واجبنا نحو إخواننا في فلسطين

الشيخ شايع بن محمد الغبيشي

2023-11-03 - 1445/04/19 2023-11-14 - 1445/04/30
عناصر الخطبة
1/هجوم إجرامي غاشم على غزة 2/حقد اليهود وشدة عداوتهم 3/المسلمون أمة واحدة 4/الواجب علينا نحو إخواننا في فلسطين 5/حقوق الأخوة الإيمانية 6/المشاركة في حملة إغاثة الشعب الفلسطيني 7/الدعاء واستنزال النصر.

اقتباس

الواجب علينا نحو إخواننا في فلسطين كبير، كبير فمن واجبنا: أن نتألم لآلام إخواننا، فنحن جسدٌ واحد؛ وإن مصابهم مصابنا، وأن نشاركهم مصابهم، ونشعر بمعاناتهم، ونحزن ونأسى على ما حلَّ بهم، ونستشعر أنهم مظلومون سُلبوا أرضهم وحُرموا من حقوقهم.

الخُطْبَة الأُولَى:

 

إنّ الحمدَ لله؛ نَحْمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسينا وسيئات أعمالنا، من يهدِ اللهُ فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورسُولُهُ؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعدُ: فاتقوا الله عبادَ الله حق التقوى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

عباد الله: تابع العالم بأَسْره عبر شاشاته وعبر مواقع التواصل الاجتماعي الهجوم الإجرامي الغاشم الذي شنَّه اليهود على إخواننا المستضعفين في غزة؛ فهدموا البيوت على رؤوس المستضعفين، دمار شامل، أشلاء ممزقة، لم يرحموا حتى الأطفال والنساء، واستهدفوا حتى المستشفيات، وقد تجاوز عدد القتلى 11000؛ فما بالك بالمصابين والمشردين، وما يزال اليهود يواصلون عدوانهم على إخواننا في الدين والعقيدة، وهذا ليس على اليهود بغريب فقد وصفهم الله بقوله: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)[المائدة: 82].

 

وقد استنكر هذا العدوان كثير من دول العالم وشعوبها، وقد جعل الله المؤمنون إخوة وإن اختلفت بلدانهم ولغاتهم وألوانهم؛ قال -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الحجرات: 10]، وإخوة الدين نعمة مَنَّ الله بها علينا (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)[آل عمران: 103]. 

 

فنحن -عباد الله- إخوة في الدين، ونحن أمة واحدة؛ فربّنا واحد، وديننا واحد، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- واحد، وكتابنا واحد، وقِبلتنا واحدة، قال -تعالى-: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)[الأنبياء: 92]، وكرّرها -سبحانه- فقال: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)[المؤمنون: 52]؛ فالواجب علينا نحو إخواننا في فلسطين كبير، كبير فمن واجبنا:

أولاً: أن نتألم لآلام إخواننا، فنحن جسدٌ واحد؛ فإن مصابهم مصابنا، وجرحهم جرحنا، فعن النعمان بن بشير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"(متفق عليه). وفي لفظ لمسلم: "المسلمون كرجل واحد؛ إن اشتكى عينه اشتكى كله، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله".

 

ينبغي -عباد الله- أن نشارك إخواننا مصابهم، ونشعر بمعاناتهم، ونحزن ونأسى على ما حلَّ بهم، ونستشعر أنهم مظلومون سُلبوا أرضهم وحُرموا من حقوقهم.

 

ثانياً: المُبادَرة في مدّ يد العون لإخواننا المتضررين وتفريج كُربتهم؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ"(رواه مسلم).

 

وعَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ ‌كَالْبُنْيَانِ، ‌يَشُدُّ ‌بَعْضُهُ ‌بَعْضًاوَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ"(متفق عليه)، فنُعينهم وعلينا أن نبادر بمواساة إخواننا ولو بالقليل؛ فقد مدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من يتواسون ويتكافلون عند الشدائد؛ فقال: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد، بالسوية، فهم مني وأنا منهم"(متفق عليه).

 

ولا يحل ولا يجوز أن يتخلّى المسلم عن إخوانه المنكوبين؛ فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسْلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"(متفق عليه).

 

ومن منطلق العون والنُّصرة؛ فقد وجَّه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -وفَّقهما الله- بإطلاق حملة شعبية عبر منصة "‎سَاهِم" التابعة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية؛ وذلك لإغاثة الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع ‎غزة؛ فجزاهما الله خير الجزاء، وجعل ذلك في ميزان حسناتهم، ونحثكم -إخواني المصلين- على التبرع عبر هذه المنصة الرسمية، سائلين الله العلي العظيم أن يكشف البلاء عن إخواننا في غزة، وأن يبدّل حالهم لأحسن حال.‎

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: عباد الله: ومن واجبنا تجاه إخواننا في فلسطين:

ثالثاً: من واجبنا نحو إخواننا الاجتهاد في الدعاء لهم أن يفرِّج الله -عز وجل- كَربهم ويزيل همهم وييسر أمرهم، ويجعل لهم من كل ضيق فرجاً، ومن كل همّ مخرجاً.

 

والدعاء -عباد الله- شأنه عظيم به تُستنزل الرحمات وتزال الكروب قال -تعالى-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)[غافر: 60]. والله -سبحانه- قريب ممن دعاه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[البقرة: 186]، وهو -جل وعلا- يُجيب دعوة المضطرين (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)[النمل: 62].

 

فيجب علينا -عباد الله- أن نبادر إلى نصرة إخواننا بالدعاء لهم، وخاصة في أوقات الإجابة في ساعة الجمعة، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وفي الثلث الأخير من الليل، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)[يوسف: 22].

 

 اللهم تَولَّ إخواننا المصابين في عزة، اللهم الطف بهم، اللهم اشفِ جرحاهم وارحم موتاهم واقبلهم في الشهداء.

 

اللهم اجعل عاقبتهم رشدًا، وسُدّ حاجاتهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم رُدّ عنهم كيد الكائدين ومكر الماكرين وعدوان المعتدين.

 

اللهم عليك بعدوهم، اللهم مجري السحاب ومُنزل الكتاب وهازم الأحزاب اهزمهم يا حي يا قيوم.

 

اللهم يا مَن لا يُردّ أمرك، ولا يُهزم جندك؛ اللهم عليك بهم، اللهم اهزمهم وزلزلهم، اللهم أرِنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم كُن لأهل غزة عوناً ونصيراً ومؤيداً وظهيراً.

 

اللهم ارحمهم برحمتك وأغثهم بغيثك، وثبِّت أقدامهم، وانصرهم على القوم الظالمين.

 

 

المرفقات

واجبنا نحو إخواننا في فلسطين.doc

واجبنا نحو إخواننا في فلسطين.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات