نصائح للطلاب بعد انقضاء الدراسة

حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/خطورة التربية المؤقتة وبيانها 2/ الامتحان الدنيوي تذكير للأخروي 3/ أهمية تعظيم الرب جل جلاله في قلوب الأولاد 4/ أهمية استغلال الإجازة 5/ الوسطية والاعتدال في ترفيه الأبناء 6/ فضل شهر رجب 7/ من الأخطاء الشائعة فيه .
اهداف الخطبة
تعليم أولياء الأمور واجبهم نحو أبنائهم في الإجازة / تحذيرهم من الإهمال في تربية ومراقبة أولادهم
عنوان فرعي أول
مزرعة للآخرة
عنوان فرعي ثاني
بِمَ يكون الشكر للمنعم جَلَّ جلاله
عنوان فرعي ثالث
ثلاث ساعات

اقتباس

إن ما يحصل من الوالدين من مراقبة دائمة ومتابعة مستمرة للأولاد أيام الامتحان أمر محمود، ولكن من الخطأ العظيم أن ينفض الوالدان أيديهما عن هذه المبادئ الخيرة والمساعي الجميلة سائر أيامه، خاصة وقت الإجازة؛ فمن مضامين رعاية الأمانة وجوب رعاية الأولاد ولزوم مراقبتهم في كل شأن، والحذر من ترك الحبل لهم على الغارب لهم..

 

 

 

 

الحمد لله الذي جعل في تقلب الأحوال مدكرا، وفي انصرام الأيام مزدجرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أولي الطاعة والتقوى.

أما بعد: فيا أيها المسلمون أوصيكم ونفسي بطاعة الله -جل وعلا- وتقواه سراً وجهراً، فبذلك تحصل السعادة الكبرى وتنال الغنيمة.

إخوة الإسلام: بحمد الله وتوفيقه اختتم أولادنا الامتحانات الدراسية.. نسأل الله لنا ولهم وللمسلمين التوفيق الدائم والنجاح المستمر، وبهذه المناسبة نقف وقفات يسيرة.

الأولى: أن ما يحصل من الوالدين من مراقبة دائمة ومتابعة مستمرة للأولاد أيام الامتحان أمر محمود، ولكن من الخطأ العظيم أن ينفض الوالدان أيديهما عن هذه المبادئ الخيرة والمساعي الجميلة سائر أيامه، خاصة وقت الإجازة؛ فمن مضامين رعاية الأمانة وجوب رعاية الأولاد ولزوم مراقبتهم في كل شأن، والحذر من ترك الحبل لهم على الغارب لهم؛ حتى لا يقعوا في أسباب الشر والفساد وسبل الغي والضلال، لاسيما في مثل هذه الأزمان التي عم فيها الشر وكثرت فيها أسباب الفساد، فربنا -جل وعلا- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ..) [التحريم:6]، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- يقول: " كلكم راعٍ، ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله، وهو مسئول عن رعيته " متفق عليه.

إخوة الإسلام: في بلاد الحرمين وغيرها من بلاد المسلمين مساعٍ خيرةٌ من ثلة صالحة في مواسم الإجازة من حلقات تحفيظ القرآن والسنة، والدورات العلمية النافعة والدورات التثقيفية النافعة في أمور الدنيا، فبادروا لتوجيه الأولاد لاقتناص مثل هذه الفرص واغتنامها.. قال ابن عمر -رضي الله عنه-: " أدب ولدك فإنك مسئول عنه ما علمته، وهو مسئول عن برك وطاعته لك بعد ذلك ".

وعن سعيد بن العاص -رضي الله عنه- قال: " إذا علمت ولدي القرآن وحججته وزوجته فقد قضيت حقه وبقي حقي عليه ".

وعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: " كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما نعلمهم السورة من القرآن ".

وفي حياة التابعين عِبرٌ؛ فعن إبراهيم بن أدهم -رحمه الله- قال: " قال لي أبي: يا بني اطلب الحديث، فكلما سمعت حديثاً وحفظته فلك درهم، قال إبراهيم: فطلبت الحديث على هذا ".

الوقفة الثانية: أن أهل العقول النيرة والقلوب الواعية يتذكرون بالامتحانات وترقب النتائج المرضية بعدها.. يتذكرون الامتحان الأعظم والابتلاء الأكبر - وهو يوم العرض الأكبر على الجبار -جل وعلا- يقول -جل وعلا-: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك:2].

فهذه الحياة مزرعة للآخرة وهي ميدان يجب أن يعمر بأداء الواجبات وامتثال المأمورات، واجتناب المنهيات والمبادرة إلى الخيرات، فالويل ثم الويل لمن أخفق في هذا الابتلاء.. ويل لمن ضيعها سدىً وفوَّتها في المُوبقات والسيئات، فربنا -جل وعلا- يقول: (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ) [الأعراف:8-9].

الوقفة الثالثة: أن على الوالدين أن يغرسا في قلوب الأولاد تعظيم الله -جل وعلا- في كل مناسبة تمر من حياتهم، ومنها حين تصدر النتائج المدرسية المرضية، فعليهما حينئذ توجيه الأولاد إلى شكر المنعم -سبحانه وتعالى- وتعظيمه والثناء عليه، وأن يغرسا في قلوبهم أنه -سبحانه- واهب النعم ودافع النقم، وأن التوفيق والنجاح بيده وحده، فربنا -جل وعلا- يقول: (.. وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ..) [النساء:113].

وأن الواجب حينئذ شكره -سبحانه- بامتثال أوامره واجتناب غضبه، وليحذر الوالدان عند إخفاق الولد في النتيجة من الغلظة والقسوة والتأنيب عليه؛ فذلك لا يجدي شيئاً، فالعنف عواقبه سيئة والرفق خيرٌ كلُّه، بل يوجهان الولد حينئذ بأن يتوكل على الله -جل وعلا- وأن يشمر للجد والاجتهاد، فمع العسر يسرٌ ومع الكرب فرجٌ قريبٌ بإذن الله، ومن توكل على الله ودعاه مع السعي والاجتهاد - فإن الله -جل وعلا- يجعل له مخرجاً.. ومن جد وجد ومن زرع حصد.

الوقفة الرابعة: الإجازة موسم عظيم يجد فيه الطلاب والطالبات توفرا في الأوقات وفراغاً من الأعمال والمهمات، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري: " نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحة والفراغ ".

فاحرصوا أيها الشباب على ملء هذه الإجازة بكل صالح ونافع من وجوه الخير المتعددة، ومجالات النفع المتنوعة خاصة فيما يقربكم إلى المولى -جل وعلا- ويرضيه عنكم في الآخرة والأولى.. سيدكم وسيدنا ورسولنا وحبيبنا يقول: " اغتنم خمساً فبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك " والحديث إسناده حسن.

الوقفة الخامسة: يحرص شياطين الإنس على الإضلال والإغواء بنشر سموم المخدرات وبث أضرار الموبقات، خاصة في مثل هذه المواسم، فربنا -جل وعلا- يقول: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) [الأنعام:112].

يا شباب الإسلام: احذروا أشد الحذر من تلك الفتن التي تمهد أسباب الانغماس في أوحال الضلالة والأخلاق المنحطة والسلوكيات المعوجة، تجنبوا أوكار الضلالة ومواطن الإثم والفسق، وتباعدوا عن أمكان الريبة فربكم -جل وعلا- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ..) [النساء:71].

ولنعلم أنه في مثل مواسم الإجازات تسجَّلُ الإحصائياتُ من وقائع الجرائم.. وواقعات الانحراف أكثر مما تسجله في غيرها؛ فكن -أيها الشاب- وكوني -أيتها الشابة- على حذر من قرناء السوء الذي يدعون إلى كل قبيح ويوقعون فيما فيه أسوأ عاقبة وأقبح مصير؛ فكم من شاب وقع في قضية فساد كبيرة بسبب قرناء السوء وأصحاب الفجور والخنا، وهذه مقار الشرط وقضايا المحاكم تشهد بهذه الحقيقة المُرَّة، فربنا -جل وعلا- يقول: (الأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف:67]، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- يقول: " المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل " حديث رواه أبو داود وأحمد والترمذي وإسناده حسن.

الوقفة الأخيرة: دين الإسلام من سماته التوازن والتوسط؛ ففي البخاري من حديث أبي جحيفة قول سلمانَ لأبي الدرداء -رضي الله عنهما وعن الصحابة-: " إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعطَ كلَّ ذي حق حقَّه"، قال -صلى الله عليه وسلم-: " صدق سلمان ".

وقال عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-: " تحدثوا بكتاب الله وتجالسوا، وإذا مللتم فحديث من أحاديث الرجال حسن جميل ".

قال بعض أهل العلم: " على العاقل أن يوجد لنفسه ثلاث ساعات: ساعةً يناجي فيها ربه، وساعةً يحاسب فيها نفسه وساعةً يخلو فيها بينه وبين نفسه ولذاتها فيما يحل ويجمل"؛ فإن هذه الساعة عونٌ له على سائر الطاعات، ومن هذا المنطلق فلا بأس من اللهو المباح بكل نافعٍ ومفيدٍ في حدود الأخلاق العالية والآداب السامية.

جاء في السنة من حديث عائشة -رضي الله عنها وعن أبيها- أنها كانت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر قالت: فسابقته على رجلي فسبقته، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: " هذه بتلك ".

وعند أبي داود: أن ركانة صارع النبي -صلى الله عليه وسلم- فصرعه النبي -صلى الله عليه وسلم-.

فحريٌّ بالوالدين القديرين الحرص على ما يدخل السرور على نفوس أولادهم ويدفع عنهم الكلل والملل ويزيل الهم ويفرج الغم بما هو مباح في الإسلام، وبما يعود بالخير ولا يوقع في شرٍّ وفساد.

والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو الهادي ونعم النصير.

 

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه..

وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.. اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليه وعلى آلهِ وأصحابه.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا- فمن اتقاه وقاه.. وأسعده ولا أشقاه.

أيها المسلمون: إن شهر رجب من الأشهر الحرم التي يجب فيها تعظيم أمر الله -جل وعلا- وتركْ ما حرم الله -سبحانه- كغيره من الأوقات والشهور، ولكن لم يثبت تخصيصه بشيءٍ من العبادات عن غيره من الأشهر؛ وعلى هذا قرر أهل العلم.. كالحافظ ابن حجر وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن رجب والنووي والشاطبي.. وغيرهم كثيرٌ كثير.

ومن الأخطاء التي تقع في هذا الشهر ممن يرغب في الخير: الاحتفال بـ (الإسراء والمعراج) زعماً أنها ليلة سبعٍ وعشرين..
وهذا خطأ من أمرين:
الأول: أن علماء الشريعة بينوا أنه لم يأت في تعيينها من حيث التاريخ حديثٌ صحيحٌ يُعتمَد عليه.
الثاني: أنها لو كانت معينة فإنه لا يجوز بأي حالٍ الاحتفال بـ (الإسراء والمعراج)؛ فذلك عملٌ لا أصل له من الشريعة؛ فنبي الأمة -صلى الله عليه وسلم- وصحابته - رضي الله عنهم - لم يحتفلوا بذلك ولم يخصوها بشيءٍ ما، ولو كان مشروعاً لسابقوا إلى ذلك بالقول والفعل، ولمَّا لم يقع شيءٌ من ذلك نص أهل العلم على أنها من البدع المحدثة في الدين..

فاحذروا عباد الله مما ليس بمشروع، والزموا سنة محمد -صلى الله عليه وسلم- في كل شيء تفوزوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة.

اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على سيدنا وحبيبنا وقرة عيوننا نبينا محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم إنا نسألك أن تفرِّج هموم المسلمين. اللهم إنا نسألك أن تفرِّج هموم المسلمين. اللهم إنا نسألك أن تفرِّج هموم المسلمين، اللهم اكشف كربات المؤمنين. اللهم اكشف كربات المؤمنين. اللهم اكشف كربات المؤمنين..

اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم إنا نعوذ بكلماتك التامة من غضبك وعقابك. اللهم إنا نعوذ بك من غضبك وعقابك. اللهم إنا نعوذ بك من غضبك وعقابك يا رحمن يا رحيم.

اللهم الطُفْ بنا، اللهم الطُفْ بنا ياذا الجلال والإكرام، اللهم الطُفْ بأمة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- اللهم الطُفْ بأمة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- اللهم الطُفْ بأمة محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-.. اللهم وقِهم شر الأمراض والطواعين. اللهم وقهم شر الطواعين، اللهم وقهم شر الطواعين والأمراض يارب العالمين.

اللهم ولِّ عليهم خيارهم. اللهم ولِّ عليهم خيارهم. اللهم ولِّ عليهم خيارهم، اللهم وجنبهم شرارهم وفجارهم ياذا الجلال والإكرام، اللهم واجعل ولايتهم فيمن يخافك ويتقيك، اللهم واجعل ولايتهم فيمن يخافك ويتقيك.

اللهم وأظهِرْ أنوار سنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- في كل مكان، اللهم أظهِرْ أنوار السنة في كل مكان، اللهم أظهر أنوار السنة في كل مكان.

اللهم نسألك العافية في الدنيا والآخرة. اللهم نسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ياذا الجلال والإكرام.. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه ياذا الجلال والإكرام، اللهم استعمله في طاعتك. اللهم استعمله في طاعتك، اللهم استعمله فيما يرضيك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم واجعل جميع ولاة المسلمين رحمةً على رعاياهم. اللهم اجعلهم رحمةً على رعاياهم. اللهم اجعلهم رحمةً على رعاياهم، اللهم أجبرهم على ما يرضيك. اللهم أجبرهم على ما يرضيك. اللهم أجبرهم على ما يرضيك.

اللهم دمر أعداءك وأعداء الدين. اللهم دمر أعداءك وأعداء الدين. اللهم دمر أعداءك وأعداء الدين ياذا الجلال والإكرام.

عباد الله: اذكروا الله ذكراً كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلاً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

 

 

المرفقات

686

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات