عناصر الخطبة
1/الكليات الخمس التي جاء الإسلام بالحفاظ عليها وحمايتها 2/مكانة النفس في الإسلام وعواقب الاعتداء عليها أو قتلها 3/احتياطات شرعية في سبيل حماية النفس من المخاطراقتباس
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: لِلنَّفْسِ مَكَانَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الدِّينِ، وَمَنْزِلَةٌ رَفِيعَةٌ فِي شَرِيعَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى النَّفْسِ مَقْصَدٌ مِنْ مَقَاصِدِ الدِّينِ الْعَظِيمَةِ، وَضَرُورَةٌ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ الْمُهِمَّةِ، وَالِاعْتِدَاءُ عَلَيْهَا؛ كَبِيرَةٌ خَطِيرَةٌ، وَجَرِيمَةٌ نَكِيرَةٌ، بل وفَسَادٌ فِي الْأَرْضِ عَرِيضٌ، وَأَعظَمُ النُّفُوسِ عِندَ اللهِ...
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْأَرْضِ وَرَبِّ السَّمَاءِ، خَلَقَ آدَمَ وَعَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ، نَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْدَادٌ وَلَا أَشْبَاهٌ وَلَا شُرَكَاءُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَاتَمُ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ الْأَجِلَّاءِ، وَعَلَى السَّائِرِينَ عَلَى دَرْبِهِ وَالدَّاعِينَ بِدَعْوَتِهِ إِلَى يَوْمِ اللِّقَاءِ.
أَمَّا بَعْدُ: فأوصيكم ونفسي: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ)[النساء: 131].
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ، فَتَيَمَّمْتُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟" فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الِاغْتِسَالِ، وَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النساء: 29]، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا"(رواه أبو داود).
أيها المؤمنون: إِنَّ شريعةَ الإسلامِ جَاءَت لإِسعَادِ الإِنسَانِ في الدَّارَينِ، وَقَصَدَت إِلى نَجَاتِهِ في دُنيَاهُ وَأُخرَاهُ، وَاهتَمَّت بِهِ فَردًا مِن ضِمنِ جَمَاعَةٍ، لَهُ عَلَيهَا حَقُوقٌ، وَلَهَا عَلَيهِ حُقُوقٌ، وَمِن أَجلِ هَذَا فَقَد جَاءَ الإِسلامُ بِكُلِّيَّاتٍ خَمسٍ، أَوجَبَ حِفظَهَا، وَحَمَى حِمَاهَا، وَحَدَّ الحُدُودَ، وَشَرَعَ التَّعزِيرَاتِ، لِلحَيلُولَةِ دُونَ النَّيلِ مِنهَا؛ إِنَّهَا: الدِّينُ، وَالنَّفسُ، وَالمَالُ، وَالعِرضُ، وَالعَقلُ.
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: لِلنَّفْسِ مَكَانَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الدِّينِ، وَمَنْزِلَةٌ رَفِيعَةٌ فِي شَرِيعَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى النَّفْسِ مَقْصَدٌ مِنْ مَقَاصِدِ الدِّينِ الْعَظِيمَةِ، وَضَرُورَةٌ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ الْمُهِمَّةِ، وَالِاعْتِدَاءُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنِ خَالِقِهَا وَمَالِكِهَا، وَهُوَ اللهُ -سُبْحَانَهُ-؛ كَبِيرَةٌ خَطِيرَةٌ، وَجَرِيمَةٌ نَكِيرَةٌ.
إنَّ نفسَكَ -رعاكَ اللهُ- لَيْسَت مُلْكَاً لَك تَتَصَرَّف بِهَا كَمَا تَشَاءُ، بَلْ هِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَك، وعاريةٌ لديك، وَتَقَعُ مَسْؤُولِيَّةُ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا عَلَى عَاتِقِكَ، فلَا يَجُوزُ أَنْ تُؤْذِيَهَا، أَوْ تُعَرِّضَهَا لِمَا يَكُونُ سَبَبًا فِي الْقَضَاءِ عَلَيْهَا، أَوْ تَسْتَعْجِلَ مَوْتَهَا وَإِزْهَاقَهَا: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النساء: 29]، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا"(متفق عليه).
عباد الله: إِنَّ جَرِيمَةَ قَتْلِ النَّفْسِ بغيرِ حقٍّ من كبائرِ الذنوبِ، وهي جَرِيمَةٌ كُبْرَى، وَمَفْسَدَةٌ عُظْمَى، بل وفَسَادٌ فِي الْأَرْضِ عَرِيضٌ، وَهُوَ كَقَتْلِ النَّاِس كُلِّهِمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)[المائدة: 32].
وَالْقَاتِلُ مُعَرَّضٌ لِلْوَعِيدِ الشديدِ: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[النساء: 93].
وَأَعظَمُ النُّفُوسِ عِندَ اللهِ نَفسُ المُؤمِنِ، فعن ابنِ عمرَ -رضي الله عنه- قال: "رأيتُ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يطوفُ بالكَعبةِ، ويقولُ: ما أطيبَكِ وأطيبَ ريحَكِ، ما أعظمَكِ وأعظمَ حرمتَكِ، والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ لَحُرمةُ المؤمنِ أعظَمُ عندَ اللَّهِ حرمةً منْكِ مالِهِ ودمِهِ، وأن نظنَّ بِهِ إلَّا خيرًا"(رواه ابن ماجه).
إخوة الإيمان: حِفَاظًا عَلَى النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ الْبَرِيئَةِ مِنْ إِزْهَاقِهِا وَقَتْلِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْإِشَارَةِ إِلَى مُسْلِمٍ بِسِلَاحٍ وَلَوْ كَانَ مُزَاحًا؛ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، وَحَسْمًا لِمَادَّةِ الشَّرِّ الَّتِي قَدْ تُفْضِي إِلَى الْقَتْلِ، فعنه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا يُشِيرُ أحَدُكُمْ علَى أخِيهِ بالسِّلاحِ فإنَّه لا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطانَ يَنْزِعُ في يَدِهِ، فَيَقَعُ في حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ"(رواه البخاري)، وفي روايةٍ: "مَنْ أشارَ إلى أخيهِ بحديدَةٍ، فإِنَّ الملائِكَةَ تلْعَنُهُ، وإِنْ كانَ أخاهُ لأبيهِ وأُمِّهِ"(رواه مسلم)؛ فَإِذَا كَانَ مُجَرَّدُ الْإِشَارَةِ إِلَى مُسْلِمٍ بِالسِّلَاحِ منهيٌ عنه فَكَيْفَ بِمَنْ يَقْتُلُ الْأَنْفُسَ الْبَرِيئَةَ بغيرِ حقٍّ مِنْ أَجْلِ لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ، أَوْ مِنْ أَجْلِ سُبَّةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، قال صلى الله عليه وسلم: "قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا"(رواه النَّسَائِيُّ)، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا"(رواه البخاري).
قَالَ الْعُلَمَاءُ في مَعْنَى الْحَدِيثِ: "إِنَّ أَيَّ ذَنْبٍ وَقَعَ فِيهِ الإِنْسَانُ كَانَ لَهُ فِي الدِّينِ وَالشَّرْعِ مَخْرَجٌ إِلَّا الْقَتْلُ فَإِنَّ أَمْرَهُ صَعْبٌ، وَيُوضِحُ هَذَا مَا فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ، حَيْثُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنه-: "إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأمُورِ الَّتِي لا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ".
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: مِنِ اعْتِنَاءِ الشَّرِيعَةِ بِالنَّفْسِ: الأمرُ بِحِمَايَتِهَا مِنَ الْمَخَاطِرِ، وَتَحْذِيرُهَا مِنْ تَعْرِيضِهَا لِلْهَلَاكِ، قالَ تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة: 195]؛ يَقُولُ ابْنُ سَعْدِيٍّ: "وَالْإِلْقَاءُ بِالْيَدِ إِلَى التَّهْلُكَةِ يَرْجِعُ إِلَى أَمْرَيْنِ: تَرْكِ مَا أُمِرَ بِهِ الْعَبْدُ، إِذَا كَانَ تَرْكُهُ مُوجِبًا أَوْ مُقَارِبًا لِهَلَاكِ الْبَدَنِ أَوِ الرُّوحِ. وَفِعْلِ مَا هُوَ سَبَبٌ مُوصِلٌ إِلَى تَلَفِ النَّفْسِ أَوِ الرُّوحِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: تَرْكُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوِ النَّفَقَةِ فِيهِ، الْمُوجِبِ لِتَسَلُّطِ الْأَعْدَاءِ، وَمِنْ ذَلِكَ: تَغْرِيرُ الْإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ فِي مُقَاتَلَةٍ أَوْ سَفَرٍ مَخُوفٍ، أَوْ مَحَلِّ مَسْبَعَةٍ، أَوْ حَيَّاتٍ، أَوْ يَصْعَدُ شَجَرًا، أَوْ بُنْيَانًا خَطِرًا، أَوْ يَدْخُلُ تَحْتَ شَيْءٍ فِيهِ خَطَرٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّنْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ".
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ-، وَاحرِصُوا عَلَى كُلِّ مَا فِيهِ حِفظُ نُفُوسِكُم، وَنُفُوسِ إِخوَانِكُم، بَل وَحِفظُ كُلِّ نَفسٍ مَعصُومَةٍ.
اللهم احفظنا بحفظك...
بارك الله...
الخطبة الثانية:
الحمد لله...
أما بعد: عباد الله: لقد اعتنتِ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ بِالْحِفَاظِ عَلَى الْإِنْسَانِ، وَجَاءَتْ بِالْوَصَايَا النَّافِعَةِ الَّتِي تَقِيهِ الضَّرَرَ وَالْمَخَاطِرَ، وَمِنْ ذَلِكَ: إِرْشَادُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَسْبَابِ حِفْظٍ شَرْعِيَّةٍ، وَوَسَائِلَ وِقَايَةٍ مَادِّيَّةٍ؛ كَقَوْلِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ؛ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ"(رواه البخاري)، وكَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ" أَيْ: سُورٌ "فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ"(رواه أبو داود وغيرُه)، وكقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ"؛ أَيْ: كَثْرَةِ الْمَرْعَى وَالْعُشْبِ، "فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَظَّهَا مِنَ الْأَرْضِ، وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي السَّنَةِ" أَيِ: الْقَحْطُ وَالْجَدْبُ "فَأَسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ، وَإِذَا عَرَّسْتُمْ بِاللَّيْلِ" أَيْ: نَزَلْتُمْ لِلرَّاحَةِ وَالنَّوْمِ: "فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ؛ فَإِنَّهَا مَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ"(رواه مسلم)، فتَأَمَّلْ هذه التوجيهاتِ النبويةِ وغيرها، ومنها: أن تُطْفِئَ النَّارَ قَبْلَ نَوْمِكَ؛ لِكَيْ لَا تَشْتَعِلَ فِيكَ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي، وأن لَّا تَنَامَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ سُورٌ؛ خَشْيَةَ أَنْ تَسْقُطَ وَأَنْتَ نَائِمٌ، وأن لا تنامَ في قارعةِ الطريقِ خشيةَ الهوامِ والدوابِّ وأذاهَا.
ومثلُ ذلكَ -أَخِي الْمُسْلِمُ-: التَّأَكُّدُ مِنْ سَلَامَةِ التَّوْصِيلَاتِ الْكَهْرَبَائِيَّةِ وَشَوَاحِنِ الْجَوَّالِ، وَعَدَمُ النَّوْمِ عِنْدَ مَدَافِئ الْفَحْمِ أَوِ الْغَازِ، وَتَوْفِيرُ طَفَّايَاتِ الْحَرِيقِ، وَكَوَاشِفِ الدُّخَانِ، وَاتِّخَاذُ كَافَّةِ التَّدَابِيرِ الَّتِي تَدْفَعُ الْخَطَرَ عَنِ الْبَيْتِ وَأَهْلِهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: مَعْرِفَةُ مَهَارَاتِ الْإِسْعَافَاتِ الْأَوَّلِيَّةِ مِنْ مَصَادِرِهَا المَوْثُوقَةِ، وَالْاِسْتِفَادَةُ مِنْ أَهْلِ الْاِخْتِصَاصِ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى أَسْبَابِ سَلَامَتِهِ وَأَمْنِهِ، وَيَحْذَرَ مِنْ كُلِّ مَا يُمَثِّلُ خَطَرًا أَوْ ضَرَرًا عَلَى حَيَاتِهِ، وَحَيَاةِ مَنْ مَعَهُ؛ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُؤَدِّي إِلَى الْمَوْتِ، أَوْ يُؤَدِّي إِلَى الضَّرَرِ، فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)[المائدة: 32].
ثم صلوا...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم