عناصر الخطبة
1/ هل لك ورد يومي من القرآن؟ 2/ ما هي آخر مرة ختمت فيها القرآن الكريم؟ 3/ أثر هجر القرآن 4/ عقوبات إهمال القرآن وهجره وتضييعه 5/ كيف نتلذذ بالقرآن الكريم؟ 6/ فضائل القرآن الكريم 7/ صور مشرقة ممن أشربت قلوبهم محبة القرآن الكريم 8/ دعوة للتوبة والمحاسبة.اقتباس
أخي الحبيب: هل لك ورد يومي من كتاب الله كجزء أو حزب أو عدد من الصفحات لا يمكن أن تبيت ليلتك إلا وقد قرأت وردك؟! فإذا لم يكن لديك ورد يومي، فهل لك ورد أسبوعي؟! أو شهري على الأقل؟! متى هي آخر مرة ختمت فيها القرآن الكريم؟! وكم هي الساعات التي تمر علينا، وأوقات الانتظار، عند الإشارة، وعد صرف الدواء وفي العيادة وفي الخطوط ... فلا نستفيد منها بما هو مفيد.. وماذا لو أمسكنا المصحف كما نمسك الجوالات ونلهو بها؟! لكم أن تتخيلوا المنظر العظيم للمسلمين وهم يمسكون بمصاحفهم كما يمسكون بجوالاتهم..
ناهيك أن البعض قد حمّل في جواله التطبيقات وكل البرامج، إلا تطبيق القرآن الكريم!...
الخطبة الأولى:
يقول الله -جل وعلا-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71].
وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ" قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" (صحيح مسلم: 1/ 74).
أخي المسلم ... أخي الحبيب هل لك ورد يومي من كتاب الله كجزء أو حزب أو عدد من الصفحات لا يمكن أن تبيت ليلتك إلا وقد قرأت وردك؟!
فإذا لم يكن لديك ورد يومي، فهل لك ورد أسبوعي؟! أو شهري على الأقل؟!
أم أن أغلبنا ليس له إلا ورده السنوي الرمضاني؟!
متى هي آخر مرة ختمت فيها القرآن الكريم
ليست كل الذنوب أفعالاً، بل كثيرٌ من ذنوبنا تركاً، فترك بر الوالدين ذنب، وترك الصلاة ذنب وكل واجب يتركه المسلم فهو عليه ذنب، وكذلك ترك قراءة القرآن وهجره ذنب يأثم عليه الإنسان..
هل لنا مصاحف خاصة في بيوتنا، أو في مكاتبنا، أو في سيارتنا؟!
كم هي الساعات التي تمر علينا، وأوقات الانتظار، عند الإشارة، وعد صرف الدواء وفي العيادة وفي الخطوط ... فلا نستفيد منها بما هو مفيد..
ماذا لو أمسكنا المصحف كما نمسك الجوالات ونلهو بها؟!
لكم أن تتخيلوا المنظر العظيم للمسلمين وهم يمسكون بمصاحفهم كما يمسكون بجوالاتهم..
ناهيك أن البعض قد حمّل في جواله التطبيقات وكل البرامج، إلا تطبيق القرآن الكريم!
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ، فَقَالَ: "أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ، أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ، فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟"، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ نُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ: "أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ" (صحيح مسلم: 1/ 552).
وهذا عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ" (سنن الترمذي ت شاكر: 5/ 175).
أثر هجر القرآن..
يشعر أحدنا بالقسوة في قلبه ولا يدري من أين؟!
يشعر البعض بألم وضيق وحرج!
تمر ساعات الإنسان ولا ينجز شيئا قد ذهب وقته بلا بركة!!
إنه القرآن وذهاب بركته وعقوبة إهماله وهجره وتضييعه. يقول الله -جل وعلا-: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24].
وقال تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 22، 23].
وقال جل وعلا: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) [طه: 126، 127].
وقال سبحانه: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة: 74].
كيف نتلذذ بالقرآن الكريم؟!
- استشعار عظمة الله تعالى، قال سبحانه: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحشر: 21 - 24].
وإن هذا العظيم يخاطبني أنا وأنت.. استشعار تشريف الله لك بأن جعلك من أمة القرآن الكريم، فقد حُرم منه اليهود والنصارى وكثير من الأعاجم وخصك الله بلسان عربي مبين ثم أنت لا تقرأ القرآن الكريم! أي حرمان هذا؟! (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء: 191 - 196].
أي نعمة وأنت مولود من أبوين مسلمين عربيين قد هيأ الله لك أن تنطق بكلمات الله! (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) [البقرة: 151 - 153].
إن فضائل القرآن الكريم كثيرة..
لو تأملنا في فضائل هذا الكتاب لكفانا منه حديث واحد فقط، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ". (صحيح مسلم: 1/ 549).
كيف أن الله يسَّر لك يا عبد الله أن يجري لسانك بكلمات الله التي تكلم بها -سبحانه وتعالى-، وغيرك يتمنى أن يكون لسان يستمتع به بقراءة كلمات الله.
الخطبة الثانية:
وها هي صور مشرقة ممن أشربت قلوبهم محبة القرآن الكريم:
- امرأة كبيرة في السن رقَّ عظمها تلبس نظارات مكبرة للقراءة واقفة على قدميها تنتظر في دائرة حكومية وهي ممسكة بمصحف كبير حتى ترى فيه الحروف لضعف بصرها!
لم تترك المصحف في البيت وتقول مشوار قصير إلى دائرة حكومية أنتهي منه وأعود إلى مصحفي، فالوقت عنها كله لكتاب الله، والدقائق غالية، لم تعتذر عن حمل المصحف لكبر حجمه وثقل وزنه في حقيبتها، بل هو خفيف على قلبها وهو روحها وريحانها، لم تعتذر بكبر سنها وطول انتظارها واقفة على قدميها، بل هو راحتها وأنيسها، الذي تنسى معه كل ألم وضيم.
- طفل مقطوع اليدين يجلس في المسجد ليقرأ القرآن، وأطفالنا مشغولون يوم الجمعة في المسجد بأجهزتهم وجوالاتهم.
- امرأة كبيرة في تبوك في يحتفل بها أبناؤها وأحفادها لختمها حفظ القرآن الكريم.
- رجل في السبعين من عمره –أعرفه- يختم في كل خميس وله في رمضان 10 ختمات.
والصور المشرقة ولله الحمد كثيرة وكثيرة..
- بيوت كثيرة أعرفها إذاعة القرآن الكريم تصدح بها صبح مساء.
وختاما فهذه دعوة للتوبة والمحاسبة..
- فلنتق الله -عباد الله- وليجعل كل واحد منا كتاب الله نصب عينيه وأول اهتماماته ولنحذر أن نكون ممن قال الله عنهم: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [سورة الفرقان: 30].
ولتكن بيوتنا كبيوت الأشعريين، عَنْ أَبِي مُوسَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنِّي لَأَعْرِفُ رِفْقَةَ الْأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِاللَّيْلِ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ". (خلق أفعال العباد للبخاري: ص 68).
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم