وإياي فارهبون

خالد بن عبد الله المصلح

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ فضائل الخوف من الله 2/ أسباب الموجبة لخشية الله 3/ الخوف في حياة الأنبياء والصالحين 4/ سبل الارتقاء بالخوف من الله جل وعلا 5/ ثمرات الخوف من الله وفوائده.

اقتباس

إن الخوف من الله -تعالى- عليه مدار مقامات السالكين، فالخوف من الله -تعالى- يتحقق به أعلى مراتب الدين، لذلك ذكر الله -تعالى- في صفات أوليائه الذين حقّقوا العبودية له فقال: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) ، فخوف الله -تعالى- من أعلى مراتب الدين، من أعلى مراتب المؤمنين؛ فإنه من أجلّ الأعمال التي يتقرب بها المؤمن إلى ربه -جل في علاه- أن يملأ قلبه خشية له وخوفًا منه، فإنه أنفع للقلوب في سيرها إلى الله -تعالى- من كثير من المقامات...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله –تعالى- من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون، اتقوا الله حق التقوى كما أمركم بذلك فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

 

أيها المؤمنون: إن تقوى الله -جل في علاه- لا تتحقق لأحدٍ إلا بالخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل، هكذا يحقّق المرء التقوى.

 

أيها المؤمنون: إن الخوف من الله -تعالى- مفتاح تحقيق التقوى، فمن خافه اتقاه، ومن خافه راقبه، ومن خافه قام بحقه، ومن خافه أحبه، ومن خافه سعى في مرضاته، ومن خافه أقبل عليه في سره وإعلانه.

 

أيها المؤمنون: إن الخوف من الله -تعالى- عليه مدار مقامات السالكين، فالخوف من الله -تعالى- يتحقق به أعلى مراتب الدين، لذلك ذكر الله -تعالى- في صفات أوليائه الذين حقّقوا العبودية له فقال: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) [الإسراء: 57]، فخوف الله -تعالى- من أعلى مراتب الدين، من أعلى مراتب المؤمنين؛ فإنه من أجلّ الأعمال التي يتقرب بها المؤمن إلى ربه -جل في علاه- أن يملأ قلبه خشية له وخوفًا منه، فإنه أنفع للقلوب في سيرها إلى الله -تعالى- من كثير من المقامات.

 

الخوف من الله فرضٌ فرضه على عباده، فقال -جل وعلا-: (فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 175]، وقال -جل وعلا-: (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [البقرة: 40]، وقال: (فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي) [البقرة: 150].

 

وجعل -جل وعلا- خوفه شرطًا لصحة الإيمان، فلا إيمان لمن لا خوف له: (فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 175].

 

إن الله -تعالى- أخبرنا في كتابه بصفات رحمته كما أخبرنا بما يكون من عذابه وعقابه، فبهما يسير العباد إلى الله، فالرحمة توجب المحبة وتوجب الرجاء والعذاب، يوجب الخوف منه -جل في علاه- (وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ) [آل عمران: 128].

 

فالله -تعالى- يحذّرنا عقابه، ويذكر لنا منه من مآلات العاصين له ما يوجب أن يخاف العبد من أن تنزل به عقوبة إذا خالف أمر الله، أو أن يحيق به شيء من عذابه (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [النحل: 45- 47].

 

أيها المؤمنون: أثنى الله -تعالى- في كتابه على عباده بالخوف منه فيقول: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء:90].

 

فالرغب هو الرجاء والطمع في رحمته، والرهب هو الخوف والخشية من عذابه، وقد قال الله -تعالى- في وصف ملائكته: (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [النحل: 49- 50].

 

وقد جاء في وصف عباد الله الصالحين أن الله -تعالى- ذكر في صفاتهم (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا..) [المؤمنون: 57- 60]، أي: يفعلون ما يفعلون من طاعات (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون: 60- 61].

 

جاء في مسند الإمام أحمد من حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله تسأله عن قوله: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)، قالت -رضي الله عنها- أهو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟ قال: "لا يا ابنة الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويصلي، ويتصدق ويخاف ألا يقبل منه".

 

الخوف من الله -تعالى- صفة كمال، وهو سعادة الدنيا، وهو الأمن التام الكامل، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: "أما والله إني لأعلمكم بالله وأخشاكم له"، فهو  أكمل الناس إقبالاً على الله، ومحبة له، وعلمًا به، وخوفًا منه -جل في علاه-.

 

الخوف أصل كل خير في الدنيا والآخرة، وكل قلب ليس فيه خوف من الله فهو قلب خرب، الخوف من الله يقيك السيئات، ويعصمك الرزايا، ويجنبك الخطايا (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ) [النجم: 32].

 

فكم من إنسان حال بينه وبين ما يشتهيه وما تمليه على نفسه من رغباتها وملذاتها، خوفُ الله؛ فكان ذلك خيرًا له، واذكر مقام أولئك الأبرار الذين أثنى الله عليهم في كتابه، وأبقى ذكرهم على مر الأيام والعصور، آدم له ابنان أحدهما همَّ بقتل صاحبه فقال له: (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ) لماذا؟ (إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) [المائدة: 28]، لم يمنعه من مقابلة المقاتلة والاعتداء إلا أنه يخاف الله رب العالمين.

 

وكذلك يوسف -عليه السلام- لما تزينت له المرأة ودعته إلى نفسه وقالت (هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ) [يوسف: 23].

 

والله -تعالى- أمر رسوله أن يبلغ الناس أنه يخاف معصيته فقال له -جل وعلا- (قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) [الأنعام: 15- 16].

 

إن من خاف امتنع عن السيئ من العمل، من خاف أقبل على الله بصالح العمل، لذلك قال -صلى الله عليه وسلم- كما في المسند من حديث أبي هريرة "من خاف.." أي من الله ومن المقام بين يديه ومن عذابه "من خاف أدلج –أي أسرع في سيره-، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة".

 

أيها المؤمنون: املئوا قلوبكم بمحبة الله -جل في علاه- والخوف منه والطمع والرجاء لما عنده فبذلك تبلغ وتصل إلى مرضاته في الدنيا وإلى جنته في الآخرة.

 

اللهم أعنا على طاعتك، واصرف عنا معاصيك، وارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة، أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمد الشاكرين أحمده حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون، واخشوا ربكم في السر والعلن، راقبوه -جل وعلا- في الخفايا والإعلان؛ فإن ذلك من موجبات الفوز برحمته، قال الله -تعالى-: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) [الرحمن:46]، وقال -جل وعلا-: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات: 40- 41].

 

أيها المؤمنون: إن خوف الله -تعالى- يوجب التمكين في الأرض، فإن من خاف الله مكّن الله له في الأرض، ونصره على خصومه، قال -جل في علاه-: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) [إبراهيم: 13]، تهديد إما أن نخرجكم من أرضنا لعدم موافقتكم لنا ما نحن فيه من شرك أو لتعودن في ملتنا ترجعون إلى الكفر.

 

 (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) [إبراهيم:13]، وعد من رب العالمين (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) [إبراهيم:14].

 

كل من خاف الله أفلح، كل من خاف الله سعد، ولذلك الخوف سراج في القلب به يبصر العبد الخير والشر، وكل أحد إذا خفت منه هربت منه؛ إلا الله إذا خفته أقبلت عليه (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) [الذاريات:50].

 

أيها المؤمنون: إن الخوف من الله يتصاغر معه الخوف من كل أحد، فمن خاف الله لم يخف غيره، ولم يكن في قلبه ما يمنع عن القيام بحقه -جل وعلا-، واذكر أولئك السحرة الذين جاءوا للصد عن سبيل الله، فلما رأوا آية موسى وآمنوا بربنا –عز وجل-، لم يخوفهم أعتى ملوك الأرض وأعظمهم تجبرًا، قال لهم: (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى) [طه:71].

 

فماذا قالوا له؟ (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا) لن نقدمك ولن نطيعك على ما تبين لنا من الحق والهدى (لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ)، افعل ما تشاء (إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا) هنا الخوف، هناك تعظيم وإجلال ومحبة، هنا الخوف (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى) [طه: 72- 74].

 

أيها المؤمنون: يتحقق لك خوف الله بمعرفته، فمن عرفه بما له من الجلال والجمال والجبروت والقوة والبطش والأخذ خافه، ووجل منه، وامتلأ قلبه تعظيمًا له -جل في علاه-.

 

لذلك خوفك من الله بقدر معرفتك له، فكلما ازددت معرفة بالله ازددت خوفًا منه -جل في علاه-.

 

إن مما يوجب الخوف في قلب العبد أن يمتلأ إيمانًا به -جل في علاه- ولذلك جعل الله -تعالى- شرط الإيمان وثمرته خوفه (فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 176].

 

أيها المؤمنون: إن من أسباب خوف الله –عز وجل- أن يتأمل العبد ما ذكر الله في كتابه مما أعده لمن خالف أمره؛ ففيه من الزجر والوعيد والتخويف ما يوجب للقلوب الحية أن تنزجر، وأن تكفّ عن العصيان (نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ) [الحجر: 49- 50].

 

إن الخوف مقام عظيم اتصف به سيد ولد آدم -صلى الله عليه وسلم- فقد بلغ من خوف الله -عز وجل- وإجلاله وخشيته في الغيب والشهادة ما بينه بقوله فقال: "أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية".

 

وكان يخاف -صلى الله عليه وسلم- من عقوبة الله -عز وجل- ومن أن ينزل شيء من عذابه في ما يراه من الآيات، وما يشهده من الحوادث، فلما خسفت الشمس في زمانه -صلى الله عليه وسلم- خرج يجر رداءه من العجلة، يظن أنها الساعة، هكذا يمتلئ قلبه خوفًا من الله -عز وجل-.

 

وقد قالت عائشة في وصفه وخوف الله -عز وجل- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم الريح أو الغيث عُرف ذلك في وجهه، وأقبل وأدبر، فإذا مُطرت سُرَّ به وذهب عنه ذلك"، قالت عائشة فسألته، قال: "إني خشيت أن يكون عذابًا سلط على أمتي".

 

والصحابة -رضي الله عنهم- ساروا على مسار رسولهم في استحضار خوف الله وخشيته، وعدم الاغترار بما يمنحهم إياه من العطايا والهبات، فكان خوفهم حاملاً لهم على حسن الطاعة والقيام بحقه:

 

إذَا مَا الَّليلُ أظلَمَ كَابَدُوه *** فيسفرُ عنهمُ وهمُ ركوعُ

أطَارَ الخَوفُ نومَهُم فَقَامُوا *** وَأهلُ الأمنِ فِي الدُنَيا هُجُوعُ

لَهُم تَحتَ الظَّلامِ وَهُمْ سُجُودٌ *** أنِينٌ مِنهُ تَنفَرجُ الضُّلُوعُ

 

أيها المؤمنون: ترقبوا ما يكون من أفعال الله -عز وجل- فيمن حولكم؛ فإن فيها عبرة وعظة والذي لا يوعظ بما يرى، فإنه يوشك أن يقع فيه ما يرى في غيره من البلايا والرزايا فخافوا الله -عز وجل- بقلوب صادقة خافوه خافوا عقابه، خافوا مقامه، خافوا ما ذكره لكم من الصفات التي توجب خشيته، واعلموا أنكم بذلك تحققون تمام الطاعة له، فقد قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) [فاطر: 28].

 

اللهم اجعلنا من عبادك المتقين وحزبك المفلحين وأوليائك الصالحين..

 

 

المرفقات

فارهبون

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات