عناصر الخطبة
1/تشريف الإسلام للمرأة وتكريمه لها 2/بعض مظاهر تكريم الإسلام للمرأة ورعايته لها 3/قوامة الرجال على النساء 4/وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء.اقتباس
ومن تكريم الله لها أنه لما خلقها محلاً للزوجية والأمومة والرحمة والعطف خلقها خِلقة تناسب هذه الوظائف؛ فكانت بطبيعتها يغلب عليها الضعف؛ فلا تتحمل ما يتحمله الرجال من الأعمال الشاقة والأعباء الكبيرة، لذا لم يأمرها بالقتال قال -صلى الله عليه وسلم-: "على النساء جهاد لا قتال...
الخطبة الأولى:
أما بعد:
فإن الله -تعالى- شرّف المرأة تشريفاً لا مزيد عليه وكرّمها تكريما لم تكرّم مثله في القوانين والنظم البشرية؛ فجعل المرأة مكلفة، كالرجل تثاب إذا أحسنت وتعاقب إذا أساءت، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71]، وقال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران: 195]، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة وما جاء في معناها من الأحاديث الشريفة.
ولها أن تتصرف في مالها باختيارها بيعاً وشراء وإجارة وغير ذلك من أنواع التصرفات؛ فقد أعتقت ميمونة جارية لها دون استئذان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأقرها على ذلك.
ومن تكريم الله لها أنه لما خلقها محلاً للزوجية والأمومة والرحمة والعطف خلقها خِلقة تناسب هذه الوظائف؛ فكانت بطبيعتها يغلب عليها الضعف؛ فلا تتحمل ما يتحمله الرجال من الأعمال الشاقة والأعباء الكبيرة، لذا لم يأمرها بالقتال قال -صلى الله عليه وسلم-: "على النساء جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة"، وأراحها من تولي الحكم والقضاء، فقال -صلى الله عليه وسلم- "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" (رواه البخاري)، وعلى هذا جرى عمل المسلمين على امتداد خمسة عشر قرناً.
ولما كان تاجُ جمال المرأة حياءها وحشمتها أمرها بالقرار وبالحجاب والستر، فقال تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب: 33]، وقال تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب: 53]، وقال تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].
ولما كانت المرأة محل طمع العابثين نهاها أن تختلي برجل أجنبي عنها في أي مكان كان ولو في محل عملها، فقال -صلى الله عليه وسلم- "ألا لا يخلون أحدكم بالمرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما" (رواه أحمد)، ونهاها عن مس الرجل الأجنبي عنها ولو بالمصافحة، فقال -صلى الله عليه وسلم- "إني لا أصافح النساء" (رواه أحمد).
ونهاها عن السفر دون محرم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" (متفق عليه)، وذلك أن سفرها لوحدها من أسباب الجراءة عليها والطمع فيها، بخلاف ما لو كان معها محرم بالغ رشيد.
ولما كان قرار الزواج قراراً مصيرياً بالغ الأهمية لا تقتصر تبعاته وآثاره حميدةً كانت أو قبيحةً على المرأة وحدها، ولما كانت المرأة قليلة الخبرة في أخلاق الرجال ومعادنهم وقد تغلب عاطفتُها عقلها جاءت الشريعة ناهية أن تُنكح المرأة بغير إذن وليها، فقال -صلى الله عليه وسلم- "لا نكاح إلا بولي" (رواه أبو داود)، ومع ذلك؛ فليس للولي أن يمنع المرأة من الزواج بالرجل الكفؤ وهو العضل الذي نهى الله عنه، فقال: (وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) [النساء: 19]، والعضل من قبائح الذنوب حتى قال النووي: "هو كبيرة بإجماع المسلمين".
وليس للولي أن يغصبها على من لا تريده بكراً كانت أم ثيباً، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُنكح الأيّمُ حتى تُستأمر، ولا تنكح البكر حتى تُستأذن" (متفق عليه).
فالولاية في النكاح تشريف للمرأة وليس قهراً ولا إذلالا.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فإن اتباع الشهوات يضيقون ذرعاً بما عليه المرأة المسلمة من العفاف والحشمة والتصون والبعد عن الرذائل والفواحش، لذا يحاولون جاهدين بكل سبيل يمكنهم أن يميلوا بالمرأة عن الصراط المستقيم، كما قال تعالى: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء: 27]؛ لذا تجدهم يحاربون الحجاب ويدعون إلى السفور، ويحاربون قرار المرأة في بيتها ويحاربون عملَها في مكان مناسب لها بعيدا عن مخالطة الرجال الأجانب عنها ولا يريدون لها إلا أن تكون قريبة من مطامعهم ونزواتهم.
وتجدهم يحاربون السياج المنيع الذي وضعه الشارع للمرأة؛ فيطالبون بإسقاط ولاية الرجل على زوجته وابنته ومَوليته متجاهلين قول الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) [النساء: 34]، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) [التحريم: 6]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته"، متجاهلين النصوص المتقدمة في موضوع عقد النكاح والسفر.
عباد الله: إن على الرجال والنساء جميعاً أن يعلموا أن الخير والصلاح هو في شريعة الله المنزلة من أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين؛ فليس فيما شرعه الله ظلم للمرأة بل هو عين العدل والرحمة، وكل دعوة تعارض شرع الله؛ فإنها تضر المرأة وتسيء إليها بل هي جناية بالغة عليها وعلى المجتمع كله.
ولا بد من تذكير الرجال أياً كانت مواقعهم من المرأة آباء أو أزواجاً أو غير ذلك أن يتقوا الله في نسائهم وبناتهم وأخواتهم وأمهاتهم بإحسان العشرة والرعاية والبر والعدل والقيام عليهن بما يرضي الله ويباعد من أسباب سخطه، وأن لا يمنعونهن حقوقهن التي كتب الله لهن في الميراث أو النفقة أو الزواج من الكفؤ أو الدراسة أو العمل وطلب الرزق في حدود ما أحل الله؛ فإن النساء هن وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته في حجة الوداع حيث قال: "ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عَوان عندكم -أي أسيرات-" (رواه الترمذي).
نسأل الله -تعالى- أن يوفق الرجال لحسن القيام على النساء وأن يوفق النساء للالتزام بشرع الله وحدوده ونسأله -سبحانه- أن يكف عنا شر كل ذي شر يحاول قتل الفضيلة ونشر الرذيلة إنه سميع الدعاء.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم