آفة هي الزمن (الشبو)

إبراهيم بن سلطان العريفان
1444/06/13 - 2023/01/06 06:32AM

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِنِعْمَةِ الإِسْلاَمِ، وَأَكْرَمَنَا بِهَا عَلَى الدَّوَامِ، وَجَعَلَ لَنَا عُقُولاً تُمَيِّزُ بَيْنَ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ خَيْرُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ؛ وَحَجَّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ؛ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ إِخْوَةُ الْإِيمَانِ وَالْعَقِيدَةِ ... احْذَرُوا .. سِلاَحٌ خَبِيثٌ يَفْتِكُ بِالْعُقُولِ، وَيَزْهَقُ النُّفُوسَ، وَيُشَتِّتُ الأُسَرَ وَيُدَمِّرُهَا، وَيُضِيعُ الأَمْوَالَ وَيُذْهِبُهَا، دَمَارٌ سَاحِقٌ، وَبَلاَءٌ مَاحِقٌ، وَمَوْتٌ بَطِيءٌ لَاحِقٌ. إِنَّهُ سِلاَحُ الْمُخَدِّرَاتِ: الْجَرِيمَةُ الْكُبْرَى، وَالْمُصِيبَةُ الْعُظْمَى، وَالدَّاءُ الأَقْوَى لِلدِّينِ وَالْقَلْبِ وَالأَعْضَاءِ؛ مَصْدَرُ الْوَسْوَسَةِ وَالشَّكِّ، وَسَبَبُ الْغَضَبِ وَالْهَيَجَانِ وَالْحُزْنِ الدَّائِمِ؛ تَعَدَّدَتْ أَشْكَالُهَا، وَتَنَوَّعَتْ أَسْمَاؤُهَا، وَشَاعَ خَطَرُهَا، وَكَثُرَ مُتَعَاطِيهَا، وَتَبَيَّنَتْ حُرْمَتُهَا؛ إِذْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ تَحْرِيمًا قَاطِعًا لِشِدَّةِ فَتْكِهَا، وَعِظَمِ ضَرَرِهَا، فَهِيَ مُسْكِرَةٌ وَمُذْهِبَةٌ لِلْعَقْلِ مَهْمَا كَانَ نَوْعُهَا، وَمَهْمَا تَغَيَّرَ مُسَمَّاهَا وَمِنْ أَيٍّ كَانَ مَصْدَرُهَا فَهِيَ حَرَامٌ. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ t أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ، فَسَأَلَ النّبِيَّ ﷺ عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ (أَوَ مُسْكِرٌ هُوَ؟) قَالَ: نَعَمْ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ؛ إِنّ عَلَى اللَّهَ عَزّ وَجَلّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ، أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ). وَمِنَ الْمُسَمَّيَاتِ الْغَرِيبَةِ فِي عَالَمِ الْمُخَدِّرَاتِ الْيَوْمَ: مَادَّةُ الشَّبُو الَّتِي انْتَشَرَتْ فِي أَوْسَاطِ الْمُجْتَمَعَاتِ الإِسْلاَمِيَّةِ، وَهِيَ أَقْوَى مَادَّةٍ مُخَدِّرَةٍ فِي الْعَالَمِ، وَهِيَ مَادَّةٌ كِيمْيَائِيَّةٌ مُصَنَّعَةٌ شَبِيهَةٌ بِالزُّجَاجِ بَلُّورِيَّةٌ كِرِسْتَالِيَّةُ الشَّكْلِ، تُسَمَّى بَيْنَ أَوْسَاطِ الشَّبَابِ الْمُتَعَاطِيِنَ لَهَا بِالطَّبَاشِيرِ أَوِ الآيِس أَوِ الصَّارُوخِ أَوِ الزُّجَاجِ، تُؤْخَذ كَمَسْحُوقٍ عَنْ طَرِيقِ الشَّمِّ، أَوْ عَنْ طَرِيقِ التَّدْخِينِ، وَهِيَ مُنَشِّطَةٌ تُسَبِّبُ حَالَةَ الذُّهَانِ الاِنْفِصَامِيَّةَ؛ وَرُبَّمَا مِنْ أَوَّلِ جُرْعَةٍ يَرْتَكِبُ مُتَعَاطِيهَا أَيَّ جَرِيمَةٍ، بِالإِضَافَةِ أَنَّهَا سَبَبٌ فِي كَثْرَةِ الْكَلاَمِ وَالْهَلْوَسَةِ، وَالشُّكُوكِ وَالأَوْهَامِ، وَاضْطِرَابَاتِ سَاعَاتِ النَّوْمِ؛ بَلْ رُبَّمَا يَبْقَى الْمُتَعَاطِي أُسْبُوعًا كَامِلاً بِلاَ أَكْلٍ وَلاَ نَوْمٍ، مِمَّا يَتَسَبَّبُ فِي انْحِطَاطِ الْجِسْمِ، وَالرِّعَاشِ، وَفَقْدِ التَّوَازُنِ، وَالاِضْطِرَابَاتِ النَّفْسِيَّةِ، وَالاِنْفِصَامِ بِالشَّخْصِيَّةِ. وَتُسَبِّبُ أَيْضًا الاِنْطِوَائِيَّةَ وَالْعُدْوَانِيَّةَ حَتَّى عَلَى الْوَالِدَيْنِ، وَالزَّوْجَةِ وَالأَوْلاَدِ وَالإِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ؛ بَلْ عَلَى الْقَرِيِبِ وَالْبَعِيِدِ أَحْيَاناً. فَيَا شَبَابَ الأَمَّةِ … وَيَا رِجَالَ الْمُسْتَقْبَلِ ... احْذَرُوا الْمُخدِّرَاتِ، فَمَا مِنْهَا إِلاَّ الْقَلَقَ الدَّائِمَ، وَالْفِكْرَ الْهَائِمَ، وَالأَوْهَامَ الْكَاذِبَةَ الْمَزْعُومَةَ، وَطَلَبَ السَّعَادَةِ الْمَوْهُومَةِ؟! أَيُّهَا الشَّبَابُ الْمُبَارَكُ … كُنْ مُسْلِمًا حَقًّا تَتَأَلَّهُ لِرَبِّكَ، وَتَسْجُدُ لِخَالِقِكَ؛ قَلْبُكَ يَتَدَفَّقُ بِالإِخْلاَصِ وَالطُّهْرِ، وَجَوَارِحُكَ تَعْمَلُ لِكَسْبِ الأَجْرِ، وَلِسَانُكَ يَلْهَجُ بِالتَّسْبِيحِ وَالذِّكْرِ. كُنْ مُسْلِمًا صَالِحًا، وَأُنْمُوذَجًا نَاصِحًا، يَسْتَفِيدُ النَّاسُ مِنْ حَيَاتِهِ، وَيَقْتَدُونَ بِجَمِيلِ صِفَاتِهِ. الرُّجُولَةُ لَيْسَتْ بِتَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ، وَإِبْرَازِ الْعَضَلاَتِ، وَبَذَاءَةِ الْكَلِمَاتِ! إِنَّمَا الرُّجُولَةُ بِطَاعَةِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، وَسَلاَمَةِ الْقَلْبِ مِنَ الْمَعَاصِي وَالْمُحَرَّمَاتِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. اللَّهُمَّ اهْدِ شَبَابَنَا وَبَنَاتِنَا لِلتَّمَسُّكِ بِالدِّينِ وَسُنَّةِ خَيْرِ الْمُرْسَلِينَ؛ اللَّهُمَّ كَرِّهْ إِلَيْهِمْ تَتَبُّعَ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ مِنَ الْبِدَعِ وَالْمُخَدِّرَاتِ يَا رَبَّ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ. اللَّهُمَّ احْفَظْنَا وَأَوْلاَدَنَا وَمُجْتَمَعَاتِنَا وَبِلاَدَنَا وَبِلاَدَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُخَدِّرَاتِ وَالْمُسْكِرَاتِ يَا رَبَّ الْعَالَمِيِنَ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ ..     الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. مَعَاشِرُ الْمُؤْمِنِينَ .. اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمُخَدِّرَاتِ وَالْمُسْكِرَاتِ آفَةٌ خَبِيثَةٌ، لَمْ تَفْشُ فِي عَصْرٍ مِنَ الْعُصُورِ كَمَا فَشَتْ فِي عَصْرِنَا الْحَاضِرِ؛ فَهَا هِيَ وَسَائِلُ الإِعْلاَمِ تُطَالِعُنَا صَبَاحَ مَسَاءَ مُظْهِرَةً جُهُودَ رِجَالِ الأَمْنِ -وَفَّقَهُمَ اللهُ تَعَالَى- وَعَارِضَةً كَمِّيَّاتٍ مُخِيفَةً وَعِصَابَاتٍ نَتِنَةً مِنْ جِنْسِيَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ! الأَمْرُ الَّذِي يَجْعَلُنَا فِي قَلَقٍ وَخَوْفٍ مِنْ تِلْكَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ! لأَنَّ ضَحَايَاهَا مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ شَبَابٌ فِي سِنِّ الزُّهُورِ مِنَ الإِنَاثِ وَالذُّكُورِ. أَيُّهَا الآبَاءُ .. أَحْسِنُوا تَرْبِيَةَ أَبْنَائِكُمْ، وَتَخَيَّرُوا لَهُمْ أَصْدِقَاءَهُمْ، وَانْصَحُوا لَهُمْ وَلاَ تُهْمِلُوهُمْ، دُلُّوهُمْ عَلَى مَوَاطِنِ الصَّلاَحِ، وَعَلِّقُوا قُلُوبَهُمْ بِالْمَسَاجِدِ وَالصَّلاَةِ؛ حَذِّرُوهُمْ مِنْ طُرُقِ الْهَلاَكِ وَالضَّيَاعِ، وَامْنَعُوا عَنْ أَبْنَائِكُمُ التَّدْخِينَ، فَهُوَ بِدَايَةُ طَرِيقِ الإِدْمَانِ، اغْرِسُوا فِيهِمْ حُبَّ اللهِ تَعَالَى وَمَخَافَتَهُ، وَأَنَّهُ الرَّقِيبُ الْمُطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي سِرِّهِمْ وَعَلَنِهِمْ، وَخَلْوَتِهِمْ وَجَلْوَتِهِمْ؛ ثُمَّ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ لَهُمْ بِالصَّلاَحِ وَالْفَلاَحِ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ . ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾

المرفقات

1672975911_آفة هذا الزمن (الشبو).docx

1672975919_آفة هذا الزمن (الشبو).pdf

المشاهدات 836 | التعليقات 0