وأصحابي أمنة لأمتي

مركز حصين للدراسات والبحوث

2025-01-10 - 1446/07/10 2025-01-11 - 1446/07/11
عناصر الخطبة
1/ تزكية الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- للصحابة 2/ لماذا الصحابة أمنة للأمة؟ 3/ واجبنا تجاه الصحابة 4/ لماذا يطعن فيهم الزنادقة؟

اقتباس

صلَّى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- المغربَ مع أصحابِهِ، ثمَّ نظرَ إلى السماءِ، فَقَالَ: “النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي...

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

 

الحمدُ للهِ الذي جعلَ النُّجومَ أمنةً للسماءِ، وجعلَ نبيَّهُ محمدًا -صلى الله عليه وسلم- نورًا من الظَّلماءِ، واصطفى أصحابَهُ فجعلَهم عدولًا ونجاةً من البدعِ والأهواءِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.

 

أمّا بعدُ: فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- حقَّ التقوى، وراقبوهُ في السِّرِّ والنَّجوى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

 

في ذاتِ ليلةٍ صلَّى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- المغربَ مع أصحابِهِ، ثمَّ نظرَ إلى السماءِ، فَقَالَ: “النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ” رواه مسلم.

 

كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- سراجًا منيرًا للناسِ من الظلماتِ، جعلهُ اللهُ بينَ أصحابِهِ أمنًا وأمانًا من الفتنِ، فلما تُوفيَ -صلى الله عليه وسلم- جاءتِ الفتنُ، وارتدَّ أكثرُ العربِ عن دينِ اللهِ، لكنْ بقيَ الدينُ شامخًا عزيزًا بالثُّلةِ المباركةِ أصحابِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقاموا بهِ خيرَ قيامٍ حتى أعزَّ اللهُ بهم الدينَ، وقمعَ اللهُ بهم المرتدينَ، وفتحَ بهم القلوبَ والبلادَ.

 

وصفهم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: “وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ”.

أصحابُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- كالنُّجومِ في السماءِ، جعلهُم اللهُ أمَنةً للأمّةِ بعدَ وفاةِ نبيِّهِ -صلى الله عليه وسلم-، أمَنةً وأمانًا من الفُرقةِ والاختِلافِ وظهورِ البدعِ وتسلُّطِ أهلِ الأهواءِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: “لَا تَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا دَامَ فِيكُمْ مَنْ رَآنِي وَصَاحَبَنِي”. رواه ابن أبي عاصم.

 

لكن، لماذا الصحابةُ أمنةٌ للأمَّةِ؟

أصحابُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- هم خيرُ الناسِ بعدَ الأنبياءِ، اختارهمُ اللهُ لصُحبةِ نبيِّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وقد زكَّاهم ربُّ العالمينَ في كتابِهِ، وزكَّاهم نبيُّهُ الأمينُ صلواتُ اللهِ عليهِ وسلامُهُ. زكّاهم الله فقال: (‌مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح: 29].

 

لقدْ بشّرهمُ اللهُ برضوانهِ وهمْ أحياء، فقال: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ‌رَضِيَ ‌اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100].

 

وزكاهمُ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: “خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ”. رواه البخاري ومسلم.

 

وسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ فَقَالَ: “أَنَا وَالَّذِينَ مَعِي، ثُمَّ الَّذِينَ عَلَى الْأَثَرِ، ثُمَّ الَّذِينَ عَلَى الْأَثَرِ”. رواه أحمد.

اصطفاهمُ اللهُ واختارهم على علم، فجعلهم أصحابَ نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-، قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: “إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ”. رواه أحمد.

 

لقد جعلَهُم اللهُ أمنةً لهذهِ الأمّةِ بإيمانِهِم الصادقِ بربِّ العالمينَ ونبيِّهِ الكريمِ ودينِهِ العظيمِ، قال الله: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ ‌الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: 8-9]

 

هذا الإيمانُ الذي حملَهُم على الجهادِ في سبيلِ اللهِ، وبَذْلِ دمائِهِم وأموالِهِم، فأسلموا رَغْمَ أنفِ الجاهليةِ وأوثانِها، وهاجروا للهِ ورسولِهِ تاركينَ مكةَ ببِطاحِها، وجاهدوا في سبيلِ اللهِ راغبينَ في الجنةِ ونعيمِها، قال تعالى: (‌لَكِنِ ‌الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [التوبة: 88].

 

جاءتْهُم زلازلُ البلاءاتِ، وعواصِفُ المدْلَهِمّاتِ، واجتمعَ عليهم مَن بأقطارِها، إلّا أنَّهم كانوا جبالًا لا تلينُ، عَلِمَ اللهُ صدقَ قلوبِهِم فثبَّتَهُم بملائكتِهِ، وأنزلَ السكينةَ في قلوبِهِم، قال سبحانه: (لَقَدْ ‌رَضِيَ ‌اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) [الفتح: 18].

 

رَغْمَ كلِّ المحنِ والبلايا، استجابوا للهِ ورسولِهِ -صلى الله عليه وسلم-، كانتِ الدماءُ تسيلُ من أجسادِهِم، وفقدوا أولادَهم وإخوانَهم، وجاءهُم الخبرُ أنَّ المشركينَ قد جمعوا العُدّةَ لاستئصالِهِم، فما وَهنوا لما أصابَهُم وما ضَعُفوا وما استكانوا، بل اعتصموا باللهِ، هو مولاهم، فنعمَ المولى ونعمَ النصيرُ، قال الله مثنيًا عليهم: (الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا ‌أَصَابَهُمُ ‌الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [آل عمران: 172-173].

 

أحبُّوا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بكلِّ قلوبِهِم، يَفْدونَهُ بأرواحِهِم وأولادِهِم، يوقِّرونَهُ ويُطيعونَهُ ولا يُخالفونَ عن أمرِهِ.

 

وصَفَهم عروةُ بنُ مسعود يومَ الحُدَيبيَة -وكان يومئذ كافرًا- فقال: “وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى المُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ، وَكِسْرَى، وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ”. رواه البخاري.

 

كانوا أعبدَ هذهِ الأمةِ، وأحرصَ على العملِ ممن يأتي بعدَهُم، لا يتلوَّنونَ في دينِ اللهِ، لذا ثقَّلَ اللهُ موازينَهُم، فمهما عملَ الإنسانُ منا لا يبلغُ منازلَهُم ولا يكادُ، ها هو النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقرر ذلك قائلاً: “لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ”. رواه البخاري ومسلم.

 

كانوا أعلمَ هذهِ الأمةِ بهذا الدينِ، علَّمهم رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الإيمانَ والقرآنَ، أخذوا الدينَ منهُ غَضًّا طريًّا، دينًا خالصًا ليسَ فيهِ شائبةٌ، كانوا يشهدونَ الوحيَ ينزلُ على رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فعرفوا تنزيلَهُ وتَفسيرَه.

 

لقد أمرَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالتمسُّكِ بسنَّتِهِ وسنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعدِهِ، وجعلَ ما كانَ هو عليهِ وأصحابُهُ معيارَ الحقِّ الذي من اعتصمَ بهِ أمِنَ من الزيغِ والضلالِ، فإنَّهم لا يجتمعونَ على ضلالةٍ، يقولُ النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فَتَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ”. رواه أبو داود، وقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ بني إسرائيل تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً، قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي”. رواه الترمذي.

 

باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعني وإيّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكُم فاستغفِروهُ، إنَّه هو الغَفورُ الرّحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن والاهُ، وبعد:

 

عبادَ الله: إنَّ واجبَنا تِجاهَ الصَّحابةِ -رضوانُ اللهِ عليهم-  محبَّتُهم، والترضي عنهم، والاقتداءُ بهم، واتباعُ سبيلِهِم، فإنَّهُ لا يُحِبُّهُم إلَّا مؤمنٌ، ولا يُبغضُهُم إلَّا منافقٌ، يقول النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ”. رواه البخاري ومسلم.

 

إنَّ هؤلاءِ الطاعنينَ الذينَ يسبُّونَ أصحابَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- توعَّدَهُم رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- باللَّعَناتِ، والطَّردِ من رحمةِ ربِّ الأرضِ والسماواتِ، قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا”. رواه الطبراني.

 

هؤلاءِ الطاعنونَ إنَّما أرادوا هدمَ الإسلامِ بالطَّعنِ في نقَلَتِهِ، همُ الذينَ نقَلوا لنا القُرآنَ والسُّنَّةَ، فإذا سقطَ الناقلُ سقطَ المنقولُ.

 

ورحمَ اللهُ أبا زُرعةَ الرازي إذْ يقول: “إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَنَا حَقٌّ، وَالْقُرْآنَ حَقٌّ، وَإِنَّمَا أَدَّى إِلَيْنَا هَذَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ أَصْحَابُ رَسُول ِاللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنْ يُجَرِّحُوا شُهُودَنَا لِيُبْطِلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَالْجَرْحُ بِهِمْ أَوْلَى، وَهُمْ زَنَادِقَةٌ”.

 

فيا عبادَ اللهِ: أصحابُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مصابيحُ الهدى في غسقِ الدُّجى.

أولئكَ آبائي فَجِئني بمثلِهِمْ *** إذا جمعتْنا يا جريرُ المجامِعُ

 

اللَّهُمَّ انصرِ الإسلامَ وأعِزَّ المسلمينَ، وأهْلِكِ اليهودَ المجرمينَ، اللَّهُمَّ وأنزِلِ السَّكينةَ في قلوبِ المجاهدينَ في سبيلِكَ، ونَجِّ عبادَكَ المستضعَفينَ، وارفعْ رايةَ الدِّينِ، بقوَّتِكَ يا قويُّ يا متينُ.

 

اللّهُمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِحْ أئمَّتَنا ووُلاةَ أمورِنا، واجعل وِلايتَنا فيمن خافَكَ واتّقاكَ واتّبعَ رِضاك.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

المرفقات

وأصحابي أمنة لأمتي.doc

وأصحابي أمنة لأمتي.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات