عناصر الخطبة
1/ مكر الكافرين وحقدهم على المؤمنين 2/ غفلة المسلمين عن عدوهم 3/ عصر الفتن والشبهات 4/ جرائم أمريكا في العالم العربي والإسلامي 5/ المكر الإعلامي الذي تتعرض له الأمة الإسلامية 6/ الغرب يكيل بمكيالين.اقتباس
شعوب تُبَاد ومناطق تُحرَق، وبيوت تُقْصَف، ومستشفيات تُرمَى، ولا أحد يتكلم، ثم يقوم العالم ولا يقعد في قضية أقاموا الدنيا وأقعدوها، من أجلها دون اكتراث بما يحصل للمسلمين من حرق وقصف وقتل، فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم؟!.. من حق الطغاة والفجرة أن يحرقوا المسلمين، ويشعلوا النيران فيهم، ويصبوا عليهم العذاب صبّاً كما حصل ذلك في كثير من بلاد المسلمين، ومع ذلك لم يشجب أحد ولم يحرك أحد ساكناً. أُحرق المسلمون في نيجيريا قبل فترة قريبة في محارق جماعية، في سوريا كل يوم يُحرَق المسلمون حرقاً، وتُرمى على رءوسهم وبيوتهم الصواريخ الحارقة والبراميل المتفجرة تُصبّ فوقهم صبّاً، والجميع ملازم للصمت ساكتون سكوت الشيطان الأخرس ولا يستنكر أحد ولا يبالي بهم أحد!!..
الخطبة الأولى:
الحمد لله..
لقد بيّن الله -سبحانه وتعالى- لنا في كتابه العظيم عداوة الكافرين للمسلمين، ووضح مكرهم وشرهم وحقدهم على المؤمنين، وبيّن أن هذه العداوة عداوة متأصلة في نفوسهم ومتجذرة في قلوبهم؛ حيث يحملون في أنفسهم حقداً دفيناً وحسداً ظاهراً وشراً أسوداً على كل مؤمن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله بغض النظر عن جنسيته ولونه.
يقول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) [النساء : 101]، ويقول جل وعلا: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة : 109].
إن المصيبة كل المصيبة عندما يغفل المسلمون عن عدوهم، ويؤثر عليهم مكره الإعلامي وسحره العصري في إقناع المسلمين بمصطلحات حادثة مخترعة مختزلة يريدون من خلالها تمييع الدين والقضاء على أصول وثوابت المسلمين مرة باسم المدنية، ومرة باسم السلمية، ومرة باسم التسامح الديني، وحرية الرأي والرأي الآخر.
لقد وجدوا من المسلمين وللأسف الشديد تأثراً بما يقولونه، وانطلى على كثير منهم هذا المكر وصدّقوه وآمنوا به، وقاموا بلا رؤية صحيحة، ولا تفكير صائب ينشرونه، ويدافعون عنه ويعترضون على من يعترض عليه.
إنه التقهقر والتراجع والتولي والإدبار، والبعد عن الثبات؛ نسأل الله لنا ولكم الثبات في زمن المتغيرات وعصر الفتن والشبهات.
يقول الله -سبحانه وتعالى- وهو يخاطب نبيه -صلى الله عليه وسلم- فكيف بنا نحن؟ فيقول له: (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) [الإسراء: 74- 75].
لقد حدثت في زماننا هذا أحداث كثيرة ثبت من خلالها أن المسلمين -إلا من رحم الله- واقعين في جهل شديد بأمور الدين والعقيدة، ويعيش كثير منهم في غفلة كبيرة عن فهم التوحيد وتحقيقه على الواقع، وتبين أنهم يعيشون أفكاراً هشة بعيدة كل البعد عن حقائق الشرع ونصوص الكتاب والسنة.
قبل سنوات أنزل الله على أمريكا رأس الكفر وحامية الصليب ورافعة لواء الحرب على الإسلام والمسلمين أصابها الله بسلسلة من الأعاصير المدمرة والفيضانات الكبيرة التي وقعت عليهم ونزلت بهم خاصة في بعض الولايات المشهورة عندهم بالفجور والطغيان (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) [المدثر: 31].
لكن العجيب والغريب والمدهش أن بعض المسلمين تعاطف معهم، وضاق صدره على من فرح بمصابهم، ويحزن عندما يسمع من يدعو عليهم أو يتمنى أن يسلط الله عليهم عذاباً من فوقهم، ومن تحتهم يُشغلهم بأنفسهم ويصرفهم عن حرب الإسلام والمسلمين.
في لحظة واحدة نسوا كل جرائم أمريكا وطغيانها، وحروبها وفجورها وشرورها، وراحوا يدافعون عنها، ويظهرون الرحمة بمن وقع عليهم العذاب من أهلها، وقاموا بالتضامن معهم وإظهار الجزع والحزن على ما أصابهم مدعين أن ذلك من باب الإنسانية مع قوم فجار كفار لم يقدّروا الله حق قدره، ولم يعرفوا معنى الإنسانية يوماً من الأيام.
ندعو عليهم في قنوتنا وتهجدنا، وعلى منابرنا وفي سجودنا أن يسلط الله عليهم ريح عاد وصيحة ثمود، وأن يمزقهم كل ممزق، ويجعل الدائرة عليهم، فإذا استجاب الله دعوات المظلومين، وسمع أنات المقهورين من ظلم أولئك المجرمين المعتدين انقلبنا على أعقابنا وتراجعنا عن دعائنا وأشفقنا عليهم، وأظهرنا الحزن على ما أصابهم، وظهر اضطرابنا وتلوننا وتناقضنا، فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم!!
يقول الله -جل وعلا-: (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ) [السجدة : 26]
ويقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) [الأحزاب : 9]، فسمى الله عذابه على الكافرين بالنسبة للمسلمين نعمة وذكّر المسلمين بهذه النعمة.
وقال عن موسى -عليه السلام-: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) [يونس : 88].
ومن الأمثلة التي تدل على جهل بعض المسلمين وهشاشة العقيدة، وخاصة عقيدة البراء من الكافرين من قلوبهم، وغفلتهم عن الحقائق والثوابت: ما حدث قبل سنوات، ولا يزال يتكرر إلى اليوم من تكرار الأفلام والرسوم المسيئة للرسول -صلى الله عليه وسلم- والاستهزاء به والسخرية والنيل منه، وتصويره بأبشع الصور وأقبح المناظر وإظهاره -صلى الله عليه وسلم- بمظاهر سيئة لا تليق وصور منكرة لا يستطيع الإنسان اللبيب أن يذكرها.
وظلوا مستمرين في ذلك ومستخفين به ومكثرين منه، وفي نفس الوقت متعالين ومغترين بصنيعهم هذا، معللين ذلك باسم حرية التعبير وحرية الصحافة، وأن من حق الإنسان أن يُعبر بما شاء.
فتضجر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها من ذلك، وساءهم هذا وخرجوا في مظاهرات عارمة منددين بهذه التصرفات القبيحة الخبيثة، وأصابهم الهم والحزن من تعنت أولئك الفجرة، ووقوف حكوماتهم معهم، وتشجيعها لهم وغضّها للطرف عنهم.
فلما كتب الله عليهم الذلة، وانتصر لرسوله وسخّر عليهم من يرد عاديتهم ويؤدبهم أدباً بسيطاً على إجرامهم وعنادهم وغرورهم صاح العالم كله، وشجب واستنكر، وصّرح بأن هذا إرهاب وتعدٍ على حقوق الإنسان، واختراق لحرية التعبير، وقام بعض المسلمين وللأسف الشديد في ظل جهل وغفلة يؤيدهم ويناصرهم، ويدافع عنهم، وينتقد من يعارضهم بحجة أنه يجب علينا أن نكون أفضل منهم وأسمى أخلاقاً، وأن لا نرد السيئة بالسيئة، وكأنه رد للسيئة بالسيئة، وهو في الحقيقة دفاع عن الدين والعقيدة، ورد للسيئة بالحسنة، وإرهاب لأعداء الله المتعالين على دينه ونبيه -صلى الله عليه وسلم-.
وإذا كان هؤلاء الطغاة يسمحون لأنفسهم بحرية التعبير وحرية التصرف، وفعل ما يشاءون، فغيرهم أيضاً له حرية الرد المناسب والعقاب الرادع والتأديب الصارم.
يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ * أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 12- 15].
إن المصيبة التي أصابت عقول بعض المسلمين، وانطلت عليهم بسبب المكر الإعلامي الكبّار هي أن بعضهم يرون فعل عدوهم مستساغًا وصوابًا، وفعلهم خطأ.
وللأعداء نوع من الحق في أن يضربوا ويقتلوا ويسخروا ويستهزءوا ويرسموا السوء، لكن ليس للمسلمين أن يردوا أو يدافعوا عن نبيهم أو يذودوا عن مقدساتهم، ولا يحق لهم أن يلجموا أولئك الطغاة ويقطعوا شرهم، ويكفوا عاديتهم، ويقوموا بتأديبهم تأديباً شرعياً وإنما عليهم أن يستسلموا ويسكتوا، فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم!
يقول الله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 57- 58].
بارك الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية:
الحمد لله..
من حق الطغاة والفجرة أن يحرقوا المسلمين، ويشعلوا النيران فيهم، ويصبوا عليهم العذاب صبّاً كما حصل ذلك في كثير من بلاد المسلمين، ومع ذلك لم يشجب أحد ولم يحرك أحد ساكناً.
أُحرق المسلمون في نيجيريا قبل فترة قريبة في محارق جماعية، وعُملت لهم معامل من نار يرمونهم فيها رمياً، يُذيقونهم فيهم سوء العذاب، ويعذبونهم داخلها بأشد النكال فمن شجب أو استنكر؟!
في سوريا كل يوم يُحرَق المسلمون حرقاً، وتُرمى على رءوسهم وبيوتهم الصواريخ الحارقة والبراميل المتفجرة تُصبّ فوقهم صبّاً، والجميع ملازم للصمت ساكتون سكوت الشيطان الأخرس، ولا يستنكر أحد ولا يبالي بهم أحد.
شعوب تُبَاد ومناطق تُحرَق، وبيوت تُقْصَف، ومستشفيات تُرمَى، ولا أحد يتكلم، ثم يقوم العالم ولا يقعد في قضية أقاموا الدنيا وأقعدوها، من أجلها دون اكتراث بما يحصل للمسلمين من حرق وقصف وقتل، فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم؟!
اكسروا أقلامكم واعتزلوا ***وادفنوا أحلامكم وامتثلوا
كشَّر الباطل عن أنيابه *** فاصبروا يا قومنا واحتملوا
إن أكنْ كفكفتُ دمعي زمناً *** فالأسى في خاطري مشتعلُ
كيف لا؟ والليلُ دَاجٍ والأسَى *** فاغرٌ فاه وقومي غفلوا
كيف لا؟ والوغد أضحى بطلاً *** وذليلاً صار فينا البَطَلُ
وإذا قيل لك القدسُ لنا *** فاستعِذْ بالله مما نقلوا
وإذا قيل لك الأقصى, فقلْ *** ويحكم يا قوم,هذا الهيكَلُ!
وإذا حُدِّثْتَ عن أطفالنا *** فاستجرْ بالله مما فعلوا
كيف يرمون الحصى في وجهِ مَنْ *** بقوانين السلام احتفلوا!
وإذا قيل لك القَتْلَى, فقلْ *** لم يغضُّوا الصوت حتى قُتلوا
لا تفنِّد رأيَ (أمريكا) ولا *** رأيَ أوروبا, فهذا خَطَلُ!
أيُّها الشاعر صفِّق وانخذلْ *** فسعيدُ الحظِّ مَنْ يَنْخَذِلُ
لا تقل هيَّا ارجعوا يا قومنا *** واتقوا الله وقولوا وافعلوا
وإذا شاهدتَ يوماً خائناً *** فَلْتَقُلْ: هذا فتىً معتدلُ
وإذا شاهدتَ يوماً نملةً *** فَلْتَقُلْ للناس هذا جَمَلُ!
عندها تُصبح فينا شاعراً *** لامعاً, يُضرَبُ فيه المَثَلُ
علينا -عباد الله- أن نكون على مستوى الحدث، وأن نستوعب الأمور من حولنا ونفهمها فهماً شرعياً صحيحاً دون إفراط أو تفريط، ودون غلو أو جفاء، وأن نحذر من المكر الإعلامي الهائل الذي يحاول أعداء الإسلام أن يستخفونا به، ويغسلوا عقولنا عبره لنكون أبواقاً لهم نردد ما يرددون فنضَل ونُضل.
وصدق النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: "وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة وإنه، سيكون في أمتي كذابون ثلاثون؛ كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى".
اللهم....
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم