَأَحسَنُنَا حَالاً مَن يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ قَلِيلاً مِنَ اللَّيلِ، وَيَقرَأُ مِنَ القُرآنِ شَيئًا وَلا يَكَادُ يَختِمُهُ، وَهُوَ في مَكَانِهِ يَتَقَدَّمُ عُمُرُهُ ولم يَتَقَدَّمْ عَمَلُهُ، وَيَقتَرِبُ أَجلُهُ وَلم يَزدَدْ تَأَهُّبُهُ، فَلِلجَمِيعِ نَقُولُ: يَا إِخوَةَ الإِسلامِ، وَيَا أُمَّةَ القُرآنِ، هبوا واغتنموا مواسم الخيرات فقد أتاكم شهرُ الغفران المرتجَى والعطاءِ والرّضا ، أتاكم ، شهرُ النّفَحات وإقالةِ العثرات وتكفيرِ السيّئات، فليكُن شهرُكم هذا بدايةَ مَولدِكم وانطلاقةَ رجوعِكم وتباشيرَ فجركم ، فبالله عليكم من لم يتُب في زمنِ الخيرات والهبات فمتى يتوب؟! مَن لم يرجِع في زمَن النّفحات فمتى يؤوب؟!صعدَ رسول الله المنبرَ فقال: ((آمين، آمين، آمين))، فقيل: يا رسولَ الله، إنك صعدتَ المنبرَ فقلت: ((آمين، آمين، آمين))! فقال رسول الله : ((إنّ جبريلَ عليه السلام أتاني فقال: من أدركَ شهرَ رمضان فلم يُغفر له فدخلَ النار فأبعَدَه الله، قل: آمين، قلتُ: آمين)) وَمِن هُنا ـ أَيُّها المُسلمُون ـ فَإِنَّ عَلَى كُلٍّ مِنَّا دُونَ استِثنَاءٍ أَن يجعَلَ نَظَرَهُ عَالِيًا وَهَدَفَهُ سَامِيًا، فَيَتَقَدَّمَ إِلى الأَمَامِ وَيَزدَادَ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَيَستَكثِرَ مِنَ الخَيرِ وَيَتَزَوَّدَ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَيَحرِصَ على أَن لاَّ يَفُوتَهُ شَيءٌ مِن أَبوَابِ الخَيرِ إِلاَّ وَلَجَهُ وَأَخَذَ مِنهُ بِنَصِيبٍ، اقتِدَاءً بِالهَادِي الحَبِيبِ الذي كَانَ يَجتَهِدُ في رَمَضَانَ وَيَجُودُ، وَيَبذُلُ نَفسَهُ في طَاعَةِ المَعبُودِ، فقد رَوَى البُخَارِيُّ عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ أَجوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجوَدُ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلقَاهُ جِبرِيلُ، وَكَانَ يَلقَاهُ في كُلِّ لَيلَةٍ مِن رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ أَجوَدُ بِالخَيرِ مِنَ الرِّيحِ المُرسَلَةِ. " وَعَبَّرَ بِالمُرسَلَةِ إِشَارَةً إِلى دَوَامِ هُبُوبِها بِالرَّحمَةِ، فَانظُرُوا رحمكم اللهُ إِلى مَا كَانَ عَلَيهِ قُدوَتُكُم وَأُسوَتُكُم عليه الصلاةُ والسلامُ؛ دَوَامٌ في الطَّاعَةِ، وَاستِكثَارٌ مِن أَنوَاعِ العِبَادَةِ، وَمُسَارَعَةٌ إلى الخَيرِ وَمُلازَمَةٌ لِلبِرِّ، وَمِثلُهُ كَانَ أَصحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ وَالسَّلَفُ المُقتَدُونَ، مِنهُم مَن كَان يُؤثِرُ بِطَعَامِهِ غَيرَهُ مِنَ الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ، وَمِنهُم مَن كَانَ يَختِمُ في كُلِّ يَومٍ مَرَّتَينِ، وَفِيهِم قَائِمُ اللَّيلِ لا يَفتُرُ، وَفِيهِم مُلازِمُ المَسجِدِ لا يَخرُجُ، نُفُوسٌ إلى العَليَاءِ سَمَت، وقُلُوبٌ بِاللهِ تَعَلَّقَت. نَعَمْ أَيُّها الإِخوَةُ، كَانَ القَومُ طُلاَّبَ آخِرَةٍ وَسُعَاةً إلى الجَنَّةِ، فَأَفنَوُا النُّفُوسَ وَأَرخَصُوا النَّفِيسَ، وَأعمَلُوا الأَجسَادَ وَبَذَلُوا الأَموَالَ، وَحَفِظُوا الأَوقَاتَ واغتَنَمُوا السَّاعَاتِ، وَتَلَذَّذُوا بِمَوَاسِمِ الخَيرَاتِ وَسَعِدُوا بِالنَّفَحَاتِ، فَهَيَّا وَلْنَتَشَبَّهْ بِهِم، وَلْنَفرَحْ بِهَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ فَرَحَ مَن قَدِمَ عَلَيهِ غَائبُهُ، وَلْنَسألِ اللهَ بُلُوغَهُ وَالتَّوفِيقَ فِيهِ لِصَالحِ العَمَلِ، {قُلْ بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَليَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مِمَّا يَجمَعُونَ} عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: كان النبيُّ يُبَشِّرُ أَصحَابَهُ يَقُولُ: "قَد جَاءَكُم شَهرُ رَمَضَانَ، شَهرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللهُ عَلَيكُم صِيَامَهُ، فِيهِ تُفتَحُ أَبوَابُ الجِنَانِ، وَتُغلَقُ فِيهِ أَبوَابُ الجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، فِيهِ لَيلَةٌ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَ خَيرَهَا فَقَد حُرِمَ". قَال الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ رحمه اللهُ: "وَكَيفَ لا يُبَشَّرُ المُؤمِنُ بِفَتحِ أَبوَابِ الجِنَانِ؟! وَكَيفَ لا يُبَشَّرُ المُذنِبُ بِغَلقِ أَبوَابِ النِّيرَانِ؟! وَكَيفَ لا يُبَشَّرُ العَاقِلُ بِوَقتٍ يُغَلُّ فِيهِ الشَّيطَانُ؟! وَمِن أَينَ يُشبِهُ هَذَا الزَّمَانَ زَمَانٌ؟!".ألا فَاقتَرِبُوا مِن رَبِّكُم أَيُّها المُسلِمُونَ ـ وَاسجُدُوا، وَادعُوهُ وَأَلِحُّوا وَأَخلِصُوا، وَإِيَّاكُم وَالكَسَلَ وَلا تَعجَزُوا، أَطعِمُوا الطَّعَامَ وَاحفَظُوا الصِّيَامَ وَأَلِينُوا الكَلامَ، وَاقرَؤُوا القُرآنَ وَأَحسِنُوا إِلى عِبَادِ اللهِ، وَفَطِّرُوا الصَّائِمِينَ وَادعُوا إِلى اللهِ، فَإِنَّ كُلَّ أُولَئِكَ أَعمَالٌ جَلِيلَةٌ، دَلَّ الدَّلِيلُ عَلى فَضلِها وَعِظَمِ أَجرِها، قال عليه الصلاةُ والسلامُ: "الصِّيَامُ وَالقُرآنُ يَشفَعَانِ لِلعَبدِ يَومَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهوَةَ فَشَفِّعْني فِيهِ، وَيَقُولُ القُرآنُ: مَنَعتُهُ النَّومَ بِاللَّيلِ فَشَفِّعْني فِيهِ"، قَال: "فَيُشَفَّعَانِ"، وقال عليه الصلاةُ والسلامُ: "مَن فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثلُ أَجرِهِ"، وقال : "إِنَّ في الجَنَّة غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُها مِن بَاطِنِها وَبَاطِنُهَا مِن ظَاهِرِهَا أَعَدَّهَا اللهُ لِمَن أَلانَ الكَلامَ وَأَطعَمَ الطَّعَامَ وَتَابَعَ الصِّيَامَ وَصَلَّى بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ
أسأل الله تعالى أن يبلغنا وإياكم رمضان ، وأن يحسن عملنا فيه ، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال ، ويتقبلها منا بقبول حسن ، إنه على كل شيء قدير . بارك الله لي ولكم ...............







الحمد لله على احسانه ..................................
عباد الله اوصيكم ونفسي بتقوى الله فاِتَّقُوا اللهَ بِفِعلِ الأَوَامِرِ وَتَركِ النَّوَاهِي {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثَّ منهما رجالاً كثيراً و نساء ، و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } معاشر المسلمين : إِنَّهُ لا بُدَّ مِن مُجَاهَدَةِ النَّفسِ عَلى فِعلِ الطَّاعَاتِ وَبَذلِ الخَيرَاتِ، لا بُدَّ مِنَ الصَّبرِ وَالمُصَابَرَةِ، وَمَن صَدَقَ اللهَ صَدَقَهُ، وَمَن عَوَّدَ نَفسَهُ الخَيرَ اِعتَادَتهُ، وَإِنمَا يُؤتَى العَبدُ وَيُحرَمُ كثيرًا مِنَ الخَيرِ مِن الضَّجَرِ وَالجَزَعِ وَالمَللِ وَالعَجَلَةِ، قال سُبحَانَه:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ}، وقال جل وعلا:{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ} ألا وإن من أعظم المصائب أن تمر عليك يا عبدالله مثل هذه المواسم ولا تغتنمها في طاعة الله فيا من أوردَ نفسَه وأقامَها في المعَاصي والأوزار، وجعلها على شَفا جُرفٍ هار، بادِر بالتّوبة ما دمتَ في زمن الإنظار، وأقلِع عن الذنوب والأوزار، وأظهِر النّدم والاستغفار، فإنّ الله يبسُط يده بالنّهار ليتوبَ مسيء الليل، ويبسط يدَه باللّيل ليتوبَ مسيء النّهار يا من فرطت في جنب الله هـاهو رمضان قادم وانت والحمد لله لا زلت على قيد الحياة فا ستعد للقائة فا الله اعلم قد يكون اخر رمضان لك في هذة الدنيا فشمر عن ساعديك واستعد للعمل والتوبة الى الله وصدق علية الصلاة والسلام حين قال:( بعدا لمن ادرك رمضان ولم يغفر لة ) اي بعد من رحمة الله من ادركه رمضان وهو على قيد الحياة ولم يعمل به بما يوجب لة مغفرة الله ورحمتة .
فيا من ألِف الذنوبَ وأجرمَا، يا مَن غدا على زلاّته متندِّمَا تُب فدونك المنى والمغنمَا، والله يحبّ أن يجود ويرحمَا أيها الفضلاء وَكمَا أَنَّهُ يَستَعِدُّ أَهلُ الخَيرِ وَدُعَاةُ الحَقِّ لِهَذَا الشَّهرِ وَيَسعَونَ لاغتنامه فِيمَا يُرضِي اللهَ وَيُقَرِّبُ منه فِإِنَّ هُنَاكَ دعاة رذيلة وقطَّاع طَرِيقٍ وَمَانِعِي خَيرَاتٍ،إنهم أَقوَامٌ مِن شَيَاطِينِ الإِنسِ وَمَرَدَةِ بَني آدَمَ، تُجلِبُ على المُسلِمِينَ بِخَيلِها وَرَجِلِهَا، مُضَيِّعَةً عَلَيهِم أَوقَاتَ شَهرِهِم، نَازِعَةً بَرَكَاتِ أَوقَاتِهِم، مُدَنِّسَةً أَسمَاعَهُم وَأَبصَارَهُم وَقُلُوبَهُم بِتَمثِيلِيَّاتٍ فَارِغَةٍ وَمَسرَحِيَّاتٍ هَازِلَةٍ وَأَغَانِي مَاجِنَةٍ وَصُوَرٍ فَاتِنَةٍ وَمَشَاهِدَ سَخِيفَة ٍفاحذروا يا أمة محمد احذروا ما أعدّه لكم أهلُ الانحلال ، ودعاة الفساد والضلال ، من برامج مضلة ، ومشاهد مخِلّة وأتقوا الله يا مطلقي النظر في المحرمات ها أنتم مقبلون على خير الشهور، فحذار حذار من انتهاك حرمته، وتدنيس شرفه، وانتقاص مكانته، واعلموا أن إدراك رمضان من أجل النعم ، فكم غيب الموت من حبيب ، ووارى من حميم كانوا يتمنون أن يعودوا حتى يصوموا يوماً واحداً من أيام رمضان، أو يقوموا ليلة واحدة من لياليه ولكن حيل بينهم وبين ما يشتهون ألا فاتقوا الله رحمكم الله وأقبِلوا على الله بقلوبٍ منكسرة ودموعٍ منسكِبة واتخذوا من استقبال شهركم موقف محاسبة وتوبة، ونقطة رجوع إلى الله وعودة إلى حماه، من كان تاركًا للصلاة فليتب ومن كان مفارقًا للجماعة فلينب، ليطهر كل أب بيته من كل ما يغضب الله، فإنه سيموت وحده، ويبعث وحده، ويحاسب على ما قدمت يداه، ليكن كل إنسان مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، وليجعل من نفسه مِشعل خير في أهل بيته ومن حوله، لنكن أمة واحدة كما أراد الله منا حين قال: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لما وَفَّقتَ إِلَيهِ عِبَادَكَ الصَّالحِينَ ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَلَينَا , وَانصُرْنَا وَلا تَنصُرْ عَلَينَا , وَامكُرْ لَنَا وَلا تَمكُرْ عَلَينَا , وَاهدِنَا وَيَسِّرْ هُدَانَا إِلَينَا . هذا وصلّوا وسلّّموا على نبيّه وآله وصحبه ومن والاه


المشاهدات 1927 | التعليقات 0