وما قتلوه وما صلبوه

الشيخ د محمود بن أحمد الدوسري

2025-01-03 - 1446/07/03 2025-01-12 - 1446/07/12
عناصر الخطبة
1/ادعاء اليهود قتلهم عيسى -عليه السلام- 2/رد الله على النصارى ادعاءهم قتل عيسى عليه السلام 3/فوائد من الآيات التي تتحدث عن مصير عيسى -عليه السلام-

اقتباس

فَنَفَى أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ قَتْلَهُ وَصَلْبَهُ نَفْيًا قَاطِعًا، وَكَذَّبَ الْيَهُودَ: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)[النساء: 157]، أَيْ: أُلْقِيَ شَبَهُ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى شَخْصٍ غَيْرِهِ، فَأَخَذَهُ الْيَهُودُ، وَقَتَلُوهُ، وَصَلَبُوهُ، يَظُنُّونَهُ عِيسَى، ثُمَّ قَامَتْ ثَائِرَةُ الشَّكِّ فِيهِمْ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

أَمَّا بَعْدُ: مِنْ جَرَائِمِ الْيَهُودِ وَكُفْرِيَّاتِهِمُ الشَّنِيعَةِ ادِّعَاؤُهُمْ قَتْلَ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ)[النِّسَاءِ: 157]، قَالَتْهَا الْيَهُودُ جُرْأَةً وَافْتِخَارًا بِالْجَرِيمَةِ! ذَكَرُوهُ بِلَقَبِهِ، وَاسْمِهِ، وَكُنْيَتِهِ، مِنْ بَابِ التَّوْكِيدِ، وَأَنَّهُمْ قَصَدُوهُ عِيَانًا، وَوَصْفُهُمْ لَهُ بِالرِّسَالَةِ اسْتِهْزَاءً بِهِ! وَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلَ الْمُشْرِكِينَ: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)[الْحِجْرِ: 6]، وَقِيلَ: هَذَا مِنْ وَصْفِ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ عِيسَى.

 

فَنَفَى أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ قَتْلَهُ وَصَلْبَهُ نَفْيًا قَاطِعًا، وَكَذَّبَ الْيَهُودَ: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)[النساء: 157]، أَيْ: أُلْقِيَ شَبَهُ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى شَخْصٍ غَيْرِهِ، فَأَخَذَهُ الْيَهُودُ، وَقَتَلُوهُ، وَصَلَبُوهُ، يَظُنُّونَهُ عِيسَى، ثُمَّ قَامَتْ ثَائِرَةُ الشَّكِّ فِيهِمْ، فَقَالُوا: إِذَا كَانَ الْمَقْتُولُ عِيسَى فَأَيْنَ الشَّخْصُ الْآخَرُ؟ وَإِذَا كَانَ الْمَقْتُولُ هُوَ الشَّخْصَ الْآخَرَ فَأَيْنَ عِيسَى؟ وَوَقَعُوا فِي الْحَيْرَةِ، وَالِاضْطِرَابِ الْعَظِيمِ! فَقَالَ سُبْحَانَهُ- مُبَيِّنًا الْحَقِيقَةَ: (وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)، أَيْ: أُلْقِيَ شَبَهُ عِيسَى عَلَى حَوَارِيِّهِ، فَأُخِذَ بَدَلًا مِنْهُ، أَوِ الْتَبَسَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ، وَاخْتَلَطَ، فَلَمْ يَعُدْ يَدْرُونَ مَاذَا حَصَلَ؟.

 

(وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ)[النساء: 157]، أَيْ: هَلْ هُوَ عِيسَى، أَمْ لَا؟ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّبَهَ لَمْ يَكُنْ تَامًّا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ)[النساء: 157]، فِي تَرَدُّدٍ: هَلْ قَتَلُوهُ، أَوْ قَتَلُوا غَيْرَهُ؟ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ كَانَ هَذَا عِيسَى فَأَيْنَ صَاحِبُنَا؟ وَإِنْ كَانَ صَاحِبَنَا فَأَيْنَ عِيسَى؟.

 

ثُمَّ قَالَ -تَعَالَى-: (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ)[النساء: 157]، أَيْ: لَيْسَ لِلْيَهُودِ يَقِينٌ بِقَتْلِهِ إِلَّا ذَلِكَ الرَّأْيُ الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَالتَّخَيُّلُ الَّذِي بَنَوْا عَلَيْهِ؛ (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا)[النِّسَاءِ:157]، إِعَادَةُ نَفْيِ قَتْلِهِمْ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- تَأْكِيدًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

 

وَالْيَقِينُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- رَفَعَ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- حَيًّا بِجَسَدِهِ، وَرُوحِهِ؛ (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ)[النساء: 158]، أَيْ: إِلَى السَّمَاءِ، وَقَدْ لَقِيَهُ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ، (وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)[النِّسَاءِ:158]، أَيْ: ذُو عِزَّةٍ عَظِيمَةٍ، وَحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ، وَالْحِكْمَةُ: هِيَ إِحْكَامُ الشَّيْءِ، وَإِتْقَانُهُ، وَوَضْعُهُ فِي مَوْضِعِهِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَمِنْ أَهَمِّ الْأَحْكَامِ وَالْفَوَائِدِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ:

بُغْضُ الْيَهُودِ لِنَبِيِّ اللَّهِ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَسَعْيُهُمْ فِي قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ.

 

ومنها: أَنَّ الْيَهُودَ يَقْتُلُونَ مُخَالِفَهُمْ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْحَقِّ، وَأَنَّ الْإِقْرَارَ شَهَادَةٌ.

 

ومنها: نَفْيُ قَتْلِ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَطْعًا.

 

ومنها: بَاءَ الْيَهُودُ بِإِثْمِ الْقَتْلِ لِعَزْمِهِمْ وَإِصْرَارِهِمْ وَسَعْيِهِمْ؛ وَلِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ مِنْهُمْ بِلَا شَكٍّ، وَلَكِنَّهُمْ قَتَلُوا شَخْصًا آخَرَ غَيْرَ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-.

 

وَمِنْ الْأَحْكَامِ وَالْفَوَائِدِ: مَدْحُ اللَّهِ -تَعَالَى- عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِالرِّسَالَةِ، وَوَصْفُهُ بِذَلِكَ.

 

ومنها: حَسَدُ الْيَهُودِ لِلْأَنْبِيَاءِ، وَتَكْذِيبُهُمْ بِمُعْجِزَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ رَأَوْا آيَاتِ عِيسَى الْبَاهِرَاتِ، وَمُعْجِزَاتِهِ الْبَيِّنَاتِ؛ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْمُغَيَّبَاتِ، وَالْإِبْرَاءِ، وَالْإِحْيَاءِ، بِإِذْنِ رَبِّ الْبَرِيَّاتِ، وَمَعَ ذَلِكَ كَذَّبُوهُ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ.

 

ومنها: سَعْيُ الْيَهُودِ بِالْوِشَايَةِ بِخَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، كَمَا وَرَدَ فِي الْآثَارِ.

 

ومنها: إِيذَاءُ الْيَهُودِ لِعِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَمُطَارَدَتُهُمْ لَهُ، وَسَعْيُهُمْ فِي قَتْلِهِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُمْ قَالُوا عَنْهُ: الزَّانِي ابْنُ الزَّانِيَةِ! وَالسَّاحِرُ ابْنُ السَّاحِرَةِ! وَأَنَّهُمْ لَمَّا صَلَبُوا شَبِيهَهُ بَصَقُوا عَلَيْهِ، وَوَضَعُوا الشَّوْكَ فَوْقَ رَأْسِهِ.

 

وَمِنْ الْفَوَائِدِ: تَحْرِيمُ الْقَتْلِ بِالشُّبْهَةِ وَالشَّكِّ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْيَقِينِ لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ.

 

ومنها: الْتِبَاسُ الْحَقِّ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَاخْتِلَاطُ الْأُمُورِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ.

 

ومنها: مُتَابَعَةُ النَّصَارَى لِمَزَاعِمِ الْيَهُودِ الْكَاذِبَةِ.

 

وَمِنْ الْفَوَائِدِ: اسْتِهْزَاءُ الْيَهُودِ بِرِسَالَةِ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَجَحْدُهُمْ نُبُوَّتَهُ.

 

ومنها: فَسَادُ دِينِ النَّصَارَى بِتَعْظِيمِ الصَّلِيبِ، الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْإِيلَامِ وَالتَّعْذِيبِ.

 

ومنها: سَفَاهَةُ النَّصَارَى وَقِلَّةُ تَمْيِيزِهِمْ؛ إِذْ إِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الصَّلِيبَ وَيُعَظِّمُونَهُ، وَلَوْ كَانُوا عُقَلَاءَ لَكَسَرُوهُ، صَلِيبٌ يُصْلَبُ عَلَيْهِ نَبِيُّهُمْ، ثُمَّ يَذْهَبُونَ إِلَى تَقْدِيسِهِ!.

 

ومنها: تَعْظِيمُ الصَّلِيبِ خُرَافَةٌ؛ لِأَنَّ النَّصَارَى قَدَّسُوا مَا عُذِّبَ بِهِ نَبِيُّهُمْ!.

 

وَمِنْ الْفَوَائِدِ: حِفْظُ اللَّهِ لِأَنْبِيَائِهِ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ-، وَدِفَاعُهُ عَنْهُمْ.

 

ومنها: فَضْحُ الدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ، وَرَدُّ الْمَزَاعِمِ الْفَاسِدَةِ.

 

ومنها: كَذِبُ النَّصَارَى فِي كُلِّ مَا يَصْنَعُونَهُ مِنَ الصُّوَرِ عَلَى هَيْئَةِ صَلْبِ عِيسَى.

 

ومنها: أَهَمِّيَّةُ الْعِلْمِ فِي مَسَائِلِ الِاعْتِقَادِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُبْنَى الْعَقِيدَةُ عَلَى الظُّنُونِ.

 

ومنها: فِيهِ بَيَانٌ لِلنَّاسِ بِحَقِيقَةِ مَا حَصَلَ؛ لِكَثْرَةِ الِاضْطِرَابِ وَالِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ.

 

ومنها: مُعَانَدَةُ الْيَهُودِ لِلَّهِ -تَعَالَى- بِإِيذَاءِ مَنْ يُحِبُّهُ، وَالْاسْتِهْزَاءِ بِهِ.

 

وَمِنْ الْفَوَائِدِ: فَسَادُ نَقْلِ النَّصَارَى عَنْ أَسْلَافِهِمْ: أَنَّهُمْ شَاهَدُوا الْمَسِيحَ مَقْتُولًا، وَفَسَادُ مَا يَزْعُمُونَ مِنَ التَّوَاتُرِ، وَأَنَّ حَقِيقَتَهُ الْكَذِبُ.

 

ومنها: شَكُّهُمْ لَيْسَ فِي حُصُولِ الْقَتْلِ، وَإِنَّمَا فِي الْمَقْتُولِ: هَلْ هُوَ عِيسَى أَمْ لَا؟.

 

ومنها: نِسْبَةُ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَبٌ إِلَى أُمِّهِ.

 

ومنها: شَنَاعَةُ التَّبَجُّحِ بِالْكُفْرِ، وَاقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ.

 

ومنها: تَمَامُ قُدْرَةِ اللَّهِ -تَعَالَى- بِأَنْ أَلْقَى شَبَهَ عِيسَى عَلَى رَجُلٍ آخَرَ.

 

ومنها: تَكْرَارُ التَّأْكِيدِ عَلَى الْحَقَائِقِ الْمُهِمَّةِ.

 

وَمِنْ الْفَوَائِدِ: الرَّدُّ عَلَى النَّصَارَى بِإِثْبَاتِ بَشَرِيَّةِ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَرِسَالَتِهِ.

 

ومنها، فِيهَا بَيَانٌ بِأَنَّ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَوْلُودٌ، وَاللَّهُ -تَعَالَى- لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ.

 

ومنها: إِبْطَالُ زَعْمِ النَّصَارَى بِأَنَّ عِيسَى ابْنُ اللَّهِ.

 

وَمِنْ الْفَوَائِدِ: عَدَمُ الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ يُوقِعُ فِي الْاخْتِلَافِ وَالتَّفَرُّقِ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ...

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْأَحْكَامِ فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)[النساء: 158]:

إِثْبَاتُ عُلُوِّ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى خَلْقِهِ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- إِلَيْهِ.

 

ومنها: أَنَّ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- حَيٌّ، وَهَذَا يَقْتَضِي رَفْعَهُ بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ، كَمَا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ.

 

وَمِنْ الْفَوَائِدِ: إِنْجَاءُ اللَّهِ تَبَارَكَ -تَعَالَى- نَبِيَّهُ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنْ أَيْدِي الْيَهُودِ.

 

ومنها: رَفَعَ اللَّهُ -تَعَالَى- دَرَجَةَ نَبِيِّهِ عِيسَى حِسًّا، وَمَعْنًى، مَكَانًا، وَمَنْزِلَةً.

 

ومنها: نَصْرُ اللَّهُ لِأَنْبِيَائِهِ وَإِعْزَازُهُ لَهُمْ، فَصَارَ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي مَكَانٍ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ حُكْمُ آدَمِيٍّ.

 

ومنها: أنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- حَكِيمٌ فِي شَرْعِهِ وَقَدَرِهِ، وَأَنَّهُ -تَعَالَى- عَزِيزٌ لَا يُغْلَبُ.

 

ومنها: الْعِزَّةُ لِلَّهِ -تَعَالَى- بِأَنْوَاعِهَا: عِزَّةِ الْقَهْرِ، وَعِزَّةِ الْقَدْرِ، وَعِزَّةِ الِامْتِنَاعِ، فَهُوَ عَزِيزٌ يَغْلِبُ، وَلَا يُغْلَبُ، وَلَهُ الْقَدْرُ الْعَظِيمُ.

 

وَمِنْ الْفَوَائِدِ: عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- حَيٌّ الْآنَ، وَلَمْ يَمُتْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ -تَعَالَى-: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ)[آلِ عِمْرَانَ:55]، أَيْ: مُنِيمُكَ، فَالْمَقْصُودُ: الْوَفَاةُ الصُّغْرَى، أَوْ إِنِّي قَابِضُكَ وَرَافِعُكَ إِلَى السَّمَاءِ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ.

 

ومنها: كَتَبَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ- عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ مَوْتَةً وَاحِدَةً، وَلَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ أَجَلَهَا، وَسَيَنْزِلُ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- حَيًّا؛ لِاسْتِيفَاءِ أَجَلِهِ، ثُمَّ يَمُوتُ.

 

ومنها: مَا لَقِيَهُ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنْ عَنَاءِ إِيذَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ أَرَاحَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَرَفَعَهُ إِلَيْهِ رَحْمَةً بِهِ، وَتَكْرِيمًا لَهُ، وَتَشْرِيفًا، وَقُرْبَى وَزُلْفَى عِنْدَهُ -سُبْحَانَهُ-.

 

ومنها: مُعْجِزَةٌ بَاهِرَةٌ فِي رَفْعِ عِيسَى، وَبَقَائِهِ فِي السَّمَاءِ إِلَى قُرْبِ قِيَامِ السَّاعَةِ.

 

وَمِنْ الْفَوَائِدِ: يَدَّخِرُ اللَّهُ أَنْبِيَاءَهُ لِلْمُهِمَّاتِ الْعَظِيمَةِ، فَإِنَّهُ يُبْقِي عِيسَى عِنْدَهُ لِيَنْزِلَ آخِرَ الزَّمَانِ؛ لِقَتْلِ الدَّجَّالِ، وَلِيَمْلَأَ الْأَرْضَ تَوْحِيدًا وَعَدْلًا.

 

ومنها: الْإِشَارَةُ إِلَى تَفَرُّقِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ رَفْعِ نَبِيِّهِمْ، فَلَمَّا خَذَلُوهُ عَاقَبَهُمُ اللَّهُ، بِأَنْ أَغْرَى بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ، وَقَدْ صَارُوا فِرَقًا حَتَّى فِي اعْتِقَادِهِمْ فِي نَبِيِّهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ اللَّهُ! وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ ابْنُ اللَّهِ! وَمِنْهُمْ مُسْلِمُونَ مُوَحِّدُونَ، قَالُوا: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ مَقَالَاتِهِمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.

 

وَمِنْ الْفَوَائِدِ: آخِرُ آيَاتِ عِيسَى فِي مَرْحَلَتِهِ الْأُولَى فِي الْأَرْضِ، كَانَتِ الرَّفْعَ إِلَى السَّمَاءِ.

المرفقات

وما قتلوه وما صلبوه.doc

وما قتلوه وما صلبوه.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات