57 قاعدة في إلقاء الكلمات والخطب

سلطان بن عبد الله العمري

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: إلقاء الخطبة

اقتباس

بعض المتحدثين لا يهتمون بعناصر القوة في الحديث، ولذا تجد أن حديثهم ممل، وفيه ارتجال واسترسالٌ كثير، وخروج عن الموضوع، وعدم القدرة على إيصال الفكرة، وأشياء كثيرة تدل على ضعف الخبرة في مواجهة الجمهور...

التحدث أمام الآخرين عملٌ يتكرر في كل مكان، في المساجد، في العمل، في المناسبات، في الشركات، وأماكن أخرى.

 

لهذا لابد أن يكون المتحدث على دراية بأهم عوامل التأثير في الناس من خلال كلمته أو محاضرته أو خطبته وغيرها من ألوان المناسبات التي تتكرر.

 

والغريب أن بعض المتحدثين لا يهتمون بعناصر القوة في الحديث، ولذا تجد أن حديثهم ممل، وفيه ارتجال واسترسالٌ كثير، وخروج عن الموضوع، وعدم القدرة على إيصال الفكرة، وأشياء كثيرة تدل على ضعف الخبرة في مواجهة الجمهور وعدم القدرة على الحديث الجيد.

 

لهذا يجب على كل من أراد أن يتحدث أن يدرب نفسه لمعرفة فنون الحديث وقواعد الإلقاء المناسبة ليكون مؤثراً أمام الجمهور الذين أمامه.

 

في كل أمة وجماعة توجد مآثر وخبرات وقصص تحتاج لمن يظهرها للناس ولذلك كانت لهم جلسات يتحدثون، وفي بعض المجتمعات يقوم الشعراء بإظهار محاسن تلك القبيلة والجماعة.

 

الأنبياء كانوا على فصاحة وبيان، وهذا موسى عليه السلام يسأل ربه (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي)[طه:27-28]، وقال (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي)[القصص:34]، وربنا يخاطب نبيه -صلى الله عليه وسلم- (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)[النحل:125].

 

ومع انتشار الثقافات، يحتاج المتحدث للمزيد من الفنون في الحديث والإقناع في نشر المفاهيم والتصورات والعلوم للناس.

 

قواعد متنوعة:

1- لابد من الجودة والتميز في الحديث لأن الناس اليوم في تقدم علمي وثقافي، فلا يصح للدعاة وأصحاب المبادئ والخطباء أن يتأخروا عن التطوير في الحديث والبيان للمجتمع.

 

2- خطيب الجمعة لابد أن يتطور لأن الناس يستمعون له كل أسبوع بكل إنصات وهم يعيشون في المجتمع المليء بالأحداث فإذا رأوا أن الخطيب في واد آخر، بعيد عن الجودة والتميز، فكيف يستفيدون منه؟

 

3- لابد من وحدة الموضوع وعدم زحمة الخطبة والكلمة بالأشياء المختلفة حتى تبقى في نفوس الناس.

 

4- احذر من تكرار الخطب، لأن الناس تتنوع معارفهم وذلك الخطيب لازال يعيد نفس الموضوع.

 

5- الخطيب الذي يختار العبارات المنمقة اللغوية الصعبة لن ينجح في الوصول للناس، لهذا لابد من انتقاء الكلمات الجميلة والبسيطة التي يفهمها أغلب الناس.

 

6- لن تؤثر في الناس إلا إذا كنت متأثراً بالشيء الذي تدعو إليه.

 

7- لا تكثر من السلبيات والنقد في خطابك.

 

8- كلماتك يجب أن لا تحمل في طياتها ثياب الكِبر ورؤية النفس من خلال مدح النفس أو احتقار الآخرين بطرق متنوعة.

 

9- الانتباه لأجهزة الصوت لأنها وسيلتك لإيصال الصوت.

 

10- نغمة الصوت وحدته ورفعه وخفضه يؤثر في بيانك.

 

11- التوازن بين الهدوء والسرعة في الصوت يساهم في التأثير في الناس.

 

12- التوقف أحياناً في أثناء الكلمة أو الخطبة أو الموضوع الذي تتكلم فيه، في الوقت المناسب يعطي الموضوع قوةً وجمالاً.

 

13- احرص على التوزان بين حركة اليد بين الإكثار والإقلال.

 

14- الناس يركزون النظر للمتحدث الجيد ولكنه إذا لم يبادلهم النظرات فإنهم ينصرفون عنه تدريجياً، فانظر لهم بشكل جيد.

 

15 - العناية بالمظهر تؤثر في قبول الناس لحديثك، والغالب أنهم يستجيبون لك، لأن المظهر السيء يعطي انطباعاً غير جيد لمحتواك، ونحن في حضارة الصورة والشكل، ولذا لابد من الاهتمام بلباسك أيها المتحدث.

 

16- الحماس في الموضوع والتفاعل معه ليس في كل العناوين، بل في الغالب أنه يكون في الخطب الوعظية والتحذيرات من المنكرات والمشكلات، وأما الدرس العلمي والحوار الدعوي فلابد من الهدوء.

 

17- الثقافة العامة للمتحدث مهمة لأن الناس يرغبون أن يسمعوا منك الجديد والمفيد.

 

18- الإلمام بالموضوع الذي تريد الحديث عنه يزيد من ثقتك بنفسك أمام الجمهور، فاقرأ وتعلم كثيراً عنه، وهذا ينمو بكثرة الاطلاع وطلب العلم ومتابعة الجديد في الساحة.

 

قصة: أحد الدعاة في ماليزيا قرأ نحو ٢٠٠ كتاب عن الثقافة الصينية قبل أن يدخل في برنامج دعوي معهم، وبعد ذلك وجد قبول من الناس وتم الانتفاع منه.

 

19- الحديث مع النخبة لابد أن يكون منطقي وعقلي أكثر منه عاطفي، ولتحرص على أن تفتح الأفكار لهم بذكر الشواهد والأدلة والأرقام، وعند الانتقاد لأي سلوك أو خطأ فاختر الأسلوب الجيد.

 

20- مخاطبة الجماهير كما في الجمعة لابد أن يكون خطاباً عاماً مراعياً مستوياتهم العقلية البسيطة، بعيدا عن الإقناعات والأرقام الكثيرة، مع سرد القصص والأمثلة لتقريب الموضوع، مع ذكر بعض المسائل الفقهية التي يحتاجها العامة، ويقترح البعض أن تكون الخطبة الثانية تتضمن مسائل فقهية متنوعة بشكل منهجي مرتب في كل أسبوع تساعد على تغطية أهم المسائل التي يحتاجها الناس.

 

21- العناية بفتح باب الأمل للناس وعدم الاحباط، وذكر حلول المشكلات التي يعانون منها.

 

22- التزم بالوقت المحدد الذي تقوله للناس، ولاتكن مثل ذلك الذي يقول: سأحدثكم في خمس دقائق ثم ينسى نفسه وإذا به قد تجاوز النصف ساعة.

 

23- احترم ثقافة الناس فقد يهتمون بشيء معين أو شخص وأنت تتكلم فيه بطريقة غير جيدة.

 

24- الكلمات والخطب المرتجلة في الغالب يحصل معها استرسال وخروج عن الموضوع.

 

25- احذر التعميم، والخطاب الحاد لأن الناس يكرهون ذلك والغالب أنك على غير الصواب.

 

26- العناية بالمقدمة ولتكن بشيء سار وجميل، مثلاً، استخدم عبارة ’أبشركم’ أو ابدأ بسؤال، أو بقصة ونحو ذلك مما يلفت نظر الناس لك.

 

27- تعلم محاولة جذب المستمعين بطريقة رائعة وهناك فنون لذلك.

 

28- قد تحتاج أن تذكر أسباب طرق الموضوع لتنبيه الناس لأهميته.

 

29- اذكر تفاصيل كلمتك أو محاضراتك، مثل أن تقول: ستكون كلمتي على ثلاث عناصر وهي كذا وكذا وكذا.

 

30- لا تسرد الآيات والأحاديث وكأنك في بحث علمي، اذكر ٢ منها واربطها بواقع الناس بأسلوب سهل.

 

31- ليكن عندك أمثال وحكم وأبيات وقصص.

 

32- عند ذكر الأحاديث لا تفصل في تخريجها، ويكفي أن تقول رواه فلان، وصححه فلان أو رواه فلان بسند صحيح.

 

33- قد يناسب الاستشهاد بأقوال طبيب، مهندس، مخترع، حسب الموضوع.

 

34- لا يهمك سرد المعلومات، بل اجعل بينها ترابط ليفهم الناس هدفك من الموضوع.

 

35- ذكر الأرقام في الكلمة يعتبر منهج نبوي، كما في حديث السبع الموبقات، سبعة يظلهم الله، ثلاث من كن فيه، وهكذا.

 

36- من المفيد أن تتحدث عن المقارنات في الموضوعات، مثلاً بين الربا والبيع، بين الحجاب والتبرج، بين أهل الجنة وأهل النار.

 

37- اذكر تساؤل أثناء حديثك لتلفت الانتباه، وفي القرآن أمثلة لذلك، كما قال تعالى (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ)[القارعة:3]. (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ)[النبأ:1].

 

38- الناس لن يقبلوا منك إلا إذا وثقوا بك وعلموا مصداق ما تقول من مواعظ أو حقائق ومقترحات وتوجيهات، لهذا لابد من بناء ثقتهم بك وهذا يتطلب جهداً كبيراً منك بالإخلاص، والعلم، والتحضير، وحسن الأداء وانتقاء الأنفع، وترك الانطباعات الجيدة عنك، ونحوها من الصفات.

 

39- الناس يحبون من يتحدث عن أولوياتهم لا عن أشياء لا تهمهم.

 

40- في ظل تراجع دور المدرسة والمجتمع في التربية فلابد من ضرورة التأكيد على دور الأسرة في ذلك ووضع المقترحات والأفكار لتحقيق ذلك.

 

41- الارتقاء اللغوي بين المتحدث والمستمتع يجعلهم يشعرون بالفوقية، ويقلل الاستجابة لك، وقد يشعرون أنك مغرور، فلا تستخدم عبارات ’أنتم لا تعرفون، لا تفهمون، إياكم والغفلة عن كذا’.

 

واستخدم مثل هذه الكلمات ’نحن بحاجة لكذا، علينا أن نستفيد من ذلك الشيء’ يعني اشترك معهم في الكلام وأنك مثلهم في الحاجة للشيء ومثلهم في الوقوع في الخطأ.

 

42- اذا طُلب منك موضوع عند أشخاص لا يرغبون فيك أو لا يحبون موضوعك، فابدأ بطرفةٍ مناسبة، لأنهم سيميلون لك بسببها ويرونك لطيف وتستحق الاستماع، أو اطرح تساؤل غريب يتعلق بالموضوع.

 

43- نجاح المتحدث هو في جعل الناس يشعرون أن ما يلقيه شيء مهم لهم، لا في مجرد الكلام، وهذا يحتاج لفن الإقناع.

 

44- إذا كنت تتحدث أمام أشخاص يكرهونك، دينيا، أو سياسياً، أو اجتماعياً، فحاول أن تتذكر الروابط الجميلة بينكم، مثل ’نحن في وطن واحد، وعمل واحد، ولغتنا واحدة، وأخلاقنا رائعة’.

ونحو ذلك لتتخلص من التراكمات السلبية التي في داخلك عنهم، لأن ذلك سيساعدك للحديث معهم، وقد لا ينصتون لك في البداية، بتشويش وكلام وإهمال، ولكن اعلم أن هذا لن يدوم إذا كنت متميزاً في لفت الأنظار لك.

 

45- لا تهاجم عقائد الناس ورموزهم وعاداتهم بشكل مباشر، واذكر الأدلة والبراهين والقصص ونحو ذلك، لأنهم أصلاً يشكون فيك وفي مصداقيتك.

 

46- تحدث مع المعارضين والمختلفين معك بدون النقد الحاد، فلا تقل ’أنتم كذا، وعقيدتكم فيها كذا، وبلدكم فيه كذا’.

 

47- اذكر أقوال لبعض الرموز الذين يثق بهم الجمهور، لتقترب منهم بذلك.

 

48- العدل مطلوب في الحديث مع الجمهور المعارض تحديداً، فلا تتحمس لمذهبك وفكرتك ثم ترمي الآخرين بسيل من الكلمات التي تدل على غياب العدل عندك، لأن الظلم مذموم ولن تنجح في حديثك ما دمت هكذا.

 

49- أحياناً نبالغ في الحديث عن شيء ما، سواء فكرة، أو فائدة، أو قصة، وغيرها، وهذه المبالغات تحوي شيء من الكذب غالباً.

 

50- تلطف في النقد، فقل: ,أظن، وربما، وفيما يظهر لي,؛ لأن اللطف يقرب وجهات النظر لك، حتى لو لم يقتنعوا بفكرتك.

 

51- إذا كنت تتحدث مع جمهور يحبك فلا يجعلك هذا أن تهمل التحضير والدقة والإتقان، أي لاتكن فوضوياً في الكلام بسبب محبة الناس لك وشهرتك عندهم.

 

52- المجتمع بحاجة إلى أن يتحول لمنظومة في العمل الجماعي والتعاون في كل مجالاته، والمتحدث الجيد يساهم في تحويل هذه القناعات إلى عادات وسلوكيات من خلال كلماته، لأن الكلام الجيد بداية لكل إنجاز.

 

53- المتحدث الجيد يجب أن يكون مستمعٌ جيد، لأن الآخرين لديهم ما يقولونه من سؤال أو إضافة أو انتقاد، فالتقط الفكرة والفائدة المناسبة، وكما أن لديك معلومات جيدة، فلديهم كذلك معلومات ستفيدك، فأنصت لهم كما أنصتوا لك.

 

54- في أثناء كلمتك قد ينتقدك أحد بأسلوب سيء فلا تغضب، ولتكن أخلاقك عالية، فليس كل الناس بمستوى جيد في النقد، وتأكد أن ردة فعلك ربما كانت أعظم أثراً من محاضرتك السابقة.

 

55- إذا قام أحدهم للتعقيب على كلامك فلا تسخر به، فلا تقل: ’هات ما عندك، بأسلوب ساخر، أو سؤالك غريب، أو تفضل يا بني’.

بل قل: ’تفضل حياك الله، أو مرحبا بك يا محب’ ونحو ذلك من العبارات التي تدل على أدبك في التواصل مع الجمهور.

 

56- عند الرد على استفسار السائل فلا تخرج عن الموضوع بطرق ملتوية، بل كن واضحاً وشجاعاً في الرد، ويمكنك أن تعتذر كأن تقول لا أدري ونحو ذلك.

 

57- لابد من الخاتمة الحسنة للموضوع، وقد يناسب أن تختم بآية، أو حديث، أو حكمة، أو دعاء، مع شكر الحضور، واشكر من نسّق لهذا اللقاء.

 

وقد يناسب أن تلخص موضوعك في نقاط مختصرة في نهاية كلمتك.

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات