موقف المسلم من الحرب الإعلامية على السعودية

عمر بن عبد الله بن مشاري المشاري

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/وجوب حفظ المسلم للسانه 2/شراسة الحرب الإعلامية على السعودية 3/واجب المسلم تجاه الحملات على بلاد الحرمين 4/مخاطر التهاون في إطلاق اللسان في الأعراض والأحداث بغير علم.

اقتباس

إنَّ الحرب الإعلامية الشرسة على بلادنا, وعلى ولاة أمرها وعلى علمائها, إنما هي وسيلة من وسائل الأعداء لإضعاف كيان الأمة الأقوى, ومعقلها الأول, وقلعتها العظمى, ولا شك ولا ريب أنَّ الإعلام له دور كبير في الحروب؛ إذ إنَّه اللسان الناطق في الرأي العام, لذلك عظُم شأن اللسان, وورد أنَّه أشدُّ من وقع السنان في آخر الزمان.

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الحمدَ للهِ؛ نحمدُه ونستعينُه وتستغفرُهُ ونتوبُ إليه, ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً، أما بعد:

 

فيا أيها المؤمنون اتقوا الله حق التقوى, وتوبوا إليه واستغفروه, وإنَّ من صفات المؤمن -يا عباد الله- أنَّه يحفظ لسانه ولا يطلق له العنان, امتثالاً لأمر الله, قال الله -تعالى-: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)[الإسراء: 36]؛ قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "لا ترم أحداً بما ليس لك به علم"(تفسير الطبري: 17/ 447).

 

وقال الإمام الطبري -رحمه الله-: "القول بما لا يعلمه القائل, يدخل فيه شهادة الزور، ورمي الناس بالباطل"(تفسير الطبري: 17/ 447).

 

وقال الإمام السعدي -رحمه الله-: "أي: ولا تتَّبِع ما ليس لك به علم، بل تثبَّت في كلِّ ما تقولُه وتفعلُه"(تفسير السعدي ص: 457).

 

معاشر المسلمين: كلكم يعلم شراسة الحرب الإعلامية على هذه البلاد السعودية, يتزعَّمُ تلك الحرب أعداُ الدين والملة, ومن في قلبه مرض, ممن أُشرب قلبه البدع والأهواء, ومنهم أتباع الحزبية التي تعمل على تفريق الأمة وتمزيقها, وتعمل على خلاف المراد من اجتماع الأمة.

 

إنَّ الحرب الإعلامية الشرسة على بلادنا, وعلى ولاة أمرها وعلى علمائها, إنما هي وسيلة من وسائل الأعداء لإضعاف كيان الأمة الأقوى, ومعقلها الأول, وقلعتها العظمى, ولا شك ولا ريب أنَّ الإعلام له دور كبير في الحروب؛ إذ إنَّه اللسان الناطق في الرأي العام, لذلك عظُم شأن اللسان, وورد أنَّه أشدُّ من وقع السنان في آخر الزمان.

 

معاشر المسلمين: إنَّ تلفيق التهم, وقول البهتان الذي باء به الأعداء حرباً على هذه البلاد, يجب أن يكون تعامل المسلم معها تعاملاً صحيحاً, فلا يُصدِّق إعلام الأعداء ولا يسمع لهم, ولا يروِّج لباطلهم, ولا يلتفت لكذبهم وافترائهم, فإنَّ حرب الأعداء علينا بألسنتهم هذا الزمن أكثر من أي زمن مضى, ولقد جاء التوجيه القرآني بعدم تصديق ما يقوله الكذبة الفسقة, قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)[الحجرات: 6]؛ قال الإمام الطبري -رحمه الله-: "فتبيَّنوا لئلا تصيبوا قوماً برآء مما قُذفوا به, بجناية بجهالة منكم فتندموا"(ينظر تفسير الطبري:22/ 289).

 

عباد الله: إنَّ قنوات الأعداء الإعلامية التي تشنُّ حربها على بلادنا إنما هي حرب على الإسلام وأهله, وليس المقصود منها, نصرة مظلوم أو حفظ حقوق كما يزعمون, فهل ترون الأعداءَ نصروا مسلماً مظلوماً, أو أعطوا له حقوقاً؟!

 

كلا والله, بل إنَّهم نفخوا نار الحروب والثورات حتى أضرموها, فاشتعلت نيران فتنهم, فسُفِكَتْ دماء عشرات آلاف وشُرِّدَ مئات آلاف من المسلمين, وصارت الحال أسوأ مما كانت عليه, ومَثَلُ هؤلاء مَثَلُ اليهود الذين قال الله عنهم: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)[المائدة: 64].

 

ولقد سمَّوا ذلك الإفساد والتخريب ظلماً وزورا بالربيع العربي, وها أنتم تشاهدون ربيعهم المزعوم في سوريا وفي ليبيا وغيرها من بلدان المسلمين, كيف حلَّ بها الخراب والدمار والظلم والبغي, وهاهم الآن يصبُّون إعلامهم العدائي الظالم صَوْب بلادنا السعودية -حرسها الله- يريدون لها خراباً وظلماً ودماراً وتمزيقاً, لا بلَّغهم الله مرادهم وجعل تدبيرهم تدميراً عليهم.

 

فلا تُصدِّقوا -يا عباد الله- إعلام الأعداء، ولا من يقف في صفهم من المبتدعة وأهل الضلال من الحزبيين وغيرهم, ولا الجهلة المُغَرَّر بهم, حتى ولو كان ظاهرهم الصلاح, فإنَّ أهل الصلاح والتقوى, لا يُسلِّطون ألسنتهم على أي مسلم سواء كان حاكماً أو عالماً؛ لأنَّهم يحفظون ألسنتهم كما أمرهم الله بذلك، وكما أمرهم به رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

 

قال الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-: "إن الغيبة من كبائر الذنوب لعامة المسلمين, فإذا كانت لخاصتهم كاغتياب العلماء أو ولاة الأمور كانت أشد وأشد إثماً"(فتاوى نور على الدرب للعثيمين (24/ 2، بترقيم الشاملة آليًّا).

 

وقال -رحمه الله-: "إنني لا أعلم أنَّ في الأرض اليوم من يطبّق من شريعة الله ما يطبقه هذا الوطن أعني المملكة العربية السعودية، وهذا بلا شك من نعمة الله علينا فلنكن محافظين على ما نحن عليه اليوم"(مجموع فتاوى ورسائل العثيمين: 25/ 505).

 

معاشر المسلمين: تعلمون أنَّكم في بلاد أعزها الله بالإسلام, دولة التوحيد والسنة التي نصرت دعوة الشيخ المصلح الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- ورفعت شأن العلماء وأكرمتهم, فأنشأت هيئة كبار العلماء, وهم -ولله الحمد والمنة- من خيرة علماء المسلمين, فحافظوا على أنتم عليه من نعم عظيمة, واشكروا الله عليها, فإنَّكم في نعمة يحسدكم عليها كثير من الناس.

 

معاشر المسلمين: إنَّ موقف المسلم حيال هذه الحرب الإعلامية على السعودية أن لا يردد ما يردده الأعداء من اتهامات باطلة, وأن يقف صفَّاً واحداً مع ولاة الأمر, يطيعهم طاعة لله, ما لم يأمروا بمعصية, وأن لا يقبل قالة السوء فيهم ولا في العلماء, بل يَذُبُّ عن أعراضهم ويدافع عنهم, فإنَّهم أي الأعداء لا يطعنون في الولاة والعلماء لذواتهم, بل لما يحملونه من أمانة ملقاة على عواتقهم, نصرةً للدين ودفاعاً عنه وحملاً لراية التوحيد ودعوة الناس إليها.

 

معاشر المسلمين: إنَّ أعداء الإسلام يتربصون بهذه البلاد لإحداث فجوة بين الناس وولاة أمرهم وعلمائهم, يهدفون إلى إضعاف الرابطة بينهم, وتأجيج الصراع وتأليب القلوب وشحنها بالبغض والكراهية وتراشق الاتهامات, حتى تضعف شوكة المسلمين, لكن هيهات هيهات لهم ذلك, ما دام المسلمون يداً واحدة مع ولاتهم وعلمائهم, قد اعتصموا بحبل الله جميعًا ولم يتفرقوا, والتزموا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بلزوم الجماعة وعدم الشذوذ عنها؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً"(أخرجه البخاري 7054).

 

عباد الله: إنَّ من يتهاون في إطلاق لسانه ذمَّاً وقدحاً في أئمة المسلمين, من الولاة والعلماء, أو أطلق لسانه فيما حرَّم الله عليه, يظنه هيِّنًا وهو عظيم, قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ"(أخرجه البخاري 6477، ومسلم 2988).

 

وقال الإمام النووي -رحمه الله-: "معناه لا يتدبرها ويفكِّر في قبحها ولا يخاف مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا, وَهَذَا كَالْكَلِمَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْوُلَاةِ, وَكَالْكَلِمَةِ تُقْذَفُ, أَوْ مَعْنَاهُ كالكلمة التي يترتب عليها إضرارَ مسلم وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ حَثٌّ عَلَى حِفْظِ اللِّسَانِ"(شرح النووي على مسلم: 18/ 117).

 

معاشر المسلمين: إنَّ ما أصاب المسلمين في العالم الإسلامي من تسلط الأعداء, إنما هو بسبب الذنوب والمعاصي, فالواجب التوبة إلى الله منها, والتمسك بدينه والاعتصام بحبل الله جميعاً وعدم التفرق, قال -تعالى-: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)[الشورى: 30].

 

اللهم اغفر لنا وتب علينا.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة؛ فاستغفروه, إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

 

المرفقات

موقف المسلم من الحرب الإعلامية على السعودية

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات