آية الخسوف

إبراهيم بن صالح العجلان
1439/11/14 - 2018/07/27 01:24AM

آية الخسوف 27/11/1439ـ

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: وَيَخْرُجُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ مُسْرِعًا، يَجُرُّ إِزَارَهُ خَلْفَهُ، قَلِقًا فَزِعًا، بلغ من وَجَلِهِ وَفَرَقِهِ أنْ لبس رداءً غيرَ ردائِه، قَالَتْ أَسْماءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (فَأَخْطَأَ بِدِرْعٍ حَتَّى أُدْرِكَ بِرِدَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ)، فأمر الْمُنَادِيَ فنادى: "الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ".

مَا الَّذِي أَفْزَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ مَا الْأَمْرُ؟ مَا الْخَبَرُ؟

لَقَدْ حَدَثَ شَيْءٌ غَرِيبٌ فِي هَذَا الْكَوْنِ، اِنْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، تَغَيَّرَ شَكْلُهَا، ذَهَبَ ضِيَاؤُهَا.

وَيَجْتَمِعُ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- فِي الْمَسْجِدِ، وَيَصْطَفُّونَ خَلْفَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةٍ خَاشِعَةٍ، أَطَالَ فِيهَا الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، قال جابر:( فأطال القيام حتى جعلوا يخرُّون)، ورآه الناس وهو يصلي يتأخر خطوات ثم عاد إلى مكانه.

حَتَّى إِذَا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فخطبهم خطبة عظيمة، عميقة بليغة، كان مما قال: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، يُخَوِّفُ اللهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللهَ، وَكَبِّرُوا، وَصَلُّوا، وَتَصَدَّقُوا"، ثُمَّ قَالَ: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ أَنْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا".

وكان مما قاله في مقامه ذاك: (والذي نفسي بيدِه لقد عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارَ، وَذَلِكُمْ حينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي من لَفْحِهَا).

وقال: (ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً، ورأيت فيها ابن لحي، وهو الذي سيَّب السوائب).

وكان مما قال: (والذي نَفْسِي بيدِه لَقدْ أُرِيتُ النَّارَ، فلم أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، قالوا: بِمَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: بِكُفْرِهِنَّ، قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟، قالَ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لو أَحْسَنْتَ إلى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شيئاً، قالتْ: ما رأيتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ).

وقال: (ورأيتُ فيها صَاحِبَ الْمِحْجَنِ، مُتَّكِئاً في النَّارِ على مِحْجَنِهِ، كان يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ، فَإِنْ فُطِنَ له قَالَ: إنما تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي، وَإِنْ غُفِلَ عنه ذَهَبَ بِهِ(

ومما نُقِلَ عنه في مقامه هذا أنه قال للناس: (وَرَأَيْتُ فيها صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ -امْرَأَةً من حِمْيَرَ سَوْدَاءَ طُوَالَةً-، تُعَذَّبُ بِهِرَّةٍ لها تَرْبِطُهَا فلم تُطْعِمْهَا ولم تَسْقِهَا، وَلاَ تَدَعُهَا تَأْكُلُ من خَشَاشِ الأَرْضِ حتى مَاتَتْ جُوعًا، أُريتُها كُلَّمَا أَقْبَلَتْ نَهَشَتْهَا، وَكُلَّمَا أَدْبَرَتْ نَهَشَتْهَا).

ثم ختم خطبته بقوله: ( اللهم هل بلغت ).

هكذا كان هو موقفُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم مع هذه الآيةِ الكونيةِ، لَمْ يَتَعَامَلِ مَعَ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ تَعَامُلًا جَامِدًا، وَتَحْلِيلًا مَادِّيًّا؛ بَلْ رَبَطَ ذَلِكَ بِالْخَالِقِ وَتَدْبِيرِهِ ، فكل مَا يَجْرِي فِي هَذَا الْكَوْنِ إنما هو بِقَدَرِ اللهِ، فَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ إِرَادَتِهِ، وَلَا يَجْرِي شَيْءٌ مِنْ دُونِ مَشِيئَتِهِ.

نَعَمْ ... لِلْككسوف والخسوف أَسْبَابُه  وَتَفْسِيرَاتُهُ الْعِلْمِيَّةُ، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَعْنِي التَّعَلُّقَ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ، وَنِسْيَانَ خَالِقِهَا وَمُسَبِّبِهَا وَمُوجِدِهَا، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ شَيْئًا، أَوْجَدَ سَبَبَهُ، ثُمَّ رَتَّبَ عَلَيْهِ نَتِيجَتَهُ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} .

إنَّ ظاهرةَ الكسوفِ والخسوفِ ليستْ حدثاً عابراً، ولا تحولاً اعتيادياً، بل هو حَدَثٌ يَحْمِلُ في طيَّاتِهِ رسائلَ لأهلِ الأرض، فهذه المتغيرات  كأنما تُخَاطِبُ الناس بِعَظَمَةِ الْخَالِقِ، وَعَجْزِ الْمَخْلُوقِ وَضَعْفِهِ، تُخَاطِبُهُمْ بِأَنَّ الْأَمْرَ للهِ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، وَأَنَّ الْمَخْلُوقَ مَهْمَا طَغَى وَبَغَى، وَمَهْمَا تَكَبَّرَ وَتَجَبَّرَ، فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ؛ فَمَهْمَا أَوتِيَتِ الْبَشَرِيَّةُ مِنْ تَقَدُّمٍ وَقُوَّةٍ وَعِلْمٍ، يَقِفُوا عَاجِزِينَ حَائِرِينَ أَمَامَ هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْمَثُلَاتِ، لَا يَمْلِكُونَ رَدَّهَا، وَلَا يَسْتَطِيعُونَ صَدَّهَا، وَصَدَقَ اللهُ: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}.

وإذا حلَّت الغفلةُ، وتعلَّقَ الناسُ بالمحسوساتِ ونَسَوا مسبِّبها، فالواجب على أهل العلم والإيمان أن يَقْتَدُوا بنبيِّهم صلى الله عليه وسلم ، فيتذكَّروا ويُذكِّرُوا غيرهم: أن هذه الظواهر إنما هي آيات إنذار، من الملك الواحد القهار، فالله العظيم الجبار أرادَ حصولَ هذه الآيات لترتجَّ لها القلوب، وتدمعَ عندها العيون، وتَقْشَعِرُّ لرؤيتها الجلود، {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا}.

 وَإِذَا حَصَلَتِ الْعِبْرَةُ وَالذِّكْرَى، جَاءَ بَعْدَهَا النَّدَمُ وَالرُّجُوعُ وَالتَّضَرُّعُ للهِ، وهذا عمل صالح يحبه الله، ومعنى كرَّره الله في القرآن، قال سبحانه:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، وقال : {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، وقال سبحانه: {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

وإنَّ من الغفلة وموت القلب يا أهل الإيمان أنْ تُعزلَ مثل هذه المتغيرات عن أفعال الإنسان، لقد رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم كسوفَ الشمس فحذَّر من عصيان الله، وَانْتِهَاكِ مَحَارِمِهِ؛ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ رَأَى هَذِهِ الْآيَةَ: "يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ أَنْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ".

فَهَلْ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِاللهِ، وَمَا يُغْضِبُهُ وَيُسْخِطُهُ، وَيُوجِبُ عُقُوبَتَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؟!

هَذَا الْفَهْمُ النَّبَوِيُّ عَنِ اللهِ تَعَالَى كَرَّرَهُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ.

وهذا ما فهمه الصحابة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، فحين ارْتَجَّتِ الْأَرْضُ في المدينة  فِي عَهْدِ الْفَارُوقِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ارْتَجَّ مَعَهَا قَلْبُ عُمَرَ، فَنَادَى فِي النَّاسِ وَخَطَبَ بِهِمْ، فَقَالَ: "يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، مَا أَسْرَعَ مَا أَحْدَثْتُمْ، وَاللهِ لَئِنْ عَادَتْ لَأَخْرُجَنَّ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ".

وَهَا هُوَ الْخَلِيفَةُ الصَّالِحُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُوَجِّهُ نُصْحَهُ لِرَعِيَّتِهِ، فَيَقُولُ: "إِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُهُمْ إِذَا ظَهَرَ الْمُنْكَرُ عَلَانِيَةً".

يا أهل الإيمان: إنَّ التَّحْذِيرَ مِنَ الْمَعَاصِي وَقْتَ الْمِحَنِ لَا يَعْنِي اتِّهَامَ الْغَيْرِ بِالتَّقْصِيرِ، وَرَمْيَهُمْ بِالْفِسْقِ؛ فَهَلْ كَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِحينَ خَافَ عَذَابَ رَبِّهِ، وَحَذَّرَ النَّاسَ مِنَ الْمَعَاصِي مُتَّهِمًا لِأَصْحَابِهِ بِالسُّوءِ أَوْ حَاكِمًا عَلَيْهِمْ بِالِانْحِرَافِ؟!

هَلْ مُجْتَمَعُنَا الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْ مُجْتَمَعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَابَتِهِ الْكِرَامِ؟.

لماذا يَأْنَفُ البعضُ أنْ يحذِّرَ الناصحونَ أثناءَ الآياتِ والتَّغَيُراتِ، من المعاصي والمنكرات؟.

لماذا يَشْرَقُ بعضُ مرضى القلوبِ من التواصي بالنصيحةِ والإصلاح، وإحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع حصول مثل هذه الآيات.

لِمَاذَا يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْمَعُوا عِبَارَةَ: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} ، وَقَدْ قَالَهَا اللهُ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}.

فَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، هَا هِيَ آيات الله تَسْتَعْتِبُكُمْ، {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وألظوا وألحوا لربكم الغفار، بِكَثْرَةِ الشكر والِاسْتِغْفَارِ؛ {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.

 

الخطبة الثانية

أما بعد فيا إخوة الإيمان:

وفي تذكير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس بخبر عمرو بن لُـحَي إشارة إلى عظيم جرمه، وشنيع فعلته، التي بقيت أثراً شاهداً على سوئه وسواءته.

 فماذا صنعَ ابنُ لحُي الذي رآه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النار مرتين، حين أسري به، وفي صلاة الكسوف؟.

لقد كان ابنُ لحي سيدَ بني خزاعة، الذين كان لهم شرف خدمة البيت سنين طويلة، سافر سيدُهم عمرو بن لحي إلى الشام، فرأى فيها عبادة الأصنام، فَعَجِبَ وأُعجبَ بهذا الدِّين الجديد، فأخذ معها أصناماً من هناك إلى جزيرة العرب، ولأنه كان سيداً مطاعاً نشر وانتشرت عبادة الأصنام في الحجاز، ثم في جزيرة العرب، فكان هذا الشقيُّ هو أولَ من بدَّل دين إبراهيم عليه السلام، ولأنه جرَّ الناس وجرَّأهم على الشرك كانت عقوبته أنه يجرُّ أمعاءَه في النار، (جزاءً وفاقاً).

فحذار حذار من السيئات الجارية، أن يكون الواحدُ داعيةً إلى النارِ وهو لا يَشْعُرُ، فمن حلَّلَ حراماً، ونشره وأذاعه، بماله أو لسانه أو بيده فقد أتى باباً عظيماً من أبواب السيئات الجارفة المهلكة.

وفي تذكير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمرأةِ التي عذَّبت الهرةَ موعظة وتحذير، من شرِّ الظلم المستطير، فهو إنْ حلَّ، حلَّ في إثره الهلاك، والفساد والأزمات، وقبل ذلك سخط الجبارِ ربِّ السموات؛ (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا(.

وفي التذكير بخبر صاحب المحجن رسالة في تعظيم حقوق الناس، وخطر السطو على ممتلكاتهم، فهذا هو عين الإيذاء، وهذا مما يوجب اللعن في الدنيا، والعقاب في الآخرة.

وبعد يا أهل الإيمان فإن كان الخسوف من قدر الله الكوني، فإن الواجبَ التعاملُ معه بالقَدَرِ الشرعي الذي أمرنا به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والأعمال المشروعة وقت الكسوف والخسوف هي: الصلاة، والدعاء، والتكبير، والتهليل والتحميد

 والتسبيح،  والاستغفار، والصدقة، مع الإنابة، والاتعاظ، والتخوف والإخبات.

فلا يليقُ بنا نحنُ أتباعَ وأحبابَ محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نَلْتَهيَ وقتَ الخسوفِ بالتصويرِ والمتابعة، والضحكِ والمسامرة، (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر).

جعلنا الله وإياكم من أهل الاتعاظ بالمثلات، المدكرين عند رؤية الآيات،

اللهم صلِّ على محمد .....

المرفقات

الخسوف-1

الخسوف-1

المشاهدات 2841 | التعليقات 0