موسى ولطف الله (1)

عبد العزيز بن عبد الله السويدان

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ الإيمان الحقيقي بصفات الله 2/ لطف الله تعالى بعباده 3/ اللطف في قصص الأنبياء 4/ كم من منحة في صورة محنة 5/ الأمل والتفاؤل والرجاء في لطف الله

اقتباس

التأمل في قصة موسى عليه السلام يجدد الأمل بنصر الله لعباده المستضعفين ويحيي في قلوبنا وقلوبهم اليقين بالله، ولعل أحداث درعًا التي أشعلت ثورة الناس على فرعون الشام هي لطف من الله تعالى، وكأنها أصبحت فيما يظهر ساعة الحق.. فمن كان يظن أن تتدرج الأمور إلى هذا المستوى الكبير والعجيب!! من كان يظن أن ينكسر هاجس الخوف، وأن تنتقل روح الشجاعة إلى بقية النواحي والمدن!! وهل تنتهي هذه الأحداث لنصر المستضعفين ..

 

 

 

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70- 71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

إن الإيمان بصفات الله تعالى لا يكتمل بمجرد نطق اللسان به وإنما يجب أن ينعقد القلب على ذلك الإيمان، وانعقاد القلب على صفة من صفاته جل وعلا إنما تثبته المواقف.

فإنما يسلك العبد ما يؤمن به وما يوحي بأنه يؤمن بصفة ما من صفات الله تعالى وإن لم يفعل ذلك؛ فإن إيمانه ناقص يحتاج إلى مراجعة.

ومن هذه الصفات العليا: صفة "اللطف"، وفعل لطُف بضم الطاء أي صغر ودق، ومعنى الفعل أنه سبحانه يوصل إلى عباده مصالحهم بلطف أي برفق ودقة وخفاء من حيث لا يعلمون، ومن هذا قيل اللطيف له معنيان: الأول أنه اللطيف في ذاته بمعنى أنه الخبير العالم بخفايا الأمور ودقائقها، فعلمه دق ولطف حتى أدرك السرائر والضمائر الخفيات.

ولذلك قال سبحانه: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام: 103]، وقال لقمان لابنه واصفًا لطف ربه سبحانه كما جاء في القرآن: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) [لقمان: 16]، أي أنه اللطيف في استخراج تلك الحبة الصغيرة التي لا وزن لها من كن خفائها، الخبير بمكانها ولو كانت محشورة في بطن صخرة صلبة لا يتوصل إليها.

بل حتى لو كانت ذرة صغيرة تسبح في فسيح السماوات الشاسعة أو كانت نقطة لا تُرى غائرة ضائعة في أعماق الأرض (يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) [لقمان: 16]. فهو اللطيف الذي دق علمه ولطف حتى أدرك ما لا يخطر على بال بشر.

والمعنى الثاني: أنه الذي يوصل إلى عباده وأوليائه مصالحهم بلطفه وإحسانه من طرق لا يشعرون بها ولا يحتسبون، قال الإمام ابن القيم:

وهو اللطيف بعبده ولعبده *** واللطف في أوصافه نوعان
إدراك أسرار الأمور بخبرة *** واللطف عند مواقع الإحسان
فيريك عزته ويبدي لطفه *** والعبد في الغفلات عن ذا الشان

فلطف الله بعبده من رحمته به، بل هي رحمة خاصة مفاجئة، فالرحمة التي تصل إلى العبد من حيث لا يشعر بها أو لا يشعر بأسبابها هو اللطف.. يقال: لطُف الله بعبده ولطَف له، أي رفق به وتولاه ولاية خاصة فدفع عنه مكروها أو حقق له مصلحة فإذا قيض لعبده المؤمن أسباب خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد ولا تدبيره وكان فيها صلاحه فقد لطف له وبه.

وهذا ما حصل في قصة يوسف عليه السلام حيث قدر الله له أمورًا كثيرة خارجية عادت عاقبتها الحميدة إلى يوسف وأبيه، فهي إن كانت في مبدئها مكروهة للنفوس إلا أن عواقبها كانت أحمد العواقب، وفوائدها أجل الفوائد، وهذا هو اللطف بعينه وهو ما عبر به يوسف فيما جاء في السورة بقوله: (يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [يوسف: 100].

(إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ) أي أن هذه الأحوال التي مرت بي هي لطف لطفه الله لي، فأحسن لي، نسأله تعالى من لطفه وفضله لنا ولإخواننا في الشام وفلسطين وفي كل مكان.

معاشر الإخوة: إن الحديث عن لطف الله يرحل بنا إلى الماضي القديم في أجواء مصر، حيث كان بنو إسرائيل في قبضة فرعون يقتل أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين.

إنها حال عصيبة تلك التي يعيشها الناس في حكم ذلك الطاغية الجبار، لكن الحال عصيبة كانت أو غير عصيبة هي بيد الله، فقد قضى سبحانه أن يحتدم الصراع في هذه الحياة بين الحق والباطل، وأن يدفع الناس بعضهم بعضًا، وفي ذلك من الحكم الكثيرة ما يظهر لنا وما يخفى..

لكن الظلم -أيها الإخوة- يبغضه الله كثيرًا ولا يرضى باستمراره في ملكوت خلقه إلا لأجل معدود.

صح في البخاري من حديث أبي موسى قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) [هود: 102]».

فالإملاء والإمهال للظالم سنة ربانية وهذا ما جرى لفرعون ردحا من الزمان (طسم * تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [القصص: 1- 4].

حتى إذا جاءت ساعة الحق تلك الساعة التي لم يظن فرعون أن تأتي قط، تلك الساعة التي قضى الله تعالى أن تكون مهد التغيير ومفتاح الانطلاق، حتى إذا جاءت ساعة الحق تلك أجرى الله قضائه جل وعلا بلطفه وحكمته (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص: 4- 5].

لاحظ قوله تعالى: (وَنُرِيدُ) (نَمُنَّ) (وَنَجْعَلَهُمْ) (وَنُمَكِّنَ) (وَنُرِيَ) كلها أفعال تبدأ بنون المتكلم وهي أيضًا للتعظيم، فالله تعالى في هذه الآية ينسب جميع الأفعال لنفسه، أي ينسب جميع ما يجري من الأحداث لنفسه دون غيره فهو الذي يريد، وهو الذي يمن، وهو الذي يجعل، وهو الذي يمكن، وهو الذي يُري سبحانه وتعالى ولا إله إلا هو.

لم يزل يدبر شؤون عباده بلطفه وعلمه وحكمته فلا شيء يجري إلا بتقديره ولا عواقب إلا بتدبيره جل في علاه، له الماضي والحاضر هو والآتي..

فالق الحب والـنوى جل شأنا *** وضـياء الدجى ونور السراة
بارئ حافظ حمـيد مجيد *** فـارج الهم كاشف المعضلات
قابض باسـط معز مذل *** لم يزل مرغمًا أنوف الطغاة
شافع واسـع حكـيم عليم *** بالنوايا والغيب والخاطرات
خافض رافع بصيـر سميع *** لدبيب النمل فـوق الحصـاة
يهتـف العابدون من كل جنس *** وبلاد على اختلاف لغات
لم يغب عـنه همسة أو هتاف *** للمنادين مـن جميع الفئات
نافع مانع قـوي شـديـد *** قاصم ظهر كل باغٍ وعات
كم تألّى ذوو عناد وكفر *** فاستحالت عروشهم خـاويـات
باعـث وارث كفيل وكيل *** وأمـان للأنـفس الخائفات
الولـي المتـين ما خاب ظـن *** لنفوس في فضله طامعات
ليس شيء كمثله فهو رب *** من يضاهيه فـي صفات وذات
إنه الواحد الذي لا يُضاهـى *** في معاني أسمائه والصفات

(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) [القصص: 5] الله يريد رغما عن أنوف الجبابرة والطواغيت (وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * َنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص: 5- 6].

وتبدأ الأحداث العجيبة بلطف من الله منها ما هو خاص يقع في القلوب لا طائل لمخلوق به وإنما هو خالص من الرب تعالى إلهامًا وتثبيتًا ومحبة وأمان.

ومنها ما هو خاص بالجمادات لا قدرة لتسخيرها إلا من بارئها جل وعلا، ومنها ما هو ظاهر سلوكي يقوم به الناس باختيارهم لا يعلمون حقيقة عواقبه، وإنما يعلمها هو وحده تبارك وتعالى.

أما اللطف الخاص بالقلوب فإيحاؤه إلى روع أم موسى أن تلقي بطفلها الرضيع في اليم، وهي أمه الحنون وإنزاله السكينة على قلبها جل وعلا (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي) [القصص: 7].

وربط قلبها على اليقين بوعد الله برده إليها فلا تتردد ولا تشك وتمسك لسانها عن مناداته وكشف سرها (إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [القصص: 10].

وجعل قلب امرأة فرعون يميل إلى موسى الرضيع حبًّا ورحمة وشفقة، لا بل وإلقاء حبه في قلوب كل من في القصر؛ بالرغم من كونه من أطفال بني إسرائيل، وهي الطائفة المستحقَرة المكروهة في قلوب الفراعنة، لكن في حق موسى وحده تنقلب الكراهية حبًّا شديدًا..

ولا عجب فإن الذي يملك القلوب هو الله (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) [طه: 39] ثم جعلوا الطفل الرضيع الجائع يأبى على جوعه جميع المراضع (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ) [القصص: 12] ويبكي من شدة الجوع حتى كاد يهلك، خذ هذا يا بني فيأبى كل ثدي يقدم إليه.

ثم لا يقبل الرضاعة في نهاية الأمر إلا من أمه فيلتقم ويرضع في ارتياح والناس حوله في ذهول لا يدركون السبب ومن وراء السبب !!

وكم لله من لطفٍ خفيٍّ *** يَدِقّ خَفَاهُ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيِّ
وَكَمْ يُسْرٍ أَتَى مِنْ بَعْدِ عُسْرٍ*** فَفَرَّجَ كُرْبَة القَلْبِ الشَّجِيِّ
وكم أمرٍ تساءُ به صباحًا *** وَتَأْتِيْكَ المَسَرَّة بالعَشِيِّ
إذا ضاقت بك الأحوال يومًا *** فَثِقْ بالواحِدِ الفَرْدِ العَلِيِّ

وأما لطفه فيما هو خاص بالجمادات والحيوانات فمنه أمره اليم بأن يحمل موسى الطفل إلى ضفاف قصر عدوه فرعون بالتحديد دون غيره من ضفاف النيل (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ...) [طه: 39]

أما أحداث معجزة العصا وانفلاق البحر والضفادع والقمل والدم فمكتوبة في اللوح المحفوظ سوف تأتي في حينها بقدر، وأما ما هو خاص بأفعال الناس باختيارهم فتربيتهم لموسى في قصر الحكم، فأنشأ الله من خلال تلك التربية في شخصيته صفات القيادة والعزيمة والإقدام تهيئة له لقيادة بني قومه (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) [طه: 39].

كل ذلك بأمر الله، كل ذلك بتقدير الله، كل ذلك بلطف الله، والله يعلم والناس لا يعلمون..

معاشر المؤمنين: لقد ابتدأ تدمير جبروت فرعون وانهيار جيوشه وسقوط ملكه بل وإزهاق روحه بإلقاء أم موسى لابنها في اليم، من كان يتصور العاقبة؟ من كان يصدق؟ (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ* وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [القصص: 7- 13].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله فاستغفروه إنه بر رءوف رحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه واهتدى بهداه إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن التأمل في قصة موسى عليه السلام يجدد الأمل بنصر الله لعباده المستضعفين ويحيي في قلوبنا وقلوبهم اليقين بالله، ولعل أحداث درعًا التي أشعلت ثورة الناس على فرعون الشام هي لطف من الله تعالى، وكأنها أصبحت فيما يظهر ساعة الحق.

فمن كان يظن أن تتدرج الأمور إلى هذا المستوى الكبير والعجيب!! من كان يظن أن ينكسر هاجس الخوف، وأن تنتقل روح الشجاعة إلى بقية النواحي والمدن!! وهل تنتهي هذه الأحداث لنصر المستضعفين كما كان الشأن في بداية أحداث إهلاك فرعون عندما ألقت أم موسى ابنها في اليم فكأنما ألقت بذلك عرش الطاغية..

اللهم الطف بحال إخواننا بالشام وفي فلسطين وفي كل مكان..

 

 

 

 

 

المرفقات

ولطف الله

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات