وصف عيش النبي -صلى الله عليه وسلم-

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ خطر الدنيا والاشتغال بها 2/ حقارة الدنيا ودناءتها 3/ كيفية عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا 4/ حال السلف الصالح مع الدنيا 5/ وجوب الحذر من الاغترار بالدنيا.

اقتباس

مسكين من اغتر بزخارف الدنيا وبهارجها، وكلنا ذلك المسكين، نغدو ونروح والحوادث تنصب على من حولنا، وكأن الأمر لا يعنينا، فُتِنّا بالدنيا وغرقنا فيها، ولم نستعد لما أُعد لنا بعد الموت، لا تقل: إنك من المصلين الصائمين، فمن لم يكن على عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد أصابته فتنة الدنيا، فمستقل ومستكثر.. أخرج البخاري من حديث أبي سعيد المقبري عن أبي هُريرة -رضي الله عنه-، أنه مرَّ بقومٍ بين أيديهم شاة مصلية، فدعوهُ فأبى أن يأكل، وقال: "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير"، هل تعلم عبد الله كم من النعيم نتقلب فيه كل يوم؟!...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله...

 

أما بعد: فيا أيها الناس: مسكين من اغتر بزخارف الدنيا وبهارجها، وكلنا ذلك المسكين، نغدو ونروح والحوادث تنصب على من حولنا، وكأن الأمر لا يعنينا، فُتِنّا بالدنيا وغرقنا فيها، ولم نستعد لما أُعد لنا بعد الموت، لا تقل: إنك من المصلين الصائمين، فمن لم يكن على عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد أصابته فتنة الدنيا، فمستقل ومستكثر، ولهذا صرح النبي -صلى الله عليه وسلم- بخطر الدنيا والاشتغال بها فقال فيما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد مرفوعًا: "اتقوا الدنيا".

 

عباد الله: لنتعرف على حقارة الدنيا يجب علينا أن نتعرف على كيفية عيش النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الدنيا لنعرف مدى انحرافنا عن الهدي النبوي والصراط السوي.

 

أخرج الشيخان من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما شبع آل محمد -صلى الله عليه وسلم- من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض"، وفي رواية: "ما شبع آل محمد -صلى الله عليه وسلم- منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعاً حتى قبض".

 

وأخرج الشيخان من حديث عُروة عن عائشة -رضي الله عنها-، أنها كانت تقولُ: "والله يا ابن أختي إن كنا لننظرُ إلى الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال: ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقد في أبيات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نار. قلتُ: يا خالة، فما كان يعيشكم: قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنهُ قد كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيران من الأنصار، وكانت لهم منائحُ وكانوا يرسلون إلى رسول الله من ألبانها فيسقينا".

 

وقد يقول القائل: إنهم كانوا فقراء، وهذا صحيح، ولكن الفقر الذي كان يعيشه النبي -صلى الله عليه وسلم- كان اختياريًّا، ولو شاء لكان ملكًا رسولاً، ولكنه -عليه الصلاة والسلام- أراد أن يعيش نبيًّا فقيرًا ليبين للناس كيفية الحذر من الدنيا، وأن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة.

 

أخرج البخاري من حديث أبي سعيد المقبري عن أبي هُريرة -رضي الله عنه-، أنه مرَّ بقومٍ بين أيديهم شاة مصلية، فدعوهُ فأبى أن يأكل، وقال: "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير".

 

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث عائشة قالت: "إنما كان فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي ينام عليه من أدم –تعني: من جلد- حشوه ليف"، -تعني من ليف النخل-.

 

وأخرج الشيخان في صحيحهما قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ-: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، -صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ، فَإِذَا عَلَيْهِ إِزَارُهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللَّهِ، -صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوَ الصَّاعِ، وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ، وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ، فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ. قَالَ: "مَا يُبْكِيكَ يَابْنَ الْخَطَّابِ؟" قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَمَا لِيَ لا أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لا أَرَى فِيهَا إِلا مَا أَرَى، وَذَلِكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى فِي الثِّمَارِ وَالأَنْهَارِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، -صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَفْوَتُهُ؟ فَقَالَ: "يَابْنَ الْخَطَّابِ، أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟" قُلْتُ: بَلَى.

 

وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: اضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حصير، فأثّـر في جنبه، فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه، فقلت: يا رسول الله ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئًا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما لي وللدنيا؟ ما أنا والدنيا؟ إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة، ثم راح وتركها.

 

ولقد كان ربنا –سبحانه- يحضّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على الزهد في الدنيا وعدم الكون إليها كما قال سبحانه (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28].

 

 وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: "مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ"؟ قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا قُومُوا"، فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَيْنَ فُلَانٌ"؟ قَالَتْ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنْ الْمَاءِ إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي، قَالَ: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ"، فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ". 

 

وفي لفظ" "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ هذا مِنْ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ظِلٌّ بَارِدٌ وَرُطَبٌ طَيِّبٌ وَمَاءٌ بَارِدٌ" (سنن الترمذي: 2369).

 

هل تعلم عبد الله كم من النعيم نتقلب فيه كل يوم؟!

 أخرج الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة أن رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي الْعَبْدَ مِنْ النَّعِيمِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ وَنُرْوِيَكَ مِنْ الْمَاءِ الْبَارِدِ".

 

اللهم لا تفتنا بالدنيا وأعنا على استعمالها في طاعتك.

 

أقول قولي هذا....

 

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد فيا معاشر المؤمنين: يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) [فاطر: 5].

 

فكل ما نرى من شهوات الدنيا كلها غرور، وقد حذرنا الله من الاغترار بها، ومن فُتحت عليه الدنيا فليأخذ نصيبه منها من غير إسراف ولا تفريط، ولا ينسَ إخوانه المحاويج، فنعم المال الصالح في يد العبد الصالح، مع أنه ضمن له ألا ينقص من ماله شيئًا "فما نقص مال من صدقة".

 

عباد الله: لقد سار صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ما تربوا عليه في حياة نبيهم حتى قضوا نحبهم كما قال سبحانه: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 23].

 

أخرج البخاري من حديث إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أُتي بطعام وكان صائمًا، فقال: "قُتل مصعب بن عمير -رضي الله عنه- وهو خير مني، فلم يوجد له ما يُكفن فيه إلا بردة، إن غُطي بها رأسه بدت رجلاه، وإن غُطي بها رجلاه بدا رأسه، ثم بُسط لنا من الدنيا ما بُسط - أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا - قد خشينا أن تكون حسناتنا عُجِّلت لنا". ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام.

 

عباد الله: هكذا كانت حياة أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-  وعاشوا على ذلك ولما فُتحت عليهم الدنيا خافوا منها وخشوا أن يكون استدراجًا، وكلما فُتحت لهم الدنيا زادهم بكاء وحذرًا، وهربوا من الدنيا وكان حالهم كما قال القائل:

إن لله عبادا فطنا *** طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا

نظروا فيها فلما علموا *** أنها ليست لحر وطنا

جعلوها لُجّة واتخذوا *** صالح الأعمال فيها سفنا

 

وهكذا ينبغي أن يكون المؤمن، مشتغلاً بمرمة جهازه، فهو على أهبة السفر ينتظر متى يُدْعَى ليجيب وهو مستعد لذلك.

 

يترجم لنا ذلك عمليًّا ما روي عنهم في ذلك، فقد ذكر أهل المغازي ما رواه هشام بن عروة عن أبيه قال: قدم عمر الشام فتلقاه الأمراء والعظماء، فقال: أين أخي أبو عبيدة؟ قالوا: يأتيك الآن، قال: فجاء رجل على ناقة مخطومة بحبل، فسلم عليه ثم قال للناس: انصرفوا عنا، فسار معه حتى منزله فنزل عليه، فلم يرَ في بيته إلا سيفه وترسه ورحله، فقال له عمر: "لو اتخذت متاعًا، أو قال: شيئًا، فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا سيبلغنا المقيل".

 

يروي الإمام مالك أن عمر أرسل إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف، أو بأربعمائة دينار، وقال للرسول: انظر ما يصنع بها، قال: فقسمها أبو عبيدة، ثم أرسل إلى معاذ بمثلها، قال: فقسمها إلا شيئا قالت له امرأته تحتاج إليه، فلما أخبر الرسول عمر قال: "الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا".

 

ومما ذكر أهل السير قصة عمير بن سعد أحد ولاة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-ما على حمص، وقد مكث عاما لا يأتي خبره عمر، فقال عمر لكاتبه: اكتب إلى عمير: إذا جاءك كتابي هذا فأقبل بما جبيت من فيء المسلمين. وأخذ عمير جرابه فجعل فيه زاده وقصعته، ثم أقبل يمشي من حمص حتى دخل المدينة، قال: فقدم وقد شحب لونه، واغبر وجهه، وطالت شعرته، فدخل على عمر وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال عمر: ما شأنك؟! قال عمير: ما ترى من شأني! ألست تراني صحيح البدن، معي الدنيا أجرها بقرونها. قال: وما معك؟ فظن عمر أنه جاء بمال فقال: معي جرابي أجعل فيه زادي، وقصعتي، آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثيابي، وإناء أحمل فيه وضوئي وشرابي، وعصاتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا إن اعترض، فو الله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي.

 

قال عمر: فجئت تمشي؟! قال: نعم! قال: أما كان لك أحد يتبرع لك بدابة تركبها؟! قال: ما فعلوا وما سألتهم ذلك؟ قال عمر: فأين بعثتك؟ وأي شيء صنعت؟ قال: وما سؤالك يا أمير المؤمنين؟! قال عمر: سبحان الله! فقال عمير: أما لولا أني أخشى أن أغمك ما أخبرتك، بعثتني حتى أتيت البلد، فجمعت صلحاء أهلها، فوليتهم جباية فيئهم، حتى إذا جمعوه وضعته مواضعه، ولو نالك منه شيء لأتيتك به. قال: فما جئتنا بشيء. قال: لا، قال عمر: جددوا لعمير عهدًا.

 

اللهم اجعل غنانا في قلوبنا وأرضنا بما قسمت لنا، اللهم استعملنا في طاعتك وأعنا على ذكرك وشكرك... اللهم اغفر لله المسلمين... اللهم فرج هم المهمومين...

 

 

 

المرفقات

عيش النبي -صلى الله عليه وسلم-

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات