واعظ الله في قلوبنا

الشيخ هلال الهاجري

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/أهمية فهم أمثال القرآن الكريم 2/مَثَل نبويّ عظيم المعاني 3/شرح مثل الصراط المستقيم والدعاة إلى الخير والضلال 4/هل في قلوبنا واعظ للخير والهدى؟ 5/هل نستجيب لدعاة الخير أم الغي؟ 6/دعوة للمحاسبة.

اقتباس

لقد سمعناهُ كثيراً .. وتغافلنا عن وعظِه كثيراً، كما نتغافلُ عن موعظةِ غيرِه من الواعظينَ، وإنَّ من القلوبِ مَن ضَعُفَ فيها صوتُ واعظِ اللهِ حتى لا يَكادُ يُسمعُ صوتُه، وإنَّ من القلوبِ لمن ليروغُ عن موعظتِه بتحسينِ القبيحِ وتقبيحِ الحسنِ، وإنَّ من القلوبِ لمن أعرضَ عنه فهي لا تستجيبُ لوعظِه أبداً...

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الحمدَ للهِ؛ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70- 71].

 

أما بعد: يا أيُّها المؤمنُ! إذا ضربَ اللهُ الأمثالَ، فتفكَّرْ، لأنَّ اللهَ –سُبحانَه- يقولُ: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)[الحشر: 21]، وإذا ضربَ اللهُ الأمثالَ، فتذكَّرْ؛ لأنَّ اللهَ -تعالى- يقول: (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)[إبراهيم: 25]، فإذا تفكَّرتَ وتذكَّرتَ في الأمثالِ، أصبحتَ من العالِمينَ، كما قالَ -عزَّ وجلَّ-: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)[العنكبوت: 43]، أي لا يفهمُها إلا أهلُ العلمِ الحقيقيِّ، الذينَ وصلَ العلمُ إلى قلوبِهم.

 

تأملوا معي هذا المثلِ .. عَن النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَلَى جَنْبَتَي الصِّرَاطِ سُورَانِ، فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الابْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ، يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلا تَعْوَجُّوا، وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الابْوَابِ قَالَ: وَيْحَكَ لا تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، وَالصِّرَاطُ الاسْلامُ، وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ -تعالى-، وَالابْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ -تعالى-، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ -عزَّ وجلَّ-، وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ".

مَثلٌ عجيبٌ، ولكنَّه في الحقيقةِ تصويرٌ لحياتِنا جميعاً، في مَشهدٍ قصيرٍ، وأُسلوبٍ مُثيرٍ.

 

أيُّها الأحبَّةُ: "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا"، ثُمَّ بيَّنَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- أنَّ هذا الطَّريقَ المُستقيمَ هو الإسلامُ الذي خلقَ اللهُ -تعالى- من أجلِه الخلقَ جميعاً، والذي أرسلَ من أجلِه الرُّسلَ جميعاً، والذي أنزلَ من أجلِه الكُتبَ جميعاً، فلذلكَ كانَ واجباً على كلِّ واحدٍ مِنَّا أن يُصغيَ بآذانِه وقلبِه لهذا المَثلِ الذي هو منهجُ حياةٍ.

 

هذا الصِّراطُ المستقيمُ أهميَّتُه أنَّه هو طريقُ اللهِ الوحيدُ الذي جعلَه للنَّاسِ في هذه الحياةِ، فلا طريقَ مُوصلٌ إلى اللهِ -تعالى- إلا هو، ولا طَريقَ مَمدوحٌ أهلُه إلا هو، ولأهميِّةِ إيضاحِ هذه المعلومةِ، استخدمَ النَّبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديثِ الآخَرِ الوسائلَ التَّعليميةَ البَّصريَّةَ والسَّمعيَّةَ لإيصالِها للصَّحابةِ الكِرامِ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: "خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَّاً، ثُمَّ قَالَ: "هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ"، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: "هَذِهِ سُبُلٌ مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)".

 

ولذلكَ حفظَ ابنُ مسعودٍ -رضيَ اللهُ عنه- الدَّرسَ جيداً، فعندما سألَه رجلٌ بعدَ وفاةِ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الصِّراطِ المستقيمِ؟، قالَ: "تركَنَا محمدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أَدناه، وطَرفُه في الجنَّةِ، وعن يمينِه جَوادُّ –أيْ: طُرقٌ-، وعن يَسارِه جَوادُّ، وثَّمَّ رِجالٌ -يَعني: هُناكَ رجالٌ- يدعونَ من مرَّ بهم، فمن أَخذَ في تِلكَ الجَوادِّ انتهتْ به إلى النَّارِ، ومن أَخذَ على الصِّراطِ انتهى به إلى الجنَّةِ، ثم قَرأَ هذه الآيةَ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الأنعام: 153].

 

وأيضاً جاءَ في المَثلِ أنَّ في أولِ الصِّراطِ المستقيمِ بابٌ يدخلُ منه النَّاسُ، وعلى البابِ داعٍ يدعو النَّاسَ إليه: "وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ، يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلا تَعْوَجُّوا"، يعني: ادخلوا الطريقَ واستقيموا عليه ولا تميلوا إلى الطُرقِ الأخرى.

 

وقالَ في بيانِه: "وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ -عزَّ وجلَّ-"، وهكذا هو كتابُ اللهِ -تعالى- كما جاءَ في قولِه –سبحانَه-: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)[الإسراء: 9]، فهو يهدي النَّاسَ لهذا الصِّراطِ المستقيمِ، ويُثبِّتُهم عليه، ويبشرُ السَّائرينَ عليه، بأنَّ لهم أجراً كبيراً من اللهِ -تعالى- على ثباتِهم وعملِهم وصبرِهم.

 

"وَعَلَى جَنْبَتَي الصِّرَاطِ سُورَانِ"، جِدارانِ عن يمينِ الصِّراطِ وشِمالِه، "فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الابْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ"، فلا يُرى ما خلفَ الأبوابِ لوجودِ الأستارِ، فتشتاقُ النَّفسُ أن ترى ما خلفَ الأبوابِ.

 

ثُمَّ ذكرَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- بيانَ ذلكَ فقالَ: "وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ -تعالى-، وَالابْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ -تعالى-"، وقد نهانا اللهُ -عزَّ وجلَّ- عن مُجردِ الاقترابِ من حدودِه ومحارمِه، كما قالَ –سُبحانَه-: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)[البقرة: 187].

 

ولكن انظروا إلى سهولةِ الدُّخولِ إلى هذهِ الأبوابِ، فليسَ بينَك وبينَ الولوجِ إلا رَفعَ السِّترِ، والمشكلةُ العظمى أنَّ لكَ عدُّواً قد أخذَ عَهداً على نفسِه أمامَ ربِّه، أنَّه قاعدٌ في هذا الصِّراطِ ليُخرِجَكَ منه، بأيِّ وسيلةٍ كانتْ، (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)[الأعراف: 16- 17].

 

فتخيِّلْ الصُّعوبةَ في وجودِ عدوٍّ يعترضُكَ من أمامِك ومن خلفِك ومن يمينكَ وعن شِمالِكَ، يوسوسكَ لكَ بأنواعِ الوساوسِ، فتارةً يقولُ لكَ: اللهُ غفورٌ رحيمٌ، وتارةً: النَّاسُ يفعلونَ ذلكَ، وتارةً: افعلْها ثمَّ تُبْ إلى اللهِ، وتارةً: لا زِلتَ شاباً والعمرُ أمامَك، وتارةً: المسألةُ فيها خِلافٌ، وتارةً: يُقنِّطُكَ من رحمةِ اللهِ ويقولُ: أنى يغفرُ اللهُ لك؟، وهكذا في أشكالٍ مُتعددةٍ.

 

وأيضاً على كلِّ بابٍ وطريقٍ شَّيطانٌ كما في الحديثِ: "عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ"، فهو يدعوكَ إلى الدُّخولِ أو النَّظرِ فقط، ويُزيِّنُ لكَ الأمرَ بجميعِ الطُّرقِ، وقد تَسمعُ أصواتاً خلفَ السِّتارِ، وقد تأتيكَ الأخبارُ بالمتعةِ والإثارةِ بما فيه، وقد يستثيرُك الفُضولُ إلى الفُرجةِ، ويقولُ لك الشَّيطانُ: إنَّكَ لن تخسرَ شيئاً عندما تنظرُ، فإن أعجبكَ دخلتَ أو انصرفتَ، بل قد يأتيكَ من جانبِ الخيرِ، فيقولُ لكَ: لعلكَ تنظرُ إلى أحوالِ هؤلاءِ فتعتبرُ وتحمدُ اللهَ على ثباتِك على هذا الصِّراطِ المستقيمِ.

 

وهناكَ "دَاعٍ يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ"، أيْ: من أعلاهُ، "فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الابْوَابِ قَالَ: وَيْحَكَ! لا تَفْتَحْهُ؛ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ"، لا تكشفُ السِّتارَ، فإن كشفتَه دخلتَ، فمنْ هذا الدَّاعي؟

 

بارَكَ الله لي ولكم في الكتابِ والسنةِ، ونفعنا بما فيهما من الآياتِ والحكمةِ، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ والمسلماتِ من جميع الخَطيئاتِ، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنَّ ربي لغفورٌ رَحيمٌ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أن سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه، اللهم صَلِّ وسلمْ وباركْ على سيدِنا محمدٍ وعلى آلِه الطيبينَ الطاهرينَ وعلى أصحابِه أجمعينَ، والتَّابعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ .. أما بعدُ:

 

يقولُ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ"، فهو ينادي من أعلى الصِّراطِ كلما أردتَ أن تفتحَ باباً من أبوابِ الحرامِ، يا عبدَ اللهِ وَيْحَكَ لا تَفْتَحْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، فكم من بابٍ فتحَه العبدُ فَزَلَّ، وكم من مكانٍ ذهبَ إليه فَضَلَّ، وكم من مقطعٍ فتحَه الشَّابُ فانحَلَّ.

 

فما أرحمَ اللهُ -تعالى- بعبادِه، حيثُ جعلَ لكلِّ واحدٍ مِنَّا واعظاً في قلبِه، مُلازماً له في اللِّيلِ والنَّهارِ، وفي السِّرِ والعلنِ، كلما حدَّثته نفسُه بمعصيةٍ ناداهُ الواعظُ، أيُّها العبدُ تذكَّرْ قولَه -تعالى-: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)[النازعات: 40- 41]، ووعظَ موعظةً بليغةً بحسبِ الحالِ.

 

أيُّها الأحبَّةُ.. هل تسمعونَ هذا الواعظَ في قلوبِكم؟ .. أخبروني عن قوَّةِ صوتِه في قلوبِكم؟ .. وكيفَ أثرُه عليكم؟.

 

لقد سمعناهُ كثيراً .. وتغافلنا عن وعظِه كثيراً، كما نتغافلُ عن موعظةِ غيرِه من الواعظينَ، وإنَّ من القلوبِ مَن ضَعُفَ فيها صوتُ واعظِ اللهِ حتى لا يَكادُ يُسمعُ صوتُه، وإنَّ من القلوبِ لمن ليروغُ عن موعظتِه بتحسينِ القبيحِ وتقبيحِ الحسنِ، وإنَّ من القلوبِ لمن أعرضَ عنه فهي لا تستجيبُ لوعظِه أبداً .. ولسانُ حالِها كما قالَ قومُ عادٍ لأخيهم هوداً -عليه السَّلامُ-: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ)[الشعراء: 136]، فإلى متى؟ .. ألم يأنِ لنا أن نستجيبَ لواعظِ اللهِ في قلوبِنا؟

 

اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَينَا الإيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهِ إلَينَا الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ يَا مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ.

 

اللَّهُمَّ أَرِنَا الحَقَّ حقَّاً وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا البَاطِلَ بَاطِلاً وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ، اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ وَالأَبْصَارِ، ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ، وَلا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، ولا تَفْتِنَّا فِي دِينِنَا، وَاجْعَلْ يَوْمَنَا خَيْراً مِنْ أَمْسِنَا، وَاجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَارِنَا أَوَاخِرَهَا، وَخَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِيمَهَا، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا.

 

اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا، اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلّ شَيءٍ قَدِيرٌ.

 

المرفقات

واعظ الله في قلوبنا

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات