النصير -جل جلاله-

د عبدالله بن مشبب القحطاني

2020-12-04 - 1442/04/19 2022-10-06 - 1444/03/10
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/حقيقة اسم الله النصير ومعناه 2/أنواع نصر النصير لعباده 3/ثمرة الإيمان باسم الله النصير.

اقتباس

وَأَنْوَاعُ نُصْرَةِ اللَّهِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ يَأْتِي بِهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ الْعَبْدُ؛ فَلَا تُعَدُّ وَلَا تُحَدُّ وَلَا تُرَدُّ؛ فَتَارَةً تَكُونُ بِتَأْيِيدِ الْمَلَائِكَةِ؛ كَمَا فِي نَصْرِهِ لِنَبِيِّهِ وَصَحْبِهِ فِي بَدْرٍ، أَوْ بِالرِّيحِ؛ كَمَا فِي عَادٍ وَالْأَحْزَابِ، أَوْ بِإِرْسَالِ الطَّيْرِ الْأَبَابِيلِ؛ كَمَا...

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

 

عِبَادَ اللَّهِ: جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: "أَنَّ شُرُوطَ الْحُدَيْبِيَةِ ثَقُلَتْ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؛ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: "بَلَى"، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: "بَلَى"، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟! فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي"(هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ).

 

تَعَالَيْتَ يَا مَنْ تَجْعَلُ الْحَقَّ يَغْلِبُ *** وَيَهْزِمُ شَرًّا قَدْ تَمَادَى يُخَرِّبُ

فَأَنْتَ الَّذِي تُعْطِي الْحُقُوقَ لِأَهْلِهَا *** فَنَصْرُكَ أَقْوَى مَا يَكُونُ وَأَقْرَبُ

 

"النَّصِيرُ" اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى، وَرَدَ أَمَانًا لِلْخَائِفِينَ، وَفَرَجًا لِلْمُسْتَضْعَفِينَ، قَالَ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)[الْأَنْفَالِ: 40]؛ فَرَبُّنَا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هُوَ الَّذِي يَنْصُرُ رُسُلَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ عَلَى أَعْدَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)[غَافِرٍ: 51].

 

وَرَبُّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- يَنْصُرُ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَيَرْفَعُ الظُّلْمَ عَنِ الْمَظْلُومِينَ؛ وَلَوْ كَانُوا كَافِرِينَ؛ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ إِلَّا اللَّهُ.

 

وَرَبُّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- يَنْصُرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى عَدُوِّهِمْ؛ سَوَاءٌ كَانَ خَارِجِيًّا؛ كَالْكَافِرِينَ وَالظَّالِمِينَ، أَوْ دَاخِلِيًّا؛ كَالنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ، وَهُمَا أَضَرُّ عَلَى الْمُؤْمِنِ مِنْ عَدُوِّهِ الْخَارِجِيِّ؛ (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 69].

 

وَإِذَا نَزَلَ نَصْرُ اللَّهِ فَلَا غَالِبَ لِمَنْ نَصَرَهُ، وَلَا نَاصِرَ لِمَنْ خَذَلَهُ؛ (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ)[آلِ عِمْرَانَ: 160].

 

وَأَنْوَاعُ نُصْرَةِ اللَّهِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ يَأْتِي بِهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ الْعَبْدُ؛ فَلَا تُعَدُّ وَلَا تُحَدُّ وَلَا تُرَدُّ؛ فَتَارَةً تَكُونُ بِتَأْيِيدِ الْمَلَائِكَةِ؛ كَمَا فِي نَصْرِهِ لِنَبِيِّهِ وَصَحْبِهِ فِي بَدْرٍ، أَوْ بِالرِّيحِ؛ كَمَا فِي عَادٍ وَالْأَحْزَابِ، أَوْ بِإِرْسَالِ الطَّيْرِ الْأَبَابِيلِ؛ كَمَا فِي أَصْحَابِ الْفِيلِ، أَوْ بِالصَّيْحَةِ؛ كَمَا فِي ثَمُودَ، أَوْ بِالْخَسْفِ؛ كَمَا فَعَلَ بِقَارُونَ، أَوِ الْقَذْفِ؛ كَمَا فِي قَوْمِ لُوطٍ، أَوِ الطُّوفَانِ؛ كَمَا فِي قَوْمِ نُوحٍ.

 

وَجُنْدُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لَا حَصْرَ لَهُمْ، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ وَصُوَرُ النَّصْرِ تَكُونُ تَارَةً بِالظَّفَرِ بِالْأَعْدَاءِ وَقَهْرِهِمْ؛ كَانْتِصَارِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-، وَالنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

 

وَتَارَةً بِالِانْتِقَامِ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ فِي حَيَاةِ الرُّسُلِ؛ كَقَوْمِ نُوحٍ، وَقَوْمِ لُوطٍ، وَهَلَاكِ فِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِمْ، أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ؛ كَتَسْلِيطِ بُخْتَنَصَّرَ عَلَى قَتَلَةِ يَحْيَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَتَسْلِيطِ الرُّومِ عَلَى مُرِيدِي قَتْلِ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، فَاللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)[غَافِرٍ: 51].

قَالَ السُّدِّيُّ: "قَدْ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ يُقْتَلُونَ فِي الدُّنْيَا وَهُمْ مَنْصُورُونَ، وَذَلِكَ: أَنَّ تِلْكَ الْأُمَّةَ الَّتِي تَفْعَلُ ذَلِكَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ لَا تَذْهَبُ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ قَوْمًا فَيَنْتَصِرُ بِهِمْ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ قَتَلُوا مِنْهُمْ، فَيَكُونُ الْإِشْكَالُ قَدْ زَالَ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ".

 

وَأَمَّا الْإِشْكَالُ الْآخَرُ الَّذِي يُورِدُهُ بَعْضُ النَّاسِ عِنْدَ قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)[النِّسَاءِ: 141].

 

أَمَّا فِي الْآخِرَةِ؛ فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ؛ وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا؛ فَجَوَابُهُ؛ -كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ-: "فَإِذَا ضَعُفَ الْإِيمَانُ صَارَ لِعَدُوِّهِمْ عَلَيْهِمْ مِنَ السُّبُلِ بِحَسْبِ مَا نَقَصَ مِنْ إِيمَانِهِمْ. فَالْمُؤْمِنُ عَزِيزٌ غَالِبٌ مُؤَيَّدٌ وَمَنْصُورٌ، مَكْفِيٌّ، وَمُعَانٌ وَعَزِيزٌ، مَدْفُوعٌ عَنْهُ بِالذَّاتِ أَيْنَ كَانَ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَنْ بِأَقْطَارِهَا؛ إِذَا قَامَ بِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَوَاجِبَاتِهِ -ظَاهِرًا وَبَاطِنًا-، وَقَدْ قَالَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لِلْمُؤْمِنِينَ؛ (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 139]، وَقَالَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ)[مُحَمَّدٍ: 35]؛ فَهَذَا الضَّمَانُ إِنَّمَا هُوَ إِيمَانُهُمْ وَأَعْمَالُهُمْ.

 

وَمَا يَرَاهُ الْمُسْلِمُ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ تَسَلُّطِ الْكُفَّارِ إِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ: مَا أَحْدَثَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي دِينِهِمْ مِنْ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ، فَإِنْ تَابُوا اكْتَمَلَ إِيمَانُهُمْ، وَحَلَّ نَصْرُهُمْ مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ)[الرُّومِ: 6].

 

وَثَمَنُ النَّصْرِ الْإِيمَانُ وَالْإِعْدَادُ وَالصَّبْرُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)[الرُّومِ: 47]، وَقَالَ: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)[الْأَنْفَالِ: 60]، وَقَالَ: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا)[آلِ عِمْرَانَ: 120]، وَجَاءَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ: "... وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ).

وَهُنَا يَنْزِلُ النَّصْرُ مِنَ الْمَوْلَى النَّصِيرِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)[آلِ عِمْرَانَ: 126]، وَقَالَ: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ)[آلِ عِمْرَانَ: 160].

 

يَا مُؤْمِنُ: إِذَا كَانَ اللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- مَعَكَ فَمَنْ عَلَيْكَ؟ وَإِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَمَنْ مَعَكَ؟

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: الْمُؤْمِنُ يَنْصُرُ دِينَ اللَّهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بِالْجِهَادِ، وَيَنْصُرُ أَوْلِيَاءَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قَالَ: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)[مُحَمَّدٍ: 7]، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: "تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ"(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ -بِهَذَا السِّيَاقِ-، وَمُسْلِمٌ).

 

وَشُعُورُ الْمُؤْمِنِ دَائِمًا بِأَنَّهُ فِي حَاجَةٍ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي جَمِيعِ شُؤُونِهِ، وَلَا يَبْتَعِدُ عَنْ مَوْلَاهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَتَجِدُهُ يَدْعُو اللَّهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- دَائِمًا؛ كَمَا كَانَ الْحَبِيبُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).

 

وَصَحَّ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)، (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 147].

 

وَمَنْ لَاذَ بِاللَّهِ كَفَاهُ وَعَلَا شَأْنُهُ: (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)[الْحَـجِّ: 78].

 

اللَّهُمَّ يَا نُصَيْرُ انْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَأَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لَنَا خَيْرًا

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَأَخْرِجْنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّاتِنَا، وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّتِنَا وَأَمْوَالِنَا، وَاجْعَلْنَا مُبَارَكِينَ أَيْنَمَا كُنَّا.

 

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

المرفقات

النصير -جل جلاله-.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات