عناصر الخطبة
1/آمال وتطلعات في بداية العام الدراسي الجديد 2/شرف مهنة التعليم 3/المسؤولية المشتركة بين الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات 4/وجوب مراجعة الآباء والمربين للمناهج الدراسية 5/أربع رسائل بشأن الانتخابات وجرائم سفك الدماء والحاقدين والمسجد الأقصىاقتباس
إن من واجبات أولياء الأمور، متابَعة موضوع المناهج المدرسيَّة، وأن يطالبوا باستمرار بالمناهج العربيَّة القائمة حاليًا، رغم عِلَّاتها وسلبياتها، ورغم تحفُّظاتنا عليها، وذلك كحد أدنى من طموحات الأجيال الصاعدة، إلى أن نرقى بمناهجنا إلى المستوى المطلوب الذي يحافظ على ديننا وعلى حضارتنا...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمدُ لله ربِّ العالَمِينَ.
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي *** حتى اكتسيتُ من الإسلام سربالَا
الحمد لله حمد العابدين الشاكرين، ونستغفرك ربَّنا وبتوب إليكَ، ونتوكل عليكَ، ونثني عليكَ الخير كلَّه، أنتَ ربُّنا، ونحن عبيدكَ، لا معبود سواكَ، لا ركوع ولا سجود ولا تذلُّل ولا ولاء إلا إليكَ، سبحانك فأنتَ ملاذ المؤمنين الصادقين، حافظُ المسلمين المجاهدينَ، مخزي السماسرة الملعونينَ، والبائعينَ المرتدِّين، هازم الكافرين المحتلين المتغطرسين.
ونشهد ألَّا إلهَ إلا الله، وحدَه لا شريكَ له، القائل: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا)[الْأَحْزَابِ: 39].
فاللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا بعزك الذي لا يضام، واكلأنا برعايتك في الليالي والنهار، في الصحاري والآجام.
ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وقائدنا وشفيعنا، محمدًا عبد الله ونبيه ورسوله، إمام المجاهدين، وقدوة العلماء العاملين، وسيد الأنبياء والمرسَلينَ، صلى الله عليك يا حبيبي يا رسول الله، وعلى آلك الطيبين الطاهرين المبجلين، وصحابتك الغر الميامين المحجلين، ومن تبعكم، وجاهد جهادكم إلى يوم الدين.
أما بعدُ: فيقول الله -عز وجل- في سورة العلق: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)[الْعَلَقِ: 1-5]، صدق الله العظيم.
أيها المسلمون، أيتها المسلمات، أيها المعلمون، أيتها المعلِّمات، أيها المربون، أيتها المربيات، أيها الآباء، أيتها الأمهات: أخاطبكم وأقول لكم: يتوجه بعد أيام قلائل ما يزيد عن مليون وثلاثمائة ألف طالب وطالبة، في هذه السنة من أبنائنا وبناتنا، ومن أحفادنا وحفيداتنا، ومن فلذات أكبادنا؛ إنهم يتوجهون إلى مقاعد الدراسة؛ لاستقبال عام دراسي جديد، وفي أياديهم وعلى ظهورهم حقائب الغد المختبئ، هذا الغد المجهول الذي لا يعلمه إلا الله رب العالمين، ونسأله -عز وجل- أن يكون هذا العام الدراسيّ الجديد عام يمن وخير، وأمن وأمان، وطمأنينة وسلام، على طلابنا وطالباتنا.
أما أنتم أيها المعلمون، أيتها المعلِّمات: فإن ثقتنا بكم قويَّة وكبيرة، إن شاء الله، فشمِّروا سواعدَ الجِدّ والاجتهاد، والتحضير، وكونوا القدوة الصالحة للطلاب والطالبات، فإن المعلم الناجح هو الذي يكون محبًّا لمهنة التعليم، مخلصًا متفانيًا فيها، كيف لا؟ فإن التعليم أشرف مهنة إنسانيَّة عالميَّة، فأنتَ -أيها المعلم- قبسٌ من نور، قبس من رسالة الأنبياء والمرسَلينَ، فاحرص على هيبة التعليم، وعلى هيبة المعلم وكرامته، ونحن إذ نُقدِّر الظروف الماليَّة الحرجة التي يمر بها المعلمون.
أما أنتم أيها الآباء، أيتها الأمهات، يا أولياء أمور الطلاب والطالبات: لا تظنوا أنكم معفيون من المسؤوليَّة تجاهَ أولادكم، لا يجوز لكم أن تلقوا بالمسؤولية الكاملة على المدرسة، فيجب أن تكون المسؤوليَّة مشتركة، وأن يتم التعاون المستمر بين البيت والمدرسة؛ فرسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته"؛ لذا عليكم أيها الآباء، أيتها الأمهات أن تتابعوا تصرفات أولادكم في الصباح والمساء، تأكدوا من دوام أبنائكم وبناتكم في المدارس، فقد حصل في الأعوام السابقة، أن أعدادًا من الطلاب يغيبون عن مدارسهم ويتسكعون في الشوارع، بلا رقابة ولا حساب، ولا متابعة، وكذا الأمر بالنسبة للطالبات.
أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج: أمَّا بالنسبة للمناهج المدرسيَّة فإنَّنا من على منبر المسجد الأقصى المبارَك، فإنَّنا نوضِّح الموقف الشرعي بشأن هذا الموضوع، بشأن المناهج، فنقول وبالله التوفيق: إن كل شعب في العالَم له ديانة، وله معتقَد، له ثقافته، وحضارته، وعاداته وخصوصياته؛ لذا له الحق في وضع المناهج الدراسيَّة التي تتناسب مع مبادئه وتنسجم معها؛ وعليه فلا يجوز شرعًا أن تفرض المناهج الإسرائيلية على مدارسنا، هذا ومن المسؤوليَّة الشرعيَّة على الآباء أن يطالبوا بتدريس الكتب والمناهج التي تحافظ على هويتنا وثقافتنا، وأن القوانين والأعراف الدوليَّة تعطي هذا الحق من أولياء الأمور؛ فمن حق كل ولي أمر أن يطلب من المدرسة تدريس الكتاب الذي يريده؛ فهو أقوى عمليًّا من مدير المدرسة في موضوع المناهج المدرسيَّة.
أيها المصلون: إن من واجبات أولياء الأمور، متابَعة موضوع المناهج المدرسيَّة، وأن يطالبوا باستمرار بالمناهج العربيَّة القائمة حاليًا، رغم عِلَّاتها وسلبياتها، ورغم تحفُّظاتنا عليها، وذلك كحد أدنى من طموحات الأجيال الصاعدة، إلى أن نرقى بمناهجنا إلى المستوى المطلوب الذي يحافظ على ديننا وعلى حضارتنا، كما هو حق من حقوق أي شعب في العالَم.
أيتها الأمهات، أيها الآباء: أسألكم -وبالله عليكم- هل فكرتُم إلى أي مدارس تُرسِلون أولادَكم؟ هل سألتم عن المناهج التي ستُطبَّق في هذه المدارس؟ فكروا جيِّدًا؛ فإن الأولاد هم أمانة في أعناقكم، وإن الله -سبحانه وتعالى- يحاسبكم تجاهَهم، ونقول للمرة تلو الأخرى: لا تلقوا بالمسؤولية على المعلِّمينَ والمعلِّمات، وأنتم الأَوْلَى بالمسؤولية، وأن الإثم كل الإثم على مَنْ يُقدِّم الشكاوى ضدَّ المعلِّمين؛ لماذا؟ لأن المعلم قد عاقب الطالب المقصر، فالواجب على الأب أن يقف إلى جانب المعلم حتى يؤدِّب ابنَه؛ لأن تقديم أي شكوى ضد المعلم يؤدِّي إلى انحراف الطالب أكثر وأكثر، بالإضافة إلى الإثم الذي يلحق بالأب، اللهم هل بلغتُ؟ اللهُمَّ فاشهد، فليبلغ الشاهد منكم الغائب، اللهُمَّ فقنا في الدين، وعلمنا التأويل، وارزقنا اليقين.
جاء في الحديث النبوي الشريف: "عينانِ لا تمسُّهما النارُ: عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله" صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبينا وحبيبنا محمد النبي الأمي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، اللهم بَارِكْ على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ.
أيها المصلون، أيها المرابطون، أيتها المرابطات، وكلنا مرابطون: أتناوَل في هذه الخطبة أربعَ رسائل وبإيجاز:
الرسالة الأولى: بشأن ما يُعرَف بالانتخابات في بلدية القدس المحتلة، لقد سبَق للهيئة الإسلاميَّة العليا بالقدس، منذ عام (1967م) أن أصدرت فتاوى شرعية بتوقيع حشد كبير من العلماء، تتضمَّن عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال لمدينة القدس وسائر الديار الفلسطينية؛ وبالتالي لا يجوز شرعًا المشاركة في الانتخابات التابعة لمدينة القدس المحتلة، هذا وأن الذي يفتري على الهيئة الإسلاميَّة العليا وعلى رئيسها خلاف ذلك فإن كلامه مردود وباطل، وأن يحرف الكلم عن مواضعة؛ فالحذرَ الحذرَ، وأن عشائر وعائلات القدس قد أعلنت موقفها من الانتخابات. والله على ما نقول وكيل.
أيها المصلون: الرسالة الثانية: حول جرائم القتل العمد، وجرائم الأخذ بالثأر، وخاصة في الوسط العربيّ، هذه الجرائم التي أخذت بالانتشار في الوسط العربيّ بفلسطين، وذلك بطريقة مبرمجة ومخطط لها، وهذا يدل على الفلتان الأمنيّ في البلاد، وعلى فِقْدَان الوازع الدينيّ لدى المجرمين، وأن القتلة الملعونين يعيثون فسادًا وإفسادًا في الأرض، ويثيرون الفتن، والله -سبحانه وتعالى- يقول، في سورة البقرة: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)[الْبَقَرَةِ: 191]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)[الْبَقَرَةِ: 217]، وعلى هذه المسؤوليَّة نحملها للسلطات الإسرائيلية المحتلة، عن جرائم القتل العمد، التي تقع في البلاد؛ لأن مسؤوليَّة أي سلطة أن تحافظ على أرواح الناس، وعلى حياتهم، ويتوجب على أصحاب الشأن في الوسط العربيّ أن يرفعوا أصواتهم بخصوص هذا المجال. اللهُمَّ هل بلغت؟ اللهُمَّ فاشهد.
أيها المصلون: الرسالة الثالثة: نوجهها للحاقدين على الإسلام، من المجرمين الذين يتجرؤون على حرق نُسَخ من القرآن الكريم، وقد تكررت هذه الجرائم بحماية الشرطة في السويد والدنمارك؛ لأنَّه لم يكن هناك أي ردة فعل ترقى إلى مستوى الحدث، وإن معظم الدول العربيَّة والإسلاميَّة صامتة؛ كأن الأمر لا يعنيها؛ لذا نطالب الحكومات بالبلاد العربيَّة والإسلاميَّة بقطع العَلاقات الدبلوماسيَّة مع هذه الدول التي تحمي المجرمين، كحد أدنى من الإجراء، وذلك نصرة للقرآن الكريم، فلو افترضنا أن أحد الأشخاص حرق علمًا من أعلام دولة من الدول لقامت الدنيا ولم تقعد، أما حرق المسلم فلم تتأثر هذه الدول، إنَّه لأمر مؤلم.
أيها المصلون: الرسالة الرابعة والأخيرة، بشأن المسجد الأقصى المبارَك الذي يحترق بشكل دائم، ومستمر، ومن هذه الأخطار أول حريق أصاب الأقصى، هذا الحريق المشهور الذي وقع في يوم الخميس (21-8-1969م)، والذي يصادف ذكراه بعد أيام قلائل، ولا تزال الحرائق محدقة بالأقصى ولكن بصور متعددة، إزاء ذلك فإنَّنا نؤكد ولا زلنا نؤكد للمرة تلو الأخرى، بأن المسجد الأقصى هو للمسلمين وحدهم، بقرار من رب العالمين، لا يخضع للقسمة، ولا للتفاوض ولا للتنازل، ولا يسعنا إلا أن نقول: حماك الله يا أقصى. قولوا: آمين.
أيها المصلون: الساعةُ ساعةُ استجابةٍ، فأمِّنوا مِنْ بَعدي: اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وفَرِّج الكربَ عنَّا، اللهم احمِ المسجدَ الأقصى من كل سوء، اللهم تقبل صلاتنا وقيامنا وصيامنا وصالح أعمالنا، اللهم يا الله يا أمل الحائرين، ويا نصير المستضعَفين، ندعوك بكل اليقين، إعلاء شأن المسلمين بالنصر والعز والتمكين.
اللهم ارحم شهداءنا، وشافِ جرحانا، وأطلِق سراحَ أسرانا، اللهم إنا نسألك توبة نصوحًا، توبة قبل الممات، وراحة عن الممات، ورحمة ومغفرة بعد الممات، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
وأَقِمِ الصلاةَ؛ (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم