والله متم نوره

الشيخ هلال الهاجري

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ هدي النبي الكريم في التفاؤل وصناعة الأمل 2/ الوعد بتمكين الصالحين مَبْعَثٌ للتفاؤل ودافعٌ للعمل 3/ اهتداء أشدّ الأعداء دليلٌ على حفظ الدين 4/ ثمامة بن أثال نموذجٌ من العهد النبوي 5/ منتج فيلم الفتنة المسيء للإسلام نموذج معاصر

اقتباس

قَلِّبْ طرفَك في البلادِ وأخبرني، في لحظةِ مصارحةٍ مع النفسِ: لماذا أصبحَ الإسلامُ جريمةً، تُراقبُه عيونٌ لئيمةٌ؟ لماذا صار ذلك المسلمُ طَريداً؟ ولماذا صار الآخرُ شَريداً؟ بيوتٌ تُهدمُ، وأقوامٌ تُعدَمُ، شعوبٌ تُحصرُ، وقلوبٌ من الألمِ تُعصرُ، أعراضٌ تُنهكُ، وأرواحٌ تُهلكُ، شيوخٌ وأطفالٌ ونساءٌ، دونَ مأوى ولا طعامٍ ولا...

 

 

 

 

 

إن الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.

 

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

 

حياةُ النبيِ -صلى الله عليه وسلم-، كانت حياةً عظيمةً، مليئةً بالدعوةِ إلى اللهِ -تعالى-، كانَ صابراً على الأذى في سبيلِ هدايةِ الناسِ إلى الخيرِ، بل كان من أشدِ الناسِ بلاءً.

 

وكما جاءَ عَنْ سَعْد بن أبي وقاصٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: "الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ".

 

ولكن؛ تعالوا معي نسمعُ خبرَ أشدِّ الأيامِ على رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-.

 

عن عائشةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟".

 

قَالَ: "لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ؛ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ.

 

فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ.

 

فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ"، وهما جبلانِ في مكةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".

 

هل رأيتُم أملاً كهذا؟ وهل سمعتُم تفاؤلاً كهذا؟ "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".

 

ذلك التفاؤلُ الذي مصدرُه الإيمانُ باللهِ -تعالى-، والثقةُ بما جاءَ في كتابِه من النصرِ والتمكينِ لهذا الدينِ، وأن العاقبةَ للمتقينَ.

 

عبادَ اللهِ: كيفَ لا يتفاءلُ من يقرأُ قولَه -تعالى-: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف:8]،.

 

عجيبٌ هذا الوصفُ! النورُ ليسَ ناراً تُطفأ، بل لا يُطفأُ حتى يُطفأ مصدرُه، فإذا كانَ النورُ من اللهِ -تعالى- وقد وعدَ بتمامِه، فباللهِ؛ ما هو أثرُ ذلك النفخِ من الأفواهِ الكافرةِ؟!.

 

حينها تتذكرُ قولَ النبيِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ ‏مَدَرٍ ‏‏وَلَا ‏‏وَبَرٍ ‏‏إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ".

 

اسمعوا إلى هذه القصةَ من عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ -رضي الله عنه- وقد جاء للنبيِ -صلى الله عليه وسلم- في المدينةِ قبلَ أن يُسلمَ، وكان سيداً في قومِه، قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا قَطْعَ السَّبِيلِ، فكأن النبيَ -صلى الله عليه وسلم- رأى في وجِه عَدِيٍّ يأساً فأرادَ أن يبعثَ التفاؤلَ والأملَ في نفسِه، فَقَالَ: "يَا عَدِي، هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ؟"، قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ: "فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ، لاَ تَخَافُ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ".

 

قال: قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي: فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ -وهم قُطَّاعُ الطرقِ- الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلاَدَ؟.

 

"وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى"، قُلْتُ: كِسْرَى بْن هُرْمُزَ؟ قَالَ: "كِسْرَى بْن هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ، فَلاَ يَجِدُ أَحَداً يَقْبَلُهُ مِنْهُ، وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، فَيَقُولَنَّ: أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولاً فَيُبَلِّغَكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ: أَلَمْ أُعْطِكَ مَالاً وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ جَهَنَّمَ".

 

قَالَ عَدِىٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ، لاَ تَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ، وَكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِيّ أَبُو الْقَاسِمِ -صلى الله عليه وسلم-: "يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ، فَلاَ يَجِدُ أَحَداً يَقْبَلُهُ".

 

أيها المؤمنُ: هذا هو تفاؤلُ نبيِك -صلى الله عليه وسلم-، وأما أنت؛ فما هو شعورُك تجاهَ دينِ الإسلامِ في هذا الزمانِ؟.

 

قَلِّبْ طرفَك في البلادِ وأخبرني، في لحظةِ مصارحةٍ مع النفسِ: لماذا أصبحَ الإسلامُ جريمةً، تُراقبُه عيونٌ لئيمةٌ؟ لماذا صار ذلك المسلمُ طَريداً؟ ولماذا صار الآخرُ شَريداً؟ بيوتٌ تُهدمُ، وأقوامٌ تُعدَمُ، شعوبٌ تُحصرُ، وقلوبٌ من الألمِ تُعصرُ، أعراضٌ تُنهكُ، وأرواحٌ تُهلكُ، شيوخٌ وأطفالٌ ونساءٌ، دونَ مأوى ولا طعامٍ ولا دواءٍ، (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)  [البروج:8-9].

 

فهنا قد يتشاءمُ من يتشاءمْ، ويعتقدُ أن نهايةَ الخيرِ قد حانتْ، وبدايةَ الشرِ قد لاحتْ، ولكن الحقيقةَ هي في قولِه -تعالى-: (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران:140].

 

فعليكم بالإيمانِ والعملِ الصالحِ، وانتظروا وعدَ اللهِ، كما قال: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [النور:55-57].

 

نفعَنِي اللهُ وإياكُمْ بالقرآنِ العظيمِ، وبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الكريمِ صلى الله عليه وآله وسلمَ، أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ فاستغفِرُوهُ؛ إنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحَمْدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه، وأَشْهَدُ أنَّ سيِّدَنا محمَّداً عبدُهُ ورسولُهُ.

 

اللهمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبَارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ الطيبينَ الطاهرينَ، وعلَى أصحابِهِ أجمعينَ، والتَّابعينَ لَهُمْ بإحسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أما بعد: عجيبٌ أمر هذا الدينِ! فهو محفوظٌ بحفظِ اللهِ -تعالى- له، فمعَ الضَعْفِ الذي يعيشُ فيه المسلمونَ، إلا أنه لا يزالُ الناسُ يدخلونَ فيه أفواجاً؛ الغنيُ والفقيرُ، الصغيرُ والكبيرُ، الرجالُ والنساءُ، الأصدقاءُ والأعداءُ.

 

يا أهلَ الإيمانِ: كثيرٌ هم الذين يُعادونَ الإسلامَ جهلاً، ويُبغضونَ نبيَه ظُلماً؛ فقديماً أُسرَ ثمامةُ بن أَثالٍ، ثم رُبطَ بساريةِ المسجدِ ثلاثة أيامٍ، تعرّفَ من خلالِها على النبيِ -صلى الله عليه وسلم- وعلى دينِه.

 

فلما أطلقَه النبيُ -عليه الصلاةُ والسلامُ- في اليومِ الثالثِ، انْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ!.

 

يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ! مَا كَانَ عَلَى الأرْضِ وَجْهٌ أَبْغَض إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ؛ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ! مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَض إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ؛ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ! مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَض إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ.

 

وحديثاً ها هو أرناود فان دورن السياسيُ السابقُ في حزبِ الحريةِ الهولندي، أشدِ الأحزابِ تطرفاً وعداءً للدينِ الحنيفِ، وأحدُ المشاركينَ في إنتاجِ فيلمِ (الفتنة) المسيءِ للإسلامِ والنبيِ -صلى الله عليه وسلم-، يُعلنُ إسلامَه بعد أن قرأَ عن الإسلامِ وعن النبيِ -صلى الله عليه وسلم-.

 

ويزورُ المدينةَ النبويةَ، ويقفُ أمامَ قبرِ النبيِ -صلى الله عليه وسلم- ويتذكرُ ذلكَ الجُرمَ العظيمَ في حقِ ذلك النبيِ الكريمِ فتدمعُ عينُه، ويبكي بكاءً مريراً، حُزناً وأسفاً، حُباً ولهفاً!.

 

وكأنَه يُكررُ ما قالَه ثمامةُ -رضي الله عنه-: يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأرْضِ وَجْهٌ أَبْغَض إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَض إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَض إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ!.

 

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، واخذل الطغاةَ والملاحِدةَ والمُفسِدين، اللهم انصُر دينكَ وكتابَك وسنةَ نبيك وعبادكَ المُؤمنين.

 

اللهم أبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويُهدَى فيه أهلُ معصيتِك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المُنكر يا رب العالمين.

 

اللهم من أرادَ الإسلامَ والمسلمينَ بسوءٍ فأشغِله في نفسِه، ورُدَّ كيدَه في نحرِهِ، واجعل دائرةَ السَّوءِ عليه يا رب العالمين.

 

اللهم انصُرِ المُجاهدِينَ في سبيلِك في فلسطينَ، وفي بلادِ الشام، وفي كل مكانٍ يا رب العالمين، اللهم فُكَّ حِصارَهم، وأصلِح أحوالَهم، واكبت عدوَّهم.

 

اللهم حرِّر المسجدَ الأقصى من ظُلمِ الظالمين، وعُدوان المُحتلِّين.

 

اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كلِ مكانٍ، واجمَعهم على الحقِّ والهدى، اللهم احقِن دماءَهم، وآمِن روعاتِهم، وأطعِم جائعَهم، واحفَظ أعراضَهم، واربِط على قلوبِهم، وثبِّت أقدامَهم، وانصُرهم على من بغَى عليهم.

 

اللهم انشُر الأمنَ والرخاءَ في بلادِنا وبلادِ المُسلمين، واكفِنا شرَّ الأشرارِ، وكيدَ الفُجَّارِ.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201]، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [آل عمران:147].

 

 

 

 

المرفقات

مُتِمُّ نورِه

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات