هل تبيح الضرورة القرض الربوي ؟

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2024-05-27 - 1445/11/19
التصنيفات:

 

 

فتاوى الإسلام سؤال وجواب

 

السؤال

أنا بحاجه لإجراء عمليه في المعدة تكلف مليون ونصف عراقي ، ولا يوجد أمامي طريق سوى أخذ سلفه من البنك ، بضمان راتبي التقاعدي ، علما أن الفائدة التي يأخذها البنك من السلف هي 8% ، أي من 3 ملايين يعطوني مليونيين وستمائة وخمسين . فهل يجوز ذلك ، ولا أملك غير هذا الطريق ، علماً أن حالتي المادية وسط .

 

الجواب

 

الحمد لله.

 

اعلم أن الواجب الأول على كل مضطر ومكروب هو : صدق اللجوء إلى الله تعالى ، وقد قال سبحانه ؛ فهذا هو أعظم مقام يقومه العبد في بلواه وكربه ، بل هو من أعظم حكم الله تعالى في تقدير الكرب والضيق على عباده . قال الله تعالى : ( وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الأعراف /168

 

وأثنى الله تعالى على نفسه بتفريج كرب المضطر ، فقال : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) النمل / 62

 

وذم الله الغافلين عن هذا المقام ، والمعرضين عنه ، فقال تعالى : ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) المؤمنون /76 . وقال أيضا : ( فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام /43 .

 

فعليك ـ يا عبد الله ـ بهذا الأصل المنيع ، وهذا الحصن الحصين ، واجعل شكواك إلى الله ، واستعانتك به ، وتوكلك عليه ، ولجوءك إليه .

 

وقد وعد الله تعالى المتقين بنوعين من السعة : الخروج من الضيق ، والمنة بالرزق حيث قال: ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق /2-3 .

 

وأما ما سألت عنه ، من أخذ القرض بضمان راتبك : فهذه الصورة ربا صريح ، لا شك فيه : أن تأخذ أقل مما تدفع لدائنك ، أو يشترط المقرض عليك أن تعطيه أكثر مما أعطاك .

 

وقد سبق في موقعنا أجوبة عديدة حول التعامل بالربا ، يمكن مراجعة بعضها في قسم المعاملات .

 

لكن هل يجوز ـ في مثل حالك ـ أن تقترض هذا القرض الربوي ، حيث لم تجد من يقرضك قرضا حسنا ؟

 

ذهب بعض أهل العلم إلى أن مثل هذا التعامل جائز ، في حالة الضرورة ؛ وحال الضرورة هي الحال التي يخاف معها على المكلف من الهلاك ، أو ضرر شديد ، أو تلحقه مشقة لا يمكنه احتمالها .

 

قال أبو عبد الله الزركشي رحمه الله :

 

فالضرورة : بلوغه حدّاً إن لم يتناول الممنوع هلك ، أو قارب ؛ كالمضطر للأكل واللبس ، بحيث لو بقي جائعاً أو عرياناً لمات ، أو تلف منه عضو ، وهذا يبيح تناول المحرم .

 

والحاجة : كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك ، غير أنه يكون في جهد ومشقة ، وهذا لا يبيح المحرَّم " انتهى .

 

"المنثور في القواعد" ( 2 / 319 ) .

 

وعلى ذلك : فإنما يجوز لك مثل هذا القرض ، عند من رخص فيه ، إذا كانت حالك قد بلغت حد الضرورة ، وغلب على ظنك أن هذه العملية نافعة لك ، وتدفع عنك الضرر والمشقة التي نزلت بك .

 

وكانت حالك ، مع ذلك ، لا يمكن تأخيرها إلى أن يتيسر لك قرض حسن ، أو رزق طيب .

 

وقد سبق بيان مثل ذلك في جواب السؤال رقم (94823)       ، فيراجع .

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات