عناصر الخطبة
1/عيد الفطر يوم من أيام الله 2/بعض مواطن فرح أهل الإيمان 3/تنبيهات مهمة في عيد الفطر المبارك.اقتباس
إن أفراح أهل الإيمان لا تُشبه أفراح التائهين في أودية الهلاك والانحراف؛ فأفراح المؤمنين مرتبطة بواهب الفرح -جل في عليائه- فيفرحون بما يرضى به ربهم عنهم، وحتى ندرك حقيقة فرحتهم لابد.. اشكروا ربكم على هدايته لكم إلى هذا الدين العظيم وافرحوا...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الكريم المنان الذي أكرمنا بالإيمان، وأتم علينا شهر رمضان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي شرع لعباده من الأعياد ما تجلو بها الأحزان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير من صام وقام للديان -صلى الله عليه وسلم- ما تلا أصحابه القرآن وتزود أحبابه بالبر والإحسان وعلى آله وصحابته أئمة الهدى والتبيان وعلى التابعين لهم إلى يوم تشيب فيه الولدان، أما بعد:
أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-؛ فهي وصية الله للأولين والآخرين؛ فقال في كتابه العزيز: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)[النساء:131]، ووصى الله بها عباده المؤمنين؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[الحشر: 18-19]، أما بعد:
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: إنكم في يوم من أيام الله، إنه يوم عيد الفطر المبارك الذي جعله فرحة للصائمين ومكرمة للقائمين؛ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس:58]؛ فهنيئا لمن صام رمضان وقام للديان، وما أجمل ما قاله الشاعر في ذلك:
ليهنكَ بعدَ صومكَ عيدُ فطرٍ***يريكَ بقلبِ حاسدكَ انفطارا
أتاكَ وفوقَ غرَّتهِ هلالٌ*** إذا قابلتهُ خجلًا توارى
يشيرُ وعادَ نحوكَ كلَّ عامٍ***يحدِّدُ فيكَ عهداَ وازديارا
ولا برحتْ لكَ العلياءُ دارًا***ومتَّعكَ الزَّمانُ بملكِ دارا
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: إن أفراح أهل الإيمان لا تُشبه أفراح التائهين في أودية الهلاك والانحراف؛ فأفراح المؤمنين مرتبطة بواهب الفرح -جل في عليائه- فيفرحون بما يرضى به ربهم عنهم، وحتى ندرك حقيقة فرحتهم لابد أن نذكر بعض المواطن التي يفرح فيها أهل الإيمان؛ فمن ذلك:
فرحهم بإتمام العبادة؛ روى الإمام البخاري -رحمه الله- من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لِلصّائِمِ فَرْحَتانِ يَفْرَحُهُما إذا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ"، وفي هذه الفرحة تأكيد على سمو شريعة الإسلام ومبانيه العظام.
ويفرح أهل الإيمان: بنصر الله لدينه وأوليائه في ميادين الجهاد والدعوة في سبيله، يقول -تعالى-: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)[الروم:4-5].
ومن مواطن فرح أهل الإيمان: فرح المؤمن بقبول الله لتوبته ويتجلى هذا في فرحة كعب بن مالك -رضي الله عنه- حين بُشِرَ بتوبة الله عليه فخر ساجدًا لله من شدة الفرح، وفرح بذلك النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وقال له ووجهُه يبرق من الفرح والسرور: "أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مِنْذُ وَلَدَتْكُ أُمُّكَ".
ومن مواطن فرح أهل الإيمان: فرح المؤمن بهداية أقربائه وأرحامه؛ فهذا أبو هريرة -رضي الله عنه- كان براً بأمه، ولكنها قبل إسلامها كانت تُسمع ابنها في الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يكره، وما فتئ الابن يدعوها إلى الإسلام، حتى طلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو لها بذلك، فقال -عليه الصلاة والسلام" :-اللهمَّ اهدِ أُمَّ أبي هريرة"؛ فاستبشر أبو هريرة بهذه الدعوة، وما وصل البيت حتى وجد أمه تغتسل -وقد أجافت الباب- وقالت: مكانَكَ يا أبا هريرة فلبست درعها، وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، وقالت: يا أبا هريرة، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، قال أبو هريرة: فرجعت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتيته وأنا أبكي من الفرح"(رواه مسلم)
ويفرح المؤمن بسلامة إخوانه المؤمنين: وانظروا إلى فرح النبي -صلى الله عليه وسلم- بقدوم جعفر -رضي الله عنه- ومن معه من المسلمين من أرض الحبشة وعبر عن ذلك الفرح بقوله :"ما أدري بأيِّهما أنا أَسرُّ، بفتح خيبر، أم بقدوم جعفر؟"(حسنه الألباني)، وكذا فرحة المؤمن بما يحصل لإخوانه من الخير والاستقامة والصلاح وما يفتح الله عليهم من العلم والهدى والسعة في الرزق.
ومن مواطن فرح أهل الإيمان: فرحة المؤمن بالرفقة الصالحة المباركة التي تنير دروب الخير في الدنيا والآخرة؛ ومن الأمثلة على ذلك فرح الصديق -رضي الله عنه- حين جاءه الرسول -صلى الله عليه وسلم- مُخبراً عن إذن الله له بالهجرة، وأن أبا بكر سيكون صاحبه بالهجرة، ورفيقه في الطريق إلى المدينة، بكى من شدة الفرح، حتى قالت ابنته عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: "فواللهِ ما شعَرْتُ قطُّ قبلَ ذلِكَ اليومِ أنَّ أحدًا يبكي من الفرحِ حتى رأيتُ أبا بكر يومئذ يبكي"(أخرجه البخاري).
ومن مواطن فرح أهل الإيمان: الفرح بسلامة القلب من الأهواء؛ فهذا عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقول: "ما فرحتُ بشيء في الإسلام أشدَّ فرحًا بأن قلبي لم يدخله شيءٌ من هذه الأهواء".
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم؛ أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
أيها المؤمنون: اشكروا ربكم على هدايته لكم إلى هذا الدين العظيم وافرحوا بعيدكم، واحرصوا في هذه الأيام المباركة على القيام بالأعمال التي جاء الترغيب في فعلها بعد انصرام شهر رمضان المبارك؛ فمن ذلك:
شكر الله -تعالى- على اكتمال العدة إتمام النعمة، قال -سبحانه-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة: 185].
وعلى المؤمن أن يحسن الظن بربه: بأنه سيتقبل ما قدمه العبد من بر وإحسان؛ فالله -تعالى- عند حسن ظن عبده به؛ فقد قال -سبحانه- في الحديث القدسي: "أنا عندَ ظنِّ عبدي بي فلْيظُنَّ بي ما شاء"، وما أجمل قول الشاعر وهو يرى جميل ظنه بربه:
وإني لأرجو الله حتى كأنني *** أرى بجميل الظن ما الله صانع
ومما ينبغي الحث عليه في هذا اليوم المبارك: التذكير بصيام الست من شوال وبيان فضلها؛ كما جاء في حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن صام رمَضانَ وأتبَعه سِتًّا مِن شوّالٍ خرَج مِن ذُنوبِه كيومَ ولَدَتْه أُمُّه".
وكذلك: يجب على المسلم أن يصل أرحامه وأن يتفقد أحوالهم وأن يشاركهم فرحتهم؛ فإن من وصلهم وصله الله، ومن قطع رحمه قطعه الله؛ كما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فقالَ اللَّهُ: مَن وصَلَكِ وصَلْتُهُ، ومَن قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ"(رواه البخاري).
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
وصلوا وسلموا على البشير النذير؛ حيث أمركم بذلك العليم الخبير؛ فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين.
اللهم ألف بين قلوب المسلمين، واجمع كلمتهم على الحق والدين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم