عناصر الخطبة
1/شكوى الأزواج من الزوجات 2/وصايا مهمة للزوجة 3/وصايا مهمة للزوج 4/أول طريق لحل المشاكل الزوجيةاقتباس
زوجَتِي تُحصي عليَّ كلَّ شيء حتّى الهواء الذي أتنفَّس!: أين كنت؟ وأين أنت؟ ومع مَن؟ وإلى أين تذهب؟ مَن هذا المتّصل؟ ورقمُ من هذا؟ ولماذا تأخّرت؟ ومع من تغدّيت؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي تتعثَّرُ بها العِشرَة، ويستحيلُ معها الوِفاق، ويحصُلُ بها التنافُرُ والشّقاق!. حولَ هذا الموضوع يكونُ الـ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله ربّ العالمين، نحمده –سبحانه- حمدًا كثيرًا طيّبًا مبارَكا فيه، ملءَ السموات وملءَ الأرضِ وملءَ ما بينهما، وملءَ ما شاءَ ربُّنا من شيءٍ بعد.
وأشهد أن لا إله إلا الله، ولا معبودَ بحقٍّ سواه، وأشهد أنَّ محمّدًا عبد الله ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وصحبِهِ الأخيار، ومن تبعَهُم على الحقّ إلى يوم الدّين وسلَّم.
ثم أما بعد:
معشر المؤمنين: من أعظمِ مقاصدِ خطبةِ الجمعةِ: التوجيهُ والإرشاد.
وحديثنا اليومَ خطابٌ توجيهيٌّ موجَّهٌ إلى الزوجين بصفةٍ خاصّة، حولَ شكوَى نطقَ بها كثيرٌ من الأزواج، جعلتهم يعيشون في تعاسةٍ وصراعٍ دائمٍ مع زوجاتِهِم؛ مفادُها: حياتي معها جحيمٌ لا يُطاق!.
زوجَتِي تُحصي عليَّ كلَّ شيء حتّى الهواء الذي أتنفَّس!: أين كنت؟ وأين أنت؟ ومع مَن؟ وإلى أين تذهب؟ مَن هذا المتّصل؟ ورقمُ من هذا؟ ولماذا تأخّرت؟ ومع من تغدّيت؟
إلى غير ذلك من الأسئلة التي تتعثَّرُ بها العِشرَة، ويستحيلُ معها الوِفاق، ويحصُلُ بها التنافُرُ والشّقاق!.
حولَ هذا الموضوع يكونُ الحديثُ والتوجيه -ونسألُ اللهَ التوفيقَ إلى ما يُحبُّ ويرضَى-.
أيها الإخوةُ في الله: أهلُ الذِّكْرِ يقولون: حياةٌ كهذِهِ لا يمكنُ أن تحصُلَ إلاَّ بتقصيرٍ من الزوجين كِلَيهما.
الزوجةُ هاهُنا تصرُّفُها يدلُّ على جهلِها ونشوزِها، وقلَّةِ دِينِها، وخِسّةِ طبعِها، وفقدانها شرفَ النفس والحياء، مع ما تجلِبُهُ لنفسِها من سَخَطِ اللهِ وغضبِه.
والزوجُ الذي يشتكي هذا شكواهُ تدلُّ على ضعفِ رأيِه، وقلَّةِ حيلَتِه، وفشَلِهِ في التدبير والتسيير، وانحطاطِ رُتبتِهِ عن مقامات الرجولةِ والفُحُولَة.
وإليكم التفصيل، ونبدأُ في توجيهِ الكلامِ إلى الزوجَة.
أيَّتُها الزوجةُ: اتَّقِ اللهَ -تعالى- في نفسِكِ وزوجِك: لماذا تُحصينَ عليهِ كلَّ شيء حتّى الهواء؟!
لماذا تلتقطينَ عليه الأنفاس، وتُعُدّين له الدقائق، وتحسِبِين له الخَطَوات والحَرَكات، وتراعِين عليهِ كلَّ شيءٍ يقوله أو يفعله؟!
أوَ تظُنّينَ أنَّ هذا التصرُّفَ دليلٌ على الذكاءِ والنجابَةِ والحزم ورعايَةِ الزوج والأسرة؟!.
واللهِ هو علامةٌ على جهلِكِ ونشوزِكِ وقِلَّةِ دِينِكِ وخِسّةِ طبعِكِ وفقدانكِ شرفَ النفس والحياء، مع ما تجلِبينَهُ لنفسِكِ من سَخَطِ اللهِ وغضبِه!.
أيَّتُها الزوجةُ: اتَّقِ اللهَ -تعالى- في نفسِكِ وزوجِك: إنَّ اللهَ -تعالى- وصفَ الصالحاتِ من الزوجاتِ بالقُنوتِ الذي هو الخشوعُ والسُّهولةُ واللينُ والمطاوَعَة للزوج، فقال سبحانه: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه)[النساء: 34].
فهل يتّفقُ مع تقومين بهِ مع القنوتِ أم ينافيه؟!.
إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وصفَ خيرَ النساءِ، فقال: "خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية"[الصحيحة: 1849)].
فأين أنتِ من التودُّدِ للزوجِ ومن المواتاةِ واللّين والمطاوَعَة، أم أنَّكِ بتصرُّفِكَ ذلكَ غيرُ ودودٍ ولا مواتيةٍ ولا مواسِيَة، بل متعاليةٌ مؤذيَةٌ عاصية؟!.
أيَّتُها الزوجةُ: اتَّقِ اللهَ -تعالى- في نفسِكِ وزوجِك: إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قارن بين صنفين من النساءِ، فقال: "... مِنَ السعادة المرأةُ تراها تُعْجِبُك، وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك...، ومن الشقاوة المرأة تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك وإن غِبْتَ عنها لم تأمنها على نفسها ومالك" [الصحيحة: 1047)].
فكونِي مُنصِفةً وانظُري أيَّ الوصفين تستحِقّين؟!.
إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ضربَ مثالاً نادرًا في حُسنِ خُلُقِ الزوجةِ مع زوجِها وشدَّةِ الاعتناءِ به، فقال: "لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو أنَّ من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد، ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه"[صحيح الجامع: 7725)].
فكونِي مُنصِفةً وانظُري هل أنتِ ممّن حاولت أداءَ حقِّ زوجِها على مائةِ ألفٍ ميلٍ من هذا الوصف العظيم، أم أنَّكِ ممَّن حوَّلت حياةَ زوجِها المسكين إلى قيحٍ وصديد -نسأل اللهَ السلامةَ والعافية-؟!.
أيها الإخوةُ في الله: هذا السُلوكُ السيئُ في الزوجاتِ، كما قُلنا علامةٌ على جهلِ المرأةِ ونشوزِها وقِلَّةِ دِينِها، وفقدانِها شرفَ النفس والحياء.
إذ لو كانت تقيَّةً شريفةً حَيِيَّةً لعَرَفت مقامَ الزوجِ وعُلُوَّ مرتبتِهِ عند الله، فحملها ذلك على الحياءِ منه، وحُسْنِ الخُلُقِ معه، ومطاوعتِهِ، والتعبُّدِ للهِ بخدمتِهِ، وطلبِ رضاه، لا بإزعاجِهِ وإهانتِهِ وطلبِ غضَبِهِ وشَقاه!.
نسأل الله السلامة والعافية ونسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضى.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أيها الإخوةُ في الله: حديثُنا الآن مع الأزواج: أهلُ الذِّكْرِ يقولون: حياةٌ كهذِهِ لا يمكنُ أن تحصُلَ إلاَّ مع زوجٍ ضعيفِ الرأيِ من أوَّلِ أيامِهِ مع زوجته، مسكينٍ قليلِ الحيلةِ، فاشلٍ في التدبيرِ والتسييرِ من أوَّل أيّامِهِ مع زوجَتِه، انحطَّت رتبتُهُ عن مقاماتِ الرجولة والفحولة من أوَّلِ أيَّامِهِ مع زوجته.
الزوجةُ -أخي الكريم-: متديِّنَةً، أو غيرَ متديّنَة؛ بطبعِها تَزِنُ الزوجَ من أوَّلِ أيَّامِه وتجرِّبُه، مُسْتَغِلَّةً سِلاَحَها الأنثوِي من فراشٍ وجمالٍ ودَلَال، فإن رأت فيهِ صلابَةً لا تنثَنِي، ورجولَةً لا تنكسِر، وعقلاً لا تستهويهِ الشهوة ولا تستعبِدُه، ولمسَت فيهِ مخالبَ كمخالبِ الأسَد؛ تختفِي عند اللَّعِبِ والهِراش.
ولكنَّها تفتِكُ عندَ النّزالِ والمصارَعَة، إذا وَزَنَتْهُ فَرَأَتهُ كذلك: جعلت لنفسِها حَدًّا بين اللعبِ والجِد، فلا تزالُ منهُ على خوفٍ وحذَر، ولو كان شيخًا كبيرًا أو في القبر، ولكم في حياةِ الأوّلين والأجدادِ العِبرةُ والمعتبَر!.
أمَّا إذا رأت فيهِ عقلاً تستهويهِ الشهوة وتستعبِدُه، وظهرًا يسهُلُ عليه الانحناءُ والانثناء، ورأيًا كالريشةِ في مهبِّ الريح؛ جعلتهُ كالخاتَمِ في الأُصبُع تقلّبُهُ كيفما تشاء -نسألُ اللهَ السلامة والعافية-!.
الزوجُ -معشر المؤمنين-: حينما يعوِّدُ زوجتهُ من أوَّل يومٍ على الصَّراحةِ والوضوحِ لا على الكَذِبِ والمراوغةِ والتهرّب، حينما يضعُ لها النقاطَ على الحروفِ عند أوَّلِ امتحانٍ وتجريب، حينما يصبرُ على جُنُونِهَا وهجرِها واعوِجَاجِها حتَّى ينكسِر؛ زوجٌ كهذا لا يمكنُ أن يُسألَ: أين كنت؟ وأين أنت؟ ومع مَن؟ وإلى أين؟ ومَن هذا المتّصل؟ ورقمُ من هذا؟ ولماذا تأخّرت؟ ومع من تغدّيت؟!.
واسألوا -أيها الأزواجُ-: الأجدادَ عن حياتِهِم مع زوجاتِهِم هل كان فيهم مثلُ هذا؟ وابحثُوا عن السبب!.
واسألنَ -أيَّتهَا الزوجاتُ-: الجدَّاتِ عن حياتِهِنَّ مع أزواجِهِم، وهل كان فيهنَّ مثلُ هذا، وابحثنَ عن السبب!.
معشر المؤمنين: إن أريدُ إلَّا الإصلاحَ ما استطعت، فلا يعني هذا الكلامُ الظلمَ ولا التعسُّفَ ولا الاستعبادَ والقهر، إنَّما يعني رجوعَ كلِّ طرفٍ إلى فطرتِهِ التي فطرهُ اللهُ عليها.
المرأةُ إلى شرفِها وحيائِها وإيمانِها وتقواهَا اللهَ؛ في زوجِها.
والزوجُ إلى عدلِهِ وحزمِهِ ورُجولتِه وحُسن تسييره؛ لبيته.
ولن يتمَّ هذا الرجوعُ في يومٍ وليلة، وأهمُّ شيءٍ فيه الانطلاق، عسَى أن يجتمعَ الشملُ، ويحصُلَ التوازُنُ، وتختفي -بإذنِ اللهِ- هذه الشكوى.
نسأل الله التوفيق إلى حسن العلم وحسن العمل.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
وصل اللهم وسلم وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم