آداب المشي إلى الصلاة

عبدالله بن رجا الروقي
1437/01/30 - 2015/11/12 14:20PM
...أما بعد فإن الشريعة جاءت بأحكام وآداب يشرع العمل بها لمن قصد بيتًا من بيوت الله عزوجل فدونك أيها المسلم بعض هذه الأحكام التي يشرع امتثالها ، والعمل بها فإن المساجد لها من الحُرمة والإجلال ماليس لغيرها ، قال تعالى ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾

عباد الله:
إذا أراد المسلم الخروج للصلاة فليتوضأ في بيته وليحسن الوضوء لقوله ﷺ : صلاةُ الرجلِ في جماعةٍ تزيدُ على صلاتِه في بيتِه ، وصلاتِه في سوقِه ، بضعًا وعشرين درجةً . وذلك أنَّ أحدَهم إذا توضأَ فأحسنَ الوضوءَ ثم أتى المسجدَ . لا يَنْهَزُهُ إلا الصلاةَ . لا يريدُ إلا الصلاةَ . فلم يَخْطُ خطوةً إلا رُفِعَ لهُ بها درجةً . وحُطَّ عنهُ بها خطيئةٌ . حتى يدخلَ المسجدَ . فإذا دخل المسجدَ كان في الصلاةِ ما كانت الصلاةُ هي تحبسُه . والملائكةُ يصلون على أحدكم ما دام في مجلسِه الذي صلى فيهِ . يقولون : اللهم ! ارحمْهُ . اللهم ! اغفِرْ لهُ . اللهم ! تُبْ عليهِ . ما لم يُؤْذِ فيهِ . ما لم يُحْدِثْ فيهِ. متفق عليه.

واعلم ياعبدالله أنك من حين تخرج من بيتك فأنت في صلاة لقوله ﷺ : إن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة. رواه مسلم.
وكذلك وهو في المسجد ينتظر إقامة الصلاة فهو في صلاة لقوله ﷺ : لا يزال أحدكم في صلاة مادامت الصلاة تحبسه.رواه البخاري ومسلم.

بل إن الله يكتب له أجر خطواته في رجوعه من المسجد إلى منزله كما كتبها له في ذهابه للمسجد ، قال رجل للنبي ﷺ : إني أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ. رواه مسلم

ومن الأحكام أنه يُسن التبكير إلى الصلاة لقوله ﷺ : ولو يعلمون ما في التهجير ، لاستبقوا إليه. متفق عليه. والتهجير هو التبكير إلى الصلاة.

وليمش بسكينة ووقار ولا يعجل قال ﷺ : إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة . فما أدركتم فصلوا ، وما سبقكم فأتموا " . متفق عليه.

ثم إذا جاء المسجد فليدخل برجله اليمنى ، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك. لقوله ﷺ : إذا دخل أحدكم المسجد ، فليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك . وإذا خرج ، فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك. رواه مسلم.

ويُسن له قول: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم.
لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال: (أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم )، قال فإذا قال ذلك قال الشيطان : حُفِظ مني سائر اليوم. رواه أبو داود.

ثم إذا دخل المسجد فيُشرع له أن يصلي ركعتين تحية المسجد لقوله ﷺ : إذا دخل أحدكم الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ . رواه البخاري ومسلم .

ويسن له الدعاء بين الأذان والإقامة لقوله ﷺ : الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. رواه الترمذي وأبو داود.

وإذا أقيمت الصلاة وهو يصلي تحية المسجد فإن كان لم يبلغ الركوع من الركعة الأولى فليقطع الصلاة وليدخل مع الإمام في الفريضة لقوله ﷺ إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة.
وإن كان قد أدرك الركوع من الركعة الأولى فليتم صلاته خفيفة لأنه بإدراكه للركوع قد أدرك ركعة من الصلاة والنبي ﷺ يقول : مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ . رواه البخاري ومسلم .

وإن دخل والناس يصلون فليدخل معهم على أي حال سواء أدركهم في الركوع أو بعد الرفع منه
لقول النبي ﷺ : ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.
ولقوله ﷺ : إذا أَتَى أحدُكُم الصلاةَ والإمامُ على حالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإِمامُ. رواه الترمذي.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم...


الخطبة الثانية
... أما بعد - معاشر المسلمين - فليحذر المسلم من الحضور للمسجد ومعه رائحة كريهة كرائحة البصل والثوم وكذلك رائحة الجوارب ، فإن الرائحة الكريهة يتأذى منها الناس والملائكة ، قال ﷺ : من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. رواه مسلم.
فيحرم الذهاب للمسجد لمن كان ذا رائحة كريهة حتى يزيلها قبل ذهابه للمسجد إن أمكن ذلك ، وإلا فليصل في بيته ، وتسقط عنه الجماعة إن تعذر إزالة هذه الرائحة.

عباد الله ، إن من أسباب ذهاب خشوع المصلين ، أصوات رنين الجوالات ، ويزداد الأمر سوءا إذا كانت النغمات موسيقية وذلك لأن الموسيقى محرمة فعلى المسلم أن يغلق جواله قبل الصلاة حتى لايشوش على المصلين ، وليعلم أنه بين يدي الله في أشرف موقف فليعظم الله وليعظم بيوت الله
قال تعالى : ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾

ومما ينبه عليه أن بعض المصلين في أثناء خروجه
من المسجد ربما مر بين يدي أحد المصلين ممن يقضي صلاته أو يتنفل وهذا عمل محرم بل من كبائر من الذنوب لقوله ﷺ : لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ ، خَيْراً لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ . رواه البخاري ومسلم.

اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها
أنت وليها ومولاها.
المشاهدات 3389 | التعليقات 0