عناصر الخطبة
1/ الجندي المسلم بحاجة لدعم مجتمعه ووطنه بمساندته 2/ وجوب التلاحم والترابط والتعاون بين أفراد المجتمع المسلم 3/ من خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا 4/ واجبنا نحو الجنود المرابطين على الحدود 5/ فضائل المرابطة في سبيل الله.اقتباس
في وقت المواجهات والحروب، ومرابطة الجنود في الثغور، متصدين للأعداء تاركين الأهل والأبناء، يحتاج الجندي المسلم لدعم مجتمعه ووطنه بمساندته ومؤازرته ومراعاة أهله وتلمس حاجاتهم، لتزداد معنوياته، ويستمر ثباته ، ويعود ظافراً بإحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة .. وجنودنا وأبطالنا المرابطون على حدودنا الجنوبية يقومون بدفع فئة ضالة باغية فاسدة المعتقد تسلطت على إخواننا في اليمن، وتطاولت على حدودنا وبلادنا، فكان لابد لهذه العبث من أن يتوقف ولأظافر الشر من أن تُقلم، فجاءت عاصفة الحزم والعزم التي أعادت الأمور إلى نصابها .. إن هؤلاء الجنود وحرسَ الحدود في جهاد ورباط...
الخطبة الأولى:
الحمد لله..
في وقت المواجهات والحروب، ومرابطة الجنود في الثغور، متصدين للأعداء تاركين الأهل والأبناء، يحتاج الجندي المسلم لدعم مجتمعه ووطنه بمساندته ومؤازرته ومراعاة أهله وتلمس حاجاتهم، لتزداد معنوياته، ويستمر ثباته ، ويعود ظافراً بإحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة ..
وجنودنا وأبطالنا المرابطون على حدودنا الجنوبية يقومون بدفع فئة ضالة باغية فاسدة المعتقد تسلطت على إخواننا في اليمن، وتطاولت على حدودنا وبلادنا، فكان لابد لهذه العبث من أن يتوقف ولأظافر الشر من أن تُقلم، فجاءت عاصفة الحزم والعزم التي أعادت الأمور إلى نصابها ..
إن هؤلاء الجنود وحرسَ الحدود في جهاد ورباط، نسأل الله لهم الثبات والنصر ولجرحاهم الشفاء، ولمن مات منهم الشهادة.
لقد حث ديننا الحنيف على التلاحم والترابط والتعاون بين أفراد المجتمع المسلم في الشدة والرخاء فقال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثَل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهَر والحمَّى" (رواه مسلم).
فالحياة تقوم في أساسها على التآخي بين الناس والتعاون والتعاضد، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
إن قيمة التكافل الاجتماعي وروح الجسد الواحد، بدت واضحةً وجليةً أول ما وطئت قدماه -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فقد حرص على ترسيخ هذه القيمة بين المهاجرين والأنصار، وتطبيقها عملياً؛ فها هو سعد بن الربيع يقاسم عبد الرحمن بن عوف أمواله، وغيرها من قصص المؤاخاة التي تمّت بين المهاجرين والأنصار في المجتمع المدني الإسلامي التي تؤكّد بجلاء عمق هذا المعنى وما قدّمه الصحابة الأخيار -رضي الله عنهم- من صور التفاني والتضحية والإيثار على نحوٍ لم يحدث في تاريخ أمّةٍ من الأمم.
وقد أوصى الدين الإسلامي بالإحسان إلى الجار، وهؤلاء المرابطون هم من مجتمعنا وجيران لنا في أحيائنا وأبناؤهم في مدارسنا، ولهذا يجب على المسلم لجاره ما لا يجب على الإنسان البعيد منه في الدار، وحق الجار عظيم قال الله تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) [النساء:36] إلى قوله: (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ)، وقال عليه الصلاة والسلام: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"، فيعامل أبناء وذوو الجنود المرابطين بحسن الخلق وبشاشة الوجه، ورحابة الصدر وحُسن المنطق والتلطُّف والسؤال عن حالهم، حتى كأنك أبٌ لصغيرهم وأخٌ لمن يساويك وابنٌ لمن كان أكبر منك فأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً.
إن العناية بالمرابطين وبما خلفوه من مال أو عيال هو من الأعمال الخيِّرة التي رتَّب عليها الشرع الحنيف الأجر والثواب، بل وعظَّم الأجر في ذلك بأن من أخلف الغازي في أهله بخير فإن له مثل أجره لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، فعن أبي عبد الرحمن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "مَن خَلَفَ غازياً في سبيل الله بخيرٍ فقَدْ غزا" (رواه البخاري ومسلم).
وإخلافُ أهل المجاهدين، يكون بالنظر في شؤونهم، والوقوف على حاجاتهم، وهو من التعاون على البر والتقوى.
قال الإمام النووي -رحمه الله-: في شرح الحديث: "فقد غزا": "أي: حصل له أجر بسبب الغزو، وهذا الأجر يحصل بكل جهاد، وسواء قليله وكثيره، ولكل خالف له في أهله بخير: من قضاء حاجة لهم وإنفاق عليهم، أو مساعدتهم في أمرهم، ويختلف قدر الثواب بقلة ذلك وكثرته" (شرح مسلم 6/372).
وهذا من فضل الله -تبارك وتعالى- على عباده أن جعل لهم هذا الأجر العظيم، بأن من جهَّز غازياً في سبيل الله أو خلف أهله بخير بإصلاح حالهم، وحمايتهم، ونصرتهم؛ فقد غزا.
قال القرطبي -رحمه الله-: "القائم على مال الغازي وعلى أهله نائبٌ عن الغازي في عمل لا يتأتى للغازي غزوه إلا بأن يُكفَى ذلك العمل، فصار كأنه يباشر معه الغزو، فليس مقتصراً على النية فقط، بل هو عامل في الغزو، ولما كان كذلك كان له مثل أجر الغازي كاملاً" (تفسير القرطبي8/136).
فإعانة الغازي على وجهين: أن يعينه في رحله، ومتاعه، وسلاحه. والثاني: أن يعينه في كونه خلفاً عنه في أهله؛ لأن هذا من أكبر العون، ولما خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علياً رضي الله عنه في أهله في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله، أتدعني مع النساء والصبيان، فقال له: "أما ترضى أن تكون منِّي بمنزلة هارون من موسى غَيْر أنه لا نبي بعدي"، يعني أن أخلفك في أهلي، كما خلف موسى هارون في قومه، حينما ذهب إلى ميقات ربه.
والقاعدة العامة: "أن مَن أعان شخصاً في طاعة من طاعة الله كان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شيئاً" (بتصرف من شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 4/453-455).
وبعد عباد الله: فإنّ إخواننا المرابطين وجنودنا المجاهدين على حدودنا وثغورنا الجنوبية في جازان ونجران يحتاجون منا وقفات مباركة، ودعمهم معنوياً، والوقوف معهم ونصرتهم، والدعاء لهم بالنصر والتثبيت، وإخلاف أهلهم بخير، وتفقد أحوالهم، وإعانتهم، ليحصل الأجر الموعود في حديث الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-.
إن الواجب إزاء المرابطين عظيم، والكفل كبير على العلماء وطلبة العلم والدعاة والخطباء والإعلاميين في بيان فضلهم وفضل الرباط والشهادة، وبث الرسائل التشجيعية لهم ولأسرهم، ومحاضنُ التربية والتعليم لها دورها مع أبناء المرابطين في المدارس والمعاهد والجامعات، ومؤسسات المسؤولية الاجتماعية مع الأرامل والأيتام بقضاء الديون وسد الخلات.
نصر الله إخواننا، ودحَرَ المعتدين، وجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، وأستغفر الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، وبعد فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، واعلموا أن إخواننا المرابطين على ثغر للإسلام عظيم وعمل في الدين قويم، فهم اليوم حماة أرض الحرمين وحراس الأمن, وأجر المرابط عظيم, قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران: 200]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها "(رواه البخاري).
وقال أيضًا: "رباط يوم وليلة خيرٌ من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل، وأُجري عليه رزقه وأمن الفتان" (رواه مسلم).
ومقام المرابطين في الذود عن بلاد الحرمين إذا أخلصوا لربهم خير لهم من الإقامة في مكة والمدينة، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إجماع العلماء على أن إقامة الرجل بأرض الرباط مرابطًا أفضل من إقامته بمكة والمدينة وبيت المقدس، ولهذا قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إليَّ من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود"، وسئل الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: أيهما أحب إليك؛ الإقامة بمكة أم الرباط في الثغور؟ فقال: "الرباط أحب إليَّ".
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وانصر جنودنا المرابطين وثبتهم وردهم سالمين غانمين، يا قوي يا عزيز.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم